من يستطيع كم الأفواه؟ وكيف يمكن ضبط النفوس الانتهازية؟ التي تمارس تسريب المعلومات والاستفادة منها؟
في السوق أفواه جائعة وثرثارة
كتب مبارك الشعلان:
يقول فيلسوف فرنسي 'يمكنك ان تدعي ارتداء ثوب القانون والفضيلة حتى لو لم تكن فاضلا، لكنك لا يمكنك ان تفعل ذلك عندما تعود إلى بيتك او نفسك اذا لم تكن فاضلا في ذاتك'.
هذه القضية الازلية والجدلية بين 'ما انت عليه' و'ما يجب ان تكون عليه' ليست مسألة فلسفية بقدر ما هي ممارسة حياة تقوم على الاخلاق قبل القانون، ولا قانون بلا اخلاق، او في افضل الاحوال سيكون قانونا قاصرا!
هذا الواقع هو المرآة لتفسير تسريب المعلومات المالية في الشركات، فالقانون يعتريه القصور، او لا يوجد قانون اصلا يناقش تفاصيل تجريم عمليات التسريب.
واذا لم تكن القضية فلسفية، فهي استثمارية بالدرجة الاولى. اذ ان انعدام معايير الاخلاق يكبد الشركات خسائر بملايين الدنانير بسبب تسريب المعلومات في تجاوز صارخ لأخلاقيات العمل. هذا على الاقل ما اجمع عليه رؤساء شركات ورؤساء تنفيذيون ومديرو استثمار مطالبين بإقرار قانون يجرم افشاء المعلومات وآلية جديدة من شأنها الحد من التسريب.
وبعد الاتصال بعدد كبير من المسؤولين الاقتصاديين، جمعت 'القبس' سلسلة المآخذ على الوضع الحالي والمطالب لضبط هذا المرض العضال:
-1 اجماع على وجود ظاهرة تسريب المعلومات سواء الصغيرة المتعلقة ببعض البيانات المالية او الكبيرة المتعلقة بإنجاز صفقات كبيرة للإفادة منها قبل انجاز الصفقة وتحقيق مكاسب غير مشروعة.
-2 آليات السوق الحالية لا تكفي لتجريم من تسول لهم انفسهم تسريب معلومات للمصالح الشخصية او للاضرار بالآخرين.
-3 كل الاطراف متورطة، او ليست بعيدة عن الشبهات، فالكبار قبل الصغار متورطون، او مشتبه فيهم في افضل الاحوال.
-4 الاعتماد على العنصر البشري يزيد من فرصة تسريب المعلومات، فالمتعاملون بشر، منهم الصالحون ومنهم الطالحون، والحل في زيادة الاعتماد على العنصر الآلي للحد من عمليات التسريب.
-5 مراحل التسريب تبدأ من اعضاء مجلس الادارة والمدقق المالي مرورا بالسكرتيرة، وليس انتهاء بموظفي البنك المركزي وإدارة السوق.
-6 قانون العقوبات قاصر، فأقصاها 'لفت نظر' والانذار ان لم يتم الاكتفاء بالتأنيب.
-7 عدم وجود اجهزة متطورة لرصد ومتابعة عمليات البيع والشراء قبل فتراتت معينة تسبق بعض الاحداث والصفقات، بما يجعل المهمة صعبة في كشف عمليات التسريب.
-8 طول فترة ارسال البيانات المالية يجعلها 'مستباحة' من كثير من الاطراف المستفيدة والحل في اختصار بعض المراحل والاكتفاء بإبلاغ البنك المركزي ولجنة السوق بعد اعتماد مجلس الادارة للبيانات مباشرة.
-9 كل الشركات تعاني من تسريب المعلومات بدرجات متفاوته، لدرجة ان التسريبات قد تساهم في 'تخريب' بعض الصفقات.
-10 التشدد في الردع ولو في حالة واحدة، قد يعطي مؤشرا على جدية ادارة السوق في فرض هيبة القانون.
-11 تطبيق القانون بشكل انتقائي يضعفه ولا يتم تفعيله فيصبح 'نزوة' لا تستمر.
-12 منع اعضاء مجلس الادارة من التداول يشكل سابقة غير موجودة في كل دول العالم، مما يجعلهم يلجأون الى التداول بأسماء اقربائهم ومعارفهم، والالتفاف على القانون.
