"حدث الأسبوع".. الفيدرالي ينفض يديه من السوق ويتجاهل تهديدات ترامب
من: سالي إسماعيل
مباشر: كما هو متوقع ومخطط مسبقاً، أقر بنك الاحتياطي الفيدرالي زيادة جديدة في معدل الفائدة خلال اجتماعه الأخير لهذا العام لتكون بذلك الخطوة الرابعة من نوعها في 2018.
وتصدر قرار الفيدرالي والنغمة المختلفة التي اتبعها رئيس المركزي الأمريكي أهم الأحداث في الأسواق العالمية خلال الأسبوع الماضي، والتي تشير إلى تأكيد البنك على مهامه الأساسية رويداً رويداً سواء في الابتعاد عن الأسواق أو التشديد على استقلاليته الكاملة بعيداً عن الاعتبارات السياسية.
وتعرض بنك الاحتياطي الفيدرالي ورئيسه "جيروم باول" إلى هجوم حاد خلال العام الحالي من جانب الرئيس دونالد ترامب والذي يرى أن زيادة معدل الفائدة يقوض الاقتصاد الأمريكي إضافة إلى التسبب في خسائر أسواق الأسهم كما زعم في أوقات سابقة.
وأقر
بنك الاحتياطي الفيدرالي زيادة بمعدل الفائدة قدرها 25 نقطة أساس في اجتماع ديسمبر ليتراوح بين 2.25% إلى 2.50% بعد 3 زيادات في اجتماعات مارس ويونيو وسبتمبر، وذلك مقارنة مع مستوى كان يتراوح بين 1.25% إلى 1.50% في بداية هذا العام.
لكن في الوقت نفسه ربما تكون مخاوف الأسواق مسموعة لدى البنك ما يعني أن الفيدرالي قد يغير مساره إذا لم تكن البيانات الاقتصادية قوية بالعام المقبل، وفقاً لما ذكره رئيس البنك في ولاية نيويورك "
جون ويليامز".
وخفض
المركزي الأمريكي توقعاته لوتيرة زيادة
تكاليف الاقتراض بـ2019 إلى مرتين بدلاً من 3 زيادات متوقعة سابقاً، مع إعطاء توقعات للنمو الاقتصادي والتضخم بالعامين الحالي والمقبل أقل من تقديرات سبتمبر.
وكان المركزي الأمريكي أعلن في وقت سابق أنه سيتحول إلى الاهتمام الشديد للبيانات الاقتصادية الواردة بشأن الوضع داخل أكبر اقتصاد حول العالم.
وبحسب بيانات رسمية، فإنه تم خفض تقديرات النمو الاقتصادي للولايات المتحدة بالربع الثالث لتصبح 3.4% بدلاً من القراءة الأولية والبالغة 3.5% ومقابل ارتفاع 4.2% في الثلاثة أشهر السابقة لهذا الربع.
وفي
أواخر نوفمبر الماضي، ذكر باول أن معدلات الفائدة لا تزال منخفضة بالنظر للمستويات التاريحية لكنها أقل بقليل من المستوى المحايد كما جدد في الأسبوع المنصرم هذه التعليقات مع لفت النظر للاستمرار في
خفض الميزانية العمومية.
ويعني المستوى المحايد لمعدل الفائدة أنه وصل للمكانة التي لا يكون حينها ذو تأثير على الاقتصاد سواء بإبطاء أو تسريع وتيرة النمو.
وبالتزامن مع قرار الفيدرالي، فإن
بنك إنجلترا وكذلك
المركزي الياباني قاما بإبقاء سياستهما النقدية كما هي دون تغيير مع إشارة الأخير إلى أن اقتصاد البلاد يتوسع بشكل معتدل.
في حين كان هناك من يلحقون بقطار التشديد النقدي، حيث رفع
البنك المركزي في السويد معدل الفائدة للمرة الأولى منذ عام 2011 كما قام
المركزي المكسيكي بزيادة الفائدة للمرة الرابعة هذا العام لتصل إلى أعلى مستوى في عقد، كما أقرت
تايلاند زيادة هي الأولى كذلك في نحو 7 أعوام.
الابتعاد عن الأسواق
تحركات الفيدرالي تشير إلى أنه يؤدي مهام وظيفته، كما يقول الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل "
روبرت شيلر"، مشدداً على أن السوق يبالغ في رد الفعل على قرار الفائدة.
