البيان تستطلع عناصر تعافي القطاعات الاقتصادية بعد مرور 5 أعوام على الأزمة المالية "6"
دبـي تحـدت الأزمــة المالـية العالمـية بالمشـــــــــــروعات الاستراتيجية العملاقة
المصدر:
التاريخ: 22 أغسطس 2012
حرص صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أطال الله عمره، على التواجد شخصياً في جل مناسبات تدشين المشروعات الاستراتيجية الضخمة والعملاقة في إمارة دبي.
وأشرف سموه على لحظات مولدها التاريخية التي تزامنت مع أوقات التحديات الصعبة، وبدا جلياً للمراقبين أن سموه أحال مناسبات إطلاق المشروعات العملاقة لتكون بمثابة نماذج تنبض بالحياة تدل على حيوية وديناميكية إمارة دبي، ولأن تكون كذلك بمثابة منابر لإطلاق الرسائل إلى العالم أجمع وإعلان السياسات وإصدار التوجيهات.
فقد فاجأت دبي العالم بعد مرور فترة وجيزة لا تتجاوز شهوراً معدودة على تعرضها لتداعيات الأزمة المالية وعلى وجه التحديد في مطلع العام 2010، بإطلاقها رسالة تحد واضحة بأنها مازالت مركزاً للأعمال رغم الأزمة المالية التي واجهتها، وانطلقت هذه الرسالة خلال الاحتفال الضخم الذي تم تنظيمه في الرابع من يناير بمناسبة افتتاح أعلى ناطحة سحاب على وجه الأرض.
وقد أزاح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الستار عن اللوحة التذكارية لـ برج خليفة معلناً الافتتاح الرسمي لأرقى مبنى شيد على أغلى كيلومتر مربع من الأرض في العالم وسط تصفيق الحضور وتهانيهم لسموه بهذا الإنجاز الوطني الحضاري الفريد والذي تزامن تدشينه والذكرى الرابعة لتولي سموه مقاليد الحكم في إمارة دبي.
ووسط ألعاب نارية أحاطت بالبرج لدقائق طويلة، قال سموه إن دولة الإمارات أضافت نقطة ضوء على خريطة العالم الجديد، وكل أغلى نقطة في العالم لابد أن تقترن باسم وشخصية عظيمة، وأنا أعلن الآن افتتاح برج خليفة كأعلى ناطحة سحاب من صنع الإنسان، وقال سموه إننا قادرون على التحدي ومواجهة الأزمات مهما كان حجمها.
رسالة التحدي
وقد سبق إطلاق رسالة التحدي هذه، إطلاق رسالة أخرى بالمضمون نفسه قبل نهاية عام 2009، وهي قيام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بتدشين الخط الأحمر من مترو دبي الحضاري السياحي، معلناً سموه من محطة مول الإمارات تسيير رحلات المترو رسمياً على الخط، وأكد سموه أن دولة الإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، ماضية في مواجهة التحديات.
وهي أهل للتحدي وقادرة على تحقيق النجاح تلو النجاح في مختلف قطاعات التنمية والتحديث، مشيراً سموه إلى إنجاز مشروع المترو، الذي وصفه بأحد التحديات الكبرى.
وجرى التأكيد على مضمون هذه الرسالة خلال تدشين صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم التشغيل الفني التجريبي للخط الأخضر لمترو دبي في أكتوبر من العام الذي يعد إنجازاً جديداً يضاف إلى سجل الإنجازات التي تم تحقيقها في مجال مشروعات البنية التحتية، حيث أكد سموه أن تنفيذ المشاريع الاستراتيجية التنموية يسير قدماً وبعزيمة وإصرار.
مؤشر العودة
وتخلل إطلاق هاتين الرسالتين، الإعلان في فبراير من عام 2010 عن اكتشاف نفطي جديد الذي شكل في نظر المراقبين مؤشراً على العودة الحقيقية للإمارة إلى التركيز على القطاعات التي شكلت تقليدياً وتاريخياً أساس انطلاق نهضتها الاقتصادية، ويعد الحقل الجديد الذي يحمل اسم الجليلة أحدث إضافة إالى قطاع النفط في دولة الإمارات.
