في حوار تناول مسيرته العلمية والسياسية... ورؤيته للأوضاع محليا وعربيا
مشعل العبدالله لـ "السياسة" :
الكويت تعيش حالة من الفلتان
الفساد يأكل الأخضر واليابس... وخلط الدين بالسياسة غير مقبول
شراء الشهادات وصل لدرجة الدكتوراه ولاعزاء للكوادر والمتميزين
تجربة ماليزيا مبهرة واستفدت كثيرا من العمل فيها
العالم يشهد تغيرا متسارعا وعلى أصحاب القرار الاعتراف بأن هناك مشكلات
الاحتقان الطائفي نتاج طبيعي لنظام تعليمي قاصر ونحتاج إلى نهضة شاملة
نعم هناك معارضون سياسيون داخل الأسرة ويجب إعادة ترتيب البيت
حوار ." بسام القصاص "
"رحالة العلم والتعلم" هذا ما يستحقه الشيخ د. مشعل عبد الله الجابر من لقب, كيف لا وهو ابن أول وزير تربية وتعليم بالكويت, تعامل مع التعليم في حياته كما يتعامل المحارب في ساحة القتال, فانتقل وهو لم يزل ابن السابعة عشرة إلى مدرسة داخلية في الولايات المتحدة ليدرس عامه الثانوي الثاني بها, وذلك ليضيف إلى براعته في الفرنسية براعة جديدة في اللغة الإنكليزية, ثم يعود للكويت ليختتم مرحلة التعليم الثانوي ويشد الرحال مرة أخرى إلى كاليفورنيا ليتجهز للالتحاق بالجامعة ويحصل على البكالوريوس في الصحافة, ولا يكل ولا يمل فيحصل على ماجستيره الأول في العلاقات الدولية من جامعة شيكاغو ثم ماجيستير في العلاقات العامة من جامعة "هارفارد" وكان ماجيستيره الثالث في دراسات الشرق الأوسط من "هارفارد" أيضاً ولكن اضطر الى العودة للكويت ولم يكمله, وآخر أبوابه التعليمية التي طرقها هو باب الدكتوراه الذي حصل عليه عن رسالته في "دور المرأة الكويتية في الساحة السياسية مابعد الغزو 2009". بين كل هذه الجولات التعليمية المضيئة عمل بالسلك الديبلوماسي بالخارجية الكويتية وتبنى الكثير من القضايا السياسية مثل قضية البوسنة وقضية مواجهة الإرهاب وقضية الأسرى الكويتيين, وكان له نشاط اجتماعي ورياضي بالإضافة إلى كتابات في الصحف والمجلات.
ويرى العبدالله أن المفتاح السحري لحل مشكلات الكويت هو مفتاح مختبئ بين طيات التعليم, فالتعليم في نظر الشيخ د.مشعل هو كلمة السر من أجل إيجاد نهضة وتنمية حقيقيين على كافة المستويات, لا يتردد في أن يعلن أن الفساد في الكويت يأكل الأخضر واليابس ويعطل كل إنجاز ويعرقل أي مسيرة او نوايا صادقة للإصلاح, ينادي بتفعيل دور الكوادر الكويتية ويرى بلاده تستحق أفضل مما هي عليه الآن,, ومن خلال هذا الحوار تعمقت "السياسة" في رؤى الشيخ د. مشعل عبد الله الجابر ونقلتها إليكم عبر هذا الحوار:
ماذا عن مشوارك مع الدراسة?
كانت بداياتي في المرحلة الابتداية والمتوسطة في المدرسة الفرنسية, ثم انتقلت بعد ذلك إلى المدرسة الأميركية في المرحلة الثانوية, وواجهتني مشكلة كبيرة في الالتحاق بها حيث لم أكن أعلم شيئا عن اللغة الإنكليزية وفي السنة الأولى الثانوية عانيت بشدة بسبب هذه المشكلة, وكانت أمي تصر على الاستمرار بالمدرسة الأميركية; حيث إن الإنكليزية هي لغة العصر واللغة الأولى على مستوى العالم في التعامل, وكانت الوالدة من المشجعين لي على الاستمرار في طلب العلم ونيل الشهادات العليا فيما بعد, ووقفت الى جانبي في أصعب الظروف لتمدني بالصبر والأمل. ثم نقلني والدي إلى مدرسة داخلية للرهبان بكاليفورنيا بالولايات المتحدة وذلك حتى أتقن اللغة الإنكليزية, وكانت مدرسة مميزة جدا, استمررت بها سنة دراسية كاملة كانت من أقسى سنين التعليم في حياتي.
