Aljoman
عضو نشط
- التسجيل
- 12 نوفمبر 2005
- المشاركات
- 26,848
الخلل منكِ يا شركات الاستثمار… فكفي عن صرخات الرمق الأخير!
كتب: عبدالله خليل
• تدخل الحكومة والمال العام يجب حصره في زيادة الإنفاق الاستثماري… لا في دعم شركات معينة
• لا ضرائب تدفعها ولا توظيف للكويتيين… فما الذي يستفيده الاقتصاد المحلي منها كي يحميها؟
تركز شركات الاستثمار منذ بداية الازمة المالية حتى الآن على ضرورة التدخل الحكومي عبر استخدام المال العام لمعالجة تعثراتها، دون الحديث عن تجاوزاتها التي أوصلتها إلى هذه المرحلة.
تستمر أزمة الشركات الاستثمارية منذ اندلاعها بداية الأزمة المالية العالمية أواخر 2008 وحتى يومنا هذا، دون إيجاد حل فعلي لها، ودون الخروج بنتائج إيجابية تبعث الأمل – على الأقل- بوجود ضوء في نهاية النفق المظلم الذي تسير فيه الشركات، في وقت تتزايد المطالبات من هنا وهناك بضرورة التدخل الحاسم للحكومة من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل أن تتساقط «أوراق الدومينو» وتجر معها أزمات لا يمكن استيعابها إلا بتكلفة كبيرة جداً على الدولة.
وتتركز مطالبات الشركات الاستثمارية على ضرورة استخدام المال العام لمعالجة تعثراتها، أحياناً عن طريق شراء أصولها، واحياناً عن طريق قيام الحكومة بضمان القروض لدى البنوك الدائنة، وإعادة الجدولة لمدد زمنية معينة، وأحياناً عبر الدخول في زيادات رؤوس الأموال، وغيرها العديد من المقترحات التي تم تقديمها من قبل العديد من الفعاليات الاقتصادية سواء عن طرق اتحاد الشركات الاستثمارية أو بشكل فردي.
ولتوضيح الصورة أكثر، فإن قطاع الشركات الاستثمارية يعاني استمرارا كبيرا لتآكل حقوق مساهميها، فكما أشار تقرير «كامكو» فإن خسائر حقوق المساهمين في 28 شركة استثمارية فقط ، بلغت 516 مليون دينار خلال عامين، بينما انخفضت قيمة أصولها بقيمة 923 مليون دينار، وهذه الأرقام تشمل الشركات التي أعلنت عن نتائجها للربع الثالث من هذا العام، أي ان من المتوقع أن تزيد هذه الأرقام بعد أن تعلن بقية الشركات.
وعند النظر في المطالبات، فسنجد أن شركات الاستثمار كانت قد طالبت بها مراراً وتكراراً منذ بداية الأزمة وحتى الآن، والتركيز منصب على «تدخل حكومي، استخدام المال العام، شراء الاصول، ضمان الديون، الاكتتاب في زيادات رؤوس الاموال، شراء سندات وصكوك « وغيرها من المقترحات العديدة، متناسين في الوقت ذاته التطرق إلى مسؤولية العديد من إدارات الشركات فيما آلت إليه أوضاع شركاتهم من تدهور وتعثر، بسبب جشع البعض منهم، وتجاهل البعض الآخر لأصول العمل الاستثماري وتنويع الادوات الاستثمارية لشركاتهم والتوجه نحو المضاربة، لا شيء سوى المضاربة، إن صعد السوق صعدت أرباح الشركة وإن نزل نزلت الأرباح.
وحتى الشركات التي اعتمدت على نفسها وقامت بتسوية أوضاعها وإعادة جدولة ديونها، تعثرت مرةً أخرى عن سداد التزاماتها، وهذا يعني أمرين لا ثالث لهما، إما أن تكون الشركة قد أعادت جدولة الديون وفق ظروف اقتصادية «متوقعة» وكانت تراهن على تحسن الأوضاع، وهذا يعني أنها ما زالت مستمرة في اسلوب المراهنة والتوقعات الذي أوقعها في التعثر الاساسي، أو أن إعادة الجدولة تمت وفق ظروف سليمة ومنطقية ومن غير توقعات أو مراهنات على تحسن الاوضاع، لكن قدرة الشركة محدودة وبالتالي لا فائدة – مهما عملت – من إعادة الجدولة، وبالتالي نرى أن غالبية الشركات لا تعرف كيفية إطفاء خسائرها ولا كيفية إقناع المساهمين والدائنين بمستقبلها، وبالتالي زيادة رؤوس أموالها.