وجاء هذا الاكتشاف بمثابة ترجمة للجهود الحثيثة والدؤوبة التي بذلتها الإمارة لتحقيق أمن الطاقة، بأن تمتلك قاعدة من موارد الطاقة قادرة على تغذية نهضتها الاقتصادية والسكانية، وهو ما عبر عنه سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم رئيس مجلس إدارة هيئة دبي للتجهيزات في أحد تصريحاته الصحافية بقوله إنه في ظل اقتصاد دائم الحركة مثل الذي تعيشه دبي، نحن نتدارس كل الاحتمالات طوال الوقت، ولا يهدأ لنا بال أبداً إلا بإيجاد الحلول.
اطلاق مشروعات عملاقة
وحرص صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد على توظيف مناسبات إطلاق المشروعات العملاقة للرد على التساؤلات التي راودت مخيلة البعض حول كيفية تدشين هذه المشروعات في ظل أزمة مالية عالمية تسببت في إرهاق أقوى اقتصادات العالم، وعلى سبيل المثال، أكد سموه خلال مناسبة إطلاق مترو دبي في سبتمبر 2010 أن اقتصاد الإمارات قوي وسيصل إلى غاياته سريعاً، مشبهاً إياه بـطائرة تتقدم نحو وجهتها بسرعة أكبر، بعدما واجهت رياحاً معاكسة خفت حدتها، وفي لحظة تاريخية أخرى.
وهي تدشين مرحلة التشغيل الفني التجريبي للخط الأخضر لمترو دبي في أكتوبر 2010، أكد سموه إن تنفيذ المشاريع الاستراتيجية التنموية يسير قدماً وبعزيمة وإصرار، وعندما أهدى سموه الاكتشاف النفطي الجديد في دبي إلى شعب دولة الإمارات في فبراير 2010.
أكد سموه أن الحقل المكتشف من شأنه تقديم رافد قوي، سيسهم في تعزيز القدرات الاقتصادية للدولة، وزيادة معدلات الإنتاج النفطي لها، بما لذلك من آثار إيجابية واسعة النطاق، ستعطي دفعة قوية لكل قطاعات الاقتصاد المحلي، وتقديم مصدر جديد للدخل يعزز من توجهات التنمية الشاملة في دبي، وعندما حضر سموه حفل توقيع طيران الإمارات صفقتين بقيمة 13.9 مليار دولار أميركي (نحو 51 مليار درهم) في معرض فارنبره الجوي في لندن في يوليو 2010، عبّر سموه عن فخره واعتزازه بالمكانة الرفيعة التي بلغتها طيران الإمارات، وما حققته من إنجازات أهّلتها لاحتلال صدارة الناقلات العالمية.
وتجاوز أسماء عريقة سبقتها بعشرات السنوات، قال سموه: أصبحت طيران الإمارات، التي نحتفل هذا العام بيوبيلها الفضي، قامة سامقة في فضاء صناعة الطيران العالمية، وأرست معايير تنتهجها الناقلات العالمية، وتستمد منها الثقة في مستقبل الصناعة.
وأضاف سموه: تشكل صفقتا اليوم، وما سبقتهما، تصويتاً بالثقة على مستقبل الصناعة، وعلى متانة اقتصاد دبي ودولة الإمارات العربية المتحدة، ونحن على قناعة تامة من قدرة طيران الإمارات على قيادة نمو الصناعة في منطقتنا والعالم في السنوات المقبلة.
ومع تعافي اقتصاد دبي، كان إطلاق المشروعات العملاقة بمثابة تأكيد على أن اقتصاد إمارة دبي قد تعافى بالفعل وأن الأزمة باتت خلف الظهور، وتجسد هذا المنحى المهم في تدشين صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في سبتمبر 2011 مرحلة التشغيل الرسمي للخط الأخضر في مترو دبي الذي يصل طوله إلى حوالي ثلاثة وعشرين كيلومتراً، كما اعتمد سموه باقة جديدة من مشاريع التنمية السياحية والسكنية والتجارية في دبي التي تنفذها مؤسسة دبي العقارية تحت مظلة مجموعة «وصل» بمبلغ يقارب ملياري درهم ونيف.
