تاريخ الخبر : 04/09/2012
بعد رفض استثناء "غلوبال" من العرض الإلزامي
اقتصاديون: هيئة الأسواق تدخل متاهة جديدة
حاتم نصر الدين
أثار صدور قرار هيئة أسواق المال بعدم الموافقة على طلب شركة غلوبال بالاستثناء من شروط العرض الإلزامي، غضب الكثير من المراقبين الاقتصاديين، خاصة بعد أن تسبب القرار في دخول أموال 2000 مساهم إلى جانب اموال اخرى حكومية في متاهة التأزيم من جديد.
يأتي ذلك بالتزامن مع ارتفاع وتيرة الاستحواذات في الكويت، مما جعل من مساءلة التقييم "العرض الإلزامي" عملية مؤثرة على السوق الكويتي، خاصة بعد استهلاك الكثير من الوقت في الدراسة والتقييم لتحديد العرض للعديد من الطلبات المطروحة عليه، والتي تقدر قيمتها بملياري دولار.
في هذا السياق اعتبر عدد من الاقتصاديين أن أسلوب هيئة أسواق المال في تقييد عملية العرض الإلزامي جعل الهيئة تدخل في متاهات جديدة، مؤكدين ان الاستحواذ بهذه الالية سيكون غير واقعي من حيث النتائج.
وأضافوا أن قرار الهيئة بعدم استثناء "غلوبال" يكشف ان الهيئة تعاني من خلل في تقيم الملفات، مؤكدين أن ما تسعى إليه غلوبال لا يعد استحواذا، بل هو زيادة رأسمال، مطالبين "الهيئة" بتوضيح سبب المغايرة في التقييم بين الإجراءات التي قامت بها غلوبال، وبين التي قامت بها "كفيك"والتي تم اعتبارها زيادة رأسمال.
وقالوا إن غلوبال ليست مجرد شركة ينعكس عليها مرارة القرار بشكل منفرد، بل الأمر يعتبر أموالا عامة يجب الحفاظ عليها، خاصة أن الشركة تتشكل من أكثر من 2000 مساهم من المواطنين والمؤسسات الحكومية، معتبرين أن هذه الأموال ينطبق عليها مبدأ "الحرمانية".
وأضافوا أن دور الهيئة لا يقتصر على إصدار قرارات شطب وإلغاء للشركات المتعثرة، بهدف الحديث عن سوق رشيق ونظيف، بينما المنتظر منها حل المعضلات، وإنتاج الحلول التي تساعد على الخروج من المأزق الحالي.
خلط المعايير
من جانبه اعتبر نائب رئيس مجلس الإدارة العضو المنتدب في شركة الاستشارات المالية الدولية "إيفا" صالح السلمي ما يحدث يكشف أن الهيئة لديها خلط في عمليات التقييم، وأن الإجراءات التي طالبتها غلوبال لا يمكن اعتبارها استحواذا حتى يطبق عليه العرض الإلزامي، مبينا أن ما تسعى اليه الشركة مجرد زيادة راسمال، وفقا لكافة المعطيات.
وتساءل السلمي عن أسباب تعرض "غلوبال" لكل هذا التقييد، بالرغم من أنها ليست المسؤولة الوحيدة عن أزمة عالمية أصابت جميع المؤسسات، مطالبا بضرورة مراعاة المرونة في القيم حتى تتجاوز السوق الكويتية الركود الحاصل.
وأضاف السلمي أن أزمة غلوبل تعد رمزا للشركات المتعثرة التي يجب مساعدتها لعبور المأزق، موضحا ان الاموال التي تديرها الشركة لها حرمة يجب الحفاظ عليها، لأنها ممثلة عن مؤسسات حكومية، بالإضافة الى استثمارات اكثر من 2000 مستثمر من المواطنين.
وانهى السلمي حديثه، مؤكدا ان مساءلة العرض الإلزامي هي قاعدة قانونية موجودة في جميع أسواق العالم والحديث عن الية التقييم فيها لا يفيد، مؤكدا أن اختلاط المعايير في تقييم البنود هو الأزمة الحالية، مستنكرا من تناقض الجهات الرقابية في التعامل مع الملفات المطروحة عليها، مؤكدا أن حالة كفيك لا تختلف عن ما طلبته غلوبال، إلا ان الهيئة اعتبرت الإجراء الأول خاضعا لبند زيادة رأس المال، بينما وضعت الإجراء الثاني تحت بند استحواذ.
رابع المستحيلات
في السياق ذاته قال المحلل الاقتصادي محمد الثامر، ان قرار الهيئة بحماية المستثمرين عن طريق فرض الجدية على عمليات الاستحواذ ادخلها في متاهة جديدة، موضحا أن الية تقييم العرض الإلزامي غير واقعية من الناحية العملية.
وأوضح أن من غير المنطقي أن يقوم بقية المساهمين بالبيع للجهة الراغبة في الاستحواذ، مضيفا انه من رابع المستحيلات أن تستحوذ شركة على كامل الحصة التي ترغب فيها بهذه الآلية.
وطالب الثامر بضرورة تنويع معايير حالات الاستحواذ التي تعرض عليها، موضحا ان من الخطأ التقيد بمعيار واضح في التعامل مع جميع الطلبات، وأن الهيئة عليها تفصيل بعض البنود حتى تفتح مساحة من المرونة في التعامل مع الملفات.
وفي النهاية أكد الثامر أن مساعي الهيئة في الحفاظ على جدية عروض الاستحواذ أمر إيجابي للسوق، إلا أن تقييدها قد يجعل الفوائد تنقلب الى أضرار في حق المساهمين، مطالبا بوضع أربع مواد للتعامل مع عروض الاستحواذ.
معيار دولي
اما مدير الاستثمار بشركة الصالحية للاستثمار خالد الصالح فيقول: ان العرض الالزامي يعد احد التشريعات المقتبسة من الأسواق الاميركية، وهو نظام متعارف عليه لحماية الحصص المملوكة لدى صغار المستثمرين، مؤكدا أن هذا المعيار ليس من اختراعات هيئة الأسواق الكويتية، وأنه معيار دولي متفق عليه.
وأضاف الحربي: سابقا لم تكن عمليات الاستحواذ تضيف واقعا فعليا في السوق له إيجابيات، بينما كان الهدف منها في بعض الأوقات اكتساب إيجابيات لتقوية صورة الشركة أمام المساهمين، أو في مواجهة متطلبات وقيود جهات الإقراض.
واعتبر الحربي ان ما حدث في غلوبال كان نتيجة طبيعية لأية شركة متعثرة تعيش في عالم فيه رقابة، مضيفا أن رفض الهيئة لطلب غلوبال بالاستثناء يمثل ردعا كبيرا لأية شركة اتبعت سياسات أدخلتها في دوائر الديون.
وأوضح الحربي أن أساليب تحديد قيمة السهم في العرض الالزامي هي التي يجب أن تكون متنوعة، وهذا موجود بالفعل، فهناك عمليات تقييم، تتم بناء على التدفق النقدي للشركة وأخرى تحدث وفقا لأصول الشركة، أما ما يطالب به البعض بضرورة تنوع مواد الحكم على الاستحواذ، فهذا غير واقعي من الناحية العملية.