ومما يجدر أن نشير إليه، هو أنه واثناء فترة الرواج الاقتصادي قبل الازمة المالية، كانت غالبية الشركات – إن لم تكن جميعها – تحقق النجاحات تلو النجاحات، والأرباح المتعاظمة يوماً بعد اخر، والاعلانات عن هذا المشروع أو ذاك الأصل، بل ذهب البعض في تشبيه شركته الى أنها ستكون «جنرال إليكتريك» الكويت، وعاصرنا فترة الاستحواذات والصفقات والتمويلات الضخمة، لكن ما يجب أن نركز عليه، هو أن كل هذه الإنجازات كان من دون المساعدة الحكومية، ودون استخدام المال العام، ومن دون ضمان حكومية ولا حتى وفق قوانين اقتصادية حديثة، بل تمت كلها وفق الاوضاع الني نراها حالياً سواء من حيث القوانين أو حتى التدخلات الحكومية.
إذاً، لماذا لا نرى الاستنجاد بالحكومة والمال العام سوى في وقت الأزمات فقط؟
هناك فريق، يعارض وبشدة مسألة التدخل الحكومي بأي شكل من الأشكال لعلاج تعثرات شركات، كانت إداراتها تلعب بأموال الشركة، بل و»عاثت في الأرض فساداً « من تجاوزات وسوء إدارة لأموال الشركة، وتغيير للأنشطة التشغيلية وعدم التركيز على تنويع أدواتها الاستثمارية، وفي النهاية فان مساهمي الشركة هم شركاء في الشركة، ويدركون تماماً أن التجارة يمكن أن تكون ربحاً، ويمكن ان تكون خسارة، فلم المطالبة باستخدام المال العام؟
الأمر الآخر، ما فائدة التدخل الحكومي إن كانت هذه الشركات لا تفيد الدولة سواء بدفع الضرائب أو بتعيين الكويتيين؟
المكابرة على الاعتراف بالخطأ مرفوض، وأسعار الأسهم ربما تكون بمثابة دليل على عدم تقبل السوق لهذه الأسهم، فمن كان بحدود الدينارين واصبح الآن لا يتجاوز قيمته الاسمية، لهو انعكاس لرغبة المتداولين والمستثمرين في هذه الاسهم.
الإنفاق الاستثماري… يا حكومة
ما يجب أن تفعله الحكومة، وما يجب أن يدخل ضمن نطاقه استخدام المال العام، هو زيادة الإنفاق الاستثماري والرأسمالي، ولا حاجة للتخطيط ودراسة المشاريع الجديدة، خطة التنمية تكفي لأن تنعش السوق كله، والقطاع الخاص جميعه لا قطاع الشركات الاستثمارية فقط، فتنفيذ المشاريع الواردة في خطة التنمية مطلب شعبي واقتصادي، ولا خلاف عليه، نظراً لحاجة الدولة لها، فالبلد «واقف»، ويجب أن يكون هناك إنفاق حكومي على المشاريع بدلاً من التركيز على زيادة الإنفاق الاستهلاكي عن طريق زيادة الرواتب والكوادر غير المدروسة.
ومن الجدير بالذكر أن 90 في المئة من إجمالي مصروفات الدولة هي مصروفات جارية كما أشار تقرير «كامكو»، وبلغ الإنفاق الجاري 680 مليون دينار شهرياً مقابل 76 مليون دينار فقط للمصروفات الاستثمارية، وهو ما يفتح باب التكهنات حول مستقبل هذه الأرقام إذا ما انخفضت أسعار البترول، وعن قدرة الحكومة على التعامل مع أوضاع كهذه؟
زيادة الإنفاق… فقط لا غير
شركات الاستثمار، وتحديداً المتعثرة منها وتلك التي تطالب بضرورة التدخل الحكومي لمعالجة أوضاعها، يجب أن تدرك أن المجال الوحيد الذي يمكن أن تساعدها من خلاله الحكومة هو زيادة الإنفاق، أما «صرخات الرمق الأخير» فيجب أن تكف عنها، بل يجب أن تُبادر إلى طلب محاسبة المسؤولين فيها إذا ما ثبتت تجاوزاتهم، فكما يقولون في تصاريحهم «سقوط شركة يؤثر على البقية» فإن « تجاوزات أحدهم تمتد لغيره».
لماذا التستر؟
إن كان لملاك الشركات توجهات إصلاحية لأوضاع شركاتهم ، فإنهم مطالبون بتغيير الإدارات التي أخطأت، ومحاسبتها، لكن ما نراه هو العكس، فأغلب الإدارات موجودة في مقاعدها دون تغيير فعلي لها، وحتى من تم كشفه بالتجاوزات والمخالفات وتوقيع المخالفات من قبل «المركزي» وعزله من مناصبه، تم التستر عليه وتصوير الأمر وكأنه «استقالة» فقط لا غير، دون القيام بما يجب عليهم القيام به حمايةً لأموال الشركة ومساهميها.
الخلل… ذاتي
إذاً، الخلل وكل الخلل سببه ملاّك الشركة أنفسهم، هم المساهمون وهم من يجب عليهم أن يحموا أموالهم، وهم من يجب عليهم تحمل تبعات الأمور عندما يتغاضون عن تجاوزات إداراتهم، طمعاً في تحقيق الأرباح والمكاسب ولو على حساب مستقبل الشركة.