وأعلنت كذلك «إعمار العقارية» في 23 أكتوبر 2011، عن دخولها بقوة في قطاع التطوير العقاري الذي يستهدف شرائح واسعة من المجتمع ومستويات متباينة من الدخول من خلال إطلاق شركة «الضواحي للتطوير».
توسعات جديدة
وفي هذا الإطار، اعتمد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم مشروع التوسعات الجديدة لمطار دبي الدولي بتكلفة تصل إلى 28.8 مليار درهم (8.7 مليارات دولار) بهدف رفع الطاقة الاستيعابية للمطار إلى 90 مليون مسافر بحلول عام 2018، وفي نوفمبر 2011 حضر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد.
حفل توقيع «طيران الإمارات» صفقة جديدة من طائرات «بوينغ 777» مع الشركة الأميركية والتي تبلغ قيمتها نحو ستة وستين مليار درهم لخمسين طائرة من جيل «777 / 300 / ئي آر» مع حقوق خيار لشراء عشرين طائرة من الطراز نفسه مستقبلاً بقيمة حوالي ثلاثين مليار درهم.
اقتصاد دبي الجديد يولد من رحم الأزمة العالمية
بزغ اقتصاد دبي الجديد خلال فترة وجيزة لا تتجاوز عاماً على أقصى تقدير، فإذا كان العام 2009 هو عام إعادة الهيكلة المالية والاقتصادية، بعدما ضربت الأزمة المالية العالمية في كل مكان بلا رحمة، وأصاب أذاها إمارة دبي، فإن العام 2010 هو العام الذي شهد مولد اقتصاد دبي الجديد أي اقتصاد حر ومنفتح ومتشابك ومتنوع وتنموي ومستدام.
وقد ولد اقتصاد دبي الجديد من رحم هذه التطورات المتلاطمة والمتلاحقة التي شهدتها الإمارة على مدى فترة زمنية وجيزة تفصل بين مشهدين رسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي أبرز معالمهما وأبعادهما بكلمات انطوت على دلائل ومعاني تعبر بصدق عن حقيقة المرحلة التي تجتازها الإمارة، وتمثل المشهد الأول في تدشين سموه برج خليفة أعلى ناطحة سحاب على وجه الأرض في مطلع العام الذي تزامن مع الاحتفال بالذكرى الرابعة لتولي سموه مقاليد الحكم في إمارة دبي، حيث قال سموه نحن قادرون على التحدي ومواجهة الأزمات مهما كان حجمها..
مضيفاً شخصية القائد تتحدد بكيفية تعامله مع الأزمات. ونحن والحمد لله لدينا الإرادة والقيادة الصلبة والإيمان بالله وبقدرات شعبنا ونتجمل بحلو الصبر عند مر الأمر. وتساءل سموه لنر من من اقتصادات العالم سينفض غبار الأزمة وينهض من جديد.. إن مع اليوم غداً وإن غد لناظره قريب.
ولم يـتأخر قدوم الغد كثيراً على بروز المشهد الثاني بكامل تجلياته، وهو إطلاق سموه رساله إلى العالم بأن إمارة دبي قد عادت مجدداً إلى التعافي والازدهار، وجاءت هذه الرسالة في متن حديث سموه مع قناة بلومبرج الإخبارية يوم 27 سبتمبر من العام 2010 وأتى سموه على تأكيد هذه الرسالة مجدداً في حديث آخر مع القناة الإخبارية نفسها يوم 4 أكتوبر من العام ذاته، إذ قال سموه بالحرف الواحد بالطبع إنه لتحدٍ، ونحن لم نخلق الأزمة المالية العالمية فهي أصابت العالم أجمع من أميركا إلى أوروبا، ولكننا نأخذ الأمر كتحدٍ فالحياة مملة من دون تحديات إنه تحد ونحن عدنا. بالطبع نحن عدنا.
