سلام
أسعار قسائم السكن الخاص.. تتراجع أكثر
نهى فتحي
كيف تأثر السكن الخاص بموجة التراجع التي يشهدها السوق العقاري حالياً، وكم تبلغ نسب تلك التراجعات على مستوى المناطق السكنية الداخلية والخارجية، وما أكثر المناطق تأثرا، وهل من بوادر انتعاش في الأفق يراها خبراء السوق أم أن فترة الركود ستطول لأشهر مقبلة؟
القبس تحدثت إلى عدد من الخبراء المخضرمين من ذوي الخبرة بالسوق العقار،والذين مرت عليهم فترات ركود عديدة في السابق، حيث أكد هؤلاء أن ما يمر به السكن الخاص اليوم هو نتاج جملة عوامل اجتمعت وكان تأثيرها سلبياً على حركة التداول والأسعار على حدا سواء.
وأكدوا أن الأسعار وصلت نهاية 2014 إلى حدود مبالغ فيها، كان يلزم معها تصحيح في تلك المعدلات، حيث شهد عام 2015 ركوداً على صعيد حركة التداول بشكل عام، وهو ما أظهرته البيانات الصادرة عن وزارة العدل قسم التسجيل العقاري، ومع بدايةعام 2016 بدأت موجة التراجع على صعيد كل القطاعات العقارية ومن بينها السكن الخاص، مع شبه يقين باستمرار حركة التراجع خلال الأشهر المتبقية من العام الحالي في ظل عدم وجود مؤشرات إيجابية تشير إلى عودة الانتعاش، إلى أن تصل الأسعار إلى نقطة بداية طبيعية وغير مبالغ فيها ومن ثم تبدأ انتعاشة السوق مع بداية 2017 .
الجميع أكد أن المشتري اليوم في السكن الخاص بات يتدلل ويقارن بين الفرص المعروضة في السوق ويفاصل ويحصل على القسائم والمنازل بأسعار لم تكن متوافرة من قبل.
فبعض القسائم تراجعت بنسب فاقت 30 في المئة خصوصا في المناطق الخارجية ومنازل في مناطق نموذجية فقدت أكثر من 12 في المئة من قيمتها، فيما تراجعت القيم الإيجارية في مناطق السكن الخاص بنسب بين %15 و%20، أما حركة البيع والشراء فقد فقدت أكثر من %50 من قيمتها مقارنة بالتداول خلال السنوات الماضية.
في البداية قال الخبير العقاري علي الموسى إن الطلب اليوم بشكل عام بات ضعيفا للغاية، وأن الشراء اليوم يقتصر على الراغبين في السكن، خصوصا هؤلاء الذين كانوا غير قادرين على الشراء وقت انتعاش السوق وارتفاع الأسعار، أما البائع اليوم فهو المحتاج للسيولة والمضطر للبيع بسبب ماعليه من التزامات، لافتا إلى أن القسيمة الزاوية والشارعين التي كانت تباع في السابق في منطقة أبوفطيرة بسعر 310 آلاف دينار، باتت اليوم تباع بقيمة 250 ألف دينار، وفي الفنيطيس كانت القسيمة المتميزة تصل لسعر 350 ألف دينار، اليوم تعرض ب 300 ألف دينار، وفي المسايل كان سعر القسيمة يصل الى 500 ألف، اليوم تعرض بسعر 440 ألف دينار، و400 ألف ربما.
وبين الموسى أن التأثير اتسع ليشمل مناطق السكن الخاص الداخلية التي شهدت صفقاتها تراجعا بنسب متفاوتة حسب المنطقة وحجم المعروض والموقع، فنجد أن بيتاً في منطقة الضاحية بمساحة ألف متر مربع على شارع رئيسي كان يعرض بسعر مليوني دينار كويتي، اليوم يعرض بسعر 1.750 مليون دينار، بتراجع نسبته %12، و بيت في منطقة الشعب 400 متر كان يعرض بسعر 400 ألف دينار، اليوم يعرض بسعر 370 ألف دينار، مشيرا إلى أن الحركة تراجعت في بعض المناطق بنسب وصلت الى 50 في المئة، خصوصا أبوفطيرة والفنيطيس.
وفي بعض المناطق كانت نسب التراجعات بين 20 و25 في المئة، وذلك نتيجة عدة عوامل منها توزيعات الحكومة التي كان لها تأثير مباشر على المناطق الخارجية، حيثتراجع سعر القسيمة في منطقة الخيران السكنية الشارع واحد من 115 ألف دينار إلى نحو 70 ألف دينار، والشارعين من 130 ألف دينار إلى 90 ألفاً، وذلك بسبب توزيعات الحكومة في مناطق قريبة منها.
وتطرق إلى أسعار شاليهات (حق الانتفاع) التي تأثرت نتيجة جميع المؤثرات التي سبق ذكرها، إضافة إلى انتشار شاليهات التمليك التي أخذت أنظار الراغبين في شراء الشاليهات، خصوصاً أنها تمنح المشتري وثيقة ملك حرة.
