هل يندم ترامب على أسعار النفط المنخفضة
تحرير: سالي إسماعيل
مباشر: في اليوم السابق لعيد الشكر، توجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالشكر للسعودية على جعل أسعار النفط رخيصة واصفاً الأمر بأنه
يمثل تخفيضاً ضريبياً للولايات المتحدة.
يبدو هذا صحيحاً بالفعل، حيث قدمت الرئيسة السابقة لبنك الاحتياطي الفيدرالي "جانيت يلين" نفس الحجة بقولها إن أسرة أمريكية تنفق حوالي 4% من ميزانيتها الشهرية لتضع البنزين في السيارات وبالتالي عندما يصبح سعر البنزين أرخص سيكون هناك الكثير لإنفاقه على أشياء أخرى.
ويحظى هذا الاستنتاج بموافقة كل رئيس أمريكي منذ الرئيس الأسبق "دوايت أيزنهاور"، بحسب تحليل نشرته " صحيفة "الفايننشال تايمز".
النفط الرخيص لا يزال رائعاً بالنسبة للسائقين الأمريكيين، لكنه كذلك لا يشجع شركات النفط الأمريكية على حفر آبار جديدة للنفط الصخري في غرب تكساس.
لكن ما لا يبدو أن ترامب قد أدركه هو أن البلاد لا تستجيب لسعر النفط كما كانت تفعل حتى قبل عقد من الزمان، فالحفارات "الحزينة" الآن لها تأثير أكبر من سائقي السيارات "السعداء".
وفي عام 2008 قامت الولايات المتحدة بإنتاج نحو 150مليون برميل من النفط شهرياً، وبحلول أغسطس من العام الحالي نما ذلك إلى 350 مليون برميل.
وتبنى منتجو النفط تقنيات الحفر الأفقي والتكسير الهيدروليكي وفتح حقول النفط الصخري في ولاية تكساس ووايومنج وداكوتا الشمالية، يبدو الأمر كما لو أن الولايات المتحدة قد اكتشفت واستولت على دولة بترولية.
وانخفضت واردات النفط بمقدار النصف وأصبحت البلاد مجدداً أكبر منتج للخام في العالم.
وفي العادة، يُساهم الاستهلاك بالنسبة الأكبر في النمو بالولايات المتحدة، وهو الاقتصاد المتطور المليء بالأشخاص الراغبين في شراء السلع.
ولكن لعدة سنوات بعد الركود الاقتصادي الأخير فإن نمو الاستهلاك تراجع لصالح الاستثمار الثابت الأجنبي الخاص، حيث تشتري الشركات مصانع والآلات جديدة.
وبعد ذلك في حوالي عام 2015، بدأ الأمريكيين في شراء السلع الاستهلاكية مرة أخرى، لكن الشركات توقفت عن فعل ذلك.
وفي حال تراجع الاستثمارات في قطاع النفط فإن هذا من شأنه أن يدفع باقي القطاعات إلى هبوط مماثل في الإنفاق الاستثماري.
وسبق وتعرضت أسعار النفط للهبوط من 100 دولار إلى أقل من 50 دولار خلال عام واحد ولم ينهار الإنفاق الرأسمالي الأمريكي لكن الإنفاق الرأسمالي في حقول "بيرميان" و"إيجل فورد" و"باكن" و"نيوبارا" تعرض للانهيار.
وكانت السعودية التي تتعرض للتهديد من هذه التكنولوجيا الجديدة، تلعب لعبة يمكن تسميتها "صدام سعر التعادل".
وباختلاف الدول وحقول النفط وحتى الآبار، فإن تكلفة استخراج برميل النفط تتباين بشكل كبير، ونقطة التعادل هي سعر السوق الذي يكون من المنطقي أن يتم الإنتاج عنده، والبيع بسعر أقل من ذلك يعني خسارة الأموال.
ولدى السعودية نحو 500 مليار دولار من احتياطيات النقد الأجنبي ويأتي نفطها في الأساس من الأرض، لذلك اعتقدت أن بإمكانها خفض سعر النفط وإلحاق الضرر بمنتجي النفط الصخري الأمريكي الذين كان لديهم سعر تعادل أعلى.
وبالفعل نجحت هذه الاستراتيجية نوعا ما، ففي الأسبوع الماضي أصدر بنك الاحتياطي الفيدرالي في كانساس سيتي بحثًاً حول كيفية استجابة الاستثمارات الأمريكية لصدمات أسعار النفط.