السعد: خرابيط في قوانين الإفصاح والشركات وصلاحيات لجنة السوق
سعد السعد رئيس مجلس الادارة والعضو المنتدب لمجموعة الصناعات الوطنية يقول: المسألة ليست جزئية، المسألة اكبر من ذلك بكثير، فالامور مترابطة ببعضها البعض، ولا يمكن الحديث عن عملية تسريب المعلومات بمعزل عن الاجزاء المكملة للموضوع، ففي كل دول العالم يسمح لعضو مجلس الادارة بان يتاجر في البورصة بشرط ان 'يفصح'، فالافصاح هو المقياس ولكن لكل مجتمع قوانينه التي تعكس عاداته وخبراته في الحياة، والمشكلة لدينا في الكويت انه لا يوجد ترابط في القانون فمتى ما كان القانون متماسكا وجدت التطبيق منسجما وفعالا، فانت لا تستطيع ان تحصل على الدور الثاني في البناية دون ان يكون هناك دور أول، فلدينا قانون الشركات 'مخربط' وقانون الافصاح 'مخربط' وصلاحيات لجنة السوق 'مخربطة' ومرسوم انشاء لجنة السوق هو مرسوم لحالة 'المناخ'. فهل ينطبق هذا الوضع الحالي علينا اليوم، بوجود لجنة متفرغة اصلا لعملها؟ ويضيف: مشكلتنا في كثرة القوانين، وكثرة القوانين مثل كثرة الشوارع، فعندما لا تجد تقاطعات كثيرة في الشوارع تجد انسيابية في السير، تؤثر حتى في سلوك الناس وتعاملهم مع بعضهم البعض، ومشكلتنا مضاعفة مع التنفيذ، فانت تحتاج الى قانون جيد وتنفيذ جيد، فلا يمكن ان تطلب من حكومة السويد تطبيق قانون في بلد افريقي، فقانون السويد يجب ان يطبق في السويد. وعن قانون الشركات قال انه قاصر بدليل ان هناك مادة تقول على عضو مجلس الادارة ان يملك 1% او بما لا يقل عن الف روبيه، واذا كان لا يملك فعليه ان يوفرها خلال شهر.
ففي اوروبا الذي يملك هو الذي يجلس ومن لا يملك فعليه ان يخرج من مجلس الادارة، وفي كثير من الدول المتقدمة من يملك اكثر من 5% عليه ان يفصح ويعلن عن نيته ماذا يريد ان يفعل. لان الافصاح لوحده لا يكفي. قانون الشركات لدينا مضى عليه 50 عاما 'وموقادرين' يغيرونه، فنحن نعمل بطريقة غريبة 'نمسك في الحبة.. ونترك القبة'.
ويختتم قائلا: نحن نتكلم عن تحويل الكويت الى مركز مالي دون ان تكون لدينا المقومات الكافية لذلك، فما اهداف التحول الى مركز مالي، وما هي القوانين والخطط الداعمة لذلك؟ نحن اشبه ما نكون في بلد منكوب تشريعيا! اين نحن من دبي التي اصبحت ارضها تساوي ذهبا، لانها قامت على اليات عمل ومشاريع قوانين ساهمت في جذب رؤوس الاموال.
السعيد: لا توجد شركة لا تعاني من التسريبات سواء بالمعلومات الصغيرة.. او حتى بالمشاريع والصفقات الكبيرة
عبدالرحمن السعيد: نائب رئيس مجلس الادارة والعضو المنتدب للشركة الكويتية للاستثمار يقول:
المسألة بالدرجة الاولى مرتبطة بالاخلاقيات.. قبل ان تكون مرتبطة بالقوانين.. فالقوانين لا تسيطر على اخلاقيات الناس.. فهذا الوضع موجود في كل الاسواق ولا يوجد حل جذري يقضي على المشكلة.. فأنت تستطيع ان تغلظ العقوبات وتزيدها.. لكنك لا تستطيع ان توقف عملية التسريبات.
اذا تم ايجاد تشريع قانوني يجب ان يحاكي خطورة التسريب. وتكون العقوبة على قدر الذنب.. والحديث عن لفت نظر او ايقاف لا يتناسب تماما مع حجم العمل.
لا توجد شركة لم تعان من عمليات التسريبات فالكل متضرر.. سواء بالمعلومات الصغيرة او المعلومات المتعلقة بصفقات او مشاريع كبيرة.
