صحف أوروبية تتضامن مع الدنمارك ضد المقاطعة
والاحتجاجات...ومخاوف من صدام حضارات حقيقي
الغضب من الإساءة للرسول يتصاعد
...والسعودية تدعو الفاتيكان للتدخل
المتاجر المصرية تدخل معركة مقاطعة البضائع الدنماركية
عواصم-الوكالات:
اتسعت موجة الاحتجاجات في العالمين العربي والإسلامي على نشر رسوم تسيء للنبي محمد صلى الله عليه وسلم مع إطلاق تهديدات باللجوء إلى العنف ضد الرعايا الأوروبيين في المنطقة ما دفع بالسعودية إلى الطلب من الفاتيكان التدخل وإدانة التطاول على مسلمي العالم.
وكانت موجة الغضب اقتصرت حتى الأربعاء على بيانات منددة وحملات شعبية لمقاطعة المنتجات الدنماركية, إلا أن الأمور تدهورت أمس بعد سلسلة تهديدات أطلقتها منظمات راديكالية باستهداف الرعايا الغربيين والكنائس (راجع ص27).
وأمهلت »كتائب الياسر«, التابعة لحركة »فتح« , و»سرايا القدس« الجناح العسكري للجهاد الإسلامي في فلسطين »الحكومات الدنماركية والفرنسية والنرويجية 48 ساعة للاعتذار رسميا«.
وحذرت المجموعتان من أنه »في حال خروج مسيرات دنماركية للإساءة للإسلام السبت سنقوم بقصف مكتب الاتحاد الأوروبي وجميع المقرات الأوروبية والكنائس في غزة«.
كما طلب المسلحون من »الرعايا الفرنسيين إخلاء قطاع غزة«.
وكانت لجان المقاومة الشعبية وكتائب شهداء الأقصى أعلنتا في بيان مشترك »هدر دم« رعايا النرويج والدنمارك وفرنسا, كما حذرت المجموعتان التجار وجميع البائعين من التعامل مع السلع التي تستورد من تلك الدول.
وفي دعوة تحريضية أخرى على اللجوء إلى العنف قال الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله أن رسامي الكاريكاتورات كانوا سيفكرون مرتين لو نفذ مسلمون الفتوى التي أصدرها الزعيم الأعلى الإيراني الراحل الخميني عام 1989 باهدار دم الكاتب البريطاني الهندي الأصل سلمان رشدي بسبب روايته »الآيات الشيطانية«.
وقال نصر الله »لو قام مسلم ونفذ فتوى الإمام الخميني بالمرتد سلمان رشدي لما تجرأ هؤلاء السفلة على أن ينالوا من الرسول لا في الدنمارك ولا في النرويج ولا في فرنسا«.
في المقابل أعادت صحف في فرنسا وألمانيا وإسبانيا وسويسرا والمجر نشر الرسوم قائلة إن حرية الصحافة أهم من الاحتجاجات والمقاطعات التي تسببت فيها الرسوم.
وخشية تفاقم حدة الأزمة تدخل عدد من القادة العرب والمسلمين رسميا وحذروا من أن تؤدي حملة الإساءة إلى الإسلام إلى تصعيد الإرهاب.
وقال الرئيس المصري حسني مبارك في أول رد فعل لرئيس دولة عربية إن »حرية الرأي والتعبير والصحافة, التي نكفلها ونحترمها, لا ينبغي أن تكون ذريعة للنيل من المقدسات والمعتقدات والأديان«.
وأضاف: »إن التمادي في هذه الحملة إنما ينزلق لمنطقة خطرة وسوف تكون له عواقبه الوخيمة في إثارة مشاعر العالم الإسلامي والجاليات الإسلامية في أوروبا وخارجها«.
وتابع: »إن التعامل غير المحسوب مع تداعيات هذه الحملة سوف يوفر المزيد من الذرائع لقوى التطرف والإرهاب«.
ودعا مبارك »دول وشعوب العالم إلى التعامل بالكثير من الحكمة والحذر مع كل ما يمس معتقدات البشر وأديانهم ومقدساتهم«.
واعتبر أن المساس بالمعتقدات الدينية أكبر خطر يهدد الاستقرار في العالم.
من جهته دعا الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الى التعامل الجاد مع المسيئين للمقدسات الاسلامية لاسيما الاساءة الاخيرة الى الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام التي وصفها ب¯»العمل السخيف«.
جاء ذلك في اتصال هاتفي اجراه أمس الرئيس الايراني مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز .
وأكد بيان صادر عن مكتب رئاسة الجمهورية ان الرئيس نجاد الذي يزور محافظة (بوشهر) جنوبي ايران اشار خلال الاتصال الهاتفي الى الاساءة التي وجهتها بعض وسائل الاعلام الغربية الى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم مؤكدا ضرورة التصدي الحازم لمن ارتكب هذا العمل »السخيف«.
وأضاف: »هذه الاعمال السخيفة التي تتعارض مع الاخلاق والكرامة الانسانية تأتي لاختبار مشاعر المسلمين وردود فعل الدول الاسلامية«.
وناقش الرئيس نجاد والملك عبد الله سبل ايجاد حلول سياسية واقتصادية لمواجهة المسيئين الى المقدسات الاسلامية كما بحثا العلاقات الثنائية والقضايا التي تهم العالم الاسلامي.
