قال لـ الوطن إن الشركة لا تستطيع تغطية حجم الأصول المدينة في السوق المحلي البالغ 1.4 مليار دينار
عصام الطواري: »رساميل« تعتزم التوسع في خدمات التوريق خليجيا وتخطط لإدراج أسهمها
كتب طارق عرابي:
»التوريق« هي عملية تحويل الأصول الى سيولة.. وعمليات التوريق تعتبر عمليات قديمة حيث إنها بدأت في أمريكا منذ السبعينات، إلا أن سوقها تطور بشكل كبير، حتى أن سوق التمويل العقاري في الدول المتقدمة قائم على موضوع التوريق هذا.
وفي عام 2005 انطلقت في الكويت أول شركة »توريق« اسلامية على مستوى منطقة الخليج العربي كلها، أسستها مجموعة من الشركات الاستثمارية المحلية والخليجية، أطلق عليها فيما بعد اسم شركة »رساميل للهيكلة المالية«، برأسمال وقدره 30 مليون دينار.. تخصصت بشكل أساسي في عمليات التوريق وفقاً لاحكام الشريعة الاسلامية.
وخلال السنة الأولى من عملها أنهت الشركة عمليتي توريق كبيرتين لصالح عملاء محليين، فيما أنها تعمل حالياً على تنفيذ أربع عمليات جديدة داخل وخارج الكويت، كما وتفكر بترتيب عمليات توريق لبعض البنوك في المنطقة وبعض المؤسسات المالية في الكويت.
هذا ما أكده نائب رئيس مجلس الادارة الرئيس التنفيذي لشركة رساميل للهيكلة المالية عصام الطواري خلال لقائه مع »الوطن«، وهو اللقاء الذي تناول عدداً من القضايا الاقتصادية الى جانب التعريف بسوق التوريق سواء على الصعيد المحلي أو الخارجي:
بداية قال الطواري: »حرصنا من خلال عملنا على التميز من خلال تقديم منتج متخصص، ولقد قرر المساهمون عند تأسيس الشركة إن تكون الشركة متخصصة في عمليات التوريق، حيث ان أي شخص سيفكر مستقبلاً في عمليات التوريق، فان أول ما سيتبادر الى ذهنه هو اللجوء الى شركة رساميل التي تعتبر شركة متخصصة في تقديم هذا النوع من الخدمات«.
ففي الكويت اليوم حوالي 60 شركة استثمار مسجلة لدى البنك المركزي، منها نحو 26 شركة استثمار اسلامية، أي أن %40 من شركات الاستثمار المسجلة بالسوق هي شركات استثمار اسلامية، وبالتالي فانه وفي ظل وجود هذا الكم من الشركات فان التخصص هو الذي يمكن أن يساعد الشركات على تقديم الخدمات المتميزة.
فالسوق يحتاج الى التخصص، ولذلك نجد اليوم الشركات المتخصصة بالتجارة في حين أن بعض الشركات تتخصص في التمويل الاستهلاكي والأخرى في تقديم الخدمات الاستشارية والبعض في عمليات ادارة الأصول.. مع أن تراخيص هذه الشركات كلها واحدة.
ونحن رأينا أن هناك فراغا في السوق في عمليات ترتيب التمويل وعمليات التوريق فتخصصنا في هذا الجانب لنستطيع تقديم خدمة مهنية متميزة في السوق. وهناك تعطش لمثل هذه الخدمات اليوم.
وقد حملت الشركة منذ انطلاقتها شعار "الأولى في تقديم الفرص البديلة" وهذا الشعار حقيقي فما الذي يمنع من شراء سند اسلامي يعطي عائداً مادياً أفضل من الوديعة وفي نفس الوقت أكثر أمناً من التداول بالأسهم، كما أنه قابل للتداول، ذلك أن أدوات التوريق هي أدوات قابلة للتداول وتعطي عوائد ثابتة وآمنة.
وليس تجاوزا التأكيد ان عمليات التوريق لو ارتفع حجمها في السوق بشكل كبير فانها ستعمل على حل واحدة من أكبر التحديات التي تواجه الصيرفة الاسلامية وهي ادارة السيولة، فاليوم عندما تكون هناك سيولة لدى البنوك والمؤسسات الاسلامية تقوم بالدخول في عمليات التوريق من خلال شراء السلع والمعادن، بينما لو كان هناك مجال آخر لهذه المؤسسات لأن تستثمر سيولتها بمثل هذه الأدوات المقبولة شرعاً لكانت بديلاً لعمليات التوريق الأخرى التي عليها ما عليها من ملاحظات.
ما هو التوريق؟
وحول عملية التوريق قال الطواري انها عبارة عن تحويل الأصول الى سيولة، بمعنى أنه لو كان هناك شركة لديها تدفق مالي معين ناتج من عمليات تمويلية أو عمليات ايجارية وهذا التدفق مستمر بموجب عقود على مدى ثلاث أو أربع سنوات، فعندها نقوم نحن كشركة بشراء (العقد) والتدفقات النقدية من هذه الشركة، وذلك مقابل عقد جديد يتم ترتيبه بين »رساميل« والشركة صاحبة العقد..حيث تتم عمليات التوريق التي تقوم بها الشركة وفق أطر مقبولة من الناحية القانونية والشرعية في ذات الوقت.«.
