مقالة اعجبني
الحقائق العشر بـ «أمانة» (1-2 )
كتب أبو عبد الله
لقد طفى على السطح السياسي خلال الأيام القليلة الماضية موضوع انشاء شركة «أمانة للتخزين» كأحد المشروعات المرشحة لتكون مشروع أزمة سياسية بين المجلس والحكومة وهذا ما أعلنه أكثر من نائب في التكتل الشعبي وبأكثر من تصريح مع تزامن ذلك بطرح أسهم هذه الشركة للاكتتاب العام من قبل مؤسسيها وعدم اتخاذ الحكومة اي إجراء لوقف هذا الاكتتاب ولو لفترة حتى تتضح الرؤية الشاملة لها في حقيقة الاخطاء التي حذر منها هؤلاء النواب وهو ما يوحي بأن «وراء الأكمة ما وراءها»
وهو ايضاً ما سنذكره بشيء من التفصيل لبعض الحقائق التي نعرفها بفهمنا المتواضع بالاضافة الى بعض المعلومات المتواترة من بعض المصادر التي نثق برأيها وصدقها وعلى الأقل بعدم ارتباطها بأي مصلحة في هذا المشروع او أي مشروعات اخرى منافسة له وليس لهم أي علاقة بتضارب المصالح فيه لعل وعسى في ذلك ما ينير الدرب أمام سمو رئيس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب فيه وحتى تتوفر له معلومات الاتجاه الآخر بعد ان استمع إلىالكثير من تبريرات متخذي القرار في هذا المشروع والتي نضع امامها المئات من علامات الاستفهام اقلها شبهة التأثير على هذا القرار لارتباطهم به بشكل مباشر او غير مباشر ولاسباب قد تكون مادية او سياسية او لارتباطات اخرى يجمعها لوبي واحد نافذ ومتنفذ؟!
كما انه لا يفوتنا في هذا المقدمة ان نذكر بأننا ضد التسييس الاقتصادي الذي يمارس اليوم من بعض اعضاء مجلس الامة وخصوصاً على القطاع الخاص ومشاريعه التنموية وأننا مع التسهيل باعطاء القطاع الخاص دوره واطلاق يده دون اي قيود حكومية قانونية او غيرها مع توفير البنية الاساسية التي يحتاج إليها لتشجيعه على المبادرات التنموية التي تصب في صالحه وصالح الوطن في القطاعات الاقتصادية كافة.
وهو ما لايمكن ان يتم تحقيقه وهناك من يشرف على ذلك من المسؤولين الحكوميين وتكون تصرفاتهم في الاطار نفسه الذي تم مع انشاء شركة امانة وهو ما نبرهن عليه بالحقائق العشر التالية:-
الحقيقة الأولى:
أن تأسييس هذه الشركة قد تم على الشكل القانوني – شركة مساهمة عامة- وليست خاصة او مقفلة ... وأن هذا الشكل القانوني «المساهمة العامة» لا يمكن للدولة ان تقدم عليه بالاداة القانونية «المرسوم بقانون» لانشائها تلبية لرغبة مجموعة من الافراد واقتناعها بالفكرة والجدوى وصبغها بهذا الشكل امام العامة التي سوف تتسابق على الاشتراك والمساهمة بها نظراً لكونها مساهمة عامة وان جدواها الاقتصادية مصدق عليها «بختم» حكومي وهي في الحقيقية شركة لمجموعة من الافراد لا يستطيعون تأسيسها بمفردهم وانهم سوف يقومون بجمع أموال من الناس ليسندوا مشروعهم ويضفوا عليه الطابع العام في ملكيته والدليل على ذلك نسبة ملكيتهم التي حددوها بـ 40% تم توزيعها بينهم وبالطريقة التي يريدونها، أخذوا فيها الأولوية على غيرهم بدون اي وجه حق ودون اي ميزة يملكونها على غيرهم فيها حتى في طبيعة النشاط وخبرتهم في هذا المجال الذي لا يملكون فيه أي سابق خبرة او حتى خلفيتهم العملية في هذا النشاط؟!
الحقيقة الثانية:
أن جميع مشاريع انشاء الشركات العامة من السبعينيات وحتى الآن لا تتم الا بناء على تبني من الحكومة لهذا النشاط في القطاع الاقتصادي وتكون الدولة ممثلة في مؤسسات الاستثمار «هيئة الاستثمار – التأمينات – هيئة القصر» الراعي لقيام هذه الشركات في دراسة جدواها والمساهمة فيها لأن في ذلك التزماً من الدولة بانجاح هذه المشاريع مع توفير التسهيلات المطلوبة لها حكومياً والتي تعتبر ضرورية لنجاحها بما في ذلك توفير الأراضي وعناصر البنية الأساسية المطلوبة... بالاضافة الى الالتزام الادبي امام العامة في تشجيعهم بالاشتراك في المشروع لجدواه وأهميته؟!
