من الأفضل لطيران الجزيرة ان تكون عندها خطة عمل
الشرق الاوسط الصفحة الاقتصادية عدد امس 14/6/2004:
شركات الطيران الاقتصادي في الخليج تتعثر قبل انطلاقها نتيجة التكلفة العالية وغياب المطارات الثانوية
دبي: عصام الشيخ كان من المقرر خلال النصف الاول من العام الحالي ظهور شركتين جديدتين للطيران منخفض التكاليف او «الناقلات الاقتصادية» الى حيز الوجود في منطقة الخليج بعد ان نجحت «العربية» للطيران التي تملكها حكومة الشارقة بدولة الامارات العربية المتحدة من الاقلاع في اكتوبر (تشرين اول) من العام الماضي. وبعد الاعلان رسميا عن مشروعها قبل اكثر من عامين في دبي وعدت «ميناجت» السوق بالاقلاع من البحرين في ابريل (نيسان) الماضي بعد ان غيرت خططها للتمركز في الشارقة، الا ان تعديل الخطة الجديد لم ينجح على ما يبدو. وفي الوقت نفسه سارع مستثمر فرنسي مغامر الى الاعلان في ابريل الماضي بأن «سمارت جيت ايرلاينز» ستنطلق من دبي خلال شهر يونيو (حزيران) الحالي بعد ان غير خططه هو الآخر عدة مرات حيث وجد قبل عام مستثمرا سعوديا مستعدا للمغامرة معه في مشروع الناقلة الاقتصادية التي كان من المقرر ان تتمركز في الشارقة ايضا. لكن هذه الخطة تغيرت ايضا حيث اقام الفرنسي تحالفا جديدا مع مستثمرين من دبي واقنع هيئة المطار المدني بدبي بأن تتخذ الشركة من المطار الدولي للامارة مقرا لها. ومع هذا لم تنطلق الشركة في يونيو واختفى موقعها على الإنترنت واصبح من المتعذر الاتصال بالمستثمر المغامر. وعلى الرغم من صعوبة الحصول على معلومات دقيقة من المستثمرين انفسهم حول مصير ناقلاتهم الاقتصادية، الا انه يبدو من الخطأ الاعلان عن موت هاتين الناقلتين في مهدهما، ووفقا لخبراء في هذا القطاع يبدو ان الظروف غير المؤاتية التي تواجه قطاع النقل الجوي في المنطقة وخاصة ارتفاع اسعار وقود الطائرات اضافة الى عوامل غير مرئية اخرى تساهم في هذا التأجيل المتكرر لاقلاع الناقلتين. لكن تلك الظروف الآنية لا تشكل على ما يبدو سببا وجيها وكافيا لتبرير فشل مينا جيت وسمارت جيت في الايفاء بوعودهما حسب رأي بعض الخبراء.
وفي هذا السياق قال جيمس هوغان الرئيس التنفيذي لطيران الخليج إن المنطقة غير مهيأة الان لكي تصبح بيئة جيدة وداعمة للطيران الاقتصادي بالنمط الذي نجحت فيه في اوروبا والولايات المتحدة. واشار هوغان في تصريحات اخيرا لـ«الشرق الاوسط» انه لا يرى تحديات للطيران الاقتصادي تجاه طيران الخليج لانه ببساطة «لا يمكنك مقارنة النموذج هنا مع النموذجين الاوروبي والأميركي للناقلات الاقتصادية بسبب عامل السماء المفتوحة».
وتابع هوغان انه بسبب غياب هذا العامل، فإن هناك قضايا قانونية تحول من دون نجاح النموذج في المنطقة. وفي النموذج الاوروبي يتم بيع 90% من البطاقات على الإنترنت، على خلاف ما يحدث في هذا الجزء من العالم، اضافة الى افتقار المنطقة للمطارات الثانوية. لكن من جهة اخرى قلل كلاوديوش كايزر هلمان الذي يمتلك حصة في سمارت جت من امكانية فشل شركات الطيران المنخفضة التكاليف في المنطقة بسبب ارتفاع التكاليف التشغيلية مشيرا في لقاء سابق مع «الشرق الاوسط» الى ان «سمارت جت» درست السوق بشكل شامل ووجدت ان التكاليف التشغيلية ستكون مرنة وفق المطار والجهة. وقال في هذا الصدد «لهذا السبب مثلا اخترنا مطار برج العرب في الاسكندرية لأن رسومه اقل بكثير من مطار القاهرة الدولي، وهذا ينعكس ايجابا على سعر بطاقة السفر حيث يمكن للمسافر الذي يرغب في التوجه للقاهرة بعد ذلك الوصول اليها من الاسكندرية في غضون ساعة فقط بالقطار مقابل سعر مغر لبطاقة الطائرة. واشار الى ان شركته التي يبلغ رأسمالها الاولي 20 مليون دولار تتفاوض مع المطارات الاخرى للحصول على اسعار تفضيلية سواء بالنسبة لرسوم المطارات او المناولة.
ويرى خبراء ان هذه الاستراتيجية «التفاوضية» للحصول على اسعار تفضيلية مقابل الخدمات ساهمت في تجاوز الانتقادات حول عدم ملاءمة المنطقة لعمل شركات الطيران الاقتصادي مدللين على ذلك بنجاح عمليات «العربية» التي تملكها حكومة الشارقة. ويشير هؤلاء الى ان النموذج الاوروبي يعاني ايضا من معضلات تشريعية وقانونية بعد ان كانت شركات الطيران الاقتصادي الأوروبية العملاقة، مثل «ريان إير» و«إيزي جت» تحلق بحرية تامة في سماء الطيران محققة معدلات نمو متصاعدة في المبيعات والأرباح، في وقت كانت فيه شركات الطيران الأوروبية العملاقة تغمض عينيها غير مبالية بما يدور في الأجواء.
غير ان الظروف تغيرت حيث أمرت المفوضية الأوروبية في شهر فبراير(شباط) الماضي شركة «ريان إير» بتسديد مبلغ 5 ملايين دولار من الحسومات التي حصلت عليها من مطار «شارليروي» البلجيكي، وتعتبر هذه الحسومات عنصراً أساسياً في استراتيجية الناقلة الإيرلندية لتأمين رسوم هبوط مخفضة في المطارات الإقليمية غير المستغلة طاقتها بالكامل.
وقد اصبح الركود الاقتصادي واللوائح التنظيمية المتشددة جزءا جوهريا من مشكلات الناقلات الاقتصادية في أوروبا، اضافة الى حرب الاسعار الضارية التي لجأت اليها اخيرا الناقلات العملاقة مثل «بريتيش إيرويز» و«إير فرانس» وهو امر ربما يرغم الناقلات الاقتصادية على تحجيم خطط توسعها الحالية او المستقبلية.
http://www.asharqalawsat.com/