مصدر تمويل
واضاف الطواري »ان عمليات التوريق توفر مصدراً جديداً للتمويل خلافاً لمصادر التمويل التقليدية، فلو كانت هناك شركة لديها عقد مع جهة مقبولة من الناحية الائتمانية، فان هذه الشركة يمكنها أن تبيع هذا العقد لتحصل على السيولة التي يمكن أن تستثمرها في مشاريع أخرى جديدة".
فعلى سبيل المثال لو أن أحد ملاك العمارات يمتلك مجموعة من العمارات التي تدر عليه عائداً يقدر بـ 8 أو %9 واحتاج لسيولة لشراء أرض جديدة، فبامكانه أن يبيع تدفقات ايجارات هذه العمارات من خلال عملية توريق ليحصل على المال اللازم لشراء الأرض. ومن ناحية أخرى، عن طريق التوريق، من الممكن أن تكون الدرجة الائتمانية للورقة التي يتم تداولها أعلى من درجة التصنيف للشركة نفسها، وذلك من خلال ما يطلق عليه اليوم باسم »التمويل المركب« أو »الهندسة المالية«، وهي الهندسة التي تقوم على الفصل ما بين المخاطر والأصول وتتعامل مع كل واحد منها على حدة، وهو أمر يختلف عن التمويل التقليدي الذي ينظر الى الميزانيات والى درجة الملاءة المالية والائتمانية قبل أن يتم التمويل على أساسها.
بدون منافس
واشار الطواري الى ان الكويت لا يوجد بها أي شركة متخصصة في التوريق، فنحن مازلنا حتى الآن الشركة الوحيدة المرخصة من قبل البنك المركزي في عمليات التوريق، لكن البنك المركزي لديه في الفترة الحالية مسودة ارشادات وضوابط لعمل شركات التوريق بالكويت، وبالتالي فانه متى ما تم الاتفاق على هذه المسودة وتم اقرارها فسيفتح المجال أمام الشركات الأخرى.
وكذلك الحال يمكن القول انه حتى في منطقة الخليج لا يوجد حتى الآن أي شركة متخصصة في التوريق، لكن هناك مؤسسات تعتبر خدمة التوريق أحد أنشطتها، وهي بنمو وتطور.
ونحن بشكل عام نتوقع أن يتطور هذا العمل بشكل كبير، فحجم الأصول المدينة في السوق المحلي يصل الى 1.4 مليار دينار، أي ما يعادل 4.5 مليارات دولار، وبالتالي فان شركة مثل رساميل رأسمالها 100 مليون دولار، تعتبر غير قادرة على تغطية هذا السوق الكبير والواعد.
ونحن كشركة مركزنا الكويت، لكن تطلعنا اقليمي في منطقة الخليج بشكل أساسي، لذلك فاننا نبحث في فرص تقديم هذه الخدمة مع عملائنا في الخليج كله وليس في الكويت فحسب، وعندنا بالفعل حديث وحوار مع أطراف في المنطقة.
الانطلاق للخارج
وحول آلية عمل الشركة قال الطواري ان رساميل تركز في المنطقة لكن هذا لا يجب أن يمنعنا من التخطيط للمستقبل، ومن هذا المنطلق فاننا نخطط منذ الآن لأن يكون لنا تواجد في منطقة الخليج، اذ من الضروري لعلمنا أن يكون لنا تواجد في منطقة الخليج لنكون قريبين من تلك الأسواق وقادرين على خدمتها، لكن الصورة النهائية لعملنا بالخارج لم تتبلور بعد.
6 عمليات
واوضح الطواري ان »رساميل« انجزت عملية توريق بقيمة 10 ملايين دينار لاحدى الشركات الكويتية التي لها أعمال في السعودية، كما رتبت عملية ثانية لشركة مجمعات الأسواق التجارية بقيمة 30 مليون دولار مع شركة عمار والمركز المالي الكويتي، حيث قمنا بعملية اصدار صكوك تم طرحها باقبال جيد، واليوم نستعد لبحث أربعة فرص جديدة منها ما هو في الكويت ومنها ما هو خارج الكويت، لكن هذه العمليات مازالت في مراحل الحوار والأخذ والعطاء، ونقدم في الشركة خدمات استشارات مالية، بحيث إننا يمكن أن ندخل مع بعض العملاء لنعمل نيابة عنهم في ترتيب عمليات التمويل لمشاريعهم..ولدينا حالياً عميلان يتم ترتيب هذه الخدمات لهما بخلاف العمليات الاربع التي تحدثنا عنها آنفاً.
تفعيل القانون
وحول فسخ عقول الـ B.O.T وتحييد الاسهم اشار الطواري الى انه ينظر الى الجوانب الايجابية في موضوع فسخ العقود، ألا وهو جانب تفعيل القوانين من قبل الحكومة، ونتمنى أن يكون موضوع فسخ العقود هو جزء من موضوع تفعيل القوانين بشكل عام في مجال التجارة والاقتصاد والمرور.. وكافة التعاملات الأخرى في السوق.