لا بد من عمل آلية لمراقبة التداول في نهاية كل ربع ميزانية لمعرفة اتجاهات البيع والشراء وتتبع مصدر الأطراف المستفيدة. منع اعضاء مجلس الادارة من التداولاسوأ ما في النظام الحالي هو انه يمنع اعضاء مجلس الادرة في بيع وشراء الاسهم.. وهذا النظام الوحيد في العالم الذي يمنع عضو مجلس الادارة من ذلك.. والحل هو في مزيد من الشفافية وافصاح العضو عن ملكيته في اطار القانون واللوائح المنظمة لذلك.
المري: الكبار والصغار يستفيدون من تسريب المعلومات
ناصر المري نائب رئيس مجلس الادارة والعضو المنتدب لشركة نور للاستثمار يقول: التسريبات تحدث من مجلس الادارة ادارة السوق والبنك المركزي، وهناك كبار وصغار يستفيدون من تسريب المعلومات حتى من موظفي البنك المركزي سواء لاستفادتهم الشخصية او لاقربائهم واصدقائهم ومعارفهم.
هذا الامر يعد جرما كبيرا في اميركا والاسواق الاوروبية ومصيره السجن وغرامة بالملايين كما حدث مع مايكل منيكوم في اميركا عندما تم تغريمه 500 مليون دولار. القضية تشريعية بالدرجة الأولى، فلابد من وجود قانون يجرم هذه العملية ويشدد الرقابة على منافذ تسريب المعلومات.
الوضع لدينا ليس سيئا الى هذا الحد، والظاهرة غير متفشية وربما لا تشكل ظاهرة بقدر ما تشكل حالة وحوادث محددة اكثرها يكون اكاذيب واشاعات يقوم بها بعض المضاربين. الاكاذيب تضر صغار المستثمرين.
والحقائق تفيد كبار المستثمرين وفي كلتا الحالتين الوضع خاطئ وسيئ. ادارة السوق الحالية مشهود لها بالكفاءة ويمكنها ان تفعل شيئا وتستطيع ان تقوم بدراسة هذه الحالات لمعرفة ما اذا كانت تشكل ظاهرة فتحاربها عن طريق رصد الحالات وتقديمها للحكومة لاصدار تشريع يعالجها. واذا لم تكن ظاهرة تعلن بكل شفافية انها لا تشكل خطرا على وضع السوق. فالمهم هو تشخيص الحالة المرضية لمعرفة المرض ودرجة خطورته.
العلوش: السر إذا تجاوز شخصين شاع والبيانات المالية 'يطلع' عليها 100 شخص قبل إعلانها
رئيس مجلس الادارة والعضو المنتدب للشركة الأولى للاستثمار د. محمد العلوش يقول مشكلة تسريب المعلومات ليست بالنصوص وانما بالنفوس، فأي شركة عندما تنوي شراء شركة او ابرام صفقة هل تفصح لمجرد انها تنوي، الافصاح بهذه الحالة يؤثر سلبا في الشركة دون ان يكون هناك تنفيذ للصفقة، والصحافة قد تساهم في نقل المعلومة غير الكاملة وغير المؤكدة وتضع الشركة في موقف محرج، فالافصاح عنها يكون غير كامل، وتأكيدها او نفيها تخريب للمفاوضات
آلية تسريب المعلومات للشركات المالية المدرجة تمر بمراحل عديدة فهي تبدأ بمدقق الحسابات وتمر على موظفي الشركة ومجلس الادارة وعددهم 7 اعضاء وتطبع الارقام من قبل السكرتارية، وحسب القانون لابد من ارسال البيانات الى البنك المركزي 'فيطلع' عليها العديد من الموظفين وقد تأخذ 10 أيام في البنك المركزي وتعود لمجلس الادارة لاقرارها، ثم تذهب الى ادارة السوق للموافقة عليها، ففي هذه الدورة كم شخص 'اطلع' عليها؟ السر اذا تجاوز شخصين لم يعد سرا فما بالك ب100 شخص اطلعوا على هذه البيانات ثم نأتي ونتكلم من تسريب المعلومات.
