الوطني» يجني ثمار إستراتيجية التوسع والموازنة بين العائدات محلياً وخارجياً
السبت 29 سبتمبر 2012 الأنباء
إبراهيم دبدوب
- رفع «الوطني» نسبة مساهمته في «بوبيان» الإسلامي إلى 58%
- ربحية الفروع الخارجية نمت 44% في النصف الأول وساهمت بـ 30% من إجمالي الأرباح
محمود فاروق
إذا كان بنك الكويت الوطني قد بدأ قبل سنوات بجني ثمار إستراتيجيته التوسعية، فإن واقع البيئة التشغيلية في الكويت وما تركته من نتائج على أداء القطاع المصرفي بشكل عام، أعاد تسليط الضوء على مدى صوابية خيارات «الوطني» في تعزيز تواجده في أسواق خارجية مهمة، ليشكل النصف الأول من العام الحالي منعطفا مهما في هذا التوجه، مع نمو أرباح الفروع الخارجية بنسبة 44% مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، وبالتالي ترتفع مساهمتها في إجمالي أرباح المجموعة إلى 30%. هذه التطورات تأتي في مرحلة يستعد فيها «الوطني» لتعزيز تواجده الخارجي، سواء من خلال افتتاح مزيد من الفروع أو دراسة أي فرص مناسبة للاستحواذ متى توافرت الشروط.
وفي الوقت الذي وجدت فيه المصارف الكويتية نفسها أمام تحدي ضعف البيئة التشغيلية المحلية وارتفاع منسوب العوامل الجيوسياسة، ما انعكس سلبا على أدائها على مستوى تراجع الربحية، ونمو في حجم المخصصات نتيجة انخفاض جودة الأصول، استطاع بنك الكويت الوطني الحد من هذا الواقع عبر الاستفادة من نتائج أعماله في الأسواق الخارجية، ضمن خطة إستراتيجية واضحة لتنويع إيراداته وخلق التوازن فيما بينها وبين السوق المحلية.
خطة 2020
بالمقابل فإن مثل هذا الواقع لم يكن ليعني ان إستراتيجية التوسع الخارجي للبنك وليدة اللحظة، بل هو نهج اعتمده البنك في نهاية سبعينيات القرن الماضي ليكون في طليعة المصارف والمؤسسات الخليجية والعربية التي اعتمدت مثل هذا التوجه.
وفي خطوة تهدف إلى إضفاء مزيد من الطابع المؤسسي على خطواته التوسعية، عمد البنكفي العام 2010، إلى طرح «خطة 2020» التي تبناها المجلس الاستشاري الدولي التابع للبنك، ويستهدف من خلالها رفع نسبة أرباحه من الوحدات الخارجية إلى 50%. أما على أرض الواقع فبدا أن مثل هذه الإستراتيجية آخذة في طريقها إلى التنفيذ تعكسها مؤشرات واضحة، ويوضح الرئيس التنفيذي للمجموعة إبراهيم شكري دبدوب: «ان أرباح الفروع الخارجية للبنك حققت نموا بنسبة 44% في النصف الأول، مشيرا إلى ان هذا الواقع ساهم في رفع نسبة أرباح الفروع الخارجية إلى 30% من إجمالي أرباح مجموعة بنك الكويت الوطني، ويضيف: «انه بات على نحو متزايد ان النمو في الاقتصاد الكويتي لن يكون كافيا لتحقيق القيمة المطلوبة للمساهمين، لاسيما في ظل عدم الاستقرار الناتج عن عوامل جيوسياسة».
التوجهات المستقبلية
أما عن التوجهات المستقبلية للبنك، فيبدو ان «الوطني» مستمر في إستراتيجيته المعهودة القائمة على تعزيز حضوره في الأسواق الخارجية المتواجد فيها حاليا والتي يمكن القول إنها ترتكز على محورين: الأول تعزيز حضوره في منطقة الخليج بما ينسجم مع توجه مؤسسات القطاع الخاص لتعزيز تواجدها في أسواق الدول الخليجية الست في إطار العلاقات الخليجية المشتركة، إذ يتطلع البنك لافتتاح فروع جديدة في كل من الإمارات بعد ان سبق له ان افتتح فرعا له في دبي في العام 2008، وكذلك فإنه يسعى للتواجد لأول مرة في سلطنة عمان. وهذا الواقع ينطبق أيضا على السعودية، إذ هناك توجه لتكثيف التواجد في المملكة بما يتناسب مع حجم هذه السوق، وان كانت فرصة استحواذ على مصرف قائم في المملكة تبقى قائمة متى ما توافرت الشروط الموضوعية لها بما ينسجم مع إستراتيجيته كما تفيد مصادر متابعة من داخل البنك.
أما المحور الثاني فيتمثل في توجه «الوطني» إلى رفع حصصه السوقية من الخدمات المصرفية الشاملة في الأسواق التي يتواجد فيها عبر مصارف تابعة أو زميلة قائمة بحد ذاتها، كما هو الحال في قطر عبر بنك قطر الدولي ومصر عبر البنك الوطني المصري، وهنا يلفت دبدوب إلى «ان نشاط بنك الكويت الوطني في مصر يشهدا نموا مستمرا، إذ سجلت أرباح الوطني المصري في النصف الأول من بداية العام الحالي وحتى نهاية شهر أغسطس الماضي نموا بنسبة 29% مجددا تفاؤله بالسوق المصرية وآفاق نمو الاقتصاد، لاسيما في ظل استعادة الثقة والاستقرار واهتمام المستثمرين بهذه السوق».
