أنسج قصتي هذه من «وحل الواقع» ولا أربطها بأشخاص بعينهم ولا بمؤسسات بشخوصها رغم صالحيتها وواقعيتها من حيث تشابه بعض الظروف التي تغطس أنوفنا بالتراب، يوماً بعد يوم، من قبل بعض ممن يحسبون على «أصحاب الفضيلة».
ويدور محور قصتي اليوم حول شخصية صاحب الفضيلة بصمان بن مؤيد المرشرش، الذي لا يألو جهداً في إيجاد المخارج للصفقات المشبوهة والعمليات الموبوءة في بعض المؤسسات المالية الإسلامية.
فضيلة الشيخ بصمان المرشرش مشغول اليوم بمراجعة عقود ووثائق الصفقة التي ستجريها مؤسسته المالية «الإسلامية» للاستحواذ أو قيادة الاستحواذ على نادي بريطاني سيكون له شأن كبير في «البريمير ليغ» إذا ما انسكبت عليه ملايين البترودولار. وقد حدد فضيلة الشيخ «بصمان» الأطر العريضة التي سينطلق منها لتبرير فتواه بتوافق الصفقة مع الشريعة.
المرحلة الأولى للتمهيد للفتوى: أن شراء النادي يخدم مقاصد الشريعة العليا، من حيث تسهيله لتحقيق ضروريات حفظ الدين والنفس والنسل والعقل والمال. أما مسألة حفظ الدين، فشراء النادي سيكون فرصة مواتية لنشر الإسلام في بريطانيا، فمثلاً سيتم منع الاختلاط في المدرجات، ويتم الاحتفال بالأهداف بفتح علب «سفن أب» بدلاً من الشمبانيا، وسيتم منع اللاعبين من وضع الوشم على أيديهم وأظهرهم، وسيتم فرض لباس برمودا كحد أدنى لستر عورة اللاعب، وسيستبدل نشيد النادي بالضرب على الدف، وستغلق البارات والملاهي الليلية المحلقة بمباني النادي وتفتح بدلاً منها محلات تركيب عطور وبيع مسابح، وسيتم فتح دور لتحفيظ القرآن حول الاستاد وأخرى للحفاظ على السنة النبوية.. وما الى ذلك.
أما بالنسبة لحفظ النفس، فيبرر الشيخ بصمان المرشرش ان صفقة شراء النادي ستعمل على تسهيل حياة الجماهير الحالية وتمتيع الجماهير المستقبلية من خلال توفير خدمات رياضية «متوافقة مع الشريعة»، كما ان الشيخ أصر قبل ان يصادق على صفقة الشراء على توسعة بوابات الاستاد الخاص بالنادي لتفادي كوارث الازدحام والتدافع وفيها - كما تعلمون - ما فيها من حفظ النفس.
أما بالنسبة لحفظ النسل، فقد رأى فضيلته ان الصفقة ستضمن - بلا شك - تزويج كل اللاعبين بصديقاتهم كشرط مسبق للاستحواذ، كما ان فضيلته اشترط تخصيص صناديق لجمع التبرعات «الخردة» من الجماهير لغايات تزويج العزاب غير المقتدرين من جيران النادي.
وفيما يتعلق بحفظ العقل، ففضيلته يرى ان شراء النادي سيضمن عدم متابعة الشباب لبرامج هدامة، لانهم سيتفرغون فقط للدراسة أو لمشاهدة النادي الرياضي الاسلامي.
أخرجها فضيلته وفقاً لما يراه مناسباً.. بقي عليه الآن ان يربطها بحفظ المال.. أمممم! حك رأسه من تحت العمامة.. أدخل أصابع يديه في لحيته.. ها.. وجدتها!!! «يوريكا، بارك الله فيكم: شراء النادي سيضمن رفع السعر المتدهور لسهم البنك مما يؤدي الى تحقيق أرباح رأسمالية لحملة الأسهم».
الأهم من ذلك، فان فضيلته يرى ان الاستثمار في «البريمير ليج» سيعمل على زيادة القوى الناعمة للعرب، مما يجعلهم مؤثرين في الساحة الدولية على أمل ان نجد جزءا لا يستهان به من العالم يلبس ثوبا وعمامة متأثرا بقدوتنا فضيلة الشيخ بصمان المرشرش.
وفي المرحلة الثانية للفتوى سيعمل الشيخ بصمان على «تضبيط» العقود التي تسمح للبنك بأخد وكالة الاستثمار من بنوك أخرى من حق التورق مع النفس لغايات تمويل الصفقة ومن ثم طرح النادي في صكوك إجارة قابلة لاعادة الشراء بالقيمة الاسمية، وسيحرص فضيلته على اصدار تقرير لا يزيد على 200 كلمة يوضح فيه ان كل عمليات البنك كانت «متوافقة مع الشريعة».
■■■
http://www.alqabas.com.kw/node/196613
.....................