23/11/2009
حوار مع العضو المنتدب للشركة الكويتية الصينية للاستثمار
الحمد : عازمون على المساهمة باعادة احياء طريق الحرير
أجرى الحوار: محسن السيد
حينما يكون موضوع الحوار الشركة الكويتية الصينية للاستثمار، وحينما يكون الحوار مع العضو المنتدب أحمد عبداللطيف الحمد، تتعدد خيوط اللقاء وتتشابك في مواطن كثيرة، إلى الحد الذي يحتار معه المحاور أي الخيوط يلتقط أولا. فالشركة «نموذج» جديد على مستوى السوق المحلي في وقت تكاثرت فيه شركات الاستثمار، وهي تختص بالاستثمار في «سوق أسواق» العالم، أي السوق الصيني، بالإضافة إلى أسواق شرق آسيا. والحمد هو شخصية ذات خبرة مالية تمتد لنحو ثلاثين عاما ممزوجة بالممارسة المهنية في كبريات المؤسسات المصرفية والاستثمارية العالمية وبخبرة الراصد لما يحدث في السوق المحلي. وقال الحمد انه ضمن استراتيجية الشركة إحياء طريق الحرير القديم الذي كان يربط بين الكويت وبعض الدول الآسيوية كالصين والهند لنقل الحرير والسلع الى الشرق الأوسط، مشيرا الى أن الشركة تجتهد في إحياء هذا الطريق من خلال عملها كجسر استثماري بين المنطقتين.
ويشير الحمد إلى أن إدراج الشركة في البورصة الكويتية، وان جاء في توقيت صعب، فانه سيقدم قيما مضافة للسوق والمستثمرين، حيث سيتيح للمساهمين الانفتاح على أسواق آسيوية واعدة من خلال أسهم شركته. وفيما يلي تفاصيل الحوار:
• اليوم، آسيا النامية هي أكبر شريك تجاري للمنطقة الخليجية، والصين أكبر مصدر لمنطقة الشرق الأوسط. ما الأبعاد الاستثمارية لهذه العلاقة بين الخليج والشرق الأوسط؟
ــــ هناك مستقبل مشرق بين علاقة رأس المال الخليجي ومنطقة أسيا النامية، وتتوقع الدراسات التي أجرتها الشركة الكويتية الصينية ان يستمر النمو في التبادل التجاري بين المنطقة الخليجية وأسواق آسيا النامية بنسبة 30 % سنوياً، كما تتوقع بحلول عام 2020 أن يرتفع حجم التجارة ما بين الصين ومنطقة الشرق الأوسط إلى ما بين 350 و500 مليار دولار، وأن تنمو صادرات الدول الخليجية من النفط إلى الصين بنسبة 3.7 % سنويا بحلول 2030 ليس هذا فحسب بل مع استقرار أسعار البترول عند معدل 80 دولارا للبرميل ستنمو الحصة الآسيوية من استثمارات الدول الخليجية الى ما بين 300 و360 مليار دولار، أي نمو استثمارات من الخليج الى أسيا النامية بشكل لم يسبق.
• اختارت الشركة الكويتية الصينية منذ بداية انطلاقتها نموذج عمل مختلفا عن بقية شركات الاستثمار المحلية المتشابهة أنشطتها، ماذا يميزكم عن بقية شركات الاستثمار المحلية؟
ــــ ما يميزنا أننا نركز استثماراتنا على الأسواق الآسيوية النامية، لاسيما شرق أسيا ، ليس لدينا استثمارات محلية ولا استثمارات في الأسواق المتطورة مثل أوروبا وأميركا، فآسيا النامية يمكن أن نسميها فعلا بأسواق العصر الحالي والقادم وربما لخمسين سنة مقبلة حيث سيلعب الاقتصاد الآسيوي دورا متعاظما في الاقتصاد العالمي ونموه. إذا، مجرد تخصصنا بالاستثمار في هذه الأسواق وتعاملنا مع استثماراتنا فيها بمهنية وحرفية عاليتين يجعلنا متفردين عن بقية نماذج عمل بقية الشركات الاستثمارية المحلية الأخرى. وحتى الشركات الأوروبية والأميركية القليل منها يعد توزيع استثماراته وتركيزه على الأسواق الآسيوية الآخذة في النمو قليلا نسبيا ، بيد أننا نركز بالكامل على هذه الأسواق التي تحظى اليوم بأساسيات وقواعد استثمارية صلبة وسليمة.
واليوم نرى أن حركة تدفقات رؤوس الأموال تسير في اتجاه آسيا النامية، وهذه الأسواق تتمتع بأساسيات قوية بخلاف السابق، حيث كان مستوى الاقتراض المحلي من الأسواق الآسيوية من بنوك خارجية مرتفعا بشكل كبير بخلاف الوضع الان. اليوم نعتقد أن الاقتصاد المتطور في أوروبا وأميركا يحتاج الى فترة طويلة لاسترداد قوته وهيمنته، بينما نرى أن النمو المستقبلي سيكون في آسيا وخصوصا الصين التي لديها القدرة على أن تصبح أكبر سوق استهلاكي في العالم، ومن هنا تأتي أهمية تفرد استثماراتنا في هذه الأسواق.