بهذه الحالة لا نستطيع ان نسيطر على المعلومة ما لم تكن هناك الية جديدة من شأنها اختصار الخطوات كأن يتم اعتماد البيانات من قبل مجلس الادارة والاعلان عنها مع ارسال نسخة للبنك المركزي وادارة البورصة. في هذه الحالة يكون الخطأ بحدود 5 الى 10% مع التأكيد على ان البيانات قابلة لموافقة الجهات الرسمية، فالآلية الموجودة طويلة، والشركات لا ذنب لها في ذلك، فكثير من الاحيان، والله لا نعلم عن كيفية تسريب المعلومة.. لذلك لابد من وضع آلية لتضييق الخناق على تسريب المعلومات وتتبع مصدرها.
وعليه يجب الا نطالب بالافصاح عن اخبار قبل ان تنضج، وعلى ادارة السوق الا تضغط على الشركات بالافصاح حتى لا تظلم احدا بالاشاعة، والاشاعات تشكل 80% من ارتفاع السهم والمطلوب هو الانتظار لحين توقيع مذكرة تفاهم على الاقل. ان الحديث ب'سوف' و'سنعمل' و'سنقوم' يجافي الحقيقة و'يخرب' على الشركة فالاصل ان نعمل وفقا للحديث النبوي الشريف عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: 'استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان'.
فكل شركة لديها منافسون يريدون معرفة خططها ومشاريعها، ثم ان كثيرا من الشركات لا تفكر في قضية ارتفاع السهم او انخفاضه لان هدفها الرئيسي هو العمل التشغيلي للشركة وليس السهم.
السلمي: الصورة ليست بهذه القتامة.. سوقنا من أفضل الأسواق نسبيا
صالح السلمي رئيس مجلس ادارة الكويت القابضة يقول:
اعتقد ان الصورة ليست بهذه القتامة.. فالسوق الكويتي يعد من اقل الاسواق 'نسبيا' من ناحية تسريب المعلومات.. وادارة السوق تقوم بدور جيد للسيطرة الى حد كبير على الوضع بدليل ان الاسقافات التي تحدث كل يوم على الكثير من الشركات للاستيضاح حول خبر ينشر هنا او هناك.
نحن لا ننشد المثالية لانها غير موجودة والتطبيق الكامل غير موجود حتى في الاسواق الكبيرة.. فأكبر سوق يحصل فيه تسريبات هو السوق الأميركي.. ونحن عانينا معه من خلال شركتنا كثيرا..
لا بد ان يكون هناك دليل واضح وصريح لتصل العملية الى مرحلة التجريم.. فالعيب ليس في القانون ولكن كيف يتم اثبات العملية بدون دليل مادي واضح. اما ان تكون هناك شبهة على كل سهم يرتفع وان وراءه ما وراءه دون دليل مادي.. فهذا يعني الدخول في الشبهات ونوايا الناس.. وهي مسألة غير دستورية ما لم تكن هناك ادلة قطعية واضحة.. فقد يكون هناك مضاربون دخلوا على سهم معين وساهموا في ارتفاعه فهل يكون مجلس الادارة متهما بتسريب معلومات؟
القلاف: المديرون التنفيذيون يتحاشون الدواوين والمجالس العامة
قال مساعد المدير العام لشركة وربة للاستثمار جعفر القلاف: الأسواق المتطورة في العالم لديها آليات متطورة لمنع تسريب المعلومات عبر وسائل من شأنها الحد من عمليات التسريب بإجراءات تقلل من هذه العمليات، فكل شركة وساطة مالية لديها غرفة عمليات مزودة بكاميرات لمراقبة الهواتف الأرضية، ولمنع لدخول الهواتف الخلوية، وبهذه الاجراءات تحاول ان تقلل من تسريب المعلومات في شركات الوساطة المالية، واقصد هنا شركات الوساطة المالية بمفهومها الواسع كوسيط مالي online، وشركات الاستثمار نجد أن لديها آليات للمراقبة، ووجود مدقق يتبع الرئيس التنفيذي تكون له صلاحية بالمراقبة ولا سلطان لأحد عليه.
الكنز الحقيقي
ويعتبر موضوع مدقق الحسابات أو من ينظر إلى الدفاتر بمنزلة الكنز الحقيقي للمعلومات، فالمديرون التنفيذيون وأصحاب القرار هم من يملك هذا الكنز، لذلك نجدهم في بعض الأحيان يتحاشون المجالس العامة والدواوين التي يكثر فيها السؤال، لذلك تكون اجاباتهم نافية للمعلومات، بمعنى انه لا يخلق رأي عام للشراء أو للبيع.
