خريف البنوك قضائي
شبح الإفلاس يتوارى بين المركزي والسلطة الثالثة
الحدث - فيصل الشمري
بين مطرقة القضاء، وسندان السلطة النقدية، تبدأ البنوك المحلية اليوم أسبوعا حافلا من المعتركات، ليس أقلها مناقشات أرباح الربع الثاني مع البنك المركزي، ومزاد بيع حصة الحكومة في بنك بوبيان، لبنك الكويت الوطني، أو منافسيه شركة مجموعة الأوراق المالية، وشركة الثريا الاربعاء المقبل في سوق الكويت للأوراق المالية (البورصة).
وفيما يدفع البنك المركزي، جاهدا باتجاه حماية النظام المالي من أزمة نظامية نتيجة تشابك البنوك بالشركات، تنتظر ثلاث دعاوى مالية، انتهاء العطلة القضائية التي شلت تخاصم أهل المال حتى مطلع سبتمبر المقبل، للفصل في نزاعات نابعة من صلب الأزمة المالية بين شركات المتاجرة بالأسهم والبنوك.
لكن هذه الخلافات على تعقيداتها تظل التحدي الثاني أمام البنوك، بعد مخصصاتها الوقائية المقتطعة من أرباح الربع الثاني من 2009 بقيمة قد تفوق المليار دولار، بحسب التقديرات الأولية. فهذه القيمة من المخصصات اللازمة لمواجهة تراجع أسعار الأسهم والعقار، تشكل الهاجس الأكبر للنظام المالي المحلي، ويصعب تقدير آثارها لحين الانتهاء من البيانات المالية السنوية للبنوك، حيث لم يعلن البنك الوطني عن حجم مخصصاته للربع الثاني، رغم أنه أول المعلنين عن أرباحه من البنوك المحلية.
نصيب الدار
وشاءت الأقدار المالية، لشركة دار الاستثمار العاملة وفق الشريعة، أن تكون هي وشركة بيت الاستثمار العالمي (جلوبل) عنوانا عريضا للخلافات مع البنوك، فالشركتان تعتمدان على القروض بشكل كبير في عملياتهما
(highly leveraged companies) ومن الطبيعي ان تتعرضا، للمخاطر المالية المؤدية للإفلاس على يد البنوك أكثر من غيرهما،
لكن البنك المركزي، لم يبخل في مد يد العون للشركتين![Big Grin :D :D](/community/styles/default/xenforo/smilies_vb/biggrin.png)
رغم أن البنوك هي الأهم بالنسبة له، ومع ذلك تشعر دار الاستثمار أنها لم تحظ بنفس «الدلال» الذي حظيت به جلوبل فالأخيرة حصلت على اعتماد منه لبياناتها المالية وهي بصدد تأسيس صندوق لإنعاش مركزها المالي.
ولذا كانت أخطر الدعاوى من نصيب شركة دار الاستثمار، فهي وإن دخلت الأسبوع الماضي في خصام مع دائنيها حول دعواها ضد البنك المركزي، لتأخره في اعتماد بياناتها المالية عن العام الماضي، فإنها صاحبة أكثر الدعاوى المصرفية تشابكا والمتمثلة بثلاث شكاوى أقامتها ضد البنك التجاري الكويتي مؤخرا، على خلفية تملكه لحصتها المقدرة بنحو 221 مليون سهم بقيمة 130 مليون دينار من أسهم بنك بوبيان الإسلامي، ورغبته ببيع الحصة إلى بنك الكويت الوطني لولا تدخل القضاء.
ثقافة التعتيم
وإذ ترسم هذه القضايا الملامح الأوضح للأزمة، فإن غموض أهل المال في الكويت يحول دون معرفة حقيقة الحالة المالية للقطاع الخاص من بنوك وشركات، لعدم وجود هيئة مستقلة تراقب سوق المال،
فالشفافية تبدو مستحيلة من دون قانون ملزم وفي ضوء الخسائر المهولة التي خلفتها الأزمة، حتى أن المؤسسات المالية تجد نفسها ليست مضطرة للتبرع بالإفصاح عن مكنونات خسائرها ومشكلاتها ما دام المنافسون ليسوا ملزمين بالإفصاح عن خسائرهم وبلاويهم.
ولعل من أشهر القضايا التي توارت عن الأنظار تحت مسمى إعادة الهيكلة، دعوى إشهار إفلاس قدمتها شركة نور للاستثمار ضد شركة دار الاستثمار في مارس الماضي، إلى جانب الدعوى المرفوضة لعدم الاختصاص التي أقامتها شركة الثريا لإدراة المشاريع، ضد البنك التجاري الكويتي، على خلفية استيلائه على ودائعها مقابل سداد ديون البنك على شركة بيت الاستثمار العالمي (جلوبل).
ويظل بنك الخليج، في مواجهة الدعوى المرفوعة ضده من الحكومة، على خلفية خسائره بالمشتقات المالية بقيمة 268 مليون دينار، بانتظار تحديد النائب العام لمصير هذه الدعوى، بين الحفظ أو فرض غرامات طفيفة على البنك، إذ أن الدعوى قائمة على سند ليس بالقوي، يدعي أن البنك قام بتعريض المال العام (ضامن الودائع في البنوك) إلى الخطر من خلال المراهنة في مضاربات خطرة في أسواق المال العالمية وهو ما لايجرمه القانون، فالخسارة وقعت في أكتوبر، وقانون ضمان الودائع صدر في نوفمبر من العام الماضي.
وإن ضاقت المؤسسات المالية ذرعا بسوط الرقابة المالية الاستباقية، فإنه لايمكن الإنكار بأي حال من الأحوال بأن هذه الرقابة المشددة أحيانا حالت دون تفاقم الأمور، وأعفت مطرقة القضاء من عشرات القضايا التي كانت ستتوالى في حال بقيت الأزمة دون رقيب وحسيب.