له اهتمامات بمروحة أوسع.. لا سيما سياسياً ورياضياً
مرزوق الغانم: ابن القطاع الخاص.. ولكن!
التعاون بين السلطتين ممكن جداً بعدما صوتت الحكومة على النحو الذي صوتت به في انتخابات رئاسة المجلس
كان له موقف بارز من خطة التنمية عندما رفضها {قصّاً ولصقاً وبيعاً للوهم}
تاريخه البرلماني: %20 من اقتراحاته و%28 من أسئلته تتناول قضايا اقتصادية
كيف سيمد يد العون للوزير سالم الصباح لوقف استنزاف المال العام بضخامة الإنفاق الجاري؟
القطاع الخاص ينتظر بفارغ الصبر زيادة مساهمته في الناتج.. عبر الخصخصة والـB.O.T
مهمة صعبة في رئاسة المجلس على قاعدة «لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم»
أحمد بومرعي
جرت انتخابات الرئاسة واللجان البرلمانية في مجلس الامة الاسبوع الماضي، وفاز النائب مرزوق الغانم بانتخابات الرئاسة بحصوله على 36 صوتا وبنسبة %58 من اجمالي 62 صوتا. لكن عدد الاصوات جاء بفارق كبير عن منافسيْه (النائب علي الراشد 18صوتا والنائب روضان الروضان 8 اصوات).
يُنظر في الغالب الى رئيس مجلس الامة على أنه صورة للتوازنات السياسية في البرلمان، ومؤشر من مؤشرات المرحلة السياسية. ولرئيس المجلس صلاحيات عدة، فحسب اللائحة الداخلية لمجلس الامة، هناك مواد عدة تُظهر أهمية هذا المنصب من الناحية الفنية والتشريعية. وتقول المادة 30 ان «الرئيس هو الذي يمثل المجلس في اتصاله بالهيئات الاخرى ويتحدث باسمه ويشرف على جميع اعماله ويراقب مكتبه ولجانه، ويتولى الاشراف على الامانة العامة للمجلس..».
كما يرأس مكتب المجلس (مادة 32) الذي يرسم السياسات الادارية والفنية والاستراتيجية لمجلس الامة، ويضم المكتب رؤساء اللجنتين الاساسيتين في البرلمان: اللجنة التشريعية والقانونية ولجنة الشؤون المالية والاقتصادية.
خلق التوازنات
اضف الى ذلك، انه من الناحية الرمزية، فإن أهمية الرئيس تكمن في قدرته على التأثير في النواب وقراراتهم، خصوصا هؤلاء الذين انتخبوه رئيسا والعكس صحيح أيضاً إذا ان ناخبيه قد يؤثرون فيه أيضاً، لذا تحرص الحكومة دائما على الاهتمام بانتخابات الرئيس تأييدا او رفضا، وذلك لقدرته على خلق أغلبية لما تريد تمريره في المجلس.
من هنا، يبدو منصب الرئيس حساسا جدا، خصوصا اذا أراد أن يخلق توازنا بين خطة الحكومة وتطلعاتها، وبين رغبات النواب، التي تأتي غالبا متماشية مع رغبة ناخبيهم، وهي رغبة لا تتفق بالضرورة مع خطط الحكومات، واحيانا كثيرة تخالفها.
وتميزت الحياة البرلمانية في الكويت بطول الفترة الزمنية لرئيس مجلس الامة بعد الغزو العراقي. فكانت مرحلة المعارضة، التي قادها الرئيس الاسبق أحمد السعدون، رئيس كتلة العمل الشعبي، منذ ما بعد الغزو الى عام 1999، ليتولى بعدها الرئاسة جاسم الخرافي (خال مرزوق الغانم) حتىعام 2011، الى أن سقطت الحكومة بعد نشر «القبس» فضيحة الايداعات المليوينة لعدد من النواب. ولم يكن الرئيس في المجلس السابق المبطل علي الراشد الا ـ على ما يبدو ـ رئيسا مؤقتا لمرحلة مؤقتة.
مرحلة مرزوق الغانم
ويأتي الرئيس الجديد مرزوق الغانم (45 عاما) في مرحلة انتقالية سياسية واقتصادية مهمة محليا واقليميا. فمحليا جاء بعد خروج المعارضة الخشنة ـ ان صح التعبيرـ من المشهد البرلماني، وعودة المعارضة الناعمة أو الموضوعية الى المشاركة البرلمانية، وكان الغانم احد هؤلاء من خلال موقعه كعضو في كتلة العمل الوطني. واقليميا هناك تداعيات الربيع العربي في المنطقة، وسقوط تحالفات السلطة والمال في أنظمة سياسية عدة.