لسنا مجتمع ملائكة
ونحن بطبيعة الحال بشر ولسنا آلات، فحتى المؤسسات التي تعمل في مستوى التداول الالكتروني لديها شكاوى في جوانب السرية، لذلك تحاول وتحاول الحد من عمليات التسريب، لاننا لسنا مجتمع ملائكة.
إدارة البورصة اليوم تحاول جاهدة اتخاذ خطوات جيدة فتسأل مديري المحافظ والرؤساء التنفيذيين عن أقربائهم من الدرجة الأولى لمنع تسريب المعلومات.
من يجلس في المقهى.. لا بد ان يشم رائحة القهوة، ومن يجلس في مركز المعلومات لا بد ان يعرف شيئا من المعلومات، والحل هو في اعطاء 'بونص' لمن يملكون المعلومات لزيادة مناعتهم في محاولة تسريب اي معلومة، فهم بشر.. تتأثر بالمكان الذي تجلس فيه، لذلك لا بد من تحصينهم.
الرواتب تختلف من مكان لآخر لمديري الاستثمار، ومن يملكون المعلومات بعضها 'زين'، ولكن بشكل عام غير مجزية بالمقارنة بدول مثيلة، وفي الأسواق الكبيرة مثل أسواق أميركا نجد ان 'البونص' يصل الى مليون دولار، وهو وضع طبيعي على حجم الثروات المدارة هناك.
تقليل العنصر البشري
في أي مكان مفتوح فيه شراء وبيع، المعلومة لها تأثير.. والحل بتقليل اسهام العنصر البشري، لانه هو الذي يسرب، واستبدال ذلك بادخال العنصر الآلي بشكل أكبر. فبالطريقة الآلية ب'ضربة زر' تعرف من هو المتعامل، ومن وراءه ومن يمثل، وما مصلحته، ومعرفة أقربائه من الدرجة الأولى، لذلك لا بد من إنشاء مركز لهذه العملية يشمل وزارة التجارة والبنك المركزي وإدارة السوق، وكل الجهات المعنية وربطها بشبكة واحدة للحد من تسريب المعلومات.
البحر: أسواقنا رهينة التسريبات والإشاعات وعلى إدارة السوق تكثيف الرقابة والحزم في العقاب
نائب المدير العام لشركة المدار للتمويل والاستثمار بدر البحر يقول: باعتقادنا أن مسؤولية تسريب المعلومات هي مسؤولية جماعية ومشتركة، وعندما نقول انها مشتركة اقصد سوق الكويت للاوراق المالية والشركات ايضا حتى الصحافة والاعلام الاقتصادي بشكل عام، فالجميع مسؤول ولا يمكن ان نلقي باللائمة على طرف واحد فقط، فسوق الكويت للاوراق المالية يلعب دورا اساسيا في هذه العملية وهو موضوع في غاية الاهمية. فالافصاح والشفافية جزء وركن اصيل من اركان اي سوق مالي مهني. ودقة المعلومات ومصداقيتها ووصولها للمساهمين في الوقت المطلوب والمناسب هو جزء من مكونات تعريف السوق الكفؤ.
أسواقنا رهينة الإشاعات
ويضيف: مما لا شك فيه هو ان اسواقنا لم يصل الى مصاف الاسواق الدول المتقدمة، خصوصا فيما يتعلق بالافصاح والشفافية، فنحن نحاول ان نطبق ما هو موجود في الغرب، ولكن من الصعب في الفترة الحالية ان نصل الى درجة تساوي ما هو موجود في الاسواق الغربية. فلا تزال اسواقنا رهينة للاشاعات والتسريبات التي هي احد المؤثرات في سعر السهم بالسوق.
مراقبة التداولات الداخلية
يصعب جدا القضاء على موضوع التسريبات نهائيا، ولكن هناك بعض الوسائل. ولعلاج المشكلة يجب ان يتم اعادة تفعيل الجهاز الرقابي. واقصد هنا ادارة الرقابة في سوق الكويت للاوراق المالية وذلك بمراقبة التداولات الداخلية اولا، ومراقبة حركة اسعار الاسهم بشكل دقيق، سواء تلك التي تحقق ارتفاعات او انخفاضات قياسية، وبذلك يتم سحب البساط من تحت اقدام اللاعبين وغيرهم ممن يلعبون بالسوق ويضرون به، مع تطبيق الجزاءات عليهم ليكونوا مثالا يردع الآخرين ومؤشرا لمصداقية الجهات الرقابية.