وما بين مشهد إعلان مواجهة التحديات لتذليلها وتطويعها لصنع امتياز آخر في سباق التميز، ومشهد إعلان النجاح في الخروج السلس من تحديات الأزمة المالية العالمية، برز على سطح التفاعلات والتطورات ما درج بعض المراقبين على تسميته باقتصاد دبي الجديد.
في إشارة إلى امتلاك إمارة دبي الإمكانيات والقدرات التي تؤهلها على إعادة إنتاج ذاتها من جديد بفضل استعداد وعزم قيادتها على تطوير النموذج بشكل دائم ومستمر، وإزالة كل العقبات لتحقيق مستويات نمو جديدة، تدعمها في ذلك مقومات أرستها الإمارة في سنوات الازدهار الماضية من بنية تحتية ومرافق تؤهلها لتبرز مركزاً إقليمياً بل وعالمياً على مستوى التجارة والخدمات السياحية والمالية واللوجستية.
وهكذا، بدا جلياً للمراقبين أن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، أطال الله عمره، قد نجح بجدارة في إعادة إنتاج النموذج الاقتصادي والحضاري لإمارة دبي، بأن أضاف سموه إليه خصائص وملامح جعلته مستقرّاً مبادراً، غير متردد، لا يخشى المنافسة، يأخذ من العولمة ما يناسب خصوصيته، ويتجنب ما يهدد استثنائيته، وفي الوقت ذاته، يمتلك القدرة على استيعاب حركة السوق وانتقال رؤوس الأموال وتحويلها، وتنوع سوق العمل،.
وتعدد مجالات الاستثمار في الصناعة والتجارة والمال والعقارات والبنية التحتية والمعلوماتية والاتصال والتكنولوجيا، إلى جانب ربط التنمية باقتصاد المعرفة، والاستثمار برأس المال البشري، وتنمية الموارد البشرية؛ باعتبارها القبلة الصحيحة للتوجهات التنموية السليمة، والعامل الحاسم في تقرير مسارات التنمية الرشيدة والواعية.
الانطلاق من الثوابت
وفي رأي المراقبين أن النموذج الاقتصادي الجديد لإمارة دبي غير منقطع الصلة بالثوابت التي أضفت عليه تفرداً وتميزاً مقارنة بالتجارب التنموية الأخرى في مختلف أنحاء العالم، بل يعكس في مساراته وملامحه العامة استمرارية وتواصل هذه الثوابت من خلال تطعيمها بمقومات قوة تعزز قدرتها على الاستدامة وتقوي مناعتها وحصانتها على مواجهة التحديات الآنية والمستقبلية.
ومن ثم، يعد النموذج في محكه النهائي هو بمثابة عودة إلى مقومات القوة أي إلى الثوابت التي ارتكزت عليها إمارة دبي في انطلاقتها التنموية واعتمدت عليها في تغذية طفرتها الاقتصادية خلال السنوات السابقة على الأزمة، مع رفد هذه المقومات بينابيع ومصادر قوة تكسبها دينامية وحيوية تجعلها قادرة على أن تكون دعائم وركائزه قوية تنهض على النمو المستدام المتحرر من تقلبات الأسعار وعوارض الأزمات المالية المحتملة والماثلة.
فضلاً عن تزويده بآليات تعينه على مواجهة تحديات ومخاطر الاندماج في الاقتصاد العالمي من خلال زيادة قوة استشعاره لإشارات الأزمات قبل وقوعها للحد من مضاعفاتها وآثارها، إلى جانب تطعيم هذه الثوابت ببنية مؤسساتية تنهض بمسؤولية إدارة الوضع المالي بحصافة وكفاءة، وتقوم في الوقت نفسه بمعالجة المضاعفات المتخلفة عن الأزمة المالية العالمية بكل ما رفاقها من مشكلات تتعلق بإعادة هيكلة الالتزامات المالية للشركات.
