Aljoman
عضو نشط
- التسجيل
- 12 نوفمبر 2005
- المشاركات
- 26,848
تعدد نقاط الضعف بأكثر من نقاط القوة بسبب الأزمة السياسية:
الكويت بلد غني جداً.. باقتصاد متخلِّف جداً جداً!
لقياس تأثير الجمود السياسي في الكويت على اقتصاد البلاد، ادخل الى شبكة الانترنت التي تعمل بخط اتصال البرودباند الارضي الثابت، تجد ان خدمة الانترنت بطيئة بل بطيئة جدا وتبلغ سرعتها نصف سرعة الاتصال بالانترنت في بلدان الخليج الاخرى، وفق مدير تنفيذي كبير للاتصالات.
وتملك وتشغل وزارة الاتصالات البنية التحتية لخطوط الهاتف الثابتة، وتدفع الشركات الأربع لخدمات تشغيل الانترنت رسوماً للحكومة مقابل استخدامها.
لكن الشبكة ذات الموصلات النحاسية لا تستطيع تحمل نطاق ترددي كاف لتلبية احتياجات المستهلكين، بحسب عيسى القهوجي، مدير عام شركة كواليتي نت، التي تستحوذ، وفق التقديرات، على حصة قوامها %45 من سوق الانترنت المتصل بالخطوط الثابتة.
حوالي %15 فقط من اتصالات البرودباند للخطوط الارضية الثابتة في البلاد تستخدم خطوط الألياف البصرية السريعة، الشائعة نسبياً في باقي دول الخليج، وفق قهوجي.
وكان قهوجي قال في تصريح لوكالة رويترز في سبتمبر الماضي «نتلقى الكثير من المكالمات من الزبائن الذين يرغبون في تطوير واستخدام اقصى سرعة ممكنة وفق الاسعار المتاحة، لكنهم لا يستطيعون ذلك، لابد ان تبذل الحكومة المزيد من الجهد لتطوير البنية التحتية للاتصالات بدلا من تخفيض الأسعار».
احباط
وبالنسبة للعديد من رجال الأعمال كما المصرفيين، تمثل الكويت تناقضا يسبب الاحباط: فهي بلد غني على نحو لا يصدق ومتخلف اقتصاديا، كما ان الفجوة بين ثروتها ومستوى التطور فيها يبدو انها اخذة في الاتساع، ومع تفاقم واستفحال التوتر السياسي في البلاد خلال الاشهر الماضية، الأمر الذي دفع السلطات الى حل مجلس الامة والدعوة الى انتخابات مبكرة في الأول من ديسمبر، يزداد قلق رجال الأعمال من أن الحكومة أضحت غير قادرة على معالجة المشاكل الاقتصادية.
وانتقدت مجموعة من المديرين التنفيذيين علانية ادارة الحكومة للاقتصاد، في ظاهره تعد نادرة واستثنائية في منطقة يفضل فيها مجتمع رجال الأعمال الضغط على الحكومة بتحفظ ومن وراء الكواليس.
ويبلغ نصيب الفرد من الدخل القومي الاجمالي في الكويت حوالي 50 ألف دولار، وهو من ضمن الأعلى في العالم، وثاني أعلى دخل في الخليج بعد قطر.
لكن بنيتها التحتية متصدعة وبيئة الأعمال غير مواتية، والاعتماد شبه الكامل على النفط يضع الكويت عند مستوى منخفض للغاية لجهة تطور ودينامية اقتصادها، لا سيما عند مقارنتها مع باقي بلدان الخليج، التي تعمل بجد أكبر لتطوير بنيتها التحتية وتنويع اقتصاداتها عبر استثمارات القطاع الخاص.
يقول فاروق سوسة، كبير اقتصاديي الشرق الأوسط في سيتي غروب في دبي، «الاقتصاد الكويتي بحاجة الى التطوير والاستثمارات، من آبار النفط الى مصافي التكرير، ومن البنية التحتية الأساسية الى الرعاية الصحية».
وتملأ المباني غير المكتملة البناء الأفق، فيما تترك أكوام الانقاض والقمامة دون تنظيف في المناطق السكنية لأشهر متتالية، بسبب منازعات على ملكية الأرض احياناً.