مؤتمرات الشفافية
يمكن المساعدة على عملية اجهاض الاشاعات والتسريبات من خلال تفعيل مؤتمرات الشفافية وتشجيعها خصوصا في بداية كل عام او موسم، كما يجب تطبيق بعض الجزاءات على الصحافة كي تلتزم بالمصداقية خصوصا فيما يتعلق بتقديم الاخبار، حيث لا نجد حاليا ما يمكن ان يردع الصحافة عن اطلاق الاشاعات التي احيانا ليس لها اي اساس من الصحة.
مال الله: تطبيق القانون ليس نزوة تظهر فجأة وتختفي
تسريب المعلومات يأخذ 'حاصلها' قبل فترات الأرباح وإعلان الصفقاتيوسف مال الله، نائب الرئيس التنفيذي في شركة دار الاستثمار يقول: تسريب المعلومات عملية موجودة حتى في الاسواق العالمية المحترفة - وتفعيل الدور الرقابي لادارة السوق هو الفيصل واللاعب الكبير في العملية - وذلك من خلال نظام Traking على عمليات تسريب المعلومات وآثارها.. فتسريب المعلومة له عدة اغراض منها ما هو شخصي للانتفاع منها الاضرار بآخرين.. ولكن في النهاية هي تسريبات مجرمة تتطلب خلق نظام واضح عبر قنوات يقوم على مبدأ العقاب لاثبات الحالات.. ووضع ضوابط لكشف المجرم والجريمة وتأثيراتها.
مهما كان الغرض من التسريبات لا يعني ذلك ان يكون هناك نظام رديء للتحقق من تسريب المعلومة ونظام قانوني 'معلق' لا يعمل الا اذا كانت هناك شكوى.
ادار ة السوق يقع عليها العبء الكامل في ايجاد رقابة داخلية تتسم بالصراحة لمنع اي حالات لتسريب المعلومات.
أعطيك مثالا.. كم مرة تمر عليك أخبار لشركة حققت ارباحا جيدة او لديها مشاريع مهمة، ومع ذلك لا ترى اي تحريك على سهمها لان تسريب المعلومة 'اخذ حاصل'. لذلك لا يوجد اي تأثير لهذه الاخبار.. اضافة الى ان الفترة الزمنية وتنقل المعلومات من شخص الى آخر ومن جهة لاخرى بزيادة او نقصان، وتأكيد المعلومة او نفيها.. كل هذه الامور لا تؤثر في السهم لان تسريب المعلومات كان قد سبق كل هذه العمليات.. وهذا الامر نلاحظه على شركات كبرى بدون ذكر اسماء.. هذه الشركات تكلمت عن صفقات وارباح، ومع ذلك لم يتأثر السهم لكثرة ما تم تداول المعلومة فأصبحت المعلومة بلا اي اهمية لان التسريب كان سابقا للخبر.
تأثير تسريب المعلومات على السوق يكون على سمعة السوق وعدم الثقة به..
لو كنا محكومين باطار مؤسسي محكوم من ناحية الشفافية وتجريم تسريب المعلومات. لما ملكنا الا ان نحترم ونثق بالسوق وبآلياته.
المهم الا تكون عملية الرقابة.. عبارة عن 'نزوة' طارئة.. وتتم بشكل مفاجئ وسريع ولا تقيس نتائج هذه العملية.. فهناك مصلحة عامة قبل كل شيء.. ومصالح شركات. وحصل بالسوق كذا 'ضربة' اشبه ما تكون 'بالنزوة' التي كانت آثارها مزعجة لانها لم تحسب حساب النتائج..
فمسألة تسريب المعلومة تتنافى اولا مع منهجية العمل الصحيح.. فمبدأ العمل كمدير استثمار لا يرتبط بالحصول على بونص.. الان هذا المبدأ يقوم على اخلاقيات العمل.. فالكاشير الذي يعمل براتب 300 دينار لا يحق له ان يأخذ منه الآلاف التي يتسلمها من الزبائن..
مدير المحفظة تتكون لديه معلومات، وهذا لا يعطيه الاحقية بأن يستفيد منها بشكل غير اخلاقي او قانوني فهو بهذه الحالة خائن للامانة.