تجربة الاستثمار في آسيا
• كشركة كويتية، لماذا اخترتم أسواق آسيا تحديدا لخوض تجربة الاستثمار فيها، ما الذي يميز تلك الأسواق وما فرص النجاح المتاحة فيها؟
ــــ باختصار، آسيا النامية هي المستقبل. نعتقد بأن عدم الاتزان التجاري في العالم والمتمثل في حجم الاستهلاك الموجود في أسواق الولايات المتحدة وأوروبا ومستويات التصدير الموجودة في منطقة آسيا ستتوازن بطريقة، فلننظر الى احصائيات بسيطة من آسيا النامية -تعداد سكان منطقة آسيا مليارا نسمة- فيما يتجاوز تعداد الطبقة الوسطى في دول مثل الهند 300 مليون نسمة -ولو أخذنا على سبيل المثال احصائيات الهاتف المحمول في الصين فسنجد أن 8 ملايين مشترك ينضمون الى شبكة الهاتف المحمول في الصين شهريا- هناك تطوير لمدن في الصين تلك المدن يصل تعداد سكانها الى ما بين مليون و10 ملايين نسمة وهذا تطور رهيب لم يواجهه العالم من قبل، وهذه برأينا ميزات تشجع على أن يكون المستثمر جزءا من هذا النمو الحاصل في بلدان آسيا.
• ما حجم تواجدكم في أسواق الصين، وهل لديكم خطط للتوسع في أسواق آسيا الأخرى؟
ــــ كان تواجدنا أكبر في الهند، لأن السوق الصيني في عامي 2006 و2007 كان يواجه فقاعة أصول، مما دفعنا في تلك الفترة للتحفظ في ما يتعلق بالاستثمار في أسواق الصين، وبالتالي كان تركيزنا أكبر على أسواق الهند لأننا رأينا فرص الاستثمار أكبر في أسواق الهند في ذلك الوقت الى الآن. لكن في توقيت الأزمة المالية العالمية الراهنة ركزنا بنسبة 60% على أسواق الصين فيما نسبة 40% المتبقية تشمل أسواقا آسيوية اخرى. رأسمال الشركة الكويتية الصينية حاليا 80 مليون دينار، في حين ندير صناديق استثمارية بقيمة 400 و500 مليون دولار في منطقة آسيا.
نموذج شركات الاستثمار
• في الوقت الذي تعيش فيه غالبية شركات الاستثمار المحلية أزمة مالية خانقة، الى أي مدى أفادكم هذا النموذج خلال الأزمة الحالية؟
ــــ الأزمة الحالية هي أزمة عالمية بامتياز، كان لها انعكاسات لدينا تمثلت في خسائر ورقية، ولا ننس أن انخفاض بعض الأسواق الآسيوية كان بمعدلات أكبر من أسواق عالمية اخرى في بعض المراحل حتى وصل انخفاض احد هذه الأسواق الى 70%. لكن في الوقت نفسه كانت لنا رؤية اتسمت بالمهنية في خضم هذه الظروف، حيث ركزت استراتيجيتنا على الاستثمارات الآسيوية ذات قواعد أساسية سليمة، كما ركزنا على القطاعات التي نتوقع أن تتعافى أسرع من غيرها، بنينا هذه الاستراتيجية على أساس أنه مع عودة الاقتصاد العالمي للاستقرار ستصبح آسيا أول المناطق العالمية استفادة من هذا الاستقرار، وبشكل عام الأسواق التي تتمتع بأساسيات اقتصادية ومالية قوية ستعود أسرع من الأسواق التي كشفت الأزمة عن هشاشة هذه الأساسيات لديها. الأسواق الآسيوية بدأت تعود الى مستويات عام 2007 وفي الوقت نفسه كسبت الشركة من عودة هذه الأسواق لجهة العائد على أموالها التي استثمرتها في هذه الأسواق.
• كيف تعاملت الشركة مع التدهور غير المسبوق في الأسواق التي تستثمرون فيها في بدايات الأزمة؟
ــــ رفعنا سيولتنا كما سيلنا كثيرا من استثماراتنا خلال 2008، ولم ندخل في استثمارات جديدة الا في منتصف 2009، حيث وجدنا أن مستويات الأسعار في الأسواق التي تستثمر فيها وصلت الى مستويات لن تدوم طويلا، فتمكنا من تخفيض خسائرنا الدفترية قياسا بانخفاض الأسواق المالية.