ما الأثر الذي تركه فيك هذا المجتمع خصوصا أنها مدرسة تابعة للرهبان?
الحقيقة كانوا منفتحين لدرجة شديدة رغم أنهم متدينون, فقد كان شرب (الواين) شيئا عاديا جدا بالنسبة لهم وكانوا يجتمعون في الكنيسة مرة في الأسبوع, ويتقبلون الآخر بشدة أيا كانت ديانته أو عقيدته. وكانوا ذوي ثقافة عالية وبعضهم يحمل درجة الماجستير والبعض الآخر يحمل الدكتوراه. وقد تعلمت من هذا المجتمع التواضع واحترام الآخر.
وعدت إلى المدرسة الأميركية في الكويت بعد انتهاء هذه السنة الدراسية وأكملت المرحلة الثانوية ثم عدت مرة أخرى إلى الكليةٍ بكاليفورينا من أجل الإعداد للالتحاق بالجامعة.
بعد ذلك التحقت بجامعة كاليفورنيا وأخذت منها البكالريوس في الصحافة, وتم تعييني في الخارجية, كنا وقتها ثلاثة أشخاص في دفعتي تم تعييننا في الخارجية, كان أحدهم الشيخ صباح ناصر المحمد والسيد مازن العيسى, وعُرض علي وقتها أن أنتقل للعمل الديبلوماسي في واشنطن ولكني كنت مللت الغربة وفضلت أن أخدم بلدي من خلال عملي الديبلوماسي بها, وكان هذا قرارا إيجابيا في الحقيقة, لأنني من خلال عملي الديبلوماسي في الكويت تبنيت أكثر من قضية منها قضية البوسنة وقضية الأسرى وحملة ضد الإرهاب, وظللت لمدة سنة أكتب في الصفحة الأولى بجريدة "السياسة", ثم حولت عملي الصحافي بالكتابة إلى جريدة "القبس" ثم "الوطن" وبعدها المجالس
بعد ذلك بدأت أملُّ العمل في الديبلوماسية; حيث كان بطيئا للغاية نظرا للروتين المعتاد وقلة القضايا التي كنا نتعامل معها بعد الغزو, وأنا لم أتعود على ذلك ولم يكن أملي أن اجلس على المكتب لأقرأ الجرائد وأحتسي الشاي والقهوة, فقررت أن أهتم بالعمل الصحافي أكثر وبالفعل وسعت نشاطي الإعلامي على مستوى الصحافة والإذاعة أيضاً, وفي الوقت ذاته بدأت أهتم بالدراسات العليا فأخذت الماجستير الأول في العلاقات الدولية من جامعة (شيكاغو) وكانت جامعة على مستوى عالٍ وراقٍ للغاية وكذلك الطلاب الذين يدرسون معي, وكان التنافس شديدا في هذه الجامعة من الناحية العلمية, وكان الطلاب يصلون لدرجة العبقرية, ولذلك استفدت بشدة من دراسة الماجستير معهم.
التجربة الماليزية
بعد الانتهاء من الماجستير عدت إلى العمل الديبلوماسي وتم تعييني في الخارجية واخترت أن يكون عملي بماليزيا فقد كان بداخلي رغبة شديدة للتعرف على تجربة هذا البلد الذي استطاع أن ينهض على جميع الصُّعد, فلديه نهضة تعليمية ونهضة علمية وصناعية, ونظام الحكم عندهم بسيط ويسير حسب القواعد الديمقراطية السليمة, وماليزيا كانت ولا تزال بلدا سياسيا من الدرجة الأولى, متقدمة ونظيفة وذات طبيعة خلابة لا توصف. وبعد أربع سنوات خدمة من العمل في ماليزيا كان لدي رغبة في استكمال الدراسة, فقررت الحصول على ماجستير في العلاقات العامة من جامعة "هارفارد", ورغم أن جامعة "هارفارد" لها صيت كبير واسم مسموع في عالم العلم والتعليم إلا أنني وجدت النظام التعليمي بجامعة "شيكاغو" أكثر صرامة وقوة منه في "هارفارد" حتى أنني لم أتوقع أبدا أن تكون الدراسة في "هارفارد" بهذه السهولة والحقيقة هي جامعة تجيد توظيف وقت الطالب ويومه كله للتعليم فلا يجد الطالب وقتا لنفسه ولا لحياته الشخصية طالما أنه يدرس في "هارفارد", لدرجة أننا كنا نسمع عن نية بعض الطلبة في الانتحار خصوصا الصينيين وكان الجو في الشتاء قاسيا وشديد الكآبة. ثم بدأت في الماجستير الثالث في دراسات الشرق الأوسط من جامعة "هارفارد" أيضاً ولكن نظرا لظروف خاصة لم أكمله وبعدها التحقت بجامعة (إم أي تي). ثم بعد ذلك درست درجة الدكتوراه بجامعة "كينغز كوليدج" بلندن وكان موضوعها "دور المرأة الكويتية في الحياة السياسية من 1990 ¯ 2009 ومنها طبعا تطرقت إلى دور المرأة الخليجية بشكل عام.
