حدث الأسبوع.. كيف ستبدو خريطة الاقتصاد العالمي في 2020؟
مباشر - سالي إسماعيل: على ما يبدو ستكون خريطة العالم الاقتصادية مختلفة للغاية هذا العام عند المقارنة مع السنوات القليلة الماضية أو حتى التوقعات الخاصة بعام 2021.
وأصدر صندوق النقد الدولي في الأسبوع الماضي تقديراته الجديدة حول
أداء الاقتصاد العالمي خلال عام 2020، والتي شهدت تحولاً حاداً بعدما تضمنت التأثير السلبي عن تفشي الكورونا وتداعيات مكافحة انتشار الوباء.
الانكماش يكسو العالم في 2020 - (المصدر: صندوق النقد الدولي)
ومن المتوقع أن يتعرض الاقتصاد العالمي إلى حالة من الركود هي الأسوأ منذ الكساد العظيم الذي وقع ثلاثينيات القرن الماضي، مع حقيقة أن الموقف سيكون أسوأ بكثير مما كان عليه في الأزمة المالية العالمية عام 2008.
وتشير التوقعات إلى أن الناتج المحلي الإجمالي لدول العالم سوف ينكمش بنسبة 3 بالمائة خلال العام الجاري، وهو ما يرجع إلى حد كبير بفعل انكماش الاقتصادات المتقدمة بنحو 6.1 بالمائة مع أداء داخل النطاق الأحمر للأسواق الناشئة (سالب 1 بالمائة).
توقعات أداء الاقتصاد العالمي - (المصدر: صندوق النقد الدولي)
ويعود الأمر برمته إلى فيروس "كوفيد-19" الذي اندلع في الصين نهاية العام الماضي وتوغل داخل حوالي 185 دولة بالعالم في أزمة غير مسبوقة.
وبحسب الإحصاءات المتاحة على موقع جامعة "جونز هوبكينز" الأمريكية، فإن الوباء راح ضحيته حوالي 160 ألف متوفياً مع إصابة أكثر من 2.3 مليون آخرين.
وفي واقع الأمر، يخلف الفيروس المميت ضحايا بشرية لكن تداعيات مكافحة انتشاره هي كلمة السر في المأزق الاقتصادي الذي نعيشه اليوم وسط عمليات إغلاق للدول والعالم بأكمله إضافة إلى قيود السفر وأوامر "البقاء في المنزل".
وفي مجمل العام، من المرجح أن ينكمش الاقتصاد الأمريكي بنحو 5.9 بالمائة وفي إيطاليا بنسبة 9.1 بالمائة وفي ألمانيا 7 بالمائة واليابان 5.2 بالمائة.
لكن من شأن النمو الاقتصادي في اثنين من أكبر الاقتصادات حول العالم، الصين والهند، أن يعوض نوعاً ما الانكماش المحتمل من الدول الأربع سالفة الذكر رغم توقعات التباطؤ القوي في كلا البلدين.
ومن المتوقع أن تكون الولايات المتحدة هي المسؤولة بشكل رئيسية عن الانكماش العالمي، حيث يُنسب لها نحو 31.1 بالمائة من الهبوط في الناتج المحلي الإجمالي للعالم، بحسب بيانات جمعتها وكالة بلومبرج باستخدام تقديرات صندوق النقد الدولي.
وتأتي ألمانيا في المرتبة الثانية بقائمة أكثر الدول من المحتمل أن تؤثر سلباً على الاقتصاد العالمي في العام الجاري بحصة قدرها 7.7 بالمائة، يليها اليابان بـ7.1 بالمائة.
ومع نظرة أكثر عمقاً، توضح التقديرات أن هناك 38 دولة فقط ستنجح في تسجيل نمواً خلال هذا العام من بين 192 دولة.
ومن بين تلك الدول التي يتوقع أن يتوسع اقتصادها، توجد الصين والهند بتحقيق نمو 1.2 بالمائة و1.9 بالمائة على الترتيب.
أما الدول الأكثر نمواً فسوف تتصدرهم غيانا بزيادة 52.8 بالمائة في ناتجها المحلي الإجمالي، ثم جنوب السودان بنمو 4.9 بالمائة وجمهورية بنين بنمو 4.5 بالمائة.
