ثقافه أقتصادية من صفحة
عزايز الإخبارية
في الذكرى السبعين..كيف حققت الصين المعجزة الاقتصادية وأنقذت ملايين الفقراء
مباشر: أقل من 70 عاماً كانت فترة كافية لتخرج الصين من العزلة وتصبح واحدةً من القوى الاقتصادية العظمى في العالم.
ومع احتفال الدولة بذكرى تأسيس جمهورية الصين الشعبية في نفس اليوم من عام 1954، يستعرض تحليل لهيئة الإذاعة البريطانية "بي.بي.سي" كيف أن التحول الصيني تسبب في نشر غير مسبوق للثروة في البلاد.
ويقول "كريس ليونج" كبير الاقتصاديين في "دي.بي.إس": "عندما تولى الحزب الشيوعي الحكم في الصين كانت البلاد فقيرة للغاية حيث لم يكن هناك شركاء تجاريين ولاعلاقات دبلوماسية وكانوا يعتمدون على الاكتفاء الذاتي".
وعلى مدار الأربعين عامًا الماضية، أدخلت الصين سلسلة من إصلاحات السوق البارزة لفتح طرق التجارة وتدفقات الاستثمار، ما أدى في النهاية إلى انتشال مئات الملايين من الصينيين من براثن الفقر.
وشهدت فترة الخمسينات من القرن الماضي أحد أكبر الكوارث البشرية في القرن العشرين مع محاولة القفزة الكبيرة للأمام بقيادة "ماو تسي تونغ" زعيم الحزب الشيوعي عن طريق تحويل الاقتصاد الصيني إلى الاعتماد على الصناعة بدلاً من الزراعة، لكنها فشلت وتوفى ما بين 10 إلى 40 مليون شخص بين عامي 1959 و 1961 لتصبح أكثر المجاعات تكلفة في تاريخ البشرية.
وأعقب ذلك الاضطراب الاقتصادي للثورة الثقافية في الستينيات، وهي حملة أطلقها "ماو" لتخليص الحزب الشيوعي من منافسيه، لكنها انتهت بتدمير جزء كبير من القوام الاجتماعي في البلاد.
"ورشة عمل العالم"
ولكن بعد وفاة "ماو" في عام 1976، بدأت الإصلاحات التي قادها "دنغ شياو بينغ" في إعادة تشكيل الاقتصاد عن طريق منح الفلاحين حقوقًا في زراعة أراضيهم، وتحسين مستويات المعيشة وتخفيف النقص في الغذاء.
وتم فتح الباب أمام الاستثمارات الأجنبية، حيث أعادت الولايات المتحدة والصين إقامة علاقات دبلوماسية في عام 1979 وحرصاً على الاستفادة من العمالة الرخيصة وتكاليف الإيجار المنخفضة تدفقت الأموال إلى الصين.
ويقول "ديفيد مان" كبير الاقتصاديين العالميين في بنك "ستاندرد تشارترد": "منذ نهاية سبعينيات القرن العشرين فصاعداً رأينا ما يمكن اعتباره الإعجاز الاقتصادي الأكثر إثارة للإعجاب في أي اقتصاد في التاريخ".
وخلال التسعينيات، بدأت الصين في تسجيل معدلات نمو سريعة كما أن انضمامها لمنظمة التجارة العالمية في عام 2001 منجها دعماً إضافياً.
وتم تخفيض الحواجز التجارية والتعريفات الجمركية مع الدول الأخرى وسرعان ما انتشرت السلع الصينية في كل مكان.
ويقول مان: "لقد أصبحت الصين ورشة العمل بالنسبة للعالم".
ووفقاً لكلية لندن للاقتصاد، في عام 1978، بلغت الصادرات الصينية 10 مليارات دولار أي أقل من 1 بالمائة من التجارة العالمية.
وبحلول عام 1985، بلغت قيمتها 25 مليار دولار، وبعد أقل من عقدين بقليل بلغت الصادرات قيمة 4.3 تريليون دولار، ما يجعل الصين أكبر دولة تجارية في العالم في مجال السلع.
تراجع معدلات الفقر
حسنت الإصلاحات الاقتصادية ثروات مئات الملايين من الشعب الصيني، حيث يقول البنك الدولي إن أكثر من 850 مليون شخص قد خرجوا من براثن الفقر، وأن البلاد تسير على الطريق الصحيح للقضاء على الفقر المدقع بحلول عام 2020.
وفي الوقت نفسه، ارتفعت معدلات التعليم وتتوقع "ستاندرد تشارترد" انه بحلول عام 2030، سيكون حوالي 27 بالمائة من القوى العاملة لديهم تعليم جامعي - وهذا تقريباً نفس معدل ألمانيا في الوقت الحالي.
ارتفاع عدم المساواة
ومع ذلك، فإن ثمار النجاح الاقتصادي لم تتوزع بالتساوي بين سكان الصين البالغ عددهم 1.3 مليار نسمة.
وتوجد أمثلة للثروة الكبيرة وطبقة وسطى صاعدة إلى جانب المجتمعات الريفية الفقيرة، وقوة عاملة قليلة المهارة وكبيرة السن، وتعمقت اللامساواة إلى حد كبير على امتداد الفجوات الريفية والحضرية.
ويقول "مان": "الاقتصاد كله لا يتقدم، فهناك اختلافات هائلة بين الأجزاء المختلفة".
كما يقول البنك الدولي إن نصيب الفرد من الدخل القومي في الصين لا يزال يماثل الدول النامية وأقل من ربع متوسط الاقتصادات المتقدمة.
ويبلغ متوسط الدخل السنوي للصين ما يقرب من 10 آلاف دولار، وفقا لـ"دي.بي.إس" مقارنة بنحو 62 ألف دولار في الولايات المتحدة.
التحول لعصر تباطؤ النمو
حاولت الصين طوال سنوات فصل اعتمادها عن الصادرات والنمو المدفوع بالاستهلاك.
وفي الوقت الذي ظهرت فيه تحديات جديدة، بما في ذلك تباطؤ الطلب العالمي على سلعها والحرب التجارية طويلة الأمد مع الولايات المتحدة.