تحقيق / «المشغل الأجنبي» يشغل ملف «الاتصالات الثالثة»: لجنة التأسيس وجهاً لوجه مع شركات تهدد بالقضاء!
كتب رضا السناري: يبدو واقعياً القول ان ولادة «الاتصالات الثالثة» القريبة ستكون قيصرية. فخريطة الطريقة حتى وصولها الى النشاط التشغيلي تغيرت منذ أن ضاعت البوصلة قبل السابع من أغسطس الماضي، الموعد الذي كان محدداً كمهلة أخيرة لابداء الاهتمام بالمزايدة.
بدأ بالسجال الذي شهدته شروط المزايدة في خصوص حصة القطاع الخاص الـ 26 في المئة، ومرورا باعلان وزارة المواصلات، بارجاء تلقي العروض للمزايدة، وتغيير الاسلوب الذي تدار به عملية البيع. وانتهاء ببيان الهيئة العامة للاستثمار الذي اشارت فيه الى ان عملية البيع تخضع للمراجعة، وأن مهلة السابع من سبتمبر لم تعد سارية. ولم تحدد موعدا جديدا.
وفي الوقت الذي تنتظر فيه التحالفات المهتمة بالتقدم لمزايدة رخصة الاتصالات الثالثة كراسة الشروط الاخيرة في هذا الخصوص، والتي من المرتقب ان يعلنها وزير المواصلات في الفترة المقبلة، علمت «الراي» ان بعض التحالفات تدرس رفع دعوى قضائية ضد الحكومة، في حال اسقاطها لشرط المشغل الاجنبي للتقدم الى المزايدة، وبرى هؤلاء ان الحكومة اشترطت في البداية ضرورة وجود المشغل الاجنبي، ما دفع الجهات المهتمة للبحث عن شريك اجنبي، وفي اطار ذلك انفقت اموالا لاعداد الدراسات، وتجهيز لجان استشارية لهذا الغرض، وهنا يكمن السؤال عمن سيعوض هذه الجهات عما انفقته لاستيفاء ما اشترطته الحكومة للتقدم الى مزايدة الرخصة الثالثة لشركة الاتصالات؟
اعلان «المواصلات»
وفي المقابل ابدت الحكومة نيتها في تقبل وجهة النظر الاكثر شعبية التي تنادي باسقاط شرط المشغل الاجنبي للتقدم الى المزايدة، وبدا ذلك واضحا من خلال ما اكدته وزارة المواصلات ان الاعلان عن شروط المزايدة العامة المطروحة والهادفة الى بيع 26 في المئة من اسهم شركة الاتصالات المتنقلة الثالثة سيكون قبل تاريخ 7 سبتمبر، وهو الموعد المحدد من قبل مجلس الوزراء للانتهاء من مراجعة شروط المزايدة المذكورة، ولفت تصريح «المواصلات» الى انه سيتم عرض شرط المشغل الاجنبي على طاولة ادارة الفتوى والتشريع، لتغلق بذلك الباب امام التحالفات التي التزمت بشرط المشغل الاجنبي بالرأي القانوني،
اضافة الى ذلك كشفت مصادر مسؤولة في لجنة تأسيس الشركة فضلت عدم ذكر اسمها، بان اللجنة رفعت تقريرا الى وزير المواصلات اوصت فيه بعدم الحاجة الى شرط المشغل الاجنبي للتقدم الى المزايدة، على ان يكون نهاية شهر نوفمبر المقبل الموعد النهائي لاعلان الفائز بالمزايدة، وافادت المصادر انه من المقرر عقب اعلان الوزير عن الشروط الجديدة بحوالي اسبوعين، سوف تجتمع لجنة التأسيس مع الشركة الكويتية للمقاصة لبحث اجراءات الاكتتاب العام في حصة الـ 50 في المئة، التي ستطرح على المواطنين.
وبذلك تكون رخصة الاتصالات الثالثة دخلت في متاهة تشريعية من خلال الاشكالية التي برزت اخيرا، ففي حال اسقاط الحكومة لشرط الزام المستثمر الكويتي بمشغل اجنبي، تكون معرضة للوقوف من جديد في ساحة القضاء، كمدعى عليه من شركات القطاع الخاص، التي ستطالب وقتها بتعويض عن تراجع الحكومة عن قرارتها، وفي المقلب الاخر، ستتهم الحكومة في حال تماديها في قرارها السابق، والقاضي بالزام الشركات المحلية بالمشغل الاجنبي، بانها لا تتطبق القانون الذي كفل رفع القيود للتقدم الى المزايدات العامة، وهنا ستكون حيرة الحكومة، في اختيار طريق الصواب، وعلى اي منقلب ستكون وجهتها، لا سيما وانها تواجه هذه المرة في خصوص الاتفاق على شروط مزايدة رخصة الاتصالات الثالثة فريقين كلاهما من القطاع الخاص.
