قالت: يؤسفنا القول إن التشويه السياسي للتشريعات الاقتصادية أصبحت ظاهرة بالغة الخطورة
«الغرفة»: قانون الخصخصة يهمش القطاع الخاص ويجرح الثقة به
القانون أصاب في أخذ منهج التشريع الشامل وتحديد القطاعات المخصخصة وضمان حقوق المنافسة.. لكن المصالح السياسية وتسويات اللحظة الأخيرة تغلبت
لم يضع إطارا زمنيا لتحقيق برنامج التخصيص.. واستثناء مصافي النفط جانبه التوفيق
القانون نجاح للسلطتين لكن الثغرات الناجمة عن الضغوط السياسية جعلته من حيث الواقع قاصرا
قالت غرفة تجارة وصناعة الكويت إنه بين انقطاع ووصل، وبين مد وجزر، استمر العمل على إصدار تشريع ينظم عملية التخصيص في دولة الكويت ستة عشر عاماً، وطوال هذه السنوات، لم تدخر غرفة تجارة وصناعة الكويت جهدا في رفع المذكرات وتقديم الأوراق والدراسات عن مفهوم التخصيص ومنطلقاته، وحول أهدافه وشروط نجاحه، فضلا عن مناقشتها لمشاريع ومقترحات القوانين التي قدمت في شأنه، وللغرفة 12 مذكرة وورقة منشورة في هذا الموضوع.
وأضافت الغرفة في بيان صحافي بعنوان «قانون التخصيص: إنجاز من حيث المبدأ وقصور من حيث الجدوى» أنها لم تدل خلال الشهرين الأخيرين بدلو في مناقشة مشروع «قانون تنظيم برامج التخصيص»، لأنها ارتأت أن ذلك يقع في محظور لزوم ما لا يلزم، والتزود بما لا زيادة عليه، إذ سبق لها- ومنذ عام 2006- أن أبدت رأيها في هذا المشروع شفاهاً وكتابة عدة مرات، وملفات اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس الأمة تشهد بذلك.
واليوم، وبعد أن أقر مجلس الأمة «قانون تنظيم برامج التخصيص»، تجد الغرفة من واجبها أن تسجل الملاحظات التالية:
أولا: التخصيص: بمفهوم غرفة تجارة وصناعة الكويت- إعلان عملي وتشريعي عن تبني منهج جديد للتنمية، يقوم على تحرير قوى السوق بغية الانتقال بالاقتصاد الوطني من اقتصاد ريعي يتحكم فيه الانفاق العام، إلى اقتصاد انتاجي يحركه القطاع الخاص، فالتخصيص- بهذا المعنى- جزء من استراتيجية شاملة للاصلاح تعيد النظر في دور الدولة الاقتصادي، وتنتقل بمسؤوليتها في توفير السلع والخدمات من «التزويد والتوريد» إلى «الرقابة والتنظيم»، وبالتالي، فإن معيار نجاح أو إخفاق التخصيص يكمن في قدرته على تسريع هذا الإصلاح، وبأقل تكلفة اقتصادية واجتماعية ممكنة.
ثانيا: هذا الموقع الأساس الذي يشغله التخصيص في بناء الاستراتيجية التنموية، لا يعني على الإطلاق أنه دواء ناجح لمعالجة كافة المشاكل الاقتصادية، كما أنه لا يجعل من التخصيص هدفا بحد ذاته، ولكنه- بالتأكيد- يؤهله أن يكون مدخلا أساسيا لتحقيق أهداف عديدة أهمها: معالجة الاختلالات الرئيسية التي يعانيها الاقتصاد الكويتي من حيث اعادة التوازن لهيكل العمالة والسكان، والانتقال بمفهوم الوظيفة العامة من أداة لتوزيع إيرادات النفط إلى أداة للتنمية، هذا إلى جانب تحفيز المنافسة العادلة محلياً، وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني دوليا وزيادة المساهمة الشعبية في ملكية المؤسسات الانتاجية والخدمية اجتماعيا.
ثالثا: اصاب القانون الجديد حين اخذ بمنهج التشريع الشامل بدل اصدار قانون مستقل لكل عملية تخصيص كما اصاب حين حدد القطاعات التي لا يمكن تخصيصها مطلقا امكانية تخصيص كل القطاعات الاخرى بدل ان يأخذ بالتوجهات السابقة التي تقوم على تحديد مجالات التخصيص لتجعل عدم التخصيص هو الاصل.
