مستثمر من 2013
عضو جديد
- التسجيل
- 19 يونيو 2013
- المشاركات
- 8
الكورتيزون الهرمون الذي يثير الخوف في نفوس الناس
-"لا يا دكتور! إذا فيه كورتيزون لا تعطيني إياه"
-" أخذ دواء فيه كورتيزون خفيف"
-"يا دكتور ! هذا الدواء فيه مركبات كورتيزون؟"
-"يقولون الكورتيزون يخرب الكلى والكبد!!"
-" يقولون الكورتيزون يسبب السرطان ! صحيح هذا ولآلا"
هذه بعض تعليقات المرضى اليومية التي نواجهها في عيادات الحساسية والربو, وهي تعكس الخوف المصحوب بالوهم المبني على كلام "طاش" دون خلفية علمية. فهو مبني على السماع من الجارة أو معرفة خلال جلسة نسائية أو مجلس رجالي يتحدث فيه ذو المعرفة ومن يجهل أصول الطب, وهكذا انتشرت الفكرة عن الكورتيزون بأنه الغول أو " البعبع" الذي يثير الخوف في نفوس المرضى ويجعل شعر رؤوسهم يقف عندما يسمعون كلمة " كورتيزون" لدرجة تجعل المريض يحجم عن أخذ الدواء عندما يكون في أمس الحاجة إليه, مما يؤدي إلى مضاعفات مرضية وتفاقم حالة الربو ومضاعفتها في حالة النوبات الحادة, مما يحولها إلى حالة مزمنة قد تستعصي على الأدوية العادية.
والحقيقة أن الخوف من الكورتيزون لا يقتصر على المرضى السعوديين, بل هو ظاهرة منتشرة حتى بين المرضى الأمريكان والأوربيين, وعلى مختلف المستويات الثقافية, سواء كانوا رجالاً أو نساء ولكن الظاهرة بين النساء أكثر. فهل يا ترى لهذا الخوف من الكورتيزون الذي شاع بين الناس له ما يبرره أم هو خوف لا مبرر له؟ ماهي حقيقة الكورتيزون ؟ وما هو مصدره ؟ وما هي فوائده واستعمالاته ؟ وما دوره في علاج الحساسية والربو ؟ وماهي أضراره التي أثارت خوف الناس ؟ وهل مركبات الكورتيزون كلها واحدة ؟ وهل المضاعفات تحدث بغض النظر عن كمية ونوع الكورتيزون والمدة التي يعطى فيها؟ وما هي أفضل الطرق التي يعطى بها الكورتيزون حتى نحصل على فائدة دون مضاعفات؟ كل هذه التساؤلات لا بد من الإجابة عليها حتى تزيل اللبس والخوف الذي أصاب الناس بسبب الكورتيزون لدرجة الوسواس ورفض العلاج الصحيح أحيانا
أسباب السمعة السيئة للكورتيزون
كل علاج ’يساء استعماله مهم كان هذا العلاج يؤدي إلى مضاعفات وأضرار قد تكون خفيفة وعارضه تنتهي بانتهاء استعمال العلاج, وقد تكون شديدة لدرجة تؤثر على كثير من وظائف الجسم والأعضاء. وسوء استعمال الكورتيزون في غير حاجته أو حتى في حالات استعماله لبعض الأمراض قد يؤدي إلى مضاعفات ضارة بالصحة. وفي حالة سوء الاستعمال التي تؤدي إلى المضاعفات فإن استعمال العلاج يصبح غير مبرر ويلام الطبيب في استعماله أما في بعض الأمراض مثل الزلال وبعض أمراض الروماتيزم مثل الذئبة الحمراء فإن استعمال مركبات الكورتيزون تصبح ضرورية حتى ولو أدت إلى حدوث المضاعفات التي يعرفها الطبيب ويتوقها لأن خطورة المرض و مضاعفاته إذا لم تعالج أشد من خطورة مضاعفات الكورتيزون.
وهنا سوف أركز على المضاعفات الناتجة عن استعمال الكورتيزون الخاطئ والتي يمكن تجنبها, وهي التي أدت إلى سوء سمعة الكورتيزون وخوف الناس من استعماله.
قبل عقدين من الزمن وفي بداية التحاقي كطبيب استشاري في أمراض الحساسية والمناعة في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض عانيت بعض الحالات الشديدة لمضاعفات الكورتيزون بسبب سوء استعماله وفي غير حاجة في بعض حالات الحساسية والربو وقد وصف الكورتيزون من قبل أطباء غير مختصين, وأعطى على شكل حبوب بجرعات كبيرة ذات مفعول طويل أو أعطى على شكل حبوب بجرعات كبيرة ذات مفعول طويل أو على شكل حقن (أبر) كان يسميها البعض "الإبرة الشهرية" أو "أبرة الثلاث شهور" وهذه الإبر ذات مفعول يبقى في الجسم مدة طويلة وإذا أعطيت يشكل متكرر تؤدي إلى مضاعفات الكورتيزون.
