والاستفهام في قوله تعالى: “لم تقولون” للإنكار والتوبيخ على قول الإنسان قولا لا يؤيده فعله، لأن هذا القول إما أن يكون كذبا، وإما أن يكون خلفا للوعد، وكلاهما يبغضه الله تعالى.
والمعنى: يا من آمنتم بالله واليوم الآخر، لماذا تقولون قولا تخالفه أفعالكم بأن تزعموا بأنكم لو كلفتم بكذا لفعلتموه، فلما كلفتم به قصرتم فيه، أو أن تقولوا بأنكم فعلتم كذا وكذا مع أنكم لم تفعلوا ذلك.
وناداهم بصفة الإيمان الحق، لتحريك حرارة الإيمان في قلوبهم، وللتعريض بهم، إذ من شأن الإيمان الحق أن يحمل المؤمن على أن يكون قوله مطابقا لفعله.
وقوله سبحانه: “كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون” بيان للآثار السيئة التي تترتب على القول الذي يخالفه الفعل، وقوله “كبر” بمعنى عظم، لأن الشيء الكبير لا يوصف بهذا الوصف، إلا إذا كان فيه كثرة وشدة في نوعه.
والمقت: البغض الشديد، ومنه قوله تعالى: “ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتاً وساء سبيلاً”.
وقال سبحانه: “كبر مقتا عند الله” للإشعار بمدى هذا البغض من الله تعالى لهم بسبب مخالفة قولهم لفعلهم، لأنه إذا كانت هذه الصفة عظيمة المقت عند الله، فعلى كل عاقل أن يجتنبها ويبتعد عنها.
قال صاحب تفسير الكشاف: نداؤهم بالإيمان تهكم بهم وبإيمانهم وهذا من أفصح الكلام وأبلغه في معناه.
وهكذا ذم الحق سبحانه الذين يقولون ما لا يفعلون ذما شديدا ويندرج تحت هذا الذم، الكذب في القول، والخلف في الوعد، وحب الشخص للثناء من دون أن يكون قد قدم عملا يستحق من اجله الثناء.