عبد الله الشايع:
• لجنة فحص الطعون تحيل طلب «الدولية» و«الأبراج» إلى المحكمة الدستورية
• نظام البورصة يقضي بإلزام كل متداول بالخضوع إلى التحكيم.. وهو ما يتعارض مع النظام
• حكم التحكيم يصدر بأمر المحكمة التي أودع بها بعد التأكد من انتفاء موانع التنفيذ
اصدرت المحكمة الدستورية صباح امس حكما بجدية الدفع بعدم دستورية نص المادة «13» من المرسوم الاميري بتنظيم سوق الكويت للاوراق المالية الصادر في 14/8/1983 وكذلك عدم دستورية المواد المرتبطة بها، والتي تتعلق «بتشكيل لجنة تحكيم داخل السوق بالفصل في جميع المنازعات المتعلقة بالمعاملات التي تتم في السوق واعتبار التعامل في السوق اقرارا بقبول التحكيم».
وذلك بناء على الدفع المبدى الذي ابدته الشركة الدولية للاجارة والاستثمار وشركة الابراج القابضة في نزاعهما في احد مكاتب الوساطة في البورصة بشأن بعض التعاملات على الاسهم.
وصرح محامي الشركتين المحامي علي ابراهيم العطار من مكتب المحامي مشاري العصيمي - محامون ومستشارون قانونيون - ان هذا الحكم اكد صحة ما جاء في دفاع الشركتين امام المحاكم العادية اثناء نظرها دعوى بطلان اجراءات وقرارات لجنة التحكيم في سوق الكويت للاوراق المالية من عدم دستورية المادة «13» المشار اليها من حيث انها تلزم جبرا كل متعامل في البورصة من الخضوع لنظام التحكيم وهو النظام الذي استقر الفكر القانوني على انه نظام اختياري لا يلجأ اليه الا بموافقة الاطراف بغير اجبار او اكراه ولو بنص القانون لما فيه هذا الاجبار من حرمان المتعامل من حقه الدستوري في اللجوء الى قاضيه الطبيعي للفصل في اي نزاع قد ينشأ عن التعامل في الاوراق المالية في بورصة الكويت لما في القضاء من ضمانات قد لا تتوافر في التحكيم.
هذا واضاف المحامي العطار انه بناء على هذا الحكم سوف تنظر المحكمة الدستورية بكامل هيئتها تفاصيل الاسس القانونية للدفع بعدم دستورية نص المادة «13» سالفة البيان والمواد المتعلقة بها.
أصل المشكلة
وقد قامت «الشركة الدولية للاجارة والاستثمار» و«شركة الابراج القابضة» على المطعون ضدهما «شركة الوطني للوساطة المالية» و«مدير ادارة التنفيذ بصفته» الدعوى رقم «1603» لسنة 2009 تجاري كلي /21 بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم الصادر من لجنة التحكيم لسوق الكويت للاوراق المالية بتاريخ 17/2/2009 في المنازعة رقم «19» لسنة 2008 لحين الفصل في الدعوى بحكم بات، وفي الموضوع بالغاء هذا الحكم والقضاء ببطلانه وما يترتب على ذلك من اثار.
وبيانا لذلك قالت ان الشركة المطعون ضدها الاولى تقدمت بطلب تحكيم للجنة التحكيم لسوق الكويت للاوراق المالية قيد برقم «19» لسنة 2008 ضد الطاعنتين للحكم بالزامهما بالتضامن بان يؤديا لها مبلغ «3.5» ملايين د.ك والفوائد القانونية حتى تاريخ تنفيذ القرار.
فتقدمت بطلب تحكيم للحكم لها بطلباتها سالفة البيان بالاضافة الى التعويضات، وبتاريخ 17/2/2009 الزمت لجنة التحكيم الطاعنتين بالتضامن بان تدفعا للمطعون ضدها الاولى مبلغ 3.54 ملايين د.ك بالاضافة الى مبلغ «7.49» ملايين د.ك قيمة ما تكبدته من خسائر، واضافت الطاعنتان ان هذا الحكم قد جاء باطلا بطلانا مطلقا لوقوع بطلان في الاجراءات اثر في قرار لجنة التحكيم، اذ ان الشركات التي تمت لصالحها عملية شراء الاسهم غير تابعة لاي من الشركتين الطاعنتين، وقضت لجنة التحكيم رغم ذلك بتوافر صفتهما في منازعة التحكيم، كما صدر حكم التحكيم بغير اتفاق على التحكيم او بناء على اتفاق باطل، ذلك ان اقرار نائب رئيس مجلس ادارة الشركة الطاعنة الاولى بقبول التحكيم عند التعامل مع سوق الكويت للاوراق المالية لا يعتد به لان رئيس مجلس ادارة الشركة هو الذي يمثلها قانونا في تعاملها مع الغير، وانه وان كان قد جرى تفويض نائب رئيس مجلس الادارة في اصدار اوامر شراء الاسهم، الا ان هذا التفويض لا يتسع الى شمول الاقرار بقبول التحكيم والذي يلزم له وكالة خاصة، ولا ينال من ذلك القول بان التحكيم في هذه الحالة هو تحكيم اجباري، لان التحكيم لا يجوز ان يكون اجباريا يذعن اليه احد الطرفين انفاذا لقاعدة امرة لا يجوز الاتفاق على خلافها فيكون حكم التحكيم باطلا، وهو ما حدا بهما لاقامة الدعوى.