ومن ثم، فإن نموذج اقتصاد دبي الجديد الذي نجح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في إرساء دعائمه ليس- في نظر المراقبين - بمثابة عودة مبسطة لثوابت ومقومات قوة اقتصاد إمارة دبي، وإنما هو إعادة نتاج هذه المقومات في قالب عصري وحديث يعزز المكانة الريادية للإمارة كمركز للتجارة والمال والأعمال، أي إعادة تقديم الوظيفة التاريخية التي نهضت بها الإمارة بمعايير وممارسات بالغة الحداثة والعصرنة.
واللافت في نظر المراقبين، أن حكومة إمارة دبي تحركت على هذه المحاور بشكل متزامن وفي توقيت واحد، فعلى الرغم من مشكلات وتحديات المديونية، استضافت الإمارة العديد من المؤتمرات العالمية التي تقوي روح الريادة في الأعمال والابتكار، وأبرمت صفقات بمليارات الدولارات في مجال تعزيز بنية النقل بكل أشكاله، وقامت بتدشين برج خليفة ومترو دبي، وهو ما دعا المراقبين إلى القول ان الإمارة صار لديها خارطة طريق واضحة المعالم تأبى أن تتخلى عن أي عنصر فيها مهما تكن جسامة التحديات.
الارتقاء بمستويات الشفافية
أطلقت حكومة دبي الكثير من المبادرات والمؤشرات لتعزيز مستويات الشفافية من خلال تزويد وسائل الإعلام بالمعلومات عن حقيقة التطورات الجارية في الإمارة حتى لا تتكرر الأخطاء التي وقع فيها بعضها في تعاملها مع مشكلة مديونية إمارة دبي.
وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم خلال حضور سموة مؤتمر المشهد الاقتصادي لإمارة دبي في نوفمبر من عام 2010 موجهاً حديثه إلى الصحافيين نحن نريدكم أن تكونوا في الصورة، نحن واضحون وشفافون، وليس لدينا شيء نخفيه، وأشار سموه إلى أهمية العناية بالمعلومات الصحيحة، منتقداً بشكل مباشر المدّعون الذين يسمون أنفسهم خبراء.
وفي رأي المراقبين يعد الارتقاء بمستويات الشفافية تعبيراً عن تغير في الاستراتيجية الإعلامية لحكومة دبي بأن انتقلت من نهج الدفاع إلى الهجوم بالمعلومات والحقائق، ولجم التحليلات التي تستند إلى توقعات، أو معلومات خاطئة وغير دقيقة.
دور الاعلام
وتنطلق تلك النظرة إلى دور الإعلام من رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم التي عبر عنها خلال لقاء سموه مع جمع من الإعلاميين في 14 أغسطس 2010، حيث أكد سموه أن الإعلام مرآة الشعوب، مشيداً بدوره في أي عملية تحديث أو تطوير.
وهو ذو رسالة نبيلة لنشر الحقائق بعيداً عن المبالغة والانحياز والتشويه، مشدداً على الصراحة والشفافية وعلى ان لا قيود ولا تحفظات للتصريح بأي معلومة أو خبر. وشدد سموه على أن كل ما أنجز في دولتنا حتى الآن نفتخر به، وشعبنا يتفيأ تحت مظلة هذه الإنجازات على كل الصعد والتي نعتبرها مكملة لأي إنجاز في أي دولة عربية شقيقة، فهذا هو نهجنا كقيادة ولا فرق بين دولة الإمارات ودولة عربية مجاورة أو بعيدة، فكل ما تحقق لدولة الإمارات من سمعة طيبة وشهرة في الخارج هو للعرب جميعاً، وأعرب سموه عن ثقته بأن تتوطد العلاقة بين الإعلام وكل الجهات والمسؤولين في الدولة، لأن الإعلام كما وصفه سموه لسان حال الأمة والغربال لا يمكن أن يحجب الشمس.
