الحلقه الثالثه
واشرأبت أعناق البحارة والرعب يقفز من محاجرهم وهم يرون سفينتهم تتجه نحو الجبل بسرعة البرق, ووقع المحذور إذ اجتذبهم الإعصار فراح مركبهم يدور مع الدوامة بشدة, ورأوا حطام آلاف السفن تدور بدورانها الى الأبد, واتجه البحارة والتجار إلى أبي الفوارس سائلين إياه عما يمكن عمله للنجاة مما هم فيه من بلاء, فصاح بهم أن يحضروا جميع ما على ظهر السفينة من حبال وسيسبح هو خارجا من الدوامة وعندما يصل الى الشاطىء فإنه سيربط حبلا الى شجرة قوية قبل أن يلقوا اليها بحبالهم فيخرجهم من قلب العاصفة, وكم كان حظه سعيدا وهو يمتطي صهوة الموج ليلقي به فيما يشبه المعجزة على الساحل, فما كان منه إلا أن سارع بربط الحبل حول شجرة قوية وصعد الجبل لا يلوي على شيء بحثا عن طعام, إذ أنهم لم يذوقوا شيئا لأكثر من أربعة أيام, وعندما وصل إلى قمة الجبل رأى أمامه سهلا بديعا منبسطا ممتدا كحلة خضراء قشيبة, وأبصر وسطه قوسا من الحجر الأخضر, وعندما دنا منه ودخله لمح عمودا طويلا من الفولاذ علق فيه بسلسلة طبل من البرونز الدمشقي, يغطيه جلدا وتدلت من القنطرة كذلك لوحة كبيرة حفر عليها التالي:
يا من تصلون إلى هذا المكان اعلموا أن الإسكندر حينما بلغ هذا الموضع الرهيب المسمى بفم الأسد أدرك حجم المأساة فيه وبأنه موئل للنكبات والكوارث ... فنادى من كان معه من الحكماء وكان عددهم أربعة آلاف وسألهم المشورة فيما عساه ينجي العباد من تلك البقعة, واجتمع الحكماء ثم تشاوروا فيما بينهم مقلبين الأمر على عدة أوجه إلى أن أشار " أفلاطون" ببناء ذلك الطبل الذي ما إن يقرعه من تقع مركبه في براثن ذلك الإعصار ثلاث مرات حتى ينجو مركبه من الغرق بإذن الله ويخرج إلى السطح .
وما إن أتم البحار قراءة ذلك حتى مضى من فوره إلى الشاطىء وصاح مبشرا صحبه بقرب النجاة, لكنه اتفق معهم على أن يبقى على الجزيرة مخاطرا بنفسه شريطة أن يعطوا زوجته وأولاده عند عودتهم نصف ما معهم من ثروة, وعندما أقسموا على الوفاء بذلك اتجه صوب القنطرة حيث حمل عصا كبيرة فأهوى بها على الطبل ثلاث مرات, وما إن رددت التلال ذلك الصدى الرهيب حتى انطلقت السفينة من عين الدوامة كما ينطلق النشاب من القوس, فصاح البحارة في فرح مودعين أبا الفوارس, متجهين صوب البصرة حيث وفوا بوعدهم فأعطوا زوجته وأولاده نصف ما كان معهم من ثروة ...
يتبع
واشرأبت أعناق البحارة والرعب يقفز من محاجرهم وهم يرون سفينتهم تتجه نحو الجبل بسرعة البرق, ووقع المحذور إذ اجتذبهم الإعصار فراح مركبهم يدور مع الدوامة بشدة, ورأوا حطام آلاف السفن تدور بدورانها الى الأبد, واتجه البحارة والتجار إلى أبي الفوارس سائلين إياه عما يمكن عمله للنجاة مما هم فيه من بلاء, فصاح بهم أن يحضروا جميع ما على ظهر السفينة من حبال وسيسبح هو خارجا من الدوامة وعندما يصل الى الشاطىء فإنه سيربط حبلا الى شجرة قوية قبل أن يلقوا اليها بحبالهم فيخرجهم من قلب العاصفة, وكم كان حظه سعيدا وهو يمتطي صهوة الموج ليلقي به فيما يشبه المعجزة على الساحل, فما كان منه إلا أن سارع بربط الحبل حول شجرة قوية وصعد الجبل لا يلوي على شيء بحثا عن طعام, إذ أنهم لم يذوقوا شيئا لأكثر من أربعة أيام, وعندما وصل إلى قمة الجبل رأى أمامه سهلا بديعا منبسطا ممتدا كحلة خضراء قشيبة, وأبصر وسطه قوسا من الحجر الأخضر, وعندما دنا منه ودخله لمح عمودا طويلا من الفولاذ علق فيه بسلسلة طبل من البرونز الدمشقي, يغطيه جلدا وتدلت من القنطرة كذلك لوحة كبيرة حفر عليها التالي:
يا من تصلون إلى هذا المكان اعلموا أن الإسكندر حينما بلغ هذا الموضع الرهيب المسمى بفم الأسد أدرك حجم المأساة فيه وبأنه موئل للنكبات والكوارث ... فنادى من كان معه من الحكماء وكان عددهم أربعة آلاف وسألهم المشورة فيما عساه ينجي العباد من تلك البقعة, واجتمع الحكماء ثم تشاوروا فيما بينهم مقلبين الأمر على عدة أوجه إلى أن أشار " أفلاطون" ببناء ذلك الطبل الذي ما إن يقرعه من تقع مركبه في براثن ذلك الإعصار ثلاث مرات حتى ينجو مركبه من الغرق بإذن الله ويخرج إلى السطح .
وما إن أتم البحار قراءة ذلك حتى مضى من فوره إلى الشاطىء وصاح مبشرا صحبه بقرب النجاة, لكنه اتفق معهم على أن يبقى على الجزيرة مخاطرا بنفسه شريطة أن يعطوا زوجته وأولاده عند عودتهم نصف ما معهم من ثروة, وعندما أقسموا على الوفاء بذلك اتجه صوب القنطرة حيث حمل عصا كبيرة فأهوى بها على الطبل ثلاث مرات, وما إن رددت التلال ذلك الصدى الرهيب حتى انطلقت السفينة من عين الدوامة كما ينطلق النشاب من القوس, فصاح البحارة في فرح مودعين أبا الفوارس, متجهين صوب البصرة حيث وفوا بوعدهم فأعطوا زوجته وأولاده نصف ما كان معهم من ثروة ...
يتبع