بيروقراطية
وتيرة البيروقراطية لاستصدار التراخيص وغيرها من الأوراق الرسمية بطيئة بشكل مؤلم، وهي عادة لا تتم الا شخصياً أو عبر الفاكس، وهما الطريقتان السائدتان للاتصال بين المؤسسات في الكويت بدلاً من استخدام الانترنت.
«لدى الكويت واحدة من أعلى معدلات الناتج المحلي الاجمالي في العالم، بعض الطرق فيها مليئة بالحفر والازدحام المروير خانق، المطار حالته غير مقبولة في ضوء اختلاط المسافرين القادمين مع المغادرين»، على حد قول دبلوماسي، رفض الكشف عن اسمه بسبب الحساسيات السياسية تجاه ملاحظاته.
الكثير من التخلف الاقتصادي، وعدم تطوره في الكويت نابع من السياسة: إن تصاعد التوتر في السنوات الماضية بين مجلس الوزراء ومجلس الأمة الذي يتسم بالحزم ويتمتع بهامش من الحرية هو الأكبر بين دول الخليج.
الصراع المستمر بين الطرفين عطل أعمال المجلس وتسبب في تغيير التشكيلة الحكومية لثماني مرات خلال ست سنوات، وورط صنع السياسة الاقتصادية في اتهامات بعدم الكفاءة والفساد.
وقد أدى ذلك الى توقف المرافق وتعطل تنفيذ الاجزاء الرئيسية في خطة التنمية الاقتصادية وقوامها 30 مليار دينار، بما في ذلك خطط لبناء مصافي جديدة، ومطار ومستشفيات.
الانفاق الضعيف
كان الانفاق الرأسمالي لحكومة الكويت في 2004 حوالي %4 من الناتج المحلي الاجمالي، أي أعلى قليلاً من مستوى الانفاق في السعودية، وفق وكالة التصنيف الائتماني فيتش.
ومنذ 2004، بدأت الحكومات الخليجية الأخرى بضخ عشرات المليارات الاضافية من الدولارات في أنظمة النقل والمواصلات والصناعات الجديدة والتكنولوجيا المتطورة، وارتفع الانفاق الرأسمالي للسعودية الى حوالي %13 من الناتج المحلي الاجمالي، اما الكويت فارتفع الانفاق الرأسمالي بمعدل طفيف، الى ما يزيد قليلاً على %5، وفق فيتش التي حذرت الأسبوع الماضي من ان الكويت قد تخسر تصنيفها الائتماني عند AA بسبب المشاكل السياسية.
الشعور بالاكتئاب والاحباط في الكويت أعمق من السياسة، ومع ذلك، فان الاعتماد الكبير على النفط يبدو كما لو انه شل وعطل الاجزاء الأخرى في الاقتصاد، ويشكل النفط أكثر من %90 من ايرادات ميزانية الدولة، وهو مستوى مرتفع حتى بالمعايير الخليجية.
بلدان مثل السعودية، التي يتعين عليها ان توفر فرص عمل لما يزيد على 18 مليون مواطن، والامارات التي تضم مركزاً تجارياً حيوياً في دبي، لديها حوافز قوية لخلق قطاعات خاصة تتسم بالحيوية من خلال تحسين اللوائح التنظيمية للأعمال وتقليص الروتين.
بيد ان الثروة النفطية في الكويت هي من الضخامة بحيث حققت الازدهار للكويت رغم تجاهلها للقطاع الخاص، وهو ما يحد من الضغوط الفورية والمباشرة عليها لتطوير بيئة مواتية للاعمال.
وتحتل الكويت المركز 82 في تصنيف البنك الدولي لممارسة الاعمال، وهو المستوى الادنى الى حد كبير بين بلدان الخليج، اذ انه من الاسهل ابرام صفقات العمل في بلدان اكثر فقرا مثل بوتسوانا وبيلاروس، وفق التقرير.
واجتذبت البلد 399 مليون دولار فقط على شكل استثمارات اجنبية مباشرة في عام 2011، اي ما يعادل %1.5 من اجمالي الاستثمارات في بلدان الخليج، وفق البيانات الصادرة عن مؤتمر الامم المتحدة للتجارة والتنمية، وتحتضن الكويت قرابة %6.2 من اجمالي سكان الخليج.
