لجنة التظلّمات تضرب السلطان بسيفه: إلغاء الإدراج ليس من صلاحيات «هيئة الأسواق»
مفتاح الدخول بين «الهيئة» أما الخروج ... فلا! (تصوير أسعد عبدالله)
|
كتب رضا السناري |
وجهت لجنة الشكاوى والتظلمات التي شكّلتها هيئة اسواق المال، لقرارات الشطب من البورصة التي أصدرتها الهيئة، بإعلانها أن إلغاء الإدراج ليس من صلاحيات هذه الأخيرة بل من صلاحيات لجنة التأديب، التي لم يعرف ما إذا كانت الهيئة قد شكلتها بالفعل أم لا.
وجاء موقف اللجنة في حيثيات قرار أصدرته أخيراً بقبول تظلم شركة دار الاستثمار ضد قرار إلغاء إدراجها في البورصة. إلا أن مفاعيل هذا القرار تذهب أبعد من ذلك، إذ ربما تؤدي إلى إلغاء جميع قرارات الشطب من البورصة، والتي طالت حتى الآن عشر شركات، فضلاً عن ثماني شركات أخرى قررت الهيئة شطبها الخميس قبل الماضي، لكنها منحتها فرصة حتى 30 يونيو لتعديل أوضاعها والبقاء في السوق.
و«الدار» ضمن 9 شركات كانت «هيئة الاسواق» بسبب استمرار في 12 فبراير الماضي، وذلك لاستمرار وقف تداول اسهمها لمدة تزيد على 6 اشهر دون القيام باتخاذ الاجراءات المناسبة لاستئناف تداولها، وعدم تقديمها البيانات المالية لمدة سنتين متتاليتين. وأتبعت الهيئة قرارها ذاك بشطب شركة «منا القابضة» من البورصة الخميس قبل الماضي. وقد تقدمت «منا» هي الأخرى بتظلم مماثل.
وبحسب قرار لجنة الشكاوى والتظلمات، فان قرار إلغاء الإدراج يعتبر معيبا في ركن الاختصاص وركن الشكل والاجراءات وركن المحل او الموضوع، وانه كان يجب منح الاختصاص بتوقيع هذا الجزاء لمجلس التأديب، وهذا على فرض جواز اضافة جزاء بمقتضى قرار لائحي، الي الجزاءات التي نص عليها هذا القانون، مما يستوجب إلغاءه.
وقالت لجنة الشكاوى في القرار الذي حصلت «الراي» على نسخة منه إن «القرار الصادر من هيئة اسواق المال الصادر باجتماعه رقم 4 لسنة 2012 المنعقد بتاريخ 12/ 2/ 2012 بإلغاء ادراج اسهم شركة دار الاستثمار في سوق الكويت للاوراق المالية استنادا الى المادة 25 من قرار الهيئة رقم 3 لسنة 2011، تضمن ثلاثة اوجه لعدم المشروعية يمس كل منها ركنا من اركان هذا القرار».
وأوضحت أن القرار انطوى «من ناحية على عيب عدم الاختصاص، كما انطوى من ناحية ثانية على عيب في الشكل والاجراءات، وخالف من ناحية ثالثة القانون رقم 7 لسنة 2010 بشأن انشاء هيئة اسواق المال وتنظيم نشاط الاوراق المالية ولائحته التنفيذية والمبادئ العامة للقانون».
وبينت أن «القانون رقم 7 لسنة 2010 بشأن انشاء هيئة اسواق المال وتنظيم نشاط الاوراق المالية قد منح مجلس التأديب الذي نصت عليه المادة 140 من هذا القانون سلطة توقيع الجزاءات على كل شخص طبيعي او اعتباري يثبت ارتكابه مخالفة لأحكام هذا القانون او اي نظام او لائحة او تعليمات صادرة عن الهيئة، وقد قصرت المادة 140 من هذا القانون علي مجلس التأديب سلطة الفصل في المسألة التأديبية المحالة اليه والمرفوعة من الهيئة والمتعلقة بمخالفة احكام القانون او اللائحة او التعليمات الصادرة بموجبه، كما قصرت المادة 146 من هذا القانون على المجلس التأديبي وحده حق توقيع الجزاءات التي نص عليها القانون».