رفض الشركتين
واذ لم يرتض الطاعنون في الطعن الاول قضاء الحكم في شقه المتعلق بعدم جدية الدفع بعدم دستورية المادة «13» من مرسوم تنظيم سوق الكويت للاوراق المالية، فقد طعنوا فيه امام لجنة فحص الطعون بالمحكمة الدستورية بصحيفة اودعت ادارة كتاب هذه المحكمة بتاريخ 21/6/2009 وقيدت في سجلها برقم «32» لسنة 2009، طلبوا في ختامها الغاء الحكم الصادر بعدم جدية الدفع بعدم دستورية المادة سالفة البيان، واحالة الامر الى المحكمة الدستورية للفصل فيه،كما طعنت الطاعنتان الاولى والثانية في ذات الحكم، في شقه المتعلق بعدم جدية الدفع بعدم دستورية المادة «13» سالفة البيان والمادتين «1/2» و«12/2» من قرار لجنة السوق رقم «2» لسنة 1984، بصحيفة اودعت ادارة كتاب هذه المحكمة بتاريخ 22/6/2009 وقيدت في سجلها برقم «34» لسنة 2009، طلبتا في ختامها الغاء الحكم الصادر بعدم جدية الدفع بعدم دستورية هذه المواد، واحالة الامر الى المحكمة الدستورية للفصل فيه، وتم اعلان صحيفتي الطعنين الى المطعون ضدهم، واودعت ادارة الفتوى والتشريع مذكرة بدفاع الحكومة في الطعن الاول، طلبت في ختامها الحكمة اصليا بعدم قبول الطعن للتجهيل ولانتفاء المصلحة، واحتياطيا برفض الطعن.
وحيث ان الشركتين الطاعنتين تنعيان في هذه الطعنين على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، اذ دفعتا بعدم دستورية نص المادة «13» من مرسوم سوق الكويت للاوراق المالية الذي انشأ داخل السوق لجنة تحكيم تشكل بقرار من لجنة السوق تكون مهمتها الفصل في جميع المنازعات المتعلقة بالمعاملات التي تتم في السوق، واعتبر التعامل في السوق اقرارا بقبول التحكيم، وذلك لمخالفة هذا النص احكام الدستور، لاخلاله بحق التقاضي، واهداره مبدأ الفصل بين السلطات وقضى الحكم المطعون فيه بعدم جدية هذا الدفع على سند من انه كان يتعين ابداؤه امام لجنة التحكيم اثناء نظر النزاع الذي يطبق فيه النص المدفوع بعدم دستوريته، وقد صدر الحكم من لجنة التحكيم صحيحا مستوفيا لاركانه الشكلية والموضوعية، وطبق نص المادة «13» المدفوع بعدم دستوريتها دون منازعة عن الطاعنتين في ذلك، فلا يجوز لهما ابداء الدفع بعد صدوره، وكانت هذه الاسباب التي اقام عليها الحكم قضاءه تتضمن مصادرة لحقهما في الدفع، اذ ان نص المادة «13» المدفوع بعدم دستوريته يرتبط ارتباطا وثيقا بدعوى بطلان حكم لجنة التحكيم، لان هذا النص هو الذي خول لجنة التحكيم سلطة اصدار حكمها المطعون فيه ومؤدى القضاء بعدم دستوريته بطلان كافة الاجراءات التي ادت الى اتصال المنازعة بلجنة التحكيم وبطلان الحكم الذي اصدرته في هذا الشأن وهو ما يحقق مقصودهما من اقامة دعوى البطلان، كما انه لم يصدر حكم نهائي بات يقطع بان حكم التحكيم بمنأى عن البطلان، والدفع بعدم الدستورية لا يجوز ابداؤه امام لجنة التحكيم لان ولايتها تقتصر على نظر موضوع النزاع المعروض عليها، وهي لا تملك وقف نظر التحكيم واحالة الامر الى المحكمة الدستورية بالاضافة الى ان حكم التحكيم لا يقبل التنفيذ الا بامر يصدره رئيس المحكمة التي اودع الحكم ادارة كتابها بعد التحقق من انتفاء موانع تنفيذه، واذ خالف الحكم المطعون فيه رغم وجود شبهة ظاهرة على مخالفته احكام الدستور، فان الحكم يكون معيبا بما يستوجب القضاء بالغائه واحالة الامر الى المحكمة الدستورية بكامل هيئتها للفصل فيه.
سبب الحكم
ومتى كان ما تقدم وكانت ما طرحته الشركتان الطاعنتان من اسباب تأييدا لدفعهما من شأنها ان تحيط بالنص التشريعي بحسب الظاهر شبهات تلقي بظلال من الشك حول عدم دستوريته فانه يتعين من ثم قبول هذا الدفع واحالة الامر الى المحكمة الدستورية بكامل هيئتها لاعمال رقابتها على النص المطعون فيه لتستبين مدى مطابقته او عدم مطابقته لاحكام الدستور باعتبارها صاحبة الولاية في مجال الشرعية الدستورية، وهي التي لها وحدها القول الفصل في مدى دستورية التشريعات.
فلهذه الاسباب الغاء الحكم المطعون فيه وذلك فيما تضمنه من عدم جدية الدفع بعدم دستورية نص المادة «13» من مرسوم تنظيم سوق الكويت للاوراق المالية الصادر في 14/8/1983 واحالة النزاع الى المحكمة الدستورية بكامل هيئتها للفصل فيه، وحددت جلسة 27/1/2010 لنظر الدعوى الدستورية.
تاريخ النشر: الثلاثاء, يناير 19, 2010
هذا الحكم مو في صالح الدكتور عايد وصاحبه العنزي