وفي تعليق لوزير الخزانة الأمريكي
ستيفن مونشين، اعتبر أن سوق الأسهم بالغ في ردة فعله بعد قرار زيادة الفائدة وتصريحات باول لكنه أكد أن المستثمرين أصيبوا بخيبة أمل.
أما الاقتصادي
محمد العريان، فيرى أن جيروم باول يسعى لكسر اعتماد سوق الأسهم على الفيدرالي وإنهاء فكرة أن المركزي الأمريكي هو أفضل صديق للسوق إلى الأبد، مشيراً إلى أنه كان يرغب في توصيل رسالة مفادها: "لقد حان الوقت للأسواق كي تقف على قدميها".
تجديد الاستقلالية
رغم الهجوم الحاد والمتكرر من جانب ترامب ضد باول وصلت إلى حد الندم على اختيار الأخير لهذا المنصب، لكن
رئيس الاحتياطي الفيدرالي شدد على أن الاعتبارات السياسية ليست ذات قيمة مؤثرة على قرارات السياسة النقدية.
ويقول باول إن ليس هناك ما يمنعه من القيام بالشيء الصحيح وفقاً للمهمة التي منحه الكونجرس الأمريكي إياها مشيراً لأهمية الاستقلال الذي يعتبر بمثابة أمر ضروري للقيام بوظائفهم بطريقة غير سياسية.
وكان الرئيس الأمريكي حذر الفيدرالي من
ارتكاب خطأ مرة أخرى بزيادة معدل الفائدة وهو التحذير الذي سبقه طلب بالتفكير مجدداً قبل الإقبال على هذه الخطوة.
تبعات القرار
أعقب قرار الزيادة المتوقعة في معدل الفائدة الأمريكية خسائر ملحوظة داخل الأسواق عموماً ومؤشرات الأسهم بشكل خاص.
وفي
الجلسة المصاحبة لقرار الفيدرالي، تحولت الأسهم الأمريكية إلى الهبوط ليفقد "داو جونز" 350 نقطة بالختام وينهي التداولات عند أدنى مستوى في 2018، كما
قلص الدولار خسائره فيما تحول الذهب إلى الهبوط.
لكن الخسائر كانت على نطاق أوسع على صعيد الأسبوع، حيث سجلت
البورصة اليابانية انخفاضاً بنحو 5.7% كما تهاوت
الأسواق الأوروبية بأكثر من 3%.
وازداد الوضع سوءاً داخل أروقة "
وول ستريت"، حيث فقد مؤشر "داو جونز" الصناعي 1600 نقطة من قيمته بأسبوع لتكون الخسائر الأكبر في نحو عقد من الزمان.
وبالنسبة للمؤشر الذي يرصد القلق بين المستثمرين بالأسهم الأمريكية ويطلق عليه
مؤشر الخوف فارتفع في الأسبوع المنقضي إلى أعلى مستوى منذ الحركة التصحيحية التي وقعت في فبراير الماضي لتكون نسبة الزيادة منذ بداية عام 2018 هي 157%.
وفي سوق الملاذ الآمن، أنهى الذهب جلسته
داخل النطاق الأحمر للمرة الأولى في 5 جلسات لكنه تمكن من حصد أرباح قدرها 16 دولاراً في أسبوع مع قرار الفيدرالي إلى جانب آفاق اقتصادية أقل تفاؤلاً.
إغلاق الحكومة
ولم يكن قرار الفيدرالي هو المحرك الوحيد للأسواق المالية العالمية في الأسبوع الماضي وإن كان بنصيب أكبر، حيث أن مسألة إغلاق الحكومة الأمريكية تركت بصمتها كذلك.
وهدد الرئيس دونالد ترامب
بإغلاق طويل للحكومة ما لم يتم موافقة الكونجرس على دعم تمويل الجدار العازل مع المكسيك بنحو 5 مليارات دولار، وهو ما حدث بالفعل، حيث رفض التوقيع على مشروع قانون إنفاق من شأنه تأجيل إغلاق الحكومة حتى 8 فبراير المقبل والذي مرره مجلس الشيوخ.
واعتبر ترامب أن إغلاق الحكومة أمر
يتوقف على الديموقراطيين بمجلس الشيوخ بعد أن وافق
مجلس النوابعلى تمويل الحدود بمبلغ 5.7 مليار دولار.