ورغم أن العمر البرلماني لمرزوق الغانم ليس كبيرا، فقد دخل البرلمان كنائب منذ عام 2006 الى عام 2011، الا أنه استطاع أن يلفت الانظار بكاريزما خاصة به، واكتسب خبرة في اللجان البرلمانية الرئيسية، خصوصا اللجنتين المالية والاقتصادية. كما استطاع أن يكسب تأييدا جماهيريا بفضل دخوله في المعترك الرياضي، كما دخل اللعبة السياسية، التي غالبا ما يأتي منها البرلمانيون، ومنها ايضا استطاع مرزوق الغانم أن يفوز في بعض معاركه مع خصومه في الحكومة والرياضة، خصوصا شيوخ الرياضة! يذكر أن الغانم ترأس نادي الكويت الرياضي من عام 2002 الى 2006، وهو يعتبر اليوم رئيسا فخريا للنادي.
لكن بعيدا عن السياسة، ثمة اهتمام للرئيس الغانم اقتصاديا، وفي القطاع الخاص على الاقل، باعتباره آت من خلفية اقتصادية ومن عائلة اقتصادية عريقة، والبعض يتوقع انحيازه للقطاع الخاص، خصوصا ان والده رئيس غرفة تجارة وصناعة الكويت.
اهتمامات الرئيس الاقتصادية
يكشف الموقع الرسمي للرئيس مرزوق الغانم أنه قدم نحو 49 اقتراحا بقانون خلال مسيرته النيابية. وفي التفاصيل، يلاحظ أن نحو %20 منها يُمكن تصنيفها على انها اقتصادية، وكانت انشطة هذه الاقتراحات في بدايات مشوار الغانم، كتنظيم برامج وعمليات التخصيص (2006) وتأسيس شركة مساهمة للتنمية الاقتصادية (2006). ثم لاحقا اقترح قوانين متعلقة بحماية المنتجات الوطنية في المشاريع التنموية (2009) وبالمشاريع المقامة على املاك الدولة (2010). لكن %80 من اقتراحات القوانين، (وهي تُظهر الممارسة التشريعية التي يمارسها النواب وتبين اهتماماتهم واتجاهاتهم)، فلم تكن اقتصادية، وهناك مشاريع تُصنف شعبوية مثل تقديم دعم شهري للمواطنين وزيادة مرتبات الموظفين المدنيين والعسكريين والمتقاعدين، اضافة الى قائمة اخرى من مطالب الدعم للقطاع الرياضي.
من ناحية أخرى، يُبين الموقع الرسمي أيضا الممارسة الرقابية التي مارسها مرزوق الغانم اثناء فترة عضويته في البرلمانات المتعاقبة، والممارسة الرقابية هي الشق الآخر لكشف توجهات النواب واهتماماتهم. فهناك نحو 53 سؤالا وجهها الغانم لوزراء مختلفين، لكن اغلب الاسئلة توجهت لوزراء معنيين بملفات الرياضة والصحة. وشكلت نسبة الاسئلة الاقتصادية نحو %28 من اجمالي الاسئلة، بعضها متعلق بالملف الشائك حتى الان حول الودائع الحكومية في البنوك الكويتية عقب الازمة المالية ونسبة ارباحها. كما كانت هناك اسئلة حول السياسة المالية للحكومة، واسئلة عن الخطة التنموية منذ اطلاقها في عام 2010، حيث كان يقود وزارة التنمية وقتذاك الشيخ أحمد الفهد، غريم مرزوق الغانم كما يُشاع في الاروقة السياسية والرياضية.
مواقف ضد خطة التنمية
وسبق للغانم أن لعب دورا مهما في ملف الخطة التنموية، وقاد حملة ضد ما اعتبره «قص ولصق وبيع الوهم» في الخطة، وذلك من خلال موقعه في اللجنة المالية البرلمانية. ورفضت اللجنة المالية اعتماد الخطة السنوية الثالثة بعد أن اعتبرت أنها لم تراعِ الاخفاق في الخطتين الاولى والثانية. ورغم أن أحمد الفهد لم يكن في وزارة التنمية وقت رفض الخطة الثالثة، الا أن بعض التحليلات رأت أن في خطوة الغانم ذكاء سياسيا، بمحاولته الغاء أي انجاز للفهد في هذا الملف، وبأثر رجعي، خصوصا أن كتلة الغانم السياسية (كتلة العمل الوطني) كانت رأس الحربة بإخراج الفهد من اللعبة السياسية ربما الى حين، بتقديمها استجوابا لم يواجهه الفهد بعد تغير الحسابات في الساعات الاخيرة التي سبقت الاستجواب. وكان الاخفاق في ملف خطة التنمية احد محاور استجواب الفهد.
