القيادة انتصرت لمصلحة الوطن ووضعت حداً لمرض التأزيم المستشري بين السلطتين
الأمير رفض دعوات البعض المناوئة للديمقراطية وأصر على الاحتكام للخيارات الدستورية
الحل دستوري خلال 48 ساعة
كتب - أحمد الجارالله:
بعد قراءة مستفيضة ومتأنية للاوضاع السياسية المتأزمة في البلاد منذ فترة ولاعتبارات قوامها تقديم مصلحة الوطن العليا وشعبه على ماعداها من أي مصالح ضيقة أخرى حسمت القيادة العليا امرها بحل مجلس الأمة حلا دستورياً خلال 48 ساعة ودعوة الناخبين لاختيار مجلس جديد يحسن اعضاؤه استعمال الاداة الدستورية في موضعها بعيداً عن الاهواء والنزعات الشخصانية, اضافة الى تشكيل حكومة جديدة تعقب مولد البرلمان الجديد يكون بمقدورها توفير أرضية تجانس خصبة مع السلطة التشريعية لتعمل السلطتان معا وفق مرئيات جديدة اساسها وجذورها وفروعها التعاون لصالح الوطن ومواطنيه.
القيادة العليا - وكعهدها دائما مع شعبها - كانت تراقب وتتابع مسارات المستجدات السياسية على الساحة وما آلت اليه العلاقة بين المجلس والحكومة من تردٍ بات يشكل خطرا على الاقتصاد الوطني برمته ويهدد بدخول البلاد اتون مشكلات يتحمل تداعياتها المؤلمة المواطن العادي قبل ذوي الدخول العالية واصحاب الاستثمارات المختلفة فما كان منها - القيادة العليا - إلا ان انتصرت لرغبات الشعب في انهاء هذا الخلاف المحتدم بين السلطتين وقررت افساح المجال امام المواطنين لاختيار نواب جدد, بموازاة الاتيان بحكومة جديدة عقب الحالية التي ستظل تقوم بمهام تصريف العاجل من الامور الى حين انتخاب مجلس الأمة الجديد.
وكان سمو الامير قد ترأس اجتماعا طارئا في دار سلوى مساء أمس لاقطاب الاسرة بحضور سمو ولي العهد ونائب رئيس الحرس الوطني الشيخ مشعل الاحمد وسمو رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد والنائب الاول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الشيخ جابر المبارك بالاضافة الى 21 شيخا ناقشوا خلاله اخر تطورات الأوضاع على الساحة في ضوء الاستجوابين المقدمين لسمو الشيخ ناصر المحمد, ورغم ان بعض أفراد الاسرة الحضور طالب بحل غير دستوري للمجلس إلا ان سمو الامير واقطاب الاسرة الكبار تمسكوا بالخيارات الدستورية واصروا على الاحتكام لارادة ورغبات الديمقراطية التي يؤمنون بها وتجري في دمائهم.
من جهة أخرى خيمت اجواء الاستجوابات "المقدمة والمؤجلة" الى سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد على جلسة مجلس الأمة امس التي سادها هدوء حذر, لكنها - وعلى الرغم من ذلك - لم تخل من بعض التطورات المهمة تصدرها "غزل حكومي صريح" لكتلة العمل الشعبي تبدى في اشادة وزير التجارة والصناعة وزير الدولة لشؤون مجلس الامة احمد باقر برئيس الكتلة النائب احمد السعدون وسائر اعضائها الذين وصفهم بأنهم "مثال دائم للتعاون يستحقون الشكر عليه", فيما رفض - في المقابل - اسباغ الصفة نفسها على الحركة الدستورية الاسلامية بعدما استفزه النائب د. ناصر الصانع بالسؤال عن رأيه في "حدس" فرد بالقول "ان في الامر نظرا", وإن أكد انه يكن كل احترام للنواب الصانع وجمعان الحربش وعبدالعزيز الشايجي.
في الاطار نفسه لم تغب الرسالة التي وجهها رئيس لجنة الشؤون المالية النائب عبدالواحد العوضي الى وزير المالية مصطفى الشمالي خلال الاجتماع الاخير للجنة وتضمنت عبارة "هدوا... عملنا لنسف تعديلات الشعبي" - لم تغب هذه الرسالة عن جلسة المجلس امس, اذا لوحظ ابتداء حرص الحكومة على غسل يدها من "الفضيحة" التي كشف عنها النقاب اول من امس و"التنصل والتبرؤ "من مسلك رئيس اللجنة على النحو الذي ظهر في كلام باقر الذي قال: انه "لا حاجة تدفع اللجنة المالية للاجتماع ايام العطل", في اشارة الى الاجتماعات المتواصلة لانجاز تقريرها بشأن مشروع القانون الحكومي الخاص بتعزيز الاستقرار المالي.
هذا المسلك الحكومي الذي عكس رغبة في التقارب مع "الشعبي" ولو على حساب "اللجنة المالية" ترك الاخيرة وحدها في الميدان في مواجهة الكتلة لكنه دفع رئيس اللجنة ومقررها النائبين عبدالواحد العوضي وأحمد لاري الى شن هجوم مشترك ضد "الحكومة والشعبي" معا وفي آن واحد ايدهما فيه النائب صالح عاشور.
اذ حمل العوضي بشدة على الحكومة, وقال انها "توافق على التأجيل ثم تنتقد عمل اللجنة ليل نهار من اجل مشروع مهم في خضم انهيار الاقتصاد العالمي هناك 7.2 تريليون دولار دفعها العالم لانقاذ دوله, والان وزير التجارة ينتقدنا"!
