** تاكسى **

جواهر

عضو مميز
التسجيل
27 نوفمبر 2010
المشاركات
12,899
ايه والله لعبت فيهم لعب ناس راحوا فيها :(
 

فضل

عضو مميز
التسجيل
25 يوليو 2008
المشاركات
6,792
الإقامة
بين السماااء والارض


imageCAHBVJ6M.jpg

على عكس صاحبنا السابق ، كان هذا يضحك ، وجهه تعلوه

ابتسامة لامعة ، أسنانه الصفراء من أثر التدخين تظهر باستمرار ..



كان كثير الكلام ، لا يكاد يسكت ، ولكن حديثه مشتت ، لا يستقر

على موضوع معين ، يفتح موضوعا وينتقل إلى غيره سريعا

وجدت صعوبة في مجاراته ، لذا كنت ألزم الصمت غالبا مكتفيا

ببعض الكلمات والإيماءات كي يواصل حديثه المتدفق ..



أحيانا كان يسألني وقبل أن أجيب كان ينطلق في الحديث

حمدت الله أنه لم يكن صديقي ، ولا صديقا لصديقي ، وأني لا أعرف

شخصا بمواصفاته لكان الصداع صديقا لي وربما عرفتني الشقيقة ..



اختلست لحظة توقف كان ينظر خلالها إلى جواله الذي أصدر نغمة

وصول رسالة ، أخذ يقرأها بعيون لاهفة تركض خلف الأسطر والكلمات

وبعد أن انتهى دسه في جيبه ، ثم هم بمواصلة الحديث

لكني سبقته وقلت له جملتي المعتادة :

- كيف التاكسى معك ؟

- أحسن ما في التاكسى أنك كل يوم ترى شيئا جديدا ..

وكل يوم يمر عليك مواقف غريبة وطريفة ..

- وما أطرف موقف مر عليك ؟

- أطرف موقف يا طويل العمر ، وهو موقف لن أنساه أبدا عندما ركبت

معي امرأة عجوز ، وجدتها في سوق تجاري في شمال الرياض

ولما ركبت قالت لي : حي العزيزية ( جنوب الرياض ) ..



كان الوقت التاسعة مساء من ليالي الصيف الجميلة ، انزوت

العجوز في السيارة وبدت خائفة مني ، ولم تتكلم معي بأي كلمة

وأنا لا أرتاح مع زبون كهذا يلزم الصمت ولا يجعلني أتبادل معه الحديث

< خمنت هنا أنه يقصدني فقلت في نفسي ومن يجاريك في حديثك ! >



يقول : بعد زحام طريق الملك فهد وصلت إلى حي العزيزية

فأخبرتها بذلك ، فقالت : اذهب إلى المسجد الفلاني

فسألتها : وأين يقع المسجد الذي تقولين ؟

فقالت : لا أدري ، ولكن ابني قال إذا أردت العودة فاطلبي من صاحب

التاكسى أن يوصلك إلى المسجد فبيتنا يقع بالقرب منه

ما عليك يا ولدي إلا أن توصلني إلى المسجد وأنا أعرف الباقي ..




هنا عرفت أني وقعت في ورطة ..

وتأكد لي ذلك بعد أن سألت عن المسجد الذي تقول ، فلم أجد إجابة

واتضح لي أنه مسجد صغير وغير مشهور خاصة بعد أن رأيت علامات

الاستغراب في وجوه من سألت ..



بدأت أفكر ماذا أصنع بهذه المرأة العجوز ، وأين سأذهب بها وخاصة

أن الساعة الآن قاربت منتصف الليل ..


حاولت معها معرفة عائلتها فرفضت واكتفت بالقول إنها تكنى أم محمد

وحتى كنيتها ليست متفردة بل هي منتشرة ، رباه ماذا أصنع ؟


أيقنت أني في ورطة ، هل أذهب بها إلى مركز الشرطة وهي تتصرف

معها ؟ أم ماذا أفعل ؟

سألتها إن كانت تعرف رقم هاتف بيتهم ، لكنها ردت بأنها أمية

لا تعرف القراءة ولا الكتابة !



بعد أن طال دوراني بالسيارة شعرت بعظم الورطة التي وقعت فيها

فكأنك تبحث عن إبرة في كومة قش ، فالمرأة ترفض أن تعطيني

اسم عائلتها مكتفية بكنيتها وبالمسجد الصغير الذي يقع قرب بيتهم !



قررت التصرف بهدوء ، بدأت الحي حارة حارة ، أبحث عن المسجد

وفي الثانية بعد منتصف الليل وجدت المسجد المذكور ، وكان كما

توقعته مسجدا صغيرا ..


تنفست الصعداء وقلت : هذا هو المسجد يا أماه .. أين بيتكم ؟

تمتمت : بالقرب منه .، فسألتها : في أي زاوية منه ؟

قالت : لا أدري ! لكني أسمع صوته في كل صلاة ..


حاولت معها أن أعرف اسم عائلتها ، لكنها رفضت وبشدة مكتفية

بكنيتها أم محمد !


رباه ماذا أفعل ؟! هل أطرق الأبواب المغلقة على ساكنيها ، درت في

حارة المسجد شارعا شارعا لعلها تتعرف على البيت لكن دون فائدة !


عادت لي فكرة الاستعانة بالشرطة ، فكرت بأن أنزل من السيارة

وأصرخ بأعلى صوتي عمن يعرف أم محمد ؟


تساءلت هل يبحث عنها أهلها ؟

أم أنهم يعتقدون أنها في فراشها ونسوها ؟

بل لعلهم أرادوا التخلص منها بطريقتهم ويعرفون أنها لا تعرف البيت ..



طال البحث وطال ، قررت سؤال شخص كان يقف عند باب ويدخل

ويرفع جوالا إلى أذنه ثم يعيده وتارة ينظر إليه وكأنه ينتظر اتصالا مهما

لكن ماذا سأقول له ؟ هل سأقول هل تعرف بيت هذه العجوز ؟

سيسخر مني بل وسيصفني بالجنون !


حاولت أن أعرف من العجوز اسم عائلتها دون فائدة

عدت إلى المسجد ، وإلى شارع بالقرب منه ، ثم إلى الرجل الذي

يقف بالباب ، اقتربت منه وقلت في شجاعة :

- هل تعرف بيت امرأة كبيرة تدعى أم محمد ؟

صرخ فيني : هل هي معك ؟

ابتسمت وقلت : نعم ..

أسرع إلي وفتح الباب الخلفي ، وأخذ يقبل يد العجوز ويقول :

أين كنت يا أماه ؟ لقد خفت عليك كثيرا ، وأصابني الندم لكوني

تركتك في السوق وذهبت إلى عملي ..

عندها تمتمت الأم وقالت : لا تخف علي .. فأنا أعرف البيت !










يتبع

 
أعلى