ثمَّة تقييمات كثيرة رخيصة
السعودية: توقعات طفرة بأسعار أسهم
آفاق واعدة أمام السوق السعودي (رويترز)
المصارف والبتروكيماويات والأسمنت.. والتجزئة
الرياض - رويترز - بعد طول انتظار قررت السعودية أخيرا السماح للمستثمرين الأجانب بالاستثمار المباشر في أكبر سوق للأسهم في الشرق الأوسط، ما يفتح آفاقاً واعدة أمام سوق مغلقة تنطوي على فرص هائلة وتتجاوز قيمتها السوقية 531 مليار دولار.
وقالت هيئة السوق المالية السعودية إن فتح أكبر سوق للأسهم في الشرق الأوسط للاستثمار المباشر من قبل المؤسسات الأجنبية، سيبدأ في النصف الأول من 2015 بعدما أعطى مجلس الوزراء الضوء الأخضر للمضي قدما في تنفيذ تلك الخطوة.
ويعد فتح السوق أمام الأجانب للاستثمار المباشر واحدا من أهم الإصلاحات الاقتصادية التي يترقبها المستثمرون بشغف في أكبر مصدر للنفط في العالم وأكبر اقتصاد عربي.
وفي الوقت الحالي لا يسمح للأجانب بشراء الأسهم السعودية إلا من خلال صفقات مقايضة تجريها بنوك استثمار دولية، وأيضا من خلال عدد صغير من صناديق المؤشرات.
وأجمع اقتصاديون وخبراء ومديرو محافظ استثمارية تحدثت معهم «رويترز» على أن الخطوة ستكون إيجابية للسوق وستساعد على زيادة المستوى الإجمالي للاستثمار المؤسسي في البورصة، حيث يسيطر الأفراد على نحو %93 من التداولات اليومية.
لكنهم لفتوا إلى أن الخطوة ربما تكون غير كافية لاستيعاب السيولة الكبيرة التي ستدخل للسوق مع فتحها، وأشاروا إلى وجود ضرورة لتطوير سوق السندات والصكوك لاستيعاب تلك الأموال.
عوامل وانعكاسات
أجمع الاقتصاديون والخبراء على أن الأجانب يرون البورصة السعودية جذابة جدا في ظل الوضع القوي للاقتصاد الكلي بأكبر مصدر للنفط في العالم والعوامل السكانية وانخفاض تكلفة الطاقة والإنفاق الحكومي على البنية الأساسية إلى جانب توقعات النمو الإيجابية والتقييمات الرخيصة للكثير من الأسهم في السوق.
يقول الاقتصادي البارز عبدالوهاب أبو داهش «الاستثمار الأجنبي المباشر سيعزز الثقة في الاقتصاد، ويساعده على وجود لاعبين جدد، وعلى وجود نظام مؤسساتي أفضل».
وأضاف «أعتقد أن الخطوة المقبلة ستكون إدراج السوق السعودي على مؤشر مورغان ستانلي، وسيستحوذ السوق على أكبر سيولة ممكنة من تلك التي تستحوذ عليها أسواق خليحية أخرى».
وعقب إعلان قرار فتح السوق خلال العام المقبل قال مسؤول في إم.إس.سي.آي لمؤشرات الأسواق إن الشركة ستجري مشاورات مع المستثمرين بشأن إدراج السعودية على مؤشراتها للأسهم وقد تأخذ قرارا بضمها كسوق ناشئة في يونيو 2015.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي، إحسان ابو حليقة «هذه خطوة طال انتظارها.. طيلة السنوات الماضية كانت سوق الأسهم السعودية سوقا محلية ورغم انها تجنبت أزمات مالية عالمية كبرى.. لم يكن مقبولا أن تظل السوق محلية في دولة ذات ثقل اقتصادي عالمي».
وتابع «السوق المالية ستجلب نوعا آخر من الاستثمارات التي تقوم على أساس ايجاد مراكز، اعتمادا على الاسهم، ونحن نفتقد مثل هذا النوع من الاستثمارات».