واستغرب مقرر اللجنة النائب احمد لاري الهجوم على اللجنة المالية, وقال: "اذا كان هناك من لديه قناعة بأن القانون راح ينفع الحيتان فليأت الى اللجنة ويوضح ووجهة نظره, فكل الناس تشكو سواء في قطاع العقار أو في غيره, ولابد من بحث المشكلة قبل ان تقع الفأس في الرأس", وتساءل "هل كان يفترض ان ننتظر حتى تنهار البنوك وبعدين نتحرك?!".
واذ اكد لاري ان من غير الجائز الدخول في نوايا النواب قال "ان الأخ مسلم البراك اتهم اللجنة امس بانجاز مسودة القانون بسبب رسالة وجهها عبدالواحد, تبون نشتغل سياسة?! ما عندنا مانع, بس على حساب مصلحة البلد, حرام اللي يصير بالكويت, انا قلت لمسلم "ان هذا خطأ المستشار", لكنه خرج وهاجم اللجنة, ما يصير العمل لمصالح انتخابية على حساب مصلحة البلد, ما عندنا مانع يطلع قانون لكل قرض, نحن صادقون وأرجو ان تعاملونا بالطريقة الانفتاحية نفسها".
في السياق ذاته وصف النائب صالح عاشور كلام وزير التجارة ومسلكه ب¯"الخطير", وقال: ان "باقر يتهم رئيس اللجنة المالية باستعجال القانون وكأنه يقول لا تستعجل, والآن اصبح رئيس اللجنة الذي كان يشتغل في العطل ليل نهار هو المتهم باستعجال المشروع, والحكومة ما لها علاقة"!
في غضون ذلك تجدد الخلاف امس لليوم الثالث على التوالي بشأن قيام رئيس مجلس الامة جاسم الخرافي بادراج استجوابي النائب د.فيصل المسلم و"حدس" على جدول اعمال جلسة 17 الجاري, قفزاً على جلسة الامس الأقرب الى موعد تقديمهما وفقاً للمادة "135" من اللائحة الداخلية للمجلس, وقال المسلم: "ان رئيس المجلس وقع على الاستجواب في 1 مارس, وبالتالي كان ينبغي ان يعرضه في جلسة 3 مارس كونها أول جلسة وطبقاً للمادة "135", ومنعاً للبس نريد ان نفهم على ماذا استندت الرئاسة?", مشيراً الى انه قدم استجوابه قبل 48 ساعة على جلسة 3 مارس.
وانضم الى المسلم النائب احمد السعدون الذي اكد ان عدم ادراج استجوابي المسلم و"حدس" على جلسة الامس مخالفة صريحة, وقال "حتى لا يقال اننا سلمنا بما قيل عن المادة "135" نؤكد ان استجوابي المسلم والصانع والحربش والشايجي كان ينبغي ادراجهما في جلسة اليوم - أمس - لا ليناقشا بل كان يفترض ادراجهما".
بدوره انتقد النائب جمعان الحربش تصرفات رئيس المجلس, وقال: "يوجد توجه خطير لوأد الاستجوابات, وهذه خيانة للشعب الكويتي".
وعلى الدرب نفسه سار النائب مسلم البراك الذي رفض خطوة الرئاسة قائلاً: "لا يجوز ان نحاول دفن الاستجواب وان ندخله في نطاق التأجيل والسرية او الاحالة للدستورية أو اللجنة التشريعية".
في المقابل اوضح الرئيس الخرافي ان المادة "135" تنص على انه "لا يجوز مناقشة الاستجواب قبل 8 أيام من تقديمه الا بموافقة الطرفين, وقال "بما انه لا يوجد طلب استعجال فقد احيل الاستجواب الى جلسة 17 مارس, والموضوع ليس مزاجياً, وقد استشرت خبراء دستوريين بشأنه", اضاف: "ان موعد تقديم الاستجواب يقل عن مهلة ال¯ 48 ساعة المرتبطة بجدول الاعمال الذي وزع بالفعل, ولم يكن بالامكان اضافة الاستجواب اليه, وفي جلسة 17 مارس ستكون مهلة الاسبوعين المقررة لسمو رئيس الوزراء قد انتهت, واذا احتاج وقتها مهلة اضافية فلابد من موافقة المجلس.
واذا كان النائب د.فيصل المسلم قد اعلن عن استعداده لتأجيل مناقشة استجوابه الى جلسة 18 الجاري اذا تعارضت مع قانوني "دعم الاستقرار المالي وجدولة المديونيات" اللذين سيطرحان للنقاش خلال جلسة 17 مارس وفق قرار مجلس الأمة امس فقد اعطى سمو رئيس مجلس الوزراء اشارات ايجابية الى امكانية التعاطي مع الاستجوابين المقدمين لسموه, اذ اكد - في معرض تهنئته لرئيس ديوان المحاسبة عبدالعزيز العدساني الذي ادى اليمين الدستورية امس - "ان جميع اجهزة الحكومة هي تحت تصرف ديوان المحاسبة - بوصفه الجهة الرقابية الدستورية- ,وعلى رأسها مكتبه بالذات".
الى ذلك اقر المجلس اقتراحاً بتحديد جلسة 17 الجاري لمناقشة مقترحات جدولة مديونيات المواطنين وان تنهي اللجان المختصة تقاريرها, كما وافق على توصية تتعلق بتكليف ديوان المحاسبة اعداد تقرير حول مدى تطبيق احكام قانون الاعلام المرئي والمسموع في موعد غايته نهاية مايو المقبل.