العالم يتغير بسرعة
ما رأيك في التغيرات التي يشهدها العالم حاليا وخاصة العالم العربي?
لا شك أن العالم تغير تغيرا لافتا وسريعا في الخمس سنوات الأخيرة, وقد لعبت التكنولوجيا في هذا التغير دورا أساسيا وحساسا, حيث أصبح العالم كله في حالة تواصل لا تتوقف مما رفع من حالة المعرفة لدى المجتمعات. ومن هنا أصبح على الجميع بمن فيهم أصحاب القرار وباقي أطراف المجتمع الاعتراف بأن هناك مشاكل عالقة ويجب التحرك لحلها قبل أن يحلها الآخرون بطريقتهم.
كيف ترى حالة الاحتقان الطائفي والدعاوى المذهبية التي تشهدها الكويت?
المجتمع الكويتي يسير نحو حالة مدمرة من التفكك والاحتقانات الطائفية والمذهبية, والخروج من هذا الأمر يستدعي الاهتمام بعدة أمور, على رأسها التعليم, فالمناهج التعليمية حاليا هي مناهج جامدة ولم تعد مناسبة لمواجهة التحديات التي يواجهها المجتمع, فكما أن هناك تغيراً في التحديات والمشاكل يجب أن يكون هناك تغير في الآليات, ومن هذه الآليات المناهج التعليمية; فيجب جلب خبراء لتعديل هذه المناهج وفق منظومة علمية مواتية ومناسبة للتطورات التي يشهدها المجتمع.
حتى على مستوى الجامعات ليس لدى الكويت سوى جامعة واحدة منذ أربعين سنة, بالفعل هناك فروع للجامعة يتم إنشاؤها لكن هذا لا يكفي الاحتياجات المطلوبة ولا بد من الشروع في بناء جامعات جديدة تحوي أعداد الطلبة المتزايد, حيث إن تأخر مشروع فرع الجامعة في منطقة الضجيج أثر سلبا على القدرة الاستيعابية لجامعة حتى لا يلجا أبناؤنا إلى البلدان الأخرى ويضطرون للغربة والخروج من وطنهم إلى بلدان من المفترض أننا أكثر منها تقدما.
فأنا أرى أنه يجب البدء من الجذور, وذلك من خلال بناء جيل جديد بمفاهيم جديدة ومتغيرة وفي الوقت نفسه محاولة الإصلاح من الجيل الحالي الموجود, وهناك دور أكبر للإعلام في هذه المسألة فيجب أن يتم تكثيف الحملات التوعوية لتبصير المجتمع من خلال تشجيع الجمعيات والجهات المختلفة التي تهمها مصلحة البلد على تنظيم تلك الحملات.
ومن ضمن الحلول أيضاً لمشكلة الطائفية الاهتمام بقضية التنمية لأن المواطن عندما يجد بلده تنمو وتتقدم سيزيد انتماؤه لها ويتخلى عن النعرات الطائفية والمذهبية; والكويت بلد ذات ثروات هائلة وكوادر متميزة فلماذا تجاوزتنا وتفوقت علينا دول أخرى في حين أننا نسبق هذه الدول على مستوى المصادر وعلى مستوى التاريخ والريادة والخبرات العملية?
أسباب التراجع
لماذا إذن تراجعت الكويت في الكثير من المجالات رغم أنها كانت تُلقب بدرة الخليج?
