في حديث أدلى به خادم الحرمين الشريفين أيده الله لصحيفة “السياسة” الكويتية أجراه رئيس تحريرها أحمد الجارالله نشرته في عددها الصادر امس.. وفيما يلي النص الكامل للحديث:
مؤتمر جدة للطاقة
سيدي خادم الحرمين الشريفين: دعني في البداية أسألك كيف سارت أعمال مؤتمر جدة الذي جمع أخيراً ممثلي الدول المنتجة والمستهلكة للنفط ووجهتم خلاله كلمة شفافة وضعت النقاط على الحروف وحددت مواطن الخلل التي تؤدي إلى الارتفاع المستمر في أسعار النفط ؟
- لقد أوضحنا خلال هذا المؤتمر
موقفنا المناوئ لهذا الارتفاع المطرد في أسعار النفط ، كما أكدنا مجددا على أن سياسة المملكة منذ قيام منظمة “الأوبك” تقوم على تبني سعر عادل للبترول لا يضر المنتجين والمستهلكين، حرصاً منا على مصالح العالم أسوة بحرصنا على مصالحنا الوطنية.
فنحن ليس لنا شأن في ارتفاع أسعار النفط الحالية، والعلة تكمن في عوامل أخرى لا نفتأ نذكرها منها، عبث المضاربين بالسوق في سبيل مصالح تهمهم وزيادة الاستهلاك في عدد من الاقتصاديات الواعدة ، وكذلك الضرائب المتزايدة على البترول في عدد من الدول المستهلكة، الأمر الذي يحتم على الأخيرة أن تخفض ضرائبها على النفط المصنع فيها إذا ما ارتأت حقاً المساهمة في تخفيف العبء على المستهلك.
ولكن رغم هذه العوامل التي أشرت إليها، ورغم التزام “أوبك” بتلبية الطلب المتزايد على النفط وعدم فرضها تسعيرة محددة منذ مدة طويلة تاركة الأمر للسوق، إلا أنه لا يزال هناك من يشير بأصابع الاتهام إلى “أوبك” وحدها،
وهذا يتطلب من الدول المنتجة والمستهلكة معا أن تكشف الأسباب الحقيقية وراء ارتفاع الأسعار للتعامل معها بكل وضوح وشفافية، حتى لا يؤخذ البريء بجريرة المسيء، فمن يدعي أن زيادة الإنتاج ستخفف من وطأة المضاربات الحاصلة في السوق مخطئ وذلك لأن هناك مرئيات كثيرة لدى هؤلاء المضاربين يعتقدون معها أن أسعار النفط ستظل عالية، وهذه المرئيات لا شأن لنا بها – كدول منتجة –
فنحن نعرض بضاعتنا في السوق الدولي وفقا للأسعار المتحققة سواء كانت تلك الأسعار عالية أو منخفضة.وقد علمت أن هناك توجها لدى دول عديدة من الدول المستهلكة لتخفيف حدة تلك المضاربات في السوق، ولكن – كما قلت – هذا ليس شأننا، فالعالم يشهد نمواً هائلاً والنفط عصب هذا النمو والحاجة إليه تزداد.
في السابق عندما كانت “أوبك” تحدد سعر النفط اعترضت الدول المستهلكة على ذلك، وطلبت إخضاع السعر للعرض والطلب، فاستجابت المنظمة والآن يصب البعض جام غضبه عليها محملا إياها مسئولية ارتفاع السعر.. هذا ليس عدلاً.
ومع هذا ومن واقع قراءات لتقارير الخبراء أقول ان السعر الحالي للبترول يعد رخيصا إذا ما قورن بأسعار البدائل الأخرى للطاقة التي تشهد أيضاً ارتفاعا متزايدا، بفعل تزايد الطلب عليها أو كلفة إنتاجها، نتيجة تنامي معدلات النمو الاقتصادي في العالم.كما أن تقارير الخبراء تشير في الوقت ذاته إلى أنه مع تزايد معدلات النمو سيزداد الطلب على النفط مستقبلاً باعتباره عصب الحياة، والحمد لله تعالى، منطقتنا تنعم باحتياطي نفطي كبير يلبي هذا الطلب مستقبلاً وهذا هو الأهم.
نعم.. قد يختلف البعض معنا في طروحاتنا ولكننا لسنا معنيين بهذا، فنحن كنا ولا نزال صريحين وشفافين في مرئياتنا لضبط السوق العالمي، ونأمل من الآخرين أن يجدوا الوسائل التي تخفف عن شعوبهم كاهل الحاجة إلى مثل هذه الطاقة الحيوية.
وفي هذا الشأن وإيمانا من المملكة بأهمية التعاون الدولي في شؤون الطاقة وإدراكها ضرورة مساعدة الشعوب الفقيرة التي تعاني ارتفاع أسعار النفط ، فقد أعلنت في مؤتمر جدة عن إطلاق مبادرة الطاقة من أجل الفقراء وذلك لكي نُمكن الدول النامية من مواجهة تكاليف الطاقة المتزايدة، كما دعوت المجلس الوزاري لصندوق “أوبك” للتنمية الدولية للنظر في إقرار برنامج مواز لبرنامج الطاقة من أجل الفقراء بصفة مستمرة، وأن يخصص لهذا البرنامج بليون دولار أمريكي.
وفي النهاية أعتقد أنه بتضافر جهود الإدارات والمؤسسات الاقتصادية الكبرى المتقدمة في العالم سنجتاز بإذن الله تعالى أزمات كثيرة في هذا الشأن، وعلى الدول المستهلكة أن تتكيف مع أسعار وأدوات السوق وأن تعالج أمورها بمنطق عادل .
http://www.okaz.com.sa/okaz/osf/20080702/Con20080702206937.htm