أهمية السوق المحلية
في المقابل، فإن إستراتيجية التوسع الخارجي، لم تكن لتعني التخلي عن التركيز على السوق المحلية، بما يساهم في المحافظة على حصصه السوقية القيادية على مختلف المستويات المصرفية، لاسيما في ظل تزايد حدة المنافسة في ظل محدودية الفرص، هذا الواقع يؤكده دبدوب بالقول إن البنك ماض في الوقت نفسه في تعزيز موقعه في السوق الكويتية، وهو ما عكسته خطوة رفع نسبة المساهمة في بنك بوبيان من 47% إلى 58% مشيرا إلى ان هذه الخطوة «ستساهم في تعزيز عملياتنا في السوق المحلية، خصوصا في مجال الصيرفة الإسلامية التي تشهد نموا مستمرا. ومع إتمام هذه الخطوة يكون بنك بوبيان قد تحول من مجرد مؤسسة زميلة إلى تابعة وهو ما ينعكس إيجابا على البنود الرئيسية لميزانية «الوطني»، لاسيما في ظل الأداء الايجابي لـ «بوبيان» والتحسن المستمر في أدائه.
من جهة أخرى، يلفت الرئيس التنفيذي للمجموعة إلى ان ميزانية الكويت تسجل فوائض كبيرة نتيجة الارتفاع المستمر في أسعار النفط في الأسواق العالمية، مشيرا إلى ان التدفقات الناتجة عن النفط ساهمت في خفض معدل الفائدة بين المصارف (InterBank) لثلاثة أشهر من 0.8125 %في بداية العام إلى 0.6250%، متوقعا ان يترك انخفاض تكلفة التمويل أثرا إيجابيا على نتائج البنك وهو ما سيظهر مع نهاية العام الحالي.
الأداء المالي
هذا، وكانت أرباح البنك عن النصف الأول قد بلغت نحو 431.2 مليون دولار، (120.8 مليون دينار) ليستحوذ بذلك على نسبة 47% من إجمالي أرباح القطاع المصرفي في الكويت، مكرسا بذلك موقعه في صدارة المصارف الكويتية من حيث المؤشرات الرئيسية. وإلى جانب هذا الأداء المالي، فقد استمر «الوطني» في تكريس إستراتيجيته المتحفظة، لاسيما في ظل التراجع المستمر في أداء سوق الكويت للأوراق المالية منذ بداية العام الحالي، بالإضافة إلى ضعف الإنفاق الاستثماري في الكويت، ونتيجة لهذا الواقع، لجأ البنك إلى تجنيب مخصصات بقيمة 96.4 مليون دولار (27 مليون دينار) في الربع الثاني من العام، ويوضح دبدوب: «ان ما تم تجنيبه ينضوي تحت بند المخصصات الاحترازية لمواجهة ضعف الآفاق الاقتصادية وتراجع البيئة التشغيلية المحلية بسبب ضعف الإنفاق العام وعدم طرح مشاريع جديدة، إلى جانب انخفاض قيم الضمانات من الأسهم المحلية». في المقابل استقرت الأرباح التشغيلية للبنك عند 943 مليون دولار، فيما سجلت الموجودات نموا بنسبة 4.4% لتصل إلى 51.1 مليار دولار، وكذلك ارتفعت حقوق المساهمين بنسبة 4.9% لتصل إلى 8.2 مليارات كما في نهاية يونيو الماضي.
الأعلى تصنيفاً شرق أوسطياً
اللافت في تجربة بنك الكويت الوطني، محافظته منذ سنوات طويلة على التصنيف الأعلى بين مصارف الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وذلك على الرغم من التحديات التي تواجه الصناعة المصرفية في السوق المحلية، مقارنة بما تتمتع به مصارف خارجية بالعديد من الفرص ووسائل الدعم غير المباشرة. وقبل أشهر قليلة أعادت وكالة Fitch التأكيد على تصنيفها الطويل الأجل لبنك الكويت الوطني عند درجة AA- مع نظرة مستقبلية مستقرة مؤكدة على موقعه المتقدم في السوق المحلية ومحافظته على جودة أصوله في وقت تواجه فيه البيئة التشغيلية العديد من الصعوبات.
من جهة أخرى، فقد جاء «الوطني» في المرتبة الـ 34 ضمن قائمة «جلوبال فاينانس» لأكثر 50 بنكا أمانا في العالم للعام 2012، متقدما على مصارف عالمية كبرى كبنك بي أن بي باريبا (BNPParibas) ستاندرد تشارترد (Standerd Charter)، يلز فارغو (Wells Fargo)، دويتشه بنك (Deutshe Bank)، كريديه سويس (Credit Suisse)، بنك باركليز (Barclys)، كريديه أجريكول (Credit Agricole) وغيرها. ويعكس هذا التصنيف القوة المالية للبنك والسمعة التي يحظى بها على الساحة الدولية، علما انه المصرف العربي الوحيد الذي يحتفظ بموقعه ضمن هذه القائمة للمرة السادسة على التوالي.