بودي: رصد حركة البيع والشراء التي تسبق بعض الصفقات والإفصاحات
د. خالد بودي رئيس مجلس الادارة في شركة الرتاج للاستثمار
يقول: القوانين تحتاج الى تطوير، وان تشمل تفاصيل محددة حول تسريب المعلومات.. وتجيب عن التساؤلات بدقة فمن الذي يسرب المعلومات؟ وأي نوع من هذه المعلومات التي 'تسرب'؟ وعن اي قنوات 'تسرب'؟ وما العقوبات التي تترتب عليها؟
رصد الصفقات
يمكن متابعة عمليات تسريب المعلومات من خلال رصد الصفقات التي تتم ومن قام بها خلال فترة معينة وتسبق بحدث معين.. فالعملية هي حزمة من الاجراءات صلبها هو تطوير القوانين، وأهمها قانون هيئة سوق المال الذي يساهم في ضبط تسريب المعلومات، بالإضافة إلى توعية اعضاء مجلس الادارة والادارة التنفيذية والتعامل معهم بوضوح حول ماهية المعلومات السرية والمعلومات غير السرية.
الدواوين وكلام الناس
لابد ايضا من قانون ينظم عمليات الافصاح ونشر المعلومات ويستعين بالقوانين في الدول الأخرى، وضوابطها في التعامل مع تسريب المعلومات. فعلى الرغم من ان سوق الكويت للأوراق المالية قام بخطوات لعمليات الافصاح فإن المعلومات لاتزال تتسرب وتستفيد منها اطراف على حساب اطراف أخرى مما يترتب عليه ظلم لبعض المتعاملين يعزز من ذلك ظاهرة الدواوين وكلام الناس حول بعض التسريبات الخاصة بالمعلومات.
منظومة متكاملة
العملية تشكل منظومة متكاملة لتطوير القوانين ووضع أجهزة متطورة لمراقبة عمليات البيع والشراء وأجهزة للعرض في متابعة تسريب المعلومات.. وهذه يمكن القيام بها من خلال الاطلاع على عمل هيئة الأوراق والتبادل الأميركي فهي أكثر جهة لديها أنظمة ضبط متطورة لتجريم تسريب المعلومات.
تجربة إنرون
أكبر مثال على عمليات تجريم تسريب المعلومات هو ما حدث في شركة انرون للطاقة بعد تجريم بعض المديرين على ممارساتهم في التأثير على العمليات المحاسبية واظهار وضع الشركة بشكل غير حقيقي مما ساهم في التغرير بالمتداولين في السوق.
الثامر: مؤسسة مالية ضخمة وأشخاص نافذون .. تم اكتشافهم بصفقات مشبوهة
محمد الثامر: مستشار العضو المنتدب لشركة بيت الاوراق المالية يقول: ليس هناك تجريم قانوني محدد لعمليات تسريب المعلومات، والتجريم يأتي في اطار القانون العام الذي يجرم المعلومات التي تفيدك ولا تضر الغير، لذلك هناك قصور تشريعي في هذا الجانب.
الأولوية على حسب المخاطرة
ويضيف: في الاسواق المالية العالمية أولوية في المعلومة لصناع السوق لانهم يتحملون المخاطر، لذلك تعطى لهم الاولوية مقابل تحملهم المخاطر، وللاسف ليس لدينا اولوية في تقديم المعلومة، وهذه ليست خاصة بنا بقدر ما هي وضع قائم في كل دول الخليج.
ما هي الحقوق.. والواجبات؟!
هناك تعليمات تتسلمها كل شركة عند ادراجها، لكن ليس من بين هذه التعليمات اي شيء يذكر بخصوص المعلومات وسريتها، تماما مثلما يتسلم اي عميل رقم حساب في دخوله الى سوق الكويت للاوراق المالية لا توجد اي تعليمات له، ما حقوقه، وما واجباته، فما نحتاجه ان تكون هناك خطوات واضحة لما له وما عليه.
عقوبة من جنس العمل
ويؤكد الثامر ان العقوبات يجب ان تكون واضحة، وما يحدث هو انها تخضع لتقدير الهيئة القضائية، التي عادة تكون هناك عقوبة من جنس العمل، اي تكون هناك غرامة على حسب الصفقة او 'الديل' الذي انجزه المتعامل واستفاد منه بشكل غير قانوني.