ونفى سموه أن يكون هناك أي قيود أو تحفظات من قبل الجهات المعنية في الدولة للتصريح إلى أي جهة إعلامية بأي معلومة أو خبر حول أي من القضايا الاقتصادية والمالية وغيرها، مؤكداً سموه أن توجيهاته لهذه الجهات واضحة وصريحة، ولا مجال للتشكيك فيها، لأنها تعتمد على الصراحة والشفافية، معتبراً سموه أن الإعلام مرأة الشعوب هو يحمل رسالة نبيلة لنشر الحقائق والمعلومات الأكيدة ووضعها أمام الرأي العام، بعيداً عن المبالغة والانحياز والتشوية، فهذا ما نأمل أن يكون عليه الإعلام كي يكسب ثقة الناس والجمهور الذي يتطلع دوماً إلى المعلومة الصحيحة والصادقة.
دبي تبني على حجرها القديم للمستقبل
بلور مسؤولو حكومة دبي خطاباً اقتصادياً جديد المحتوى يربط بين مشروعات البنية التحتية الاستراتيجية ودعم قطاعات النمو المستدام، وتجلت تعبيرات هذا الخطاب في مداخلة سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم رئيس اللجنة العليا للسياسة المالية بدبي في مؤتمر المشهد الاقتصادي لإمارة دبي الذي جرى عقده في نوفمبر من العام 2010، حيث رأى سموه أن على دبي أن تبني على حجرها القديم لرسم استراتيجية جديدة للمستقبل المشرق، وأن مهمة اللجنة المالية العليا هي استعادة معدلات النمو الاقتصادي في دبي من خلال إعادة تركيز الجهود على القطاعات التي تأثرت بالمضاربات العقارية.
ويقول في هذا المجال: تعتبر قطاعات الدعم اللوجستي والخدمات والسياحة والتصدير من أهم القطاعات الاقتصادية بدبي، وهي التي دفعت مسيرتها قدماً وليس ما حدث من انفتاح في القطاع العقاري خلال السنوات السبع الماضية، وختم سموه مداخلته بالقول: لا يزال أمامنا الكثير مما ينبغي القيام به، ويعتقد البعض أن أداءهم ليس على ما يرام، لأنهم يقيسون أداءهم بمعايير عام 2007 لكن أحياناً لا بد من الإقرار بأنه من غير الممكن تحقيق معدلات نمو بين 30 و40%. ولا بد من أن نكون واقعيين ونرى ما يحدث حول العالم.
ارساء
دعم النمو المستدام
أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي أهمية إرساء اقتصاد يتمتع بإمكانيات ومقومات النمو المستدام بأقوال تؤازرها الأفعال، ففي حديث سموه مع الـ سي إن إن بثته يوم 25 يونيو من العام 2010، قال سموه بالحرف الواحد نحن بالفعل نمضي قدماً، فالبنية الأساسية على جهوزية تامة، فلدينا الطرق والجسور، والأنفاق. ولسنا في حاجة لبدء تأسيسها من جديد، لذا، فنحن على أكمل الاستعداد للانطلاق ببلادنا نحو المستقبل. ونتطلع إلى مرحلة جديدة من النمو،
إجراءات
دعم البيئة الاستثمارية
اتخذت حكومة دبي سلسلة من الإجراءات تهدف إلى دعم البيئة الاستثمارية في دبي وتعزيز مكانة الإمارة كمركز لريادة الأعمال وتشجيع تدفق الاستثمارات الأجنبية، من بينها، إصدار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، رعاه الله، بصفته حاكماً لإمارة دبي في يناير 2010 مرسوماً يقضي بإعفاء الشركات والمؤسسات العاملة في إمارة دبي من كل الغرامات المفروضة عليها نتيجة عدم تجديد تراخيص مزاولة نشاطها في المواعيد المحددة في التشريعات السارية، وعلى نفس المنوال، أمر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في فبراير 2010 بإنشاء مؤسسة الرقابة والحماية التجارية المشتركة في دبي.