الحقيقة هي مسؤولية مشتركة بين جميع الأطراف, وأنا أرى أنه من الأسباب الأساسية في هذا التراجع أننا عادة نستعين بخبراء من الخارج ليضعوا لنا الستراتيجيات والخطط ويقدموا لنا الاستشارات رغم أننا بلد لديها خريجون وخبراء على المستوى التعليمي والثقافي منذ الستينيات والسبعينيات, وللأسف لا يأخذون الفرصة رغم أنهم من أبناء البلد. وهناك الكثير من الكوادر الكويتية التي شاركت في تأسيس الدولة الكويتية الحديثة في الستينات والسبعينات لكن بعد ذلك تراجع هذا الفكر وبدأنا في الاستعانة أكثر بالكوادر من الخارج ولم نستعن بأبناء البلد, لدرجة أن هناك كوادر وكفاءات كبيرة حتى من الأسرة الحاكمة هُزمت نفسياً وتركت البلد وهاجرت هروبا من المشكلات المتراكمة في الديرة أولا ثم لعدم الاستعانة بهم في وضع الستراتيجيات للكويت وعدم إشراكهم في برامج تنمية تفيد الكويت وتعم عليها بالخير رغم أنهم كانوا قادرين على ذلك, ومن هنا ازدادت أعداد الكويتيين العاملين في شركات أجنبية في الخارج.
ما رأيك فيما يقال بأن بعض أفراد الأسرة الحاكمة طرف في الصراع وسبب في تأجيج الأوضاع حالياً في الكويت?
الحقيقة للأسف هناك أطراف داخل الأسرة أصبحت في صف المعارضة وأقول ذلك بكل أسف وهذا أمر غريب علينا, لأننا كأسرة لم يكن عندنا يوما هذا السلوك ولا نشجعه أبداً ولم نتعود عليه, ونتمنى أن تعيد الأسرة النظر في تنظيم شؤونها الداخلية, وأنا أرى أن هذا الدور يقع أكثر على عاتق الرموز والقيادات في توحيد الأسرة بشكل أقوى مما هي عليه الآن وعدم استخدام الضغط والأساليب غير الديبلوماسية مع البعض وتجميدهم, وما تم بذله من جهود في آخر خمس سنوات في رأيي هو جهد غير كافٍ وأرى أن هناك فرصة ليكون التوحيد بين كل أطراف الأسرة أكثر توثيقاً مما هو عليه الآن.
هل ترى أن أي مستوى من الخلاف داخل الأسرة قد يؤدي إلى ما نراه في الكويت من مستجدات سياسية وحراك في الشارع الكويت?
أكيد, فأي خلاف داخل الأسرة الحاكمة ينعكس بدوره على المجتمع الكويتي بشكل عام, وأنا كفرد من الأسرة لا أحب أن تكون الأسرة طرفا في أي صراع ولذك أرى أنه يجب على الأسرة أن تعيد ترتيب البيت مرة أخرى من الداخل, وهناك الكثير من قبل نادوا بهذا لكن للأسف كانت الاستجابة بطيئة جدا, والآن حان الوقت ولا مجال لإهدار الفرصة لأن المشكلات مع مرور الوقت تكبر وتأخذ شكلا من الصعوبة, فالبلد بشكل عام تشهد حالة غير مسبوقة من الفلتان ويجب أن تكون الأسرة هي البادئة بالحل من خلال ترتيب أمورها الداخلية بطرق ذكية وفعالة ترضي أغلبية أفراد الأسرة وليس من خلال فرع منها أو أشخاص بداخلها, خصوصا أننا نشهد الربيع العربي حبله صار على الجرار. وأكررها مرة ثانية أنه يجب إعطاء الفرص للكفاءات من أهل البلد لتقود الكويت في عملية تنمية منظمة لأننا الآن نرى أناسا لا نعرفهم يوضعون في غير أماكنهم المناسبة ويتمسكون بالكرسي لسنوات طويلة بدون محاسبة أو رقابة من وكيل وزارة إلى رئيس قسم, وهذا يفتح الباب إلى الفساد, ومن هنا نجد أن البلد لا تتطور ولا تشهد القفزات التنموية التي تشهدها باقي البلدان من حولها, فالفساد دائما يعطل مسيرة التقدم والنهضة بأي مكان, بل إنه يأكل أي إنجاز مهما كان حجمه سواء كان هذا الإنجاز بالأسرة أو خارج الأسرة, فالفاسدون دائما يحُولون بين الكفاءات وبين النجاح, وبالتالي تت¯أثر جميع الأطراف وهذا التأثر يظهر في تصرفات سلبية تؤدي بنا إلى ما نشهده الآن في المجتمع بأكمله, والفساد ¯ بالمناسبة ¯ ليس في الكويت فقط بل صار يعم معظم أنحاء العالم ولكن في الوقت نفسه تتم محاربته ومنعه من التفشي.
التعليم وشراء الشهادات
إذن كيف نواجه الفساد?