فطالما كان هناك تفعيل للقوانين كانت هناك عدالة في التعامل وشفافية أكبر في السوق، وبالتأكيد فان لهذا الأمر انعكاسات على ثقة المتعاملين، وبالتالي فان ثقة المتعاملين بالداخل ستنعكس على ثقة المستثمرين في الخارج..ومن هنا أعتقد بأن تطبيق وتفعيل القوانين هو أمر مهم وايجابي.
كما ان تطبيق القوانين سيساعد على دخول أموال المستثمرين المحليين والأجانب، فتشجيع المستثمر الأجنبي لن يكون من خلال تأسيس مكتب تشجيع رأس المال الأجنبي، وانما من خلال التطبيق السليم للقوانين والاستقرار والتوجه العام، ووضوح عمليات دخول الأموال وخروجها بكل سهولة ويسر.
ولكن بشكل عام فان فسخ العقود لم يكن يجب أن يتم بهذا الأسلوب وهذه الطريقة، بل كان يجب أن يتم من خلال انذار هذه الشركات واعطائها مهلة أكبر.. ولكن ربما كانت هناك تفاصيل لم نعرف عنها، وقد تكون هذه الاجراءات قد اتخذت من دون أن نشعر نحن..لذلك فان الحكم عليها يبقى صعباً.
ولنا في تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر في أمريكا خير مثال على ثقة المستثمرين، فبعد هذه الأحداث أحس عدد كبير من المستثمرين بأن أموالهم في الغرب يمكن أن يطولها ما يطولها، لذلك عاد الكثير من المستثمرين بأموالهم الى بلادنا العربية حتى بتنا نرى المشاريع الضخمة والأبراج العالية في الكويت ودول المنطقة وكذلك في الأردن ومصر، وبدأت النهضة تزدهر.
وبشكل عام فان المرحلة المقبلة ستشهد ازدهاراً لأن مثل هذه القرارات لها انعكاسات قصيرة الأمد على المستثمرين، ولكن بشكل عام فان الهزات القصيرة الأمد لن يكون لها تأثير في المستثمرين طويلي الأمد.
ولذا يمكن القول إن السوق الكويتي مازال من الأسواق الواعدة حتى أن قيم الشركات فيه مازالت في حدودها المعقولة، كما أن الشركات التي تحقق أرباحا تشغيلية هي شركات كثيرة وواعدة، وهي التي من شأنها أن تحافظ على ثبات واستقرار هذا السوق.
تطوير القوانين
واكد الطواري ان الكويت بحاجة لاقرار قانون الشركات الذي مازال مجرد مسودة منذ أكثر من سنتين لدى مجلس الأمة، فعلى مجلس الأمة أن يضع هذا القانون ضمن أولوياته، اذا أردنا أن نرى الكويت مركزا ماليا، ونحن لدينا في الكويت المكان المناسب كما أن لدينا المستثمرين، لكن المستثمر لن يعمل بأمان الا في ظل اطار عام قانوني وواضح.. ونحن اليوم مازلنا نعمل بقانون مضى على صدوره أكثر من 50 سنة، وهو القانون الذي ينتج عن تطبيقه الكثير من المشاكل بحيث إنه أصبح لا يواكب المتغيرات التي شهدها العالم من حولنا.
رساميل والإدراج
وحول فرص ادراج الشركة في البورصة قال الطواري ان رساميل تضع على سلم اولوياتها ادراج اسهمها في سوق الكويت للاوراق المالية خاصة انها استوفت بعض الشروط الحالية للادراج وفي حال استيفاء باقي الشروط سنعمل على ادراج الشركة في البورصة، فالادراج هو عبارة عن المكان الذي يتم من خلاله الدخول والتخارج الى الشركة.
وكون أننا شركة عاملة في السوق ولديها العديد من المساهمين الاستراتيجيين فان عملنا يتطلب الحصول على شراكات استراتيجية، وقد يكون من المفيد بأن يكون هناك مجال أمام المساهمين الجدد للدخول الى الشركة.
نرحب بالمنافسة
وعن دور رساميل في تأسيس شركات توريق جديدة في المستقبل ذكر الطواري ان هذا امر محتمل لكن ليس في الكويت، وبحسب معلوماتنا فان أغلب طلبات العمل في سوق التوريق هي من بنوك ترغب في أن يكون التوريق ضمن أنشطتها الرئيسية، ولكن بشكل عام نحن نرحب بوجود الشركات المنافسة، فالمنافسة هي التي ستشجع على التطوير، بينما نحن حالياً نحاول أن نتفوق على أنفسنا، وللعلم فان المنافسة لم تعد تقتصر على الداخل، فهناك العديد من المؤسسات المالية العالمية والبنوك الدولية التي تقدم خدمات التوريق، لذلك فان هدفنا ليس السوق الكويتي فحسب، بل وأيضاً نهدف الى العمل مع المؤسسات الدولية المتخصصة في هذا المجال داخل وخارج الكويت.