رابعا: جاء القانون واضحا تماما من حيث ضمان تحقيق المنافسة وحماية مصالح المستهلك، ومتابعة ورقابة مستوى الاسعار وجودة السلع والخدمات فضلا عن حماية المال العام عبر عدالة تقييم اصول المشروع العام كما حقق القانون سبقا عالميا وبفارق شاسع من حيث حماية حقوق العاملين في المشاريع العامة التي يجرى تخصيصها.
خامسا: وبالمقابل ونتيجة الضغوط السياسية وتسويات اللحظة الاخيرة تغلبت الاعتبارات والمصالح السياسية الراهنة على العديد من الحقائق الاقتصادية الثابتة والاهداف الاجتماعية طويلة المدى، فتركت بالقانون ثغرات عديدة نخشى ان يكون لها اثر كبير في اضعاف قدرته على تحقيق اهدافه ومن اهم هذه الثغرات:
أ- لم يضع القانون اطارا زمنيا لتحقيق برامج التخصيص ولم ينص على وجوب ان يقترح المجلس الاعلى للتخصيص مثل هذا الاطار المجدول لقد استغرق اصدار القانون ستة عشر عاما ونأمل الا يستغرق تنفيذه سنوات طويلة اخرى تهدر جدواه.
ب- نعتقد ان التعديل الذي اجرى في اللحظة الاخيرة على المادة الرابعة ليمنع تخصيص مصافي النفط هو تعديل جانبه التوفيق مثله في ذلك مثل استثناء قطاعي الصحة والتعليم اللذين يمثلان اكبر ابواب الميزانية العامة تكلفة قياسا الى المردود والجودة ومقارنة بالدول الاخرى.
ج- يرأس رئيس مجلس الوزراء المجلس الاعلى للتخصيص ويضم في عضويته خمسة وزراء وثلاثة اعضاء متفرغين من ذوي الكفاءة والخبرة والاختصاص.
وقد تعلمنا من تجارب كثيرة سابقة ان المقصود بذوي الكفاءة والخبرة والاختصاص شخصيات عملت وبرزت في ظل الادارة العامة وليس لها تجربة في القطاع الخاص، والنص على ضرورة تفرغها يؤكد قناعتنا هذه. أي ان القانون الذي يتعلق بالتخصيص والقطاع الخاص لن يشارك القطاع الخاص في ترشيد تنفيذه. وبتعبير آخر، ان القانون الذي يقوم على أساس ان القطاع الخاص هو المحرك الاول للنشاط الاقتصادي، يعلن منذ بداية اقصاء القطاع الخاص كليا عن عملية التخصيص ويجرح الثقة فيه.
د- المادة (14) من القانون اجازت للمجلس الاعلى للتخصيص ان يقرر مجانية الاسهم المطروحة للاكتتاب العام وطرحها لجميع المواطنين بالتساوي، وفي اعتقادنا ان مثل هذا «الجواز» سيصبح «وجوبا» دائما نزولا عن الضغوط السياسية، ان من حق الحكومة ان تدفع لكافة المواطنين وبالتساوي ثمن ما يمكن ان يحصلوا عليه من اسهم واكثر، وللمواطنين انفسهم ان يقرروا بعد ذلك الاكتتاب من عدمه، اما الاكتتاب المجاني فهو الاسلوب الذي يشوه معنى المشاركة في الملكية، ويميع مفهوم الشركة المساهمة، ويفتح الباب على مصراعيه لتمركز ملكية الاسهم في ايد قليلة.
هـ- ان اطلاق حق الدولة بتملك السهم الذهبي في ملكية كافة الشركات التي ستؤسس نتيجة التخصيص، وعدم حصر هذا الحق في الشركات التي تتمتع بمركز احتكاري او تتملك مرفقا استراتيجيا، يشكل انحرافا ضارا بمفهوم السهم الذهبي وغايته، وهو انحراف طارد للاستثمارات الاجنبية، ومحبط للمستثمر الوطني، لانه يخلق قلقا مبررا من ان يقترن تخصيص الملكية بتأميم الادارة.
وخلاصة القول ان «اقرار قانون تنظيم برامج التخصيص» يعتبر- من حيث المبدأ- خطوة بالغة الاهمية تحسب للحكومة ولمجلس الامة معا، غير ان الثغرات العديدة والكبيرة تبليغ الرسالة التي يفترض ان يحملها باعتباره اعلانا رسميا عن تبني الكويت لمنهج جديد في التنمية، يقوم على تحرير قوى السوق، وينتقل بالاقتصاد الوطني من اقتصاد ريعي يتحكم به الانفاق العام الى اقتصاد انتاجي يحركه القطاع الخاص.