وأضاف ابو حليقة أن القرار ضروري لترشيد حركة المؤشر الذي لا يتأثر بالأخبار الاقتصادية الإيجابية، سواء محليا او في المنطقة، بينما يتأثر سريعا بالأخبار السلبية.
وتابع «دخول مستثمرين مؤسساتيين سيكون لهم مساهمة واضحة في ترشيد حركة المؤشر والحد من الميل للتفاعل مع الأحداث السلبية».
المؤشر يترقَّب
وقفز مؤشر سوق الأسهم السعودي أكثر من %3 متجاوزاً مستوى عشرة آلاف نقطة في تعاملات الأمس، مع تفاؤل المتعاملين بالقرار. وشملت الارتفاعات كل المؤشرات الفرعية، وتركزت التداولات على الأسهم القيادية التي قد تجذب أنظار الأجانب.
وبنهاية التعاملات أغلق المؤشر مرتفعا %2.8 عند 10025.14 نقطة وسط تداولات قوية تجاوزت قيمتها 12.2 مليار ريال.
يقول ثامر السعيد، مدير المحافظ الاستثمارية لدى الأولى جوجيت كابيتال، «إعلان الهيئة عن الإطار الزمني لفتح السوق يمنح الوقت الكافي للمستثمرين داخل السوق بالتمركز داخله والسيطرة على الفرص المتاحة فيه».
وتابع: «نحن في انتظار الإعلان عن القواعد لمعرفة ما إذا كانت هناك نسبة تملك محددة للأجانب.. ولكن لحين الإعلان عن ذلك أعتقد أن 10400ــــ 10500 نقطة أصبح مستوى مستحقاً للمؤشر».
واعتبر هشام تفاحة مدير المحافظ الاستثمارية في الرياض قرار فتح السوق «إيجابيا جدا» مثلما اتضح مع صعود البورصة أمس.
لكنه أضاف «يجب الحذر من الارتفاعات غير المبررة، لأنه في نهاية اليوم المستثمر الأجنبي سيدخل السوق بشكل مقنن، ولن يأتي للمضاربة وستتركز أنظار الاجانب على الشركات الاستثمارية لان تقييمها رخيص».
وتوقع تفاحة ارتفاع معدل التداول اليومي لأكثر من عشرة مليارات ريال بعد العيد، وان ترتفع القيمة السوقية للبورصة إلى نحو 620 مليار دولار خلال عام.
وتابع «من الممكن أن نرى مؤشر السوق عند مستوى 10500 – 10800 نقطة خلال خمسة أشهر».
ولفت محللون إلى أن ذلك ربما ينعكس على أرباح البنوك التي تمتلك شركات وساطة تابعة لها.
وكانت البنوك سجلت نموا ملحوظا في ارباحها خلال النصف الأول من 2012 عندما تزايدت التكهنات آنذاك بقرب فتح السوق للاجانب، وعندما ارتفعت قيم التداول اليومي حينها إلى 9 - 12 مليار ريال.
وأجمع المحللون والخبراء على أن قطاع البتروكيماويات سيكون عامل الجذب الأول للاستثمارات الأجنبية المباشرة داخل السوق، لما للملكة من ثقل في قطاع النفط وفي صناعة البتروكيماويات.
وظهر ذلك جليا في تداولات أمس مع صعود مؤشر البتروكيماويات %4.12 بنهاية التعاملات وتسجيل سهم سابك صعودا بنسبة %9 خلال الجلسة قبل أن يقلص مكاسبه ويغلق مرتفعا %6.8.
كما رجح المحللون أن ينجذب الأجانب إلى قطاع المصارف الذي يتميز برخص تقييمات أسهمه، وقطاع الاتصالات وعدد من الشركات بقطاع التجزئة.
