الدولار الأمريكي يهبط إلى أدنى مستوى في ثلاث سنوات
واصل الدولار تراجعه خلال تداولات يوم الاثنين، ليصل إلى أدنى مستوياته منذ عام 2022، في ظل انسحاب المستثمرين العالميين من الأصول الأمريكية بسبب التوتر المتصاعد بين الرئيس دونالد ترامب ومجلس الاحتياطي الفيدرالي.
وانخفض مؤشر الدولار الأمريكي (ICE U.S. Dollar Index)، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من العملات الأجنبية، إلى 97.92، وهو أدنى مستوى له منذ مارس عام 2022، بحسب بيانات "فاكت ست".
وتكبد الدولار خسائر حادة منذ تنصيب ترامب في يناير، لكن الإطلاق الرسمي لرسومه الجمركية التبادلية العالمية في 2 أبريل سرّع من وتيرة البيع. وتصاعد الضغط على الدولار الأسبوع الماضي بعد انتقادات ترامب العنيفة لرئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، تزامنًا مع تصريحات المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض كيفن هاسيت التي أكد فيها أن الإدارة تدرس قانونيًا إمكانية إقالة باول من منصبه.
وفي منشور جديد على منصة "تروث سوشال" يوم الاثنين، واصل ترامب هجومه، واصفًا باول بـ "السيد المتأخر دائمًا" و**"الخاسر الكبير"**.
قلق في الأسواق من تهديد استقلالية "الفيدرالي"
وقال كريشنا جواها، نائب رئيس شركة Evercore ISI، خلال مقابلة على سي إن بي سي: "نشهد إشارة واضحة من السوق مفادها أن مجرد فكرة محاولة الرئيس عزل رئيس الفيدرالي غير مرحّب بها. هناك فقدان متزايد للثقة في السياسة الاقتصادية الأمريكية مؤخرًا".
وأضاف أن هذا يتجلى من خلال "الضغط التصاعدي أحيانًا على عوائد السندات طويلة الأجل، بالتوازي مع ضعف الدولار"، مشيرًا إلى أن هذه التركيبة "تعكس انسحاب رؤوس الأموال من الولايات المتحدة".
وفي مذكرة للعملاء، أعرب آندي لابيريير، رئيس قسم السياسات الأمريكية في شركة Piper Sandler، عن قلق مماثل قائلاً: "نواجه رئيسًا مصممًا على قلب قواعد اللعبة في واشنطن رأسًا على عقب. المستثمرون الذين تجاهلوا تصريحاته السابقة بشأن الرسوم الجمركية دفعوا الثمن، ومن الخطأ تجاهل تصريحاته وأفعاله الحالية أيضًا".
سقوط الهيبة المالية للدولار؟
يُنظر إلى الدولار عادةً كعملة احتياط عالمية، وقد تفوق أداء الأصول الأمريكية على معظم الأسواق العالمية خلال العقد الماضي، مما عزز الطلب على العملة الخضراء.
لكن الأسواق الأمريكية — سواء الأسهم أو السندات — شهدت تراجعًا ملحوظًا في ظل النزاع التجاري بين إدارة ترامب وقادة أجانب، ما ساهم في الضغط الإضافي على الدولار.
وفي أحدث تداول، انخفض مؤشر الدولار (الذي يقيس أداء العملة الأمريكية) مقابل سلة من العملات الرئيسية في تمام الساعة 5:42 مساء بتوقيت مكة المكرمة بنسبة 1% إلى 98.3 نقطة.
الدولار في مهب الريح؟ جولدمان ساكسيتوقع انخفاضات أعمق على المدى الطويل!
قال بنك جولدمان ساكس إن الدولار الأمريكي لا يزال مبالغًا في قيمته بشكل كبير، رغم التراجع الذي سجله بنسبة 5% خلال الفترة الأخيرة، مؤكدًا أن العملة الأمريكية مرشحة لمزيد من الانخفاض في ظل وجود اختلالات هيكلية في المحافظ الاستثمارية العالمية، وتزايد عوامل الضغط على المدى الطويل.
وأوضح "جان هاتزيوس"، كبير الاقتصاديين لدى البنك، أن الدولار لا يزال يتداول عند مستويات تفوق المتوسط الحقيقي طويل الأجل بحوالي انحرافين معياريين، وهو ما يعكس تقييمًا مفرطًا مستمرًا منذ عام 1973. ولفت إلى أن القمم التاريخية المماثلة التي سجلها الدولار خلال منتصف الثمانينيات وأوائل الألفية الثانية أعقبها دورات هبوطية حادة تراوحت بين 25% و30%، ما يعزز احتمالات التراجع الحاد في المرحلة المقبلة.
وأضاف البنك أن الحيازات الأجنبية من الأصول الأمريكية تشكل عامل ضغط رئيسيًا، إذ يمتلك المستثمرون غير الأمريكيين ما يقرب من 22 تريليون دولار من هذه الأصول، أي ما يعادل ثلث إجمالي محافظهم الاستثمارية. وأشار إلى أن نصف هذه الحيازات تقريبًا عبارة عن استثمارات غير مغطاة في الأسهم، ما يجعلها عرضة لتقلبات أسعار الصرف، ويزيد من حساسية الدولار تجاه أي تغير مفاجئ في ثقة المستثمرين.
وحذر "جولدمان ساكس" من أن أي تحرك طفيف من قبل المستثمرين الدوليين لإعادة توازن محافظهم أو تقليص انكشافهم على الأصول الأمريكية قد يؤدي إلى تراجعات ملموسة في قيمة الدولار. وأكد أن هذا التهديد يُعد هيكليًا وطويل الأمد، وليس مجرد تصحيح مؤقت ناتج عن تغير في المؤشرات قصيرة الأجل.
واختتم البنك رؤيته بالتأكيد على أن الاتجاه الهابط لمؤشر الدولار مدعوم بسوابق تاريخية واضحة، إلى جانب مقاييس التقييم الحالية، وديناميكيات تدفقات رأس المال، متوقعًا استمرار التراجع خلال عدة فصول مقبلة، مع تنامي التوجه العالمي لتنويع المحافظ وتراجع جاذبية الأصول الأمريكية في البيئة الاقتصادية الراهنة.