وأضافت «لا يجوز والحال كذلك توقيع اي جزاء على المخالفات التي يثبت ارتكابها اي شخص طبيعي او اعتباري بواسطة جهة اخرى بخلاف المجلس التأديبي المشار اليه، وينبغي تفسير نصوص القانون باعتبارها كلا لا يقبل الانفصال وباعتبار ان كلا منها يكمل الآخر ويفسر معه في اطار وحدة عضوية واحدة، فأي جزاء منح القانون لهيئة اسواق المال سلطة توقيعه يجب ان يفسر في اطار وحدة واحدة مع النصوص المنظمة لمجلس التأديب واختصاصه بتوقيع الجزاءات على المخالفات التي يثبت ارتكابها لأحكام هذا القانون ولائحته التنفيذية والتعليمات الصادرة من الهيئة».
وأشارت لجنة التظلمات إلى أنه «لما كان القرار الاداري يجب ان يصدر من السلطة المختصة، وكان صدوره من جهة لم يمنحها القانون الحق في اصداره يعتبر عيبا جسيما ينزع عنه صفة المشروعية، ويجوز للجهة المطعون امامها فيه ان تثيره من تلقاء نفسها باعتباره من عيوب القرار الاداري التي تتعلق بالنظام العام، فإن لجنة الشكاوى والتظلمات تثير هذا العيب بغض النظر عن تمسك الشركة التي صدر القرار بإلغاء ادراج اسهمها بهذا السبب من اسباب عدم مشروعية القرار او عدم اثارتها له، حيث ان تمسك الشركة بهذا الوجه من اوجه عدم مشروعية القرار ليس شرطا لازما لاستناد لجنة الشكاوى والتظلمات على هذا العيب من اجل قبول التظلم لتقرير عدم مشروعية القرار موضوع التظلم».
وبينت اللجنة أن «الوجه الثاني من اوجه عدم مشروعية قرار هيئة اسواق المال بإلغاء ادراج اسهم الشركة المتظلمة هو عيب في شكل واجراءات هذا القرار يتمثل في صدوره من دون تحقيق مسبق وتجريه الادارة القانونية بالهيئة بما يسمح للشركة بممارسة حقها في الدفاع عن نفسها ضد الاتهام الموجه إليها بارتكاب مخالفة لأحكام القانون رقم 7 لسنة 2010 بشأن انشاء هيئة اسواق المال وتنظيم نشاط الاوراق المالية ولائحته التنفيذية».
وبينت اللجنة أن التحقيق يعتبر اجراء جوهريا لا يجوز توقيع جزاء إلا بعد اجرائه، وذلك وفقا للمادة 142 من قانون رقم 7 لسنة 2010 التي تنص على ان: «تتولى الادارة القانونية بالهيئة مهمة التحقيق الاداري في المخالفات الواردة في هذا القانون واللائحة والمحالة اليها من الهيئة».
وقد منح القانون للإدارة القانونية حق طلب البيانات والمستندات اللازمة للتحقيق في المخالفة، وحق سماع الشهود ومراجعة اي بيانات لدى اي جهة ذات شأن بنشاط الهيئة وكفلت المادة 144 من هذا القانون لأي شخص يتم التحقيق معه الحق الكامل في الدفاع عن نفسه، وينطبق مصطلح الشخص وفقا للمادة 1 في هذا القانون، على كل من الشخص الطبيعي والاعتباري.
وقالت اللجنة إن الوجه الثالث من اوجه عدم مشروعية القرار موضوع التظلم يتصل «بجعل هذا القرار او بموضوعه وهو مخالفته للقانون رقم 7 لسنة 2010 بشأن هيئة اسواق المال وتنظيم نشاط الاوراق المالية ولائحته التنفيذية وكذلك للمبادئ العامة للقانون. فقد استند القرار الصادر بإلغاء ادراج اسهم الشركة المتظلمة على نص المادة 25 من القرار رقم 3 لسنة 2011 الصادر من مجلس مفوضي هيئة اسواق المال، والذي اضاف جزاء الى الجزاءات التي نص عليه القانون هو جزاء إلغاء ادراج الشركة، ومنح الهيئة سلطة توقيعه، وليس للجهة التي اناط بها القانون سلطة توقيع الجزاءات على مخالفات احكام القانون او اللائحة او التعليمات الصادرة من الهيئة، وهو مجلس التأديب الذي نصت عليه المادة 140 من القانون. وكان يجب منح الاختصاص بتوقيع هذا الجزاء لمجلس التأديب، وهذا على فرض جواز اضافة جزاء بمقتضى قرار لائحي، الى الجزاءات التي نص عليها هذا القانون».