كنترول غير مباشر
في الكويت كنترول على العمليات لكن باسلوب غير مباشر من خلال متابعة اوامر الشراء، فلا يمكن ان تكون عملية مصادفة ان يستفيد عميل بشكل يومي من صفقات محددة ما لم تكن هناك معرفة مسبقة بالمعلومات وعليه تتم محاسبته، وحدثت بعض الحالات في السوق تم اكتشافها في جهاز Dealer Room وهو جهاز مثل الانتركم مربوط بالشبكة، وتم اكتشاف من استفادوا من الصفقات، وحوسبوا بعد 11 شهرا ومنهم مؤسسة مالية ضخمة.
الرقابة اللاحقة
ما نحتاجه هو ايجاد آلية للعقوبة تقوم على تحقيق الرقابة اللاحقة بمعنى انها تتعامل مع الوضع بحسن نية وعدم تجريم شخص بالشبهات، الا ان هذا الشخص معرض للمسؤولية القانونية المغلطة فيما بعد ذلك فيما لو ثبت ضده ارتكاب مخالفة قانونية.
الحساوي: من لم تمنعه أخلاقه لا تمنعه القوانين .. حتى الرادعة منها
يوسف الحساوي.. المدير العام للشركة الكويتية للاستثمار يقول: السيطرة على عملية تسريب المعلومات صعبة ان لم تكن مستحيلة، فهي مشكلة عامة ولا ترتبط بعمل الشركات او سوق الكويت للاوراق المالية، فهي في القطاع العام والخاص على حد سواء، فلا توجد آليات يمكن من خلالها ضبط من يقوم بتسريب المعلومات، والمخرج الوحيد لذلك هو تغليظ العقوبات لردع كل من تسول له نفسه القيام بذلك، فمن امن العقوبة اساء الادب، وحتى لا نصل الى مرحلة متقدمة في سوء الادب وسوء استغلال المكان لتسريب المعلومات علينا ان نغلظ العقوبة، فهي الباب الذي يمكن من خلاله الحد من هذه الآفة المزعجة.
ويضيف: قضية التسريب ليست مرتبطة بمنصب معين، او بمجلس الادارة او بموظف كبير او صغير داخل الشركة، ففي كثير من الاحيان تكون التسريبات من خارج الشركة او الادارة المعنية من خلال طرف له علاقة باطراف داخل الشركة.
المسألة لها ارتباط وثيق بالاخلاقيات بالدرجة الاولى فمن لم تمنعه اخلاقه لا تمنعه القوانين، ونأمل ان تكون هناك وسائل ردع مناسبة عند انشاء هيئة سوق المال عبر استفاداتها من تجارب الاسواق الاخرى.
الشمالي: التسريبات 3 أنواع .. واحد 'يؤثر' وثان 'فركش' وأخير 'يوضح'
يقول علي الشمالي رئيس مجلس الادارة والعضو المنتدب لشركة المدينة للاستثمار هذه المشكلة تعاني منها الشركات بشكل واضح عند الترتيب لصفقة معينة، فنحاول ان نعمل بكل سرية للحفاظ على ابرام الصفقة، قد تنجح احيانا وقد تتسرب احيانا، ولا توجد شركة لم تعان منها.
التسريبات 3 انواع، هناك تسريبات تؤثر على الصفقة وافادة اطراف معينة وهناك تسريبات 'تفركش' الصفقة، وهناك تسريبات ايجابية تكون بالاعلان الواضح الذي يعلن بوضوح عن اتمام الصفقة ونجاحها.
ادارة البورصة اصبحت اكثر شفافية من خلال ايقاف اي سهم يتم الحديث حوله بهدف التحقق من المعلومة واي خبر ينشر في الصحف يتم التعامل معه بجدية الى ان تقوم الشركة بتقديم ايضاح حول تفاصيل الخبر.
الحد من التسريبات والتصريحات
المطلوب من الشركات ان تكون ذات تصريحات قليلة وافعال كثيرة، لدرجة ان المستثمرين اصبحوا يتخوفون من الشركات ذات التصريحات الكثيرة، والمشكلة ان بعض القياديين في بعض الشركات يساهمون في ذلك عبر تسريباتهم من ناحية او ظهورهم المستمر في الصحافة من جانب آخر.
التأنيب هو اكثر ما تفعله الجهات الرقابية وهذا لا يكفي، فالتشدد في الردع هو الحل ولو كانت هناك حالة واحدة تردع بشدة لتفاعل معها السوق بالكامل ولفترات طويلة مقبلة ولاصبح السوق مضبوطا!