• ألا ترى أن الادراج يأتي في وقت صعب للغاية في ظل ظروف السوق الحالية؟
ــــ نعتقد أننا بخطوة الادراج سنقدم سهما جديدا، حيث سيقدم للمستثمرين شركة ذات طابع استثماري مختلف تمكنهم من خلال الاستثمار في أسهمها، من الانفتاح على أسواق آسيوية آخذة في النمو السريع.
العلاقة مع «الهيئة»
• تتكون قاعدة مساهمي الشركة من مستثمرين مؤسسين مرموقين أبرزهم الهيئة العامة للاستثمار، فالى أي مدى شكل هذا التواجد داعما لاستراتيجية الشركة؟
نفخر بأن تكون الهيئة العامة للاستثمار احد المستثمرين الرئيسيين في الشركة بملكية قدرها 15 %من رأسمال الشركة بما يعادل نحو 12 مليون دينار، ونتطلع الى نمو علاقتنا لتتعدى المساهمة في رأس المال، كما نسعى إلى أن نقدم هذه الخدمات لغيرها من المؤسسات الحكومية، والاستثمارية في الكويت والمنطقة.
• هل تتدخل «الهيئة» في قراركم الاستثماري؟
ـــــ الهيئة لديها عضو في مجلس ادارة الشركة يتمتع بخبرات عميقة في الأسواق الآسيوية، واستفدنا كثيرا من خبرته.
• ماذا عن أجندة الشركة الاستثمارية خلال المرحلة الحالية وفي المستقبل؟
ـــــ كشركة استثمارية، نقدم خدمات صناديق الاستثمار التي تستثمر في أسواق الأسهم، وصناديق الملكيات الخاصة، وتقديم الخدمات الاستشارية للشركات التي لديها الطموح للتوسع في آسيا، أو شركات آسيوية لديها الطموح للتوسع في الكويت والخليج أو العالم العربي، في المستقبل لدينا مجموعة من الصناديق التي ستصدر للاستثمار في أسواق آسيوية وعقارية ستصدر في 2010 وأخرى للاستثمار في الأوراق المالية.
• من خلال تواجدكم في أسواق آسيوية نشطة، كيف ترون الاجراءات المتخذة لانعاش هذه الأسواق، وبين واقع الاجراءات في الكويت؟
ـــــ بالأصل لا يفترض أن يكون لدينا أزمة في الكويت، صحيح أننا دخلنا أزمة عالمية غير مسبوقة منذ أكثر من 100عام، لكن لم يكن متوقعا أن تنسحب هذه الأزمة بهذا المستوى من التأثير، لدينا في الكويت فوائض مالية، وبنوكنا تنعم بالسيولة وقواعدها سليمة.
• من خلال تعاملكم مع بنوك خارجية ومحلية، هل مازلتم تلمسون تشددا في منح التمويل؟
ـــــ الوضع أفضل من قبل عام، لكن مازال هناك تشدد من قبل البنوك، سواء المحلية أو الخارجية، هناك تردد في تقديم التسهيلات الائتمانية من قبل البنوك العالمية على الرغم من التدخلات الحكومية، وضخ السيولة في هذه البنوك، باعتقادي، البنوك قد يكون لها أسباب لهذا التردد.
«الاستثمارات الوطنية» و«الهيئة» مبعث فخر
أكد الحمد أن وجود شركتي الاستثمارات الوطنية، وهيئة الاستثمار الكويتية، ككيانين استثماريين مرموقين محليا واقليميا، يشكل ثقلا كبيرا للشركة الكويتية الصينية، معربا عن فخره لدعم الكيانات المساهمة لاستراتيجية الشركة خلال السنوات الثلاث الماضية.
طموحاتنا تقديم خدماتنا لشركات المنطقة
قال الحمد: إن طموح الشركة الكويتية الصينية للسنوات المقبلة أن توسع نطاق تقديم خدماتها للشركات الأخرى، ليس في الكويت فقط، وانما في منطقة الشرق الأوسط، وفي نفس الوقت تعزز سمعتها في الأسواق الاسيوية، وتكون الشركة وسيلة للشركات الاسيوية الراغبة في الدخول إلى الأسواق الكويتية والخليجية الأخرى، بحيث نصبح كيانا تفتخر به الكويت في الخارج.
المساهمون الاستراتيجيون باقون
توقع الحمد أن تتغير تركيبة المساهمين بعد الادراج، واننا على ثقة ببقاء المستثمرين الاستراتيجيين في الشركة. وحرص الحمد على توجيه الشكر لمساهمي الشركة الذين انتظروا طوال الفترة الماضية، انتظارا لادراج الشركة في السوق الرسمية، بعد أن تأجل قرار الادراج، مشيرا الى أن ادارة الشركة ستبذل مساعيها لتواكب هذا التطور المهم الذي يرتب عليها مسؤوليات كبيرة.
صحيفة القبس