وفي المقابل، ستعاني 153 دولة من انكماش في ناتجها المحلي الإجمالي في 2020 أبرزهم؛ الولايات المتحدة (5.9 بالمائة) وفرنسا (7.2 بالمائة) وألمانيا (7 بالمائة) وإيطاليا (9.1 بالمائة) وإسبانيا (8 بالمائة) والمملكة المتحدة (6.5 بالمائة) واليابان (5.2 بالمائة) وروسيا ((5.5 بالمائة) والبرازيل (5.3 بالمائة).
لكن على صعيد الأسوأ أداءً، ستكون ليبيا في المقدمة وسط توقعات بأن يشهد اقتصادها انكماشاً بنحو 58.7 بالمائة، يليها دولة مكاو بانكماش 29.6 بالمائة، ثم فنزويلا بتراجع الناتج المحلي الإجمالي بنحو 15 بالمائة.
تأثير الدول على الاقتصاد العالمي في 2020 - (المصدر: وكالة بلومبرج)
وعند النظر في أداء الدول، سواء كانت اقتصادات متقدمة أو اقتصادات ناشئة ونامية، فمن المتوقع أن تشهد انكماشاً بنحو 6.1 بالمائة أو 1 بالمائة على الترتيب.
ويجدر الإشارة إلى اقتصادات مجموعة الدول السبع قد تشهد انكماشاً بنحو 6.2 بالمائة هذا العام، أما دول الاتحاد الأوروبي سوف تتلقى ضربة أكبر وسط احتمالات أن يشهد الناتج المحلي الإجمالي لتلك الدول هبوطاً بنحو 7.1 بالمائة، بينما تقع اقتصادات منطقة اليورو في انكماش بنحو 7.5 بالمائة.
وفيما يتعلق بالأداء الاقتصادي من حيث المناطق، فمن المحتمل أن تشهد الـ19 منطقة حول العالم انكماشاً في ناتجها المحلي الإجمالي فيما عدا منطقة جنوب آسيا والتي من المتوقع أن تنمو بنسبة 1.5 بالمائة هذا العام.
وستكون منطقة أوروبا الغربية هي الأسوأ أداء وسط توقعات بانكماش 7.3 بالمائة، في حين أن منطقة شرق آسيا ستكون الأقل تضرراً بتراجع ناتجها المحلي الإجمالي بنحو 0.1 بالمائة.
وبالنسبة لعام 2021، يرى الصندوق تعافياً قوياً، حيث يتوقع أن يتوسع الاقتصاد العالمي بنحو 5.8 بالمائة، وهي أكبر وتيرة نمو يرصدها صندوق النقد في سجلاته التي تعود إلى عام 1980.
ومن المقرر أن تقود الصين مسار التعافي، بحصة قدرها 29.2 بالمائة، يليها الولايات المتحدة والتي سوف ينسب لها 12.8 بالمائة من الانتعاش المحتمل.
وتكمل الهند (10 بالمائة) وإندونيسيا (3.6 بالمائة) وألمانيا (2.8 بالمائة)، بقية الدول الخمسة المسؤولة عن نمو الاقتصاد العالمي المحتمل في العام المقبل.
تأثير الدول على الاقتصاد العالمي في 2021 - (المصدر: وكالة بلومبرج)
وبحسب تقديرات الصندوق الدولي، فمن المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي للصين بنحو 9.2 بالمائة في العام القادم مقارنة مع نمو 1.2 بالمائة في عام 2020.
كما يضع الصندوق تقديرات لنمو اقتصاد الولايات المتحدة بنسبة 4.7 بالمائة خلال عام 2021، والتي من شأنها أن تكون الأقوى منذ عام 1999.
ورغم أن النمو الاقتصادي العالمي من المرجح أن يكون قوياً وواسع النطاق في العام القادم، لكن الخسارة التراكمية للناتج المحلي الإجمالي العالمي خلال عامي 2020 و2021 من أزمة الوباء المميت قد تقدر بنحو 9 تريليونات دولار، وهو ما يعادل حجم اقتصادي اليابان وألمانيا مجتمعين.