افتتاحية القبس
وفي رسالة مفتوحة نادرة موجهة الى رئيس الوزراء في سبتمبر وصفت القبس، احدى الصحف الرئيسية في الكويت، البلاد بالنموذج الذي تراجع بالنسبة لدول الخليج، إذ فشلت في مواكبة احدث التطورات و«تعيش حالة من الشلل التام».
ويقول سوسة من سيتي غروب ان طلبا كبيراً ومكبوتا على الاستثمارات تراكم في الكويت وان«نوعا من الاختراق السياسي» لابد من ان يحدث لاطلاق العنان له، الا ان المؤشرات على ان اختراقا ما قريب الحدوث ضعيفة.
انتخابات ديسمبر المقبلة قد تفضي الى مجلس امة اخر، علماً ان التغييرات المثيرة للجدل في آلية التصويت التي اعلن عنها الشهر الماضي قد تنتج برلمانا اكثر ليونة، لكن الاحتجاجات في الشارع ومقاطعة الانتخابات من قبل المعارضة قد تصعب من ادارة البلاد.
وبينما لا تزال اسعار النفط مرتفعة الا ان الكويت قد تمضي بخطى مترددة وبطيئة.
وفق توقعات فيتش، فإن الاقتصاد الكويتي سوف ينمو بنسبة لا تتجاوز %2.3 في العام المقبل، وهو المعدل الابطأ ضمن بلدان الخليج، ولكن وبسبب النفط، فإن الدولة سوف تتمتع بأعلى فوائض في الميزانية العامة وميزان الحساب الجاري، عند %22.9 و%37.0 من الناتج المحلي الاجمالي.
ومع بقاء احتياطيات النفط في البلاد ضمن الارخص في العالم لجهة استخراجها واستغلالها، فإن على اسعار النفط العالمية ان تهبط الى مستويات اقل من مستوياتها الراهنة بكثير حتى تصبح الحالة المالية للبلاد في خطر، وبحسب تقديرات صندوق النقد الدولي فإن الكويت تمكنت من موازنة ميزانيتها العامة بسعر نفط لم يتجاوز 44 دولارا للبرميل العام الماضي.
حتى وان بدأت الكويت بتسجيل عجز في الميزانية، يمكن للبلاد ان تعيش على مدخراتها لسنوات عديدة، اذ يعتقد ان الهيئة العامة للاستثمار، الصندوق السياسي للبلاد، تمتلك اصولا في انحاء العالم تزيد قيمتها على 300 مليار دولار، وقدر الانفاق الحكومي لهذا العام رسميا عند 76 مليار دولار.
الصورة تتراجع
لكن الكويت قد تتراجع بصورة اكبر عن جاراتها من دول الخليج لجهة جذب الاستثمارات وتطوير قطاعها الخاص، لا سيما ان رجال الاعمال الاجانب يعزفون عن الاستثمار في الكويت فيما تبحث الشركات المحلية عن فرص في الخارج.
يقول بنك الكويت الوطني، على سبيل المثال، انه يهدف الى كسب %50 من ارباحه من فروعه في الخارج بحلول 2020 بزيادة بنسبة %29 مقارنة بالوقت الراهن.
وفي حال تراجعت اسعار النفط على المدى البعيد، فإن الكويت سوف تغدو في نهاية المطاف ضعيفة وغير محصنة اذا لم يكن لديها اقتصاد قطاع خاص صلب وراسخ ومتين تستند اليه، لا سيما اذا ما استمر التوتر السياسي في الضغط على الحكومة لتواصل زيادة رواتب القطاع العام والرعاية الاجتماعية في السنوات المقبلة.
وكان صندوق النقد الدولي حذر في تقرير له صدر في يونيو، يحث فيه الكويت على زيادة الانفاق على البنية التحتية واصلاح التنظيم الخاص بالاعمال لخلق مزيد من فرص العمل، قائلاً: «البلد الآن على مفترق طرق فيما يتعلق بالحفاظ على الثروة للاجيال القادمة».
المصدر : جريدة القبس
تاريخ النشر : 16/11/2012