ولفت قرار لجنة التظلمات إلى أن القرار موضوع التظلم «انطوى على مخالفة لأحد المبادئ القانونية العامة، التي تنطبق حتى ولو لم يوجد نص قانوني صريح عليها في القانون، وهو مبدأ عدم جواز توقيع اي جزاء إلا بعد تمكين الشخص الطبيعي او الاعتباري الذي نسب اليه ارتكاب المخالفة التي يترتب عليها توقيع هذا الجزاء من ممارسة حق الدفاع عن نفسه. ويجد هذا المبدأ اساسه وسنده في المادة 34 من الدستور الكويتي باعتباره اصلا من الاصول العامة للقانون في ما يتعلق بالمسؤولية بصورها المختلفة جنائية كانت أم ادارية».
وختمت اللجنة بالقول «بناء على ما سبق فإن القرار موضوع التظلم يعتبر معيبا في ركن الاختصاص وركن الشكل والاجراءات وركن المحل او الموضوع مما يستوجب إلغاءه».
التظلم خلال 30 يوماً
تعد هذه هي التجربة الأولى لنظام التظلم الذي أقره قانون هيئة الأسواق في المادة 15، ونظمته اللائحة التنفيذية في العديد من موادها.
وتنص المادة 55 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 7 لسنة 2010 والتي تنص على: «تتلقى لجنة التظلمات من اصحاب الشأن من القرارات الصادرة من هيئة اسواق المال طبقا لأحكام القانون وهذه اللائحة القرارات الصادرة تنفيذا لهما، ويودع المتظلم عند تقديمه التظلم الرسم المقرر، وفي ما لم يرد به نص خاص في القانون يكون التظلم امام اللجنة خلال ثلاثين يوما من تاريخ اخطار صاحب الشأن بالقرار او علمه به». واذ استوفى التظلم في الوقت ذاته سائر اوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولا شكلا.
المخرج بتشكيل لجنة التأديب
رأى مصدر مسؤول أن المخرج الأسلم للوضع الناجم عن قرار لجنة التظلمات يكمن في الإسراع بتشكيل لجنة التأديب، لتبت سريعاً في أحوال الشركات الموقوفة عن التداول، بحيث يعاد إخراج قرارات إلغاء الإدراج- للشركات التي تستحق ذلك حصراً- من خلالها، لئلا تنتكس آخر المحاولات لإيجاد بوابة لإخراج الشركات غير المؤهلة للبقاء على شاشات التداول.
ما مصير غير المتظلمين؟قياساً على قرار لجنة الشكاوى، يفترض أن تحصل شركة منا القابضة على قرار مماثل بعدم صحة قرار شطبها من البورصة. لكن ماذا عن الشركات التي لم تتظلم من إلغاء إدراجها؟ وهل يظل شطبها سارياً على الرغم من صدور قرار يؤكد عدم صحة الأساس الذي بني عليه؟
«بيت الأوراق»:
عمومية ضمن المهلةأكد مصدر مطلع في شركة بيت الأوراق المالية، وهي إحدى الشركات المهددة بالشطب ما لم تعدل أوضاعها قبل 30 يونيو، أنها تسعى لعقد جمعية عمومية ضمن المهلة الممنوحة لها من الهيئة.
«الدار»: قبول التظلم يؤكد متانة القطاع
قال الرئيس التنفيذي في شركة دار الاستثمار
عبدالله الحميضي إن قرار لجنة الشكاوى والتظلمات في هيئة أسواق المال بقبول تظلمها ضد إلغاء إدراجها «يؤكد سلامة القطاع المالي في الكويت ومتانة القوانين واللوائح المنظمة له»، مضيفاً «سنستمر بالعمل عن كثب مع جميع الأطراف ذات الصلة لتوفير جميع المتطلبات اللازمة لإعادة تداول أسهم شركة دار الاستثمار».