وهو ما لم يتم تحقيقه في أمانة لعدم مشاركة الدولة في هذا المشروع على الرغم من أهميته «وهو ما سنذكره في الحقائق اللاحقة» أو لنقل استبعادهم منه لان في دخولهم هو استبعاد للمؤسسين «أصحاب الحظوة» وانتفاء لأهمية وجودهم وهذا أحد علامات الاستفهام على تمرير مثل هذا المشروع في إجراءاته وتوقيته والاشخاص الذين أجازوه؟!
الحقيقة الثالثة:
أنه من المعروف أن هناك سنين ذروة لبعض القطاعات الاقتصادية في العمر التنموي للدول .. لذلك تنشط بعض القطاعات بشكل لافت وواضح نتيجة لظروف مختلفة لاقتصاديات الدول اوللتطوير التكنولوجي وتحظى بفترة ازدهار تجاري كبير تحصد فيها الأرباح الطائلة – كمواسم الحصاد الزراعي في فترات الربيع- وتستغل بشكل قوي من مقتنصي الفرص التجارية والمبادرين واصحاب النظرة التجارية الثاقبة ليستفيدوا من هذه الفرصة ويستغلوها قبل غيرهم ليحصدوا نتائجها ويصبحوا من اصحاب الثروات الطائلة وسواء تم ذلك بطرق مشروعه او غير مشروعه!!
وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن العقد قبل الماضي كان موسماً خصباً لبروز شركات قطاع التكنولوجيا والكمبيوتر حيث كانت أبرز المشاريع الاقتصادية نجاحاً وربحاً لمؤسسيها وللمساهمين فيها .. كذلك الحال لشركات الاتصالات في العقد الماضي والتي طغت على كل القطاعات الاقتصادية حيث ظهر معها جيلاً جديداً من رجال الأعمال استفادوا من اقتحامهم لهذا النشاط الاقتصادي الذي كان من أبرز المشاريع الاقتصادية والخدماتية الاستهلاكية على المستوى العالمي والكل يعرف معظم هذه الأسماء التي أصبحت عالمية بين طبقة رجال الأعمال سواءً كانت عربية أو أجنبية؟!
وفي هذا العقد وبشكل خاص على مستوى اقتصاديات دول الخليج ونتيجة للظروف التي مرت بها المنطقة سياسياً وعسكرياً وماتبعها من التزامات تجارية في قطاع النقل والتخزين والامدادات اللوجستية قفز هذا القطاع «اللوجستي» الى الصدارة على باقي النشاطات والمشاريع الاقتصادية الأخرى وبأقل التكاليف وأبسطها وأسهلها حتى أصبحت أسعار أسهم هذه الشركات اللوجستية «التخزين والنقل والامداد» في الأسواق المالية الخليجية تفوق أسعار أسهم البنوك وشركات الاتصالات ولنا في أسعار أسهم شركات المخازن في الكويت وقطر «وتحويل بعض المزارع إلى مناطق تخزين ومستودعات» أبلغ مثال على ذلك؟!
فكيف يتم غياب مؤسسات الدولة الاستثمارية عن المشاركة في مثل هذا المشروع خاصة وأنها لا يمكن لها او لقياداتها أن تنفي أهمية مثل هذه المشاريع اقتصادياً واستثمارياً ولا يمكنها أن تتجاهل ربحيته العالية وهو ما تسعى إلى تحقيقه في مشاركاتها الدائمة في شركات المساهمة العامة وإلا فهم غير أكفاء لوظائفهم في إدارة أموال الدولة ويجب عزلهم فوراً من عملهم؟!