لكن كل ذلك اصبح من الماضي، ومرزوق الغانم رئيسا الان، ويحمل الرقم 10بحسبة الرياضيين، وربما ذلك لفترات طويلة مقبلة على افتراض ما جرت عليه العادة تاريخيا. فما المتوقع في القادم من الايام على صعيد التوازنات السياسية والانحياز للقطاع الخاص؟
أولويات اقتصادية
إن هذه المرحلة مختلفة عن السابقة، مع تراجع نفوذ المعارضة الشرسة شعبيا، وعدم وجودها في البرلمان الحالي، وهي معروفة بعدائها للقطاع الخاص، ووضعها قوانين عرقلت امكانية تقدمه، خصوصا في قوانين منتظر اصلاحها كالخصخصة وقوانين «بي.او.تي» و«بي.بي.بي»، ومن هنا يمكن للغانم أن يبدأ بمد جسور التعاون للقطاع الخاص، باعطاء اولوية لهذه القوانين والدفع باتجاهها من خلال الاولويات البرلمانية ــ الحكومية التي تُوضع بين الطرفين عند بدء دورة برلمانية جديدة.
خطة التنمية
ان مواقف الغانم السابقة من خطة التنمية المذكورة آنفا ستضعه امام استحقاق ليس سهلا، وان كان من الصعب عليه اليوم ايقاف الخطة في عامها الرابع، واستعداد الحكومة لوضع خطة خمسية مكملة لخطتها السابقة، فإنه يفترض الدفع مع المجلس لايجاد خطة منطقية، تُعبّر بشكل واقعي عن الحال الاقتصادية والاجتماعية. فمثلا، من الضروري اعادة ترتيب مؤشرات القياس للخطة، والاعلان عن الانجاز في الأهداف الموضوعة (6 أهداف) بشكل علمي وموضوعي، خصوصا الهدف المتعلق بقيادة القطاع الخاص للتنمية وتقليص هيمنة القطاع العام، والشق المتعلق بنمو الناتج الاجمالي للقطاع الخاص بنسبة %8.8 سنويا مقابل %2.7 للقطاع العام.
المقترحات النيابية الشعبوية
ربما الحظ ابتسم لمرزوق الغانم بمجيء وزير مالية جديد معاد للمقترحات النيابية الشعبوية، باعتبارها تستنزف المالية العامة للدولة، وكان الوزير الشيخ سالم العبدالعزيز قد برر استقالته سابقا كمحافظ للبنك المركزي بسبب الانفلات في الدعم العام والزيادات المالية، وهو امر رأى انه يعيق «المركزي» عند القيام بمهمته في السياسة النقدية من خلال الادوات المتاحة له (ضبط التضخم، تحريك الفائدة، عرض النقد الخ..). لذلك فإن المهمة الرئيسية للتصدي لهذه المقترحات ستكون على عاتق العبدالعزيز (ان استطاع) والحكومة من خلفه.
وان كانت كل البرلمانات السابقة من دون استثناء لعبت على وتر المقترحات الشعبية، التي بفضلها عاد معظم النواب الى مقاعدهم، ورضخت لذلك الحكومات المتعاقبة، فإنه ليس من المتوقع أن يأتي البرلمان الحالي بسياسة مختلفة. وللتذكير، أن البرلمان المنحل السابق، الذي جاء اعضاؤه من خلال قانون الصوت الواحد، شهد مقترحات شعبوية اسخى من تلك التي شهدتها برلمانات الاربعة اصوات، منها زيادات الرواتب لبعض القطاعات الحكومية، واسقاط فوائد القروض والدعوم الجديدة الخ.. وأمام هذا الواقع، ربما لن يستطيع الرئيس الغانم الوقوف ضد مدّ المقترحات الشعبوية، التي يصنفها البعض كشكل من اشكال توزيع الثروة. واذا كان مطلوب منه قيادة فريق نيابي لوقف هذا المدّ، فإن الغانم، على الأغلب، سيأخذ بعين الاعتبار أنه يريد العودة مرة أخرى للبرلمان رئيسا، وعليه أن يحسبها جيدا في كيفية خلق توازنات تنفعه مستقبلا.. على قاعدة «لا يموت الذئب ولا تفنى الغنم».
تغيير اتجاه ريح السوق
تتوقع مصادر السوق ان تشهد التداولات في الفترة المقبلة تبدلا في الاتجاهات وفقاً لمعطيات أرباح النصف الأول مع بناء مراكز استثمارية ذات علاقة بتوزيعات آخر العام.