وأخيرا، تود غرفة تجارة وصناعة الكويت ان تركز على امرين اثنين هما:
أولهما: تفهمها العميق لاسباب القلق الشعبي حيال قانون التخصيص، لانه ليس مجرد قانون اقتصادي بالغ الاهمية، بل هو- ايضا وبذات الدرجة- قانون ذو انعكاسات سياسية واجتماعية بعيدة المدى، ولا ملامة- في اعتقادنا- على المواطن الكويتي في نظرته المرتابة الى القانون، ذلك لأن الحكومة ومجلس الامة والتيارات السياسية كلها قد اهملت التوصيات الدولية والمحلية الداعية الى تنظيم حملة اعلامية لتشكيل رأي عام متفهم للاصلاح الاقتصادي واهدافه، متعون مع اجراءاته وسياساته، واثق بجدواه للوطن والمواطنين.
وثانيهما، التنبيه الى خطورة التشوهات التي تسببها الضغوط السياسية للتشريعات الاقتصادية الجديدة. اننا- وبإجماع الرأي- بحاجة الى تشريعات تساهم في تنظيم العملية التنموية وتهيئ لها الادوات والآليات والتسهيلات اللازمة. غير ان حاجتنا هذه تقترن بوجوب ان تأتي هذه التشريعات قادرة على تحقيق اهدافها بعدل وتوازن ووضوح. ويؤسفنا القول ان عملية التشويه السياسي للتشريعات الاقتصادية اصبحت ظاهرة بالغة الخطورة، نراها واضحة في قانون الاستثمار الاجنبي، وفي قانون شراكة الدولة والقطاع الخاص، وقانون العمل في القطاع الاهلي، وقانون التخصيص، وهي قوانين يعكس صدورها- بالتأكيد- رغبة تنموية صادقة لدى الحكومة ومجلس الامة على حد سواء. غير ان ما اصابها من تشويه سياسي يعكس، في الوقت ذاته، عحز الطرفين عن الوصول الى رؤية تنموية مشتركة واضحة، ويبقى الامل في ان يكون لدينا جميعا الشجاعة الكافية للاقرار بالخطأ عندما يكشفه الواقع، والعزيمة القادرة على اجراء التعديلات اللازمة في ضوء التطبيق الفعلي.
«الغرفة»: قانون الخصخصة يهمش القطاع الخاص ويجرح الثقة به
القانون أصاب في أخذ منهج التشريع الشامل وتحديد القطاعات المخصخصة وضمان حقوق المنافسة.. لكن المصالح السياسية وتسويات اللحظة الأخيرة تغلبت
لم يضع إطارا زمنيا لتحقيق برنامج التخصيص.. واستثناء مصافي النفط جانبه التوفيق
القانون نجاح للسلطتين لكن الثغرات الناجمة عن الضغوط السياسية جعلته من حيث الواقع قاصرا
قالت غرفة تجارة وصناعة الكويت إنه بين انقطاع ووصل، وبين مد وجزر، استمر العمل على إصدار تشريع ينظم عملية التخصيص في دولة الكويت ستة عشر عاماً، وطوال هذه السنوات، لم تدخر غرفة تجارة وصناعة الكويت جهدا في رفع المذكرات وتقديم الأوراق والدراسات عن مفهوم التخصيص ومنطلقاته، وحول أهدافه وشروط نجاحه، فضلا عن مناقشتها لمشاريع ومقترحات القوانين التي قدمت في شأنه، وللغرفة 12 مذكرة وورقة منشورة في هذا الموضوع.
وأضافت الغرفة في بيان صحافي بعنوان «قانون التخصيص: إنجاز من حيث المبدأ وقصور من حيث الجدوى» أنها لم تدل خلال الشهرين الأخيرين بدلو في مناقشة مشروع «قانون تنظيم برامج التخصيص»، لأنها ارتأت أن ذلك يقع في محظور لزوم ما لا يلزم، والتزود بما لا زيادة عليه، إذ سبق لها- ومنذ عام 2006- أن أبدت رأيها في هذا المشروع شفاهاً وكتابة عدة مرات، وملفات اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس الأمة تشهد بذلك.
