لابن حزم الاندلسي
قال رحمه الله :
لذة العاقل بتمييزه ، ولذة العالم بعلمه ، ولذة الحكيم بحكمته ، ولذة المجتهد لله عز وجل باجتهاده = أعظم من لذة الآكل بأكله ، والشارب بشربه ، والواطيء بوطئه ، والكاسب بكسبه ، واللاعب بلعبه ، والآمر بأمره ، وبرهان ذلك أن الحكيم العاقل والعالم والعامل واجدون لسائر اللذات التي سمينا ، كما يجدها المنهمك فيها ، ويحسونها كما يحسها المقبل عليها، وقد تركوها وأعرضوا عنها، وآثروا طلب الفضائل عليها، وإنما يحكم في الشيئين من عرفهما لا من عرف أحدهما ولم يعرف الآخر.
ثم قال :
إذا تعقبت الأمور كلها فسدت عليك ، وانتهيت في آخر فكرتك باضمحلال جميع أحوال الدنيا ، إلى أن الحقيقة إنما هي العمل للآخرة فقط ، لأن كل أمل ظفرت به فعقباه حزن ،
إما بذهابه عنك ،
وإما بذهابك عنه ،
ولا بد من أحد هذين الشيئين ،
إلا العمل لله عز وجل ؛ فعقباه على كل حال سرور في عاجل وآجل،
أما العاجل فقلة الهم بما يهتم به الناس ، وإنك به معظم من الصديق والعدو ،
وأما في الآجل فالجنة.