الحقيقة الرابعة:
هل أن الدولة ممثلة بوزارة التجارة لا تقبل باعطاء الأفراد الموافقة على إنشاء بعض الشركات لبعض القطاعات- حتى لو تستروا تحت مسمى بعض الشركات الخاصة أو الشركات ذات المسؤولية المحدودة وحتى في بعض الحالات للشركات المساهمة العامة بالترخيص في بعض النشاطات وعلى سبيل المثال شركات الاتصالات أو البنوك او شركات النقل او التخزين على الرغم من حاجة بعض المجموعات التجارية لها وبحجة اقتصارها على تبني الحكومة لمثل هذه المشروعات وهذه الشركات وبمساهمة رئيسية منها إلا هذه الشركة التي ظهرت مثل «الطرثوث» وفي فصل الصيف وبترتيب خاص سياسي أطرافه وزير التجارة ووزير المالية الذي تولى مسؤولية وزارة التجارة بعد مرض وزير التجارة «والذي لن يعفيه من المسؤولية» والمستشار صاحب الفكرة والحظوة والمساهم الرئيسي في المشروع وهو ما ستثبته الأيام على الرغم من «سرد» بيان وزارة التجارة حول هذا الموضوع الذي لا أعتقد انه سيقتنع به أحد حتى من لا يفقه في أمور التجارة والسياسة شيء!! والتي صوروا فيه الكويت بريطانيا التي يحق لكل شخص فيها أن يباشر بإنشاء أي شركة في أي قطاع من خلال محامي ودون الرجوع لمؤسسات الدولة عدا دفع الرسوم والضرائب عليها!!
الحقيقة الخامسة:
حتى لو آمنا باقتناع الدولة لأي سبب في عدم المشاركة في مثل هذا المشروع وهي تعرف أهميته لدى القطاع الخاص والامكانية التنافسية عليه.. فإن أمامها طريق آخر هو بيع حق الانتفاع من الترخيص وهو ما تقوم فيه الكثير من الدول وذلك على شركات القطاع والمهتمين بمثل هذا النشاط وهو ما سيدر أموالاً طائلة على خزينة الدولة مما يمكنها من الاستفادة بها في تمويل مشاريع اخرى تنموية تساعدها في تطوير البنية الاساسية للبلد ..
وهو ما قامت به الكثير من الدول في ذلك واخرها مصر والعراق وقطر والسعودية في بعض المشاريع وخصوصاً تراخيص الحصول على إنشاء شركات الاتصالات .. وهو أيضاً ما تنوي القيام به دولة الكويت في الرخصة الثالثة للنقال والمقدرة قيمتها بنحو مليار دولار والتي للأسف كانت باقتراح من نواب مجلس الأمة وليس من مسؤولي الحكومة والوزراء المعنيين «وزير المالية ووزير التجارة» ... وذلك احدى علامات الاستفهام الكثيرة التي نطرحها حول إجازة مثل هذا المشروع وحول كفاءة ومصلحة بعض المسؤولين عن ذلك وفي ذلك؟!
الحقيقة السادسة:
أن مثل هذا النشاط لهذه المشروعات يعتمد اعتماداً كلياً على ما يمكن ان توفره الدولة له من أراض ومواقع لهذه الشركة ولا غير ذلك، مهما تعددت الأغراض الاخرى التي ذكرها المؤسسون في نشر اكتتابهم او في جدواهم الاقتصادية لانها اغراض اخرى لا يمكن ان تقوم لها قائمة او تدور عجلتها ما لم يكن هناك قطعة أرض تحصل عليها هذه الشركة كدعم او بتسهيل من الحكومة لانه لن يتوفر لهم ذلك بدون موافقةالحكومة..
لان الاراضي في دولة الكويت .. اما اراضي خارج التنظيم العام ولا يمكن استغلالها او استصلاحها إلا بموافقة حكومية او اراض تشترى من القطاع الخاص ومقام عليها مشاريع اخرى واسعارها لا يمكن ان توفي به الشركة حتى لو دفعت كل رأس مالها ولن يوفر لها حتى عشر المساحة المطلوبة لمزاولتها لنشاطها بالشكل الصحيح!!
وهو ما يجعلنا لا نصدق ما تم طرحه من الوزراء المسؤولين من ان الدولة غير ملتزمة بأي شيء مع هذه الشركة بعد انشائها او على الأقل ما يجعلنا نشكك في ذلك وفي صدقهم بما قالوه والدليل على ذلك تناقضهم بانشاء لجنة خاصة من ثلاثة وزراء «المالية- التجارة- الاشغال والبلدية» لدراسةاحتياج الشركة من الاراضي وللأسف بشكل فاضح وسافر وبعد توقيع مرسوم انشاء الشركة مباشرة ... لان الجماعة «مستعجلين» على أنهاء الموضوع بسرعة ..
وخلال فترة الصيف مما جعل المؤسسون يتسابقون في طرح الشركة للاكتتاب وخلال فترة 27 يوماً (20 اغسطس حتى 17 سبتمبر) وهو موسم اجازات الصيف للشعب الكويتي .. وهذا من احدى علامات الاستفهام الكبيرة التي تحيط بقيام مثل هذا المشروع وبالمسؤولين الذين أجازوه؟!