اشكالية جديدة
وعلى الرغم ان الخلاف حول شروط مزايدة رخصة الاتصالات الثالثة سيكون في مرحلة ماقبل طرح الشروط، وربما يمتد الى بعد الطرح بقليل، بين الشركات الاستثمارية المحلية، الا ان هناك وجها اخر للحقيقة، ففي حال السماح للمجاميع الاستثمارية التقدم للمزايدة من دون مشغل اجنبي، من المرتقب ان تبرز اشكالية جديدة بسبب هذا الخيار، اذ ان ذلك سيقوي من فرضية مضاعفة عدد الاجانب المهتمين بالمزايدة، خصوصا وانه وفقا لكتاب استدراج النوايا الذي طرحته وزارة المواصلات على المهتمين ومنهم المستثمرون الاجنبيون، بدا واضحا اهمية الاستثمار في قطاع الاتصالات الكويتية، حيث اظهر الكتاب ان شركتي الاتصالات القائمتين «الاتصالات المتنقلة «زين»، والشركة الوطنية للاتصالات المتنقلة «الوطنية»، حققتا نموا في ايرادتهما بلغ متوسط معدله 14 في المئة على مدار السنوات الثلاث الماضية اضافة الى ان متوسط الايراد المحقق من وراء كل مشترك في الكويت اعلى من نظيره في معظم دول المنطقة، ويسقط في الوقت نفسه احتمالية ان الشركة الثالثة ستكون بمثابة قزم يرغب في التسلق على كتف عملاقين.
وهو ما يفتح شهية المستثمر الاجنبي للدخول بثقة المنافسة من اجل الفوز بالرخصة الثالثة، انه يضمن القدرة على المنافسة، بفضل خبرته التشغلية في هذا القطاع، الى جانب ما لديه من شبكات اتصالات ممتدة عبر اسواق عدة، ستمكنه من تقليص تكلفة التشغيل، وهو ما يكفل لهم التوسع الجغرافي في طرح خدمات جديدة، والمنافسة من حيث انتهى الاخرون في الكويت، بعكس الشركات المحلية التي ستنطلق من نقطة البداية. وهذا ما لا يؤيده اصحاب الرأي الثاني، الذين يرون انه لا حاجة الى التقيد بالمشغل الاجنبي، من اجل المنافسة مع المشغلين القائمين، خصوصا وبحسب رأيهم ان قطاع الاتصالات، عبارة عن تكنولوجيا يمكن استيرادها، من دون شراكة اجنبية.
صراعات منذ البداية
أول معركة بالنسبة للاتصالات الثالثة لها قبل ولادتها كانت اقرارها بمرسوم وليس بقانون، بعد أن خسر النواب فرصة تمرير تأسيسها بقانون. والحكومة أقرت المرسوم رغما عنها، فهي لا تريد أن يخرج بقانون، لأن المصالح النيابية وكسب الأصوات الانتخابية، والولاء سيمر عن طريق أسهم الشركة، اضافة الى ذلك لا تريد الحكومة أن تتحمل عبء اطلاق شركة حكومية، تكدّس فيها اعدادا من الموظفين المواطنين غير المتخصصين، الذين سيقفزون الى مكاتب الشركة وينبتون عليها مثل الفطر، على غرار ما يحصل في معظم الشركات الحكومية، ما سيجبرها على ضخ سيولة من المال العام في الشركة لكي تمسح ماء الوجه امام النواب والمواطنين، ولكي لا تعطي الفرصة للقول بأنها تضيع الأموال العامة في استثمارات فاشلة.
ويبدو ان كل الاحتمالات تدفع بأن الحكومة ستقر عدم الزامية التحالفات بالمشغل الاجنبي، نزولا عند رأي الاكثرية، والذي تدعمه كتلة لابأس بها من الجبهة النيابية، لكي لا تحاسب في المستقبل عن اي اخفاق في العلن لشركة الاتصالات الثالثة، بسبب تمسكها برأيها في الزام الشركات المحلية بالمشغل الاجنبي، وحرمان المستثمر المحلي من التقدم الى المزايدة من دون قيود، وهو ما سيعطي النواب ذريعة لاظهار الحكومة، (التي استقالت في سنة واحدة 3 مرات بسبب صراعها معهم)، ضعيفة، لا تستطيع ادارة استثمارات الدولة، وبالتالي ستقوى حجتهم أمام الناخبين بأن الشركة فشلت لأنها خرجت بمرسوم وليس بقانون.
واضافت ان اللجنة التاسيسية ستقوم خلال الايام القليلة المقبلة بدعوة جميع الشركات التي ابدت رغبتها في المشاركة في المزاد العلني الى استلام مستندات المزايدة وتقديم عروضها الفنية والمالية خلال فترة زمنية تم تحديدها بحيث تكون كافية للمشاركين لاجراء دراسات جدوى وتأمين التمويل وغيرها من متطلبات التأسيس.
واشارت الى انها اجرت مراجعة تامة للشروط والضوابط الخاصة بشأن طرح مزايدة علنية عامة للحصول على نسبة الـ 26 في المئة من اسهم الشركة الثالثة للاتصالات المتنقلة وذلك بالتشاور التام مع اللجنة التأسيسية وادارة الفتوى والتشريع ومجلس الوزراء. واوضحت بانها تسعى من وراء ذلك الى التأكد من وضع الشروط والضوابط وفق نصوص القانون رقم 2 لسنة 2007 الخاص بتأسيس الشركة الثالثة للاتصالات المتنقلة ومن ثم العمل على فتح المجال امام جميع الشركات المدرجة بسوق الكويت للاوراق المالية والشركات الاجنبية المتخصصة في الاتصالات في الدخول في المنافسة على المزايدة. يذكر ان القانون رقم 2 لسنة 2007 الذي اصدره مجلس الامة في شهر فبراير الماضي نص على تخصيص اسهم شركة الاتصالات الثالثة بحيث تمتلك الحكومة والشركات التابعة لها 24 في المئة من رأسمال الشركة في حين يطرح 50 في المئة من رأس المال للاكتتاب العام ويتم بيع الحصص المتبقية من رأس المال وهي 26 في المئة في مزايدة عامة علنية.