بيت القصيد في هذه المسألة هو التعليم كما قلت, المؤسسات التعليمية والنهج التعليمي بشكل عام.
للأسف الشديد الآن انتشرت ظاهرة شراء الشهادات بالأموال حتى الدكتوراه, ويؤسفني أن أقول إن عملية شراء الشهادات التي شهدتها الولايات المتحدة مؤخرا كان 70 % من أصحابها خليجيين, فكيف يتم المساواة بين من يحصل على شهادة من جامعة عريقة وضخمة وبين من يذهب إلى جامعات ليشتري منها نفس الدرجة العلمية?! والتخوف الحقيقي هو من هذه الأجيال التي تخرج للحياة بشهادات مشتراة وبالتالي ينعكس ذلك على الأداء العام في المجتمع وعلى تنمية البلد بشكل عام. والطامة الكبرى أن هؤلاء أحيانا يدخلون إلى انتخابات مجلس الأمة من خلال تيارات سياسية مختلفة ويصبحون نوابا عن الأمة وينتقدون ويظهرون بوسائل الإعلام في حين أنهم من الداخل فارغون ولا يملكون شيئا يقدمونه للناس.
رغم وجود أبعاد شخصانية في الاستجوابات المقدمة في البرلمان والكثير من المراقبين يراها كذلك, إلأ أنها مستمرة ولا تتوقف.. كيف ترى هذا الأمر?
الحقيقة هناك جزء منها شخصاني وآخر عملي ومستحق, مثلا "الإيداعات المليونية" هناك رغبة حقيقية في تعقب أثر هذه الأموال ومعرفة مصادرها.
وما رأيك في وجود تيارات سياسية على الساحة تعتمد على المزج بين الدين والسياسة?
الدين شيء وإدارة البلاد شيء آخر, والحقيقة أنا على المستوى الشخصي أرى أن خلط الدين بالسياسة أمر غير مقبول. أما ما هو أهم من هذا الأمر أن هناك أطرافا تسيس الأمور وتشحذ الناس من حولها في قضية ربما تكون بعيدة عن السياسة من الأصل وذلك من أجل تحقيق أهداف شخصية.
على ذكر تسييس الأمور, كيف ترى ما يعم الكويت من إضرابات واعتصامات وهي أمور جديدة على الكويت كبلد رائد في الديمقراطية في منطقة الخليج?
الحقيقة هناك أناس يستغلون حالة الفلتان التي تشهدها البلاد الكل يريد أن يكون له دور في هذه الاعتصامات والإضرابات لأنه يرى بأن الكويت صارت دولة للنهب والسلب; حيث يسمع ويشاهد بشكل شبه يومي أناسا يسرقون البلد بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بالمليارات فيطالب الدولة بإعطائه هو الآخر ليستفيد بدلا من أن تذهب هذه الأموال لجهات أخرى فالكثيرون يرون الكويت كالبنك المليء بالأموال أو يراها "كعكة" ويبحث عن أكبر قطعة بها ليأخذها, وما نشهده الآن من حراك سياسي في الشارع ملخصه أن الكويت يتم نهبها وهذا النهب ليس فقط من النواب بل إنه من موظفين بشرائح مختلفة ما بين الموظف الصغير والمتوسط والكبير.
مثلا ظاهرة الرشوة تزيد باستمرار وليس هناك أي أنشطة من أي جهة لحماية المجتمع من هذه الظاهرة, لا أختلف مع أحد على أن كل دول العالم تستعر بها ظاهرة الرشوة من زمن, لكن أن تكون دولة إسلامية وذات قيم ومجتمعها محافظ ودولة صغيرة وتستشري بها الرشوة بهذا الشكل فهذا أمر يدعو للعجب والتوقف معه! فرواتب الموظفين مجزية والحكومة توفر السكن والصحة والتعليم ولكن بمستوى متدنٍ, أقل راتب للكويتي اليوم لا يقل عن 700 أو 800 دينار وربما من الألف فيما فوق, ويحصل على بيته من الحكومه وكذلك على تعليمه, فلماذا يندفع ويلوث يديه بالرشوة? كل هذا يعيدنا مرة أخرى إلى أهمية التعليم وإعداد النشء من الصغر والاهتمام بالتنمية البشرية وبناء الفرد والعودة إلى العمل الحقيقي, فالمسألة ليست مسألة إنفاق أموال فقط, بل يجب أن تمتلك القوة البشرية التي تضعك في مصاف التقدم والنهضة.