واليوم، وبعد أن أقر مجلس الأمة «قانون تنظيم برامج التخصيص»، تجد الغرفة من واجبها أن تسجل الملاحظات التالية:
أولا: التخصيص: بمفهوم غرفة تجارة وصناعة الكويت- إعلان عملي وتشريعي عن تبني منهج جديد للتنمية، يقوم على تحرير قوى السوق بغية الانتقال بالاقتصاد الوطني من اقتصاد ريعي يتحكم فيه الانفاق العام، إلى اقتصاد انتاجي يحركه القطاع الخاص، فالتخصيص- بهذا المعنى- جزء من استراتيجية شاملة للاصلاح تعيد النظر في دور الدولة الاقتصادي، وتنتقل بمسؤوليتها في توفير السلع والخدمات من «التزويد والتوريد» إلى «الرقابة والتنظيم»، وبالتالي، فإن معيار نجاح أو إخفاق التخصيص يكمن في قدرته على تسريع هذا الإصلاح، وبأقل تكلفة اقتصادية واجتماعية ممكنة.
ثانيا: هذا الموقع الأساس الذي يشغله التخصيص في بناء الاستراتيجية التنموية، لا يعني على الإطلاق أنه دواء ناجح لمعالجة كافة المشاكل الاقتصادية، كما أنه لا يجعل من التخصيص هدفا بحد ذاته، ولكنه- بالتأكيد- يؤهله أن يكون مدخلا أساسيا لتحقيق أهداف عديدة أهمها: معالجة الاختلالات الرئيسية التي يعانيها الاقتصاد الكويتي من حيث اعادة التوازن لهيكل العمالة والسكان، والانتقال بمفهوم الوظيفة العامة من أداة لتوزيع إيرادات النفط إلى أداة للتنمية، هذا إلى جانب تحفيز المنافسة العادلة محلياً، وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني دوليا وزيادة المساهمة الشعبية في ملكية المؤسسات الانتاجية والخدمية اجتماعيا.
ثالثا: اصاب القانون الجديد حين اخذ بمنهج التشريع الشامل بدل اصدار قانون مستقل لكل عملية تخصيص كما اصاب حين حدد القطاعات التي لا يمكن تخصيصها مطلقا امكانية تخصيص كل القطاعات الاخرى بدل ان يأخذ بالتوجهات السابقة التي تقوم على تحديد مجالات التخصيص لتجعل عدم التخصيص هو الاصل.
رابعا: جاء القانون واضحا تماما من حيث ضمان تحقيق المنافسة وحماية مصالح المستهلك، ومتابعة ورقابة مستوى الاسعار وجودة السلع والخدمات فضلا عن حماية المال العام عبر عدالة تقييم اصول المشروع العام كما حقق القانون سبقا عالميا وبفارق شاسع من حيث حماية حقوق العاملين في المشاريع العامة التي يجرى تخصيصها.
خامسا: وبالمقابل ونتيجة الضغوط السياسية وتسويات اللحظة الاخيرة تغلبت الاعتبارات والمصالح السياسية الراهنة على العديد من الحقائق الاقتصادية الثابتة والاهداف الاجتماعية طويلة المدى، فتركت بالقانون ثغرات عديدة نخشى ان يكون لها اثر كبير في اضعاف قدرته على تحقيق اهدافه ومن اهم هذه الثغرات:
أ- لم يضع القانون اطارا زمنيا لتحقيق برامج التخصيص ولم ينص على وجوب ان يقترح المجلس الاعلى للتخصيص مثل هذا الاطار المجدول لقد استغرق اصدار القانون ستة عشر عاما ونأمل الا يستغرق تنفيذه سنوات طويلة اخرى تهدر جدواه.
ب- نعتقد ان التعديل الذي اجرى في اللحظة الاخيرة على المادة الرابعة ليمنع تخصيص مصافي النفط هو تعديل جانبه التوفيق مثله في ذلك مثل استثناء قطاعي الصحة والتعليم اللذين يمثلان اكبر ابواب الميزانية العامة تكلفة قياسا الى المردود والجودة ومقارنة بالدول الاخرى.
ج- يرأس رئيس مجلس الوزراء المجلس الاعلى للتخصيص ويضم في عضويته خمسة وزراء وثلاثة اعضاء متفرغين من ذوي الكفاءة والخبرة والاختصاص.
وقد تعلمنا من تجارب كثيرة سابقة ان المقصود بذوي الكفاءة والخبرة والاختصاص شخصيات عملت وبرزت في ظل الادارة العامة وليس لها تجربة في القطاع الخاص، والنص على ضرورة تفرغها يؤكد قناعتنا هذه. أي ان القانون الذي يتعلق بالتخصيص والقطاع الخاص لن يشارك القطاع الخاص في ترشيد تنفيذه. وبتعبير آخر، ان القانون الذي يقوم على أساس ان القطاع الخاص هو المحرك الاول للنشاط الاقتصادي، يعلن منذ بداية اقصاء القطاع الخاص كليا عن عملية التخصيص ويجرح الثقة فيه.