ولفت الرئيس نجاد الى مكانة ايران والسعودية في المعادلات الاقليمية والدولية باعتبارهما بلدين اسلاميين كبيرين ومؤثرين معربا عن الأمل في ان يتم اتخاذ خطوات مؤثرة من اجل ازدهار وتضامن العالم الاسلامي وذلك في ظل التفاهم الموجود بين البلدين وبخاصة بعد انعقاد اجتماع القمة الاسلامية في مكة المكرمة قبل فترة.
واضاف البيان ان الملك عبد الله الذي يزور حاليا باكستان استعرض من جانبه بعض الاجراءات التي اتخذت من قبل الدول الاسلامية بهذا الخصوص, مشددا على ضرورة التعامل الجاد مع المسيئين الى المقدسات الاسلامية.
وفي هذه الاثناء تمنى وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبدالعزيز أن يدين الفاتيكان نشر الرسوم المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم في صحف أوروبية, مؤكدا أن هذا الأمر لا يعبر عن »حرية الرأي«.
وقال الأمير نايف لصحيفة »الصباح« التونسية أمس »نفرق بين حرية الرأي والإساءة إلى شخص الرسول, وننتظر من الفاتيكان والهيئات المماثلة مواقف إدانة واضحة لتلك الرسوم«.
وسئل عن حملة مقاطعة المنتجات الدنماركية في المملكة العربية السعودية ودول عربية أخرى والتهديد الأوروبي بإحالة القضية أمام منظمة التجارة العالمية, فقال »المملكة لا تخشى التهديدات ولا تقبل أي ضغوط من أحد«.
وأضاف: »نحن أحرار في الاعتراض على الإساءة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم, وهي إساءة لم تستهدف المواطنين السعوديين فحسب بل أكثر من 1400 مليون مسلم في العالم أجمع«.
وفي انقرة, قال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية نامق تان »لسوء الحظ تم نشر هذه الرسومات في الدنمارك اولا ومن ثم في النرويج والان في دول أوروبية اخرى في وقت تزداد فيه اهمية الحوار بين الثقافات«.
واضاف: »على الصحافة ان تتصرف باعتدال بدلا من زيادة حدة المشكلة«.
وفي باكستان, احرق متظاهرون اسلاميون اعلاما دنماركية وفرنسية اضافة الى مجسم يمثل رئيس الوزراء الدنماركي مع هتافات »الموت للدنمارك« احتجاجا على نشر رسوم الكاريكاتور.
وجرت التظاهرات في لاهور, كبرى مدن شرق باكستان, وملتان في وسط البلاد.
من جهة اخرى, طالبت احزاب إسلامية اضافة الى مدارس باكستانية باكستان, ثاني دولة مسلمة في العالم, باستدعاء سفرائها في الدنمارك وفرنسا والنرويج.
وفي الرباط, دان رئيس الوزراء المغربي ادريس جطو نشر الرسوم في صحف أوروبية, قائلا: »ان الحكومة تدين الرسوم الكاريكاتورية التي تشكل تعديا على النبي وتجرح مشاعر المسلمين, اننا نندد بما نشر بذريعة الحرية«.
كما أعلنت وزارة الإعلام المغربية حظر صحيفة »فرانس سوار« منددة ب¯ »الحجج الواهية القاضية بالدفاع عن حرية الصحافة« لتبرير نشر الرسوم.
وفي تونس, ندد الرئيس زين العابدين بن علي »بالمواقف واشكال التعبير التي تضر بالرموز واماكن العبادة الدينية«, وقال مخاطبا اعضاء السلك الديبلوماسي »ستواصل تونس دعم حوار الحضارات والاديان ضمن الحفاظ على الامن والسلام الدوليين«.
كما حظرت السلطات التونسية توزيع عدد صحيفة »فرانس سوار«.
وفي النجف العراقية, قام مواطنون غاضبون برسم اعلام دنماركية في شوارع المدينة قبل ان يدوسوا عليها احتجاجا على نشر الكاريكاتور.
وقال احد المواطنين الذي كان يرسم علما دنماركيا على ارض شارع الصادق وسط المدينة ان »عملية الدوس بالاقدام تعبير عن الغضب الذي يعتري صدورنا حيال نشر صور كاريكاتورية للنبي محمد صلى الله عليه وسلم في صحف دنماركية«.
وفي عمان, نددت الصحف الاردنية بإعادة نشر الرسوم الكاريكاتورية. وفي مصر, انتقدت صحيفة »الجمهورية« الصحف الأوروبية وكتبت انه »يتعين على الاسرة الدولية ان تفهم ان اي تهجم على نبينا لن يبقى من دون عقاب« مؤكدة ان الامر يتعلق ب¯ »مؤامرة على الإسلام والمسلمين«.
وفي دولة الإمارات العربية المتحدة, رأت صحيفة »البيان« ان »الاعتذار الدنماركي لا يكفي« في حين اعتبرت »الخليج« ان قرار إعادة نشر الرسوم هو »استفزاز متعمد«.
وفي قطر, خصصت صحيفة »الشرق« اربعا من صفحاتها لتغطية الموضوع داخليا وخارجيا مع تعليقات عدة. كما اكدت اعلانات نشرت في الصحف اقامة ندوات حول الموضوع.
وفي دمشق, استنكر وزير الاوقاف السوري زياد الدين الايوبي خلال لقائه السفير الدنماركي اغبرغ ميكلسن نشر الرسوم واتهم »الايدي الصهيونية« بالوقوف وراء هذا العمل.