توظيف الدين لمآرب سياسية: إلى متى؟
سالم الواوان
ما على الوزير فاضل صفر إلا الإعلان عن مكامن الخلل في البلدية ولا يخاف من أحد
الشعب الكويتي معروف عنه كثرة "الهذر" حيال أي قضية تكون مطروحة على الساحة, وقضايا اليوم كثيرة, منها ما يتناول الاستقرار الاقتصادي وقانون إسقاط فوائد قروض المواطنين واستجواب "حدس" لرئيس مجلس الوزراء. وكنا بالأمس نتحدث عن قضية "مغنية" و"الفالي" و"سحب الجنسية" ودبكة "حدس" مع "حماس" . لكن تمسك النائب ضيف الله أبورمية بقضية إسقاط الفوائد والقروض تجعلنا نقول إن المجلس قد يرحل وقضية القروض لن تحل. لكن الغريب في الأمر هو رفض نصف "التجمع السلفي" الذي يقوده النائب خالد السلطان, والذي يتبنى دعم الشركات التجارية والبنوك من صندوق الإنقاذ من منطلق مصالح شخصية, رغم أن السلطان يعرف أن قانون القروض الذي يتشبث به أبورمية حتى آخر رمق لن يرى النور, لكن السلطان يريد أن يؤكد للتجار والمستفيدين من هذا الصندوق انه يقف إلى جانبهم ضد مصالح المواطن البسيط الذي هو ضحية تخبط وغياب القرار الحكومي, وحمايته من شركات بعض النواب "السلف" وغيرهم, فهناك من يقف ضد مصالح المواطنين, وهما السلطان وأحمد باقر داخل مجلس الأمة إضافة إلى بعض الوزراء الذين دائماً يحاولون التقدم بقوانين ومشاريع فيها لمسات للسلف مفصلة على قياسهم, ولا يمكن أن تناسب غيرهم وحينما نقرأ تصريحات "السلف" نصاب بالغثيان وارتفاع الضغط والسكر, خصوصاً وأنهم سرعان مايلحسون هذه التصريحات التي يطلقونها في ما يخص الأوضاع الاقتصادية والسياسية, وهم أكثر الجماعات انبطاحاً أمام الحكومة, من أجل تحقيق مصالحهم والحفاظ على مقاعدهم, والمصيبة الكبرى أن النائب السلطان وصل إلى البرلمان عن طريق الدائرة الثانية, والتي تضم الصليبخات والدوحة وغرناطة والقادسية والفيحاء وغالبية ناخبيها اقترضت من البنوك وتلاحقهم إدارة التنفيذ, وللأسف يقف إلى جانب دعم وإنقاذ الشركات والبنوك التي له مصالح مشتركة معها. والنصيحة التي نتوجه بها إلى حكومتنا الموقرة قبل غيرها إن كانت تعمل بالفعل على تحقيق الاستقرار المالي لتحسين أوضاع البلاد والعباد, أن تحسم كل القضايا الاقتصادية ومنها فوائد القروض ولا تنظر بعين واحدة الى معالجة ما دون غيرها, وأن تنأى بنفسها عن تناقضات وتضارب مصالح "السلف" و"حدس". ولو افترضنا أن حل المجلس آت فسيعود الجميع إلى الشارع العام, وسنجد ناخبي الدائرة الثانية بانتظار السلطان وجماعته السلفية الذين سيكون مصيرهم مثل جماعة الحركة الدستورية الذين لم يجدوا مخرجاً لما وقعوا فيه اليوم حينما وقفوا ضد قضية القروض بالأمس, إلى جانب بعض القضايا الشعبية التي لا تقبل المساومة, لأن, وكما هو معروف, ان نصف أو أكثر الشعب الكويتي مطلوب لشركات نواب ووزراء "السلف" و"حدس" الذين يدافع عنهم السلطان وغيره, وأصبحنا في حيرة من أمرنا مع الذين يوظفون الدين لخدمة السياسة. السلطان يحرم.. وهايف يحلل.. و"الأوقاف" تتفرج على هذه الفتاوى العجيبة الغريبة? وبالتأكيد مثلما انطوى ملف "مغنية" و"الفالي" وسحب الجنسية ودبكة "حدس" و"حماس" سينطوي ملف السلطان وباقر والحركة الدستورية, ولا يعتقد أن العصا التي كان يحملها المرحوم الشيخ عبدالله الأحمد (طيب الله ثراه) والتي استشهد فيها السلطان أنها موجهة ضد أهل الكويت إنما كانت موجهة لجلد من يتاجر بهم.
* * *
البلدية طريق الثراء
وزير البلدية الدكتور فاضل صفر لم ألتق معه منذ توليه المنصب الوزاري, لكن الصدفة جمعتني وإياه في إحدى الديوانيات مع مجموعة من الزملاء الصحافيين الذين أمطروه بسيل من الأسئلة عن الفساد والتردي في البلدية والذي وصفه سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد حينما كان رئيساً للوزراء بأن مشكلات البلدية لا تقدر على حملها البعارين. كنا نعتقد ان الوزير صفر تمكن من حمل هذه المشكلات وقضى عليها, لكنه روى لنا العكس إذ أن البلدية من الوزارات التي يعشعش فيها الفساد والتسيب والتطاول على المال العام, والتجاوز من بعض العاملين والمتنفذين, وقال ما يمليه عليه ضميره ولن يخشى أحداً ولم يخف الحقيقة عن الحضور لكنه لا يستطيع أن يواصل تنظيف هذه المرافق من تركة وفساد قديم يحتاجان إلى حزمة من القوانين وتضافر كل القيادات من أجل إبعاد شبح الفساد. وقال في مستهل حديثه إذا كنت من القياديين المتنفذين والمفسدين يمكنك أن تدخل الوزارة فقيراً وتصبح من أصحاب البلايين بمجرد جرة قلم, أو إخفاء ملفات أو التلاعب في بيانات بعض المستندات لمصلحة بعض المتنفذين في الأجهزة الفنية والإدارية وحتى القانونية, فهناك مساحة كبيرة في البلدية يمكنك أن تتحرك من خلالها لتصبح من الأثرياء خلال سنة واحدة.
- ونسأله ماذا تنتظر بعد إذا كانت كل هذه المشكلات موجودة, هل تخشى من أحد? أو تخاف من الهوامير والمفسدين الذين يبرمون صفقات سرية, سواء في أجهزة البلدية أو في المجلس البلدي? وما عليك سوى الإعلان وبجرأة عن مكامن وبواطن الخلل, واستعن بكل من يحرص على الحفاظ على مرافق الدولة من أصحاب الأيادي النظيفة, حتى يتم بتر تلك الأيادي الفاسدة نهائياً من مرافق تلك الوزارة, لتحقق ما تصبو إليه نفسك من أمور إصلاحية تعود بالنفع على البلاد والعباد.
السياسة