د- المادة (14) من القانون اجازت للمجلس الاعلى للتخصيص ان يقرر مجانية الاسهم المطروحة للاكتتاب العام وطرحها لجميع المواطنين بالتساوي، وفي اعتقادنا ان مثل هذا «الجواز» سيصبح «وجوبا» دائما نزولا عن الضغوط السياسية، ان من حق الحكومة ان تدفع لكافة المواطنين وبالتساوي ثمن ما يمكن ان يحصلوا عليه من اسهم واكثر، وللمواطنين انفسهم ان يقرروا بعد ذلك الاكتتاب من عدمه، اما الاكتتاب المجاني فهو الاسلوب الذي يشوه معنى المشاركة في الملكية، ويميع مفهوم الشركة المساهمة، ويفتح الباب على مصراعيه لتمركز ملكية الاسهم في ايد قليلة.
هـ- ان اطلاق حق الدولة بتملك السهم الذهبي في ملكية كافة الشركات التي ستؤسس نتيجة التخصيص، وعدم حصر هذا الحق في الشركات التي تتمتع بمركز احتكاري او تتملك مرفقا استراتيجيا، يشكل انحرافا ضارا بمفهوم السهم الذهبي وغايته، وهو انحراف طارد للاستثمارات الاجنبية، ومحبط للمستثمر الوطني، لانه يخلق قلقا مبررا من ان يقترن تخصيص الملكية بتأميم الادارة.
وخلاصة القول ان «اقرار قانون تنظيم برامج التخصيص» يعتبر- من حيث المبدأ- خطوة بالغة الاهمية تحسب للحكومة ولمجلس الامة معا، غير ان الثغرات العديدة والكبيرة تبليغ الرسالة التي يفترض ان يحملها باعتباره اعلانا رسميا عن تبني الكويت لمنهج جديد في التنمية، يقوم على تحرير قوى السوق، وينتقل بالاقتصاد الوطني من اقتصاد ريعي يتحكم به الانفاق العام الى اقتصاد انتاجي يحركه القطاع الخاص.
وأخيرا، تود غرفة تجارة وصناعة الكويت ان تركز على امرين اثنين هما:
أولهما: تفهمها العميق لاسباب القلق الشعبي حيال قانون التخصيص، لانه ليس مجرد قانون اقتصادي بالغ الاهمية، بل هو- ايضا وبذات الدرجة- قانون ذو انعكاسات سياسية واجتماعية بعيدة المدى، ولا ملامة- في اعتقادنا- على المواطن الكويتي في نظرته المرتابة الى القانون، ذلك لأن الحكومة ومجلس الامة والتيارات السياسية كلها قد اهملت التوصيات الدولية والمحلية الداعية الى تنظيم حملة اعلامية لتشكيل رأي عام متفهم للاصلاح الاقتصادي واهدافه، متعون مع اجراءاته وسياساته، واثق بجدواه للوطن والمواطنين.
وثانيهما، التنبيه الى خطورة التشوهات التي تسببها الضغوط السياسية للتشريعات الاقتصادية الجديدة. اننا- وبإجماع الرأي- بحاجة الى تشريعات تساهم في تنظيم العملية التنموية وتهيئ لها الادوات والآليات والتسهيلات اللازمة. غير ان حاجتنا هذه تقترن بوجوب ان تأتي هذه التشريعات قادرة على تحقيق اهدافها بعدل وتوازن ووضوح. ويؤسفنا القول ان عملية التشويه السياسي للتشريعات الاقتصادية اصبحت ظاهرة بالغة الخطورة، نراها واضحة في قانون الاستثمار الاجنبي، وفي قانون شراكة الدولة والقطاع الخاص، وقانون العمل في القطاع الاهلي، وقانون التخصيص، وهي قوانين يعكس صدورها- بالتأكيد- رغبة تنموية صادقة لدى الحكومة ومجلس الامة على حد سواء. غير ان ما اصابها من تشويه سياسي يعكس، في الوقت ذاته، عحز الطرفين عن الوصول الى رؤية تنموية مشتركة واضحة، ويبقى الامل في ان يكون لدينا جميعا الشجاعة الكافية للاقرار بالخطأ عندما يكشفه الواقع، والعزيمة القادرة على اجراء التعديلات اللازمة في ضوء التطبيق الفعلي.