الرجل ... الذي أعز الإسلام
الفاروق
عمر بن الخطّاب
:::::::::::::::::::::::::::::::::
بعد القادسية، كانت جيوش المسلمين تقف على مسافة 30 كيلومتراً فحسب من
المدائن عاصمة الفرس، وبإبادتهم الجيش الفارسيّ في المعركة لم تبقى أي جيوش تحول بينهم وبين العاصمة.
[158] ومكثوا فترة في القادسية، حتى جاءهم الأمر من عمر بالتوجه إلى المدائن.
[159] حاصر سعد المدائن مدة شهرين، حتى استسلمت فدخلها المسلمون، وهرب كسرى الفرس، ووجد المسلمون داخلها ثروات هائلة.
[160] غير أن بقايا جيوش الفرس عادت للتجمُّع في موقعين أساسيَّين، هما
جلولاء وتكريت،
[161] فانقسم المسلمون ثلاثة جيوش حسب أوامر عمر، الأول بقيادة
هاشم بن عتبة الذي مني بالنصر في
معركة جلولاء وفتح
حلوان،
[162] والثاني بقيادة عبد الله بن المعتم الذي نجح في فتح تكريت
والموصل، والثالث بقيادة
عتبة بن غزوان[163] الذي نجح في فتح
الأبلة وسائر
الأحواز.
[164]
بعد فتح جلولاء فرَّ يزدجرد إلى
مرو، وجعلها عاصمة الفرس الجديدة، وبدأ بحشد الجيوش من كل أصقاع فارس لوقف تقدم المسلمين.
[165][166] وسار إليهم جيش المسلمين بقيادة
النعمان بن مقرن، والتقيا قرب مدينة
نهاوند في سنة 21 هـ،
[167] حوالي 30,000 رجل من المسلمين و150,000 من الفرس.
[168] وبعد يوم من القتال الحامي هزم الفرس وانتصر المسلمون نصراً كبيراً، فأطلقوا على
معركة نهاوند فتح الفتوح، حيث لم يجتمع الفرس بعدها أبداً.
[169] ووصلت عمر أخبار الفتح فسرَّ سروراً عظيماً، غير أنه بكى عندما سمع بمقتل النعمان وصحابة آخرين خلال المعركة.
[168] بعد نهاوند توالت فتوحات بلاد فارس، ففتحت
همدان فأصبهان فالري فجرجان فطبرستان فأذربيجان فخراسان فكرمان فمكران فسجستان. وبذلك كانت نهاية
الدولة الساسانية وزوالها، وفتح المسلمين لجميع مناطقها السابقة.
[170][171]
كانت سنة
639م الموافقة لعام
18 هـ، سيئة على الدولة الإسلامية التي تعرضت لنكبتين:
المجاعة في المدينة المنورة
والطاعون في بلاد الشام. وقيل حدث ذلك آخر سنة
17 هـ الموافقة لذات العام الميلادي سالف الذكر. عمّ الجدب أرض
الحجاز واسودت الأرض من قلّة المطر فمال لونها إلى الرمادي مدة تسعة أشهر فسميت "عام الرمادة". والتجأ المسلمون إلى المدينة المنورة، فأخذ عمر بن الخطاب يُخفف عنهم، وكتب إلى
أبي موسى الأشعري بالبصرة فبعث إليه قافلة عظيمة تحمل البر وسائر الأطعمات، ثم قدِم
أبو عبيدة بن الجراح من الشام ومعه أربعة آلاف راحلة تحمل طعامًا فوزعها على الأحياء حول المدينة المنورة. فخفف ذلك من الضائقة بعد أن هلك كثير من المسلمين.
[172]
أما الطاعون فبدأ في
عمواس، وهي قرب
بيت المقدس، فسُمي "طاعون عمواس"،
[173][174] ثم انتشر في بلاد الشام. وكان عمر بن الخطاب يهم بدخول الشام وقتها، فنصحه
عبد الرحمن بن عوف بالحديث النبوي: «إذا سمعتم بهذا الوباء ببلد، فلا تقدموا عليه، وإذا وقع وأنتم فيه فلا تخرجوا فرارًا منه»، فعاد عمر وصحبه إلى المدينة المنورة. حاول عمر بن الخطاب إخراج أبا عبيدة بن الجراح من الشام حتى لا يُصاب بالطاعون فطلبه إليه، لكن أبا عُبيدة أدرك مراده واعتذر عن الحضور حتى يبقى مع جنده، فبكى عمر. ويبدو أن الطاعون انتشر بصورة مريعة، عقب المعارك التي حدثت في بلاد الشام، فرغم أن المسلمين كانوا يدفنون قتلاهم، فإن عشرات آلاف القتلى من البيزنطيين بقيت جثثهم في ميادين القتال من غير أن تُدفن، حيث لم تجد جيوشهم المنهزمة دائمًا الوقت الكافي لدفن القتلى. استمر هذا الطاعون شهرًا، مما أدى إلى وفاة خمسة وعشرين ألفًا من المسلمين وقيل ثلاثين ألفًا، بينهم جماعة من كبار الصحابة أبرزهم:
أبو عبيدة بن الجراح وقد دُفن في "عمتا" وهي قرية بغور بيسان،
ومعاذ بن جبل ومعه ابنه عبد الرحمن،
ويزيد بن أبي سفيان،
وشرحبيل بن حسنة،
والفضل بن العباس بن عبد المطلب،
وأبو جندل بن سهيل.
[175][176] وقيل أن الطاعون أصاب
البصرة أيضًا فمات بشر كثير.
وبعد انحسار طاعون عمواس، خرج عمر بن الخطاب من المدينة المنورة متجهًا نحو بلاد الشام عن طريق أيلة. فلمّا وصلها قسّم الأرزاق وسمّى الشواتي والصوائف وسدّ فروج الشام وثغورها، واستعمل عبد الله بن قيس على السواحل ومعاوية بن أبي سفيان على جند دمشق وخراجها. ثم قسم مواريث الذين ماتوا، بعد أن حار أمراء الجند فيما لديهم من المواريث بسبب كثرة الموتى. وطابت قلوب المسلمين بقدومه بعد أن كان العدو قد طمع فيهم أثناء الطاعون.
------
https://www.indexsignal.com/community/threads/378187/post-4774728