وكانت المضاعفات على شكل زيادة كبيرة في الوزن و تشققات في الجلد, وضعف النظر وارتفاع الضغط والسكر وضعف العظام وآلامها. وعند الأطفال أدت إلى تباطؤ أو توقف النمو. وبدراسة تلك الحالات تبين أن الحاجة إلى الكورتيزون لم تكن ضرورية سيم أن الكورتيزون أعطى لفترة طويلة وكان هناك علاجات بديلة يمكن أن تعالج حالات الحساسية والربو دون الحاجة إلى الكورتيزون. وعند إخبار المريض بأن ما يعانيه هو نتيجة أعراض الكورتيزون تكون ردة الفعل أن كلمة" كورتيزون" تعني المرض والمضاعفات التي يتطلب التخلص منها وقتاً طويلاً وأحياناً لا يمكن إعادة وظائف غدد الهرمونات إلى سابق عهدها مما يستدعي أخذ الكورتيزون مدى وهنا نشأ الخوف من الكورتيزون Cortisone phobia بين الناس حتى أصبح اسم الكورتيزون مقترناً بالمضاعفات بغض النظر عن نوع المركب ومدة الاستعمال ومدى الحاجة إليه. أي أن معانة المرضى الذين حصلت لديهم المضاعفات يصبحون المثل الحي الدال على ضرر الكورتيزون وبالتالي لا أحد يرغب في حصول تلك المضاعفات, وهذا شئ منطقي ولكن هل كل كورتيزون يعني مضاعفات ؟ أو أن كل أنواع الكورتيزون تؤدي إلى نفس المضاعفات والأضرار بغض النظر عن الجرعات أو المدة أو طريقة الاستعمال, حقن,حبوب,استنشاق, مراهم؟ قبل الإجابة عن هذه التساؤلات لابد من تعريف القارئ بماهية الكورتيزون وكيف يعمل.
ما هو الكورتيزون
الكورتيزون عبارة عن هرمون تفرزه الغدة الكظرية الموجودة فوق الكلية. وهو ضروري جداً لوظائف الجسم مثل تنظيم كمية الأملاح في الجسم والسوائل في الجسم وضغط الدم ولون البشرة ومقاومة الالتهابات التحسسية وتنظيم إفرازات البروتين والإنزيمات,وتنظيم مستوى السكر في الدم وغيرها من الوظائف الحيوية والضرورية لوظائف الجسم وحيويته. ونقص الكورتيزون يؤدي إلى اضطراب في الضغط والسكر والأملاح وهبوط مقاومة الجسم أثناء الصدمات والحوادث والالتهابات. والجسم يفرز حوالي 25 ملغم من مادة الهيدروكورتيزون خلال اليوم والليلة .
إفراز الكورتيزون ينظمه هرمون آخر يسمى " ادرينو كورتيكو تروفك هورمون" تفرزه الغدة النخامية في قاع الجمجمة. والعلاقة بين الغدة النخامية والغدة الكظرية تشبه منظم درجة الحرارة في المكيف المركزي وهذا ينبه الغدة الكظرية للبدء ACTH فعندما ينقص الكورتيزون في الجسم تبدأ الغدة النخامية بإفراز الكورتيزون. وعندما يرتفع الكورتيزون بالدم إلى الحد المطلوب, تتوقف الغدة النخامية عن إفراز الهرمون المنبه وعندما يستهلك الجسم الكورتيزون أو يقل تركيزه في الدم تبدأ الغدة بإفراز النخامية وهكذا .
كيف تحدث مضاعفات الكورتيزون ومتى؟
عندما يعطى الكورتيزون على شكل حبوب أو شراب أو حقن لمدة طويلة وبجرعات كبيرة, عادة أكثر من 10-15 يوم تبدأ مضاعفات الكورتيزون و أعراضه الجانبية بالظهور. وكلما طالت مدة أخذ الكورتيزون كلما أزداد احتمالات حدوث المضاعفات. في الأحوال العادية للجسم تفرز الغدة الكظرية الكورتيزون ويصل إلى أعلى مستوى في الدم بين الساعة السادسة والعاشرة صباحاً, ثم يبدأ بالتناقص حتى الساعة الثانية بعد منتصف الليل حيث يصل إلى أدنى مستوى, ثم يبدأ بالارتفاع, وهكذا عندما يعطى الكورتيزون من الخارج على شكل علاج بشكل يومي لفترات طويلة, فإن هذا يؤدي إلى وجود الكورتيزون في الدم بشكل مرتفع دائماً ولهذا تأثير سلبي وسيئ على تنظيم إفراز الكورتيزون من الجسم, وبعد فترة تتوقف الغدة الكظرية عن إفراز الكورتيزون مما يؤدي إلى ضمورها. وفي هذه الحالة إذا توقف إعطاء الكورتيزون بشكل مفاجئ يشعر المريض بآلام في العظام وضعف شديد في العضلات واكتئاب. ولهذا فأني أحذر من التوقف المفاجئ للكورتيزون إذا أخذه المريض لمدة طويلة, ويجب تخفيض الجرعة تحت إشراف طبيب أخصائي وبشكل بطئ جداً.
ماهي مضاعفات الكورتيزون وأعراضه الجانبية؟
إذا أسئ استخدام الكورتيزون وعندما يستعمل لفترات طويلة وبجرعات كبيرة تحدث الأعراض والمضاعفات الآتية : ازدياد الشهية للطعام, السمنة الزائدة, الاكتئاب, السرور بدون سبب أو مناسبة, الأرق, آلام العظام والعضلات, ضعف الجلد وتشققه, ارتفاع الضغط, ارتفاع السكر, تغير المزاج, ضعف العظام وآلامها, ارتفاع ضغط العين وعتمة العدسة (الماء الأبيض), بطء أو توقف نمو الطفل, ضعف المقاومة للأمراض الالتهابية, التأثير على الكبد, سهولة حدوث الكسور في العظام.
هل كلمة كورتيزون تعني بالضرورة حدوث المضاعفات
الإجابة بالنفي, أي أن الكورتيزون هرمون مهم جداً لوظائف الجسم ومهم جداً لعلاج الكثير من الأمراض, ويعتبر أهم علاج على الإطلاق لعلاج الالتهاب التحسسي مثل حساسية الجلد والأنف والقصبات الهوائية وغيرها من حالات الحساسية عدا الأمراض الأخرى.