ووجه سموه بتولي المجلس التنفيذي لإمارة دبي باتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ هذا الأمر، تكون المؤسسة الواعدة الرائدة في مجال تطوير البيئة الاقتصادية والحفاظ عليها، وجعلها مطابقة للنظم المتبعة في دبي على ان تتولى مهمة حماية الأفراد والشركات من الممارسات التجارية غير الشرعية من خلال توفير حلول متقدمة تضمن بيئة تجارية آمنة، وتتلخص الأهداف الاستراتيجية للمؤسسة بأن تصبح هيئة واحدة ذات مسؤولية ريادية واضحة لتنظيم وحماية النشاطات التجاريةالمسؤولية التامة عن كل مهمات تنظيم وحماية الأنشطة التجارية.
الشركات الصغيرة قاطرة النمو
وثب قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى قلب معادلة اقتصاد دبي الجديد، وبات ينظر إلى هذا القطاع بأنه قاطرة للنمو المستدام، وهو ما يعد تجسيداً لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم المتمثلة في دعم الأفكار الإبداعية وتعزيز قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، حيث قام سموه برعاية العديد من الفاعليات الداعمة لهذا القطاع باعتبارها داعماً لاقتصاد الإمارة وتشكل نسبة كبيرة من إجمالي المشروعات الموجودة بدبي.
ويكمن السبب الرئيسي وراء تزايد الأولية المعطاة لهذا القطاع في حقيقة لعب هذا القطاع تاريخياً دوراً داعماً لاقتصاد إمارة دبي، فضلاً عن تمتعه بقدر عال من الحصانة في مواجهة مضاعفات الأزمة المالية، وتفيد التقديرات الرسمية أن قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة يسهم بـ40 بالمائة في الناتج الإجمالي للإمارة وتُشكل 90 بالمائة من الشركات المسجلة في دبي وتوظف ما يُقارب 42 بالمائة من العمالة.
عمليات إعادة الإنتاج
ويرصد المراقبون أبرز عمليات إعادة الإنتاج التي خرج من رحمها اقتصاد دبي الجديد في التالي:
أولاً: إعادة إنتاج عناصر القوة المستدامة التي نهض عليها اقتصاد إمارة دبي من خلال مواصلة تعزيز ودعم البنى التحتية بأرقى وأحدث شبكات النقل في العالم والتي تجعل الوصول إليها والقدوم منها في أقل وقت ممكن، وتطوير بنى التصدير وإعادة التصدير وأعمال الشحن، بحيث تكون الإمارة قبلة للتجار وأصحاب الأعمال من مختلف أنحاء العالم.
ثانياً: إعادة إنتاج المناخ الداعم للأعمال من خلال تعزيز تنافسية الإمارة في مجال مزاولة الأعمال، وتعزيز قيم الشفافية والإفصاح، وخفض تكاليف مزاولة الأعمال.
ثالثاً: إعادة إنتاج الدور الذي تنهض به الشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال النظر إليها كقاطرات للتنمية المستدامة وكعصب للاقتصاد، وهو ما يستوجب العمل على تعزيزها وتحفيزها على الريادة والابتكار.
رابعاً: إعادة إنتاج آليات الإدارة المالية على نحو يحقق الكفاءة والرشادة في الإنفاق وتعظيم قاعدة الإيرادات.
خامساً: تجهيز الاقتصاد بآليات إدارة مشكلات المديونيات، وقد تطورت هذه الآليات إلى حد أنها أرست نموذجاً قبل للتطبيق والاحتذاء من قبل الدول الأخرى.
وهكذا، يمثل انطلاق نموذج اقتصاد دبي الجديد في رأي المراقبين دليلاً على حيوية وديناميكية إمارة دبي، فهي لم تستأنس فكرة الترقب والانتظار لما سوف تسفر عنه الأزمة المالية العالمية، ولكنها اتبعت نهجاً مغايراً بشكل كامل، ينهض على أساس التحرك النشط لإنتاج نموذج اقتصادي جديد يجمع بين الحفاظ على الثوابت من جانب ومواصلة السعي نحو الحداثة من جانب ثالث، وتحقيق النمو المستدام من جانب ثالث.