عجز «الدار» عن سداد صكوك يثير تساؤلات حول هيكلة التمويل الإسلامي
إعداد: رزان عدنان
في 12 مايو الماضي، أصبحت شركة دار الاستثمار أول مصدر للصكوك في دول مجلس التعاون الخليجي تعجز عن السداد. وأثار هذا العجز ردة فعل كبيرة من حيث كيفية استجابة صناعة التمويل الاسلامي على العجز عند سداد الصكوك.
ومع ذلك، لم يكن وقع خبر عجز شركة دار الاستثمار مفاجئاً الى درجة كبيرة، بسبب ما نقل عن الشركة قولها أنها ستبيع أنشطتها التجارية غير الجوهرية لتعزيز ميزانيتها العمومية. كما تناولت بعض التقارير موضوع خطة انقاذ الحكومة للشركة، وهذا ما أنكرته الشركة.
وعلى الرغم من أن عجز سداد صكوك شركة الدار الذي يبلغ 100مليون دولار مهم كونه الأول في المنطقة، الا أنه من غير المرجح أن يتسبب بمشكلة نظامية كبيرة.
ومع ذلك، يمكن أن توفر بعض القضايا المرتبطة بالعجز مساحة لتقديم دراسة مهمة عما اذا كان التمويل الاسلامي يختلف عن التقليدي في حالات العجز، والكيفية التي يتعامل بها في مثل هذه الحالات.
ان الطريقة الفريدة التي يتسم بها التمويل الاسلامي بشكل عام، والصكوك بشكل خاص هي في التركيز على التمويل المرتبط بالأصول الملموسة الأساسية. ومع ذلك، غالباً ما يكون هناك فجوة واسعة بين هذه الفكرة، وبين حقيقة ما يتوقعه المستثمر أثناء الافلاس.
وضع الأيدي على الأصول
وكانت صحيفة ذي ناشيونال قد ذكرت اقتباساً يؤطر المسألة بشكل مختصر ومفيد، عندما قال رئيس قسم التداول الائتماني في ستاندرد تشارترد في الشرق الأوسط جميل هلاك إن القضية تكمن في الجانب الأسوأ من السيناريو، اذ لا يبدو واضحاً فيما اذا كان يمكن تحويل تلك الأصول أم لا، وفيما اذا كان حاملو الصكوك يمكنهم فعلاً وضع أيديهم على تلك الأصول.
من ناحية أخرى، تؤمن معظم الصكوك للمستثمرين حق الرجوع على الضامن فقط من خلال الأصول الموجودة في الاستئمان عبر وكيل الاصدار، وهو ما يوفر المزايا والتكلفة على حد سواء للمستثمرين.
ومن جهة، هناك أصول يمكن بيعها من قبل المستثمرين لتغطي بعض أصول الدين المعزولة عن مطالبات دائنين آخرين للمصدر. ومن الجهة الأخرى، يتم هيكلة معظم الصكوك بحيث لا يملك المستثمرون حق الرجوع على أصول أخرى للمصدر، واسترداد أصل الدين يتم تحديده فقط من خلال اعادة شرائه من المصدر أو بيع الأصول الأساسية.
وحتى الآن لم يتم اختبار ما اذا كان يستطيع المستثمرون ممارسة هذه الحقوق. لكن نظرياًَ، تمثل السندات ملكية غير مقسمة من أصول المشاركة التي قد تمنح المستثمرين حق المطالبة بالأصول الأساسية، مثال 11.903 سيارات في قضية صكوك شركة دار الاستثمار.
اذ ان هيكلة صكوك المشاركة المتضمنة مساهمة شركة دار الاستثمار في السيارات، ومساهمة المستثمرين في 100 مليون دولار تؤدي الى انقسام الملكية بنسبة 25.6 في المائة للمستثمرين، و74.4 في المائة لشركة دار الاستثمار.
وكل ستة أشهر، يجب أن تلتزم شركة دار الاستثمار باعادة شراء 10 في المائة من أسهم المستثمرين اضافة الى المشاركة في الأرباح الناتجة عن ايجار المركبات على أساس سعر الليبور بالدولار الأميركي، لأكثر من ستة أشهر زائدا 200 نقطة أساس، على أن يتم دفع أي مبلغ أكبر من هذا لشركة دار الاستثمار كرسوم محفزة.
نشرة الإصدار
أما ما يجذب المستثمرين فهو نشرة الاصدار(offering circular) التي توضح أنه في حال العجز، يخول حاملو الصكوك بيع وحداتهم المتبقية في صكوك المشاركة الى شركة الدار مقابل 40 مليون دولار.
ومع ذلك، قدم المستثمرون حلاً في 7 يونيو يقول إن حاملي الصكوك قد يودون في الوقت المناسب أن يضعوا في الاعتبار امكانية تأكيد المطالبات التي لديها أولوية وفق أصول الصكوك». ويبدو أن المطالبة بالأصول الأساسية ستتعارض مع جزء من نشرة الاصدار، التي تظهر أنه تحت أي ظرف لا يملك الوكيل أو أي حامل للصكوك الحق في عرض أصول الوكيل على البيع أو عقد أي ترتيب آخر باستثناء ما يطابق التعهد بالشراء على سداد القروض الأساسية، والحق الوحيد للوكيل وحامل الصكوك ضد الملتزم يجب أن يفرض عليه الالتزام بدفع السعر المحدد تحت ذلك.
وفي قضية شركة دار الاستثمار، يبدو أنه على الرغم من أن المستثمرين استثمروا في صكوك تستند على أصول، الا أنهم بالأساس دائنون غير مضمونين. اذ توفر لهم نشرة الاصدار عائداً على أصل الدين في حال العجز عن السداد، لكنها لا تؤمن لهم حق الرجوع الى الأصول الأساسية التي تحملها صكوك المشاركة. وسوف يفرض الحل الناتج عن عجز سداد صكوك الدار اختباراً قاسياً لكيفية وظيفة هيكلة الصكوك في حالات العجز، ويجب أن توفر للمستثمرين بعض الوضوح حول ما اذا كان حاملو الصكوك يصنفون مقارنة بالدائنين الآخرين في عملية اعادة الهيكلة التي تلي العجز عن السداد.
القبس 9/8