وبنهاية تعاملات أمس قفز سهم مصرف الراجحي %2.2 وسامبا %6.1 وموبايلي %5.1 والاتصالات السعودية %2.9.
الصكوك والسندات
يتفق الاقتصاديان البارزان أبوداهش وأبوحليقة على أن فتح السوق للاستثمار الأجنبي خطوة مهمة، لكنها قد لا تكون كافية لاستيعاب السيولة الكبيرة المتوقع دخولها في السوق.
وقال أبوداهش «مع حجم السيولة العالية من الأجانب نأمل أن ينعكس ذلك على سوق السندات.. يبدي الكثير من الأجانب اهتماما بسوق الصكوك ومن المهم جدا إيجاد سوق ضخم للصكوك لاستيعاب السيولة القادمة، التي من المتوقع أن تكون ضخمة».
فيما قال أبوحليقة إن السوق السعودي حتى الآن سوق لتبادل الأسهم بالدرجة الاولى ولم يساهم بدور كبير في استقطاب الاموال، إذ دائما ما تكون البنوك الخيار الأول للشركات للحصول على التمويل، ثم تأتي البورصة خياراً ثانياً.
وقال «السوق السعودية لا تزال سوقاً خجولة، لكن الرياض مؤهلة لأن تكون المركز المالي الأول عربيا واسلاميا في سوق السندات والصكوك الاسلامية لاعتبارات اهمها انها مستندة إلى اقتصاد كبير».
وتابع «هذا الأمر لن يأتي بالتمني، بل يجب أن تسعى إليه هيئة السوق المالية سعيا حقيقيا وتوفر البنية التحتية اللازمة له.. السماح للأجانب بالاستثمار المباشر في السوق أمر ضروري لتنفيذ ذلك، لكنه ليس كافيا».
كان رئيس هيئة السوق المالية، محمد آل الشيخ، قال في سبتمبر إن الهيئة تسعى لتطوير سوق الصكوك، الذي لا يتجاوز %3 من الناتج المحلي الإجمالي، وإنها تجري دراسة لتطوير أدوات الدين المتاحة للاستثمار.
وأشار أبوحليقة إلى أنه في الوقت الراهن يقتصر إصدار الصكوك والسندات على الراغبين في تنفيذ مشروعات داخل الاقتصاد السعودي.
وأضاف: «نرغب في ان نرى في المستقبل طرح صكوك تستخدم في تطوير مشروعات ضمن مجلس التعاون.. هذا سيحدث فائدة كبيرة للاقتصاد، وسيساعد في توظيف الأموال المتراكمة».
انتظار سيولة 40 إلى 50 مليار ريال
قال المحلل الاقتصادي محمد العمران إن قرار الانفتاح على المستثمرين الأجانب نقطة مفصلية في تاريخ السوق المالية السعودية طال انتظارها منذ أعوام، والتي بدورها ستوقف العمل باتفاقيات المبادلة المطبقة حاليا.
وأضاف أن أهم فائدة للسوق هي جذب استثمارات أجنبية مباشرة للسوق المالية، وهذا بدوره سيرفع من حجم السيولة في السوق، وبالتأكيد سيرفع الأسعار، والأهم من ذلك أنه يجهز السوق المالية السعودية لترقية تصنيفها بين الأسواق المالية العالمية من سوق مبتدئة إلى سوق موازية، وإذا ما حدث هذا فعلا خلال الأعوام القادمة فإنه سيجذب سيولة أجنبية لن تقل عن 40 - 50 مليار ريال بحكم ضخامة حجم السوق السعودية ونسبة ذلك للأسواق الناشئة التي تتراوح بين %5 - %6 وأعتقد أن المستثمرين الأجانب سيركزون على أسهم الشركات ذات القيمة والتي تستفيد من الدعم الحكومي مثل البتروكيماويات والطاقة والأسمنت وغيرها، بينما هناك قطاعات لن تستفيد بشكل مباشر لأنها ستكون مغلقة أمامهم مثل المصارف والتأمين.