من ناحيته، قال رئيس الاتحاد الكويتي لمقيمي العقار منصور العصيمي إن السوق مبني على العرض والطلب، واليوم هناك نسب معروض كبيرة في السوق العقاري المحلي، ناهيك عن تأثير عدد من العوامل في نفسية المشتري، منها تراجع أسعار النفط عالمياً والوضع السياسي العام، ورفع الفائدة، حيث يشهد السوق نوعاً من الجمود، والمستثمر بات حذراً جداً في الشراء، ويحتاط بشكل كبير، تخوفاً من مزيد من التراجع، خصوصا أنه لا توجد مؤشرات إيجابية لما هو قادم إلا في حال تغيرت الأسباب التي دفعت السوق إلى هذا التراجع.
وبيّن العصيمي أن أسعار منطقة شرق القرين والقسائم في المناطق الخارجية تشهد اليوم تراجعاً مستمراً، أما المناطق الداخلية فتأثرها يبقى محدوداً، نظراً إلى أن الطلب عليها عادة ما يكون من قبل الميسورين.
من جانبه، قال الخبير العقاري بدر الصميط إن قسائم التي كانت محل مضاربات، خصوصاً في المناطق الخارجية، تراجعت أسعارها بنسب فاقت %30، خصوصا في أبوفطيرة والفنيطيس والمسيلة والتي ظهر فيها التراجع بسرعة ووضوح، حيث كان التداول عليها قوياً، لأن أسعارها كانت تعد مقبولة لدى شريحة من المستثمرين، حيث كانت أسعارها تتراوح ما بين 200 و300 ألف دينار للقسيمة، وهي قيمة تتناسب مع ميزانيات مختلف شرائح المستثمرين في السوق العقاري.
أما المناطق الداخلية، فتبقى نسب التراجع بها أقل مقارنة بالخارجية، فقد شهدت تراجعاً بنسب بين 10 و%15، مشيراً إلى أن السوق اليوم لا توجد به أية بوادر لانتعاش قريب آتٍ، وذلك بسبب تراجع أسعار النفط وتوقعات استمرار هذا التراجع وتأثير ذلك في المشاريع بشكل عام، والصرف الحكومي وحالة التقشف التي تمر بها البلاد الآن، بالإضافة إلى الأوضاع السياسية بالمنطقة، حيث كان تأثيرها في مختلف القطاعات وليس فقط العقار، فنرى تأثر الأسهم والتجارة وغيرها، حيث تبحث رؤوس الأموال اليوم عن فرص استثمارية في أسواق خارجية أكثر استقراراً، ناهيك عن تقلبات العملات، خصوصاً تراجع الدينار مقابل الدولار.
من ناحيته، قال الوسيط العقاري عبدالهادي صقر الصقران إن هناك مناطق شهدت تراجعاً ملحوظاً للأسعار وأخرى لا تزال ثابتة،، موضحاً أن معظم المناطق الخارجية تأثرت أسعارها، خصوصا مناطق شرق القرين (الفنيطيس وأبو فطيرة والمسيلة)، حيث شهدت تلك المناطق هبوطاً في الأسعار بنسب تعدَّت %25، خصوصا أن تلك المناطق كانت محل مضاربات، حيث تراجعت حركة المضاربة اليوم بشكل ملحوظ تخوفاً من مزيد من التراجع على صعيد الأسعار وتحقيق خسائر.
وتوقع الصقران أن تشهد تلك المناطق مزيدا من التراجع لأسعارها خلال الفترة المقبلة، لاسيما أن هناك مؤسسات تعرض ما لديها من قسائم في مزادات تسهم في زيادة العرض بالسوق، لافتا إلى أن الفترة الأخيرة شهدت بيع قسائم بأسعار تقل عن اسعارها قبل عام بنحو 50 ألف دينار في سعر القسيمة، حيث يضطر الراغب في الحصول على سيولة في البيع بتلك الأسعار، متوقعاً أن يستمر التراجع لحين وصول سعر القسيمة 400 متر الشارع واحد في ابوفطيرة إلى حدود سعر 160 ألف دينار، مع العلم أنها بلغت اليوم سعر 190 ألف دينار، فيما كانت أسعارها تصل إلى 240 ألف دينار بداية العام 2015، وأن يصل سعر القسيمة في الفنيطيس إلى حدود سعر 180 ألف دينار، وهي الآن تعرض بسعر 205 آلاف دينار، فيما كانت أسعارها وقت انتعاش السوق تصل إلى 275 ألف دينار.
أما على صعيد الأسعار الداخلية، فقد تراجعت أسعارها بنسب لا تتعدى %10، نظراً لقلة المعروض للبيع منها في السوق، فيما حافظت بعض المواقع في المناطق الداخلية على ثبات نوعي لأسعارها، خصوصا أن زبائنها دائماً يكونون من سكان نفس المنطقة، لذلك أسعارها تكون مستقرة.
ولفت الصقران إلى اتساع حركة تراجع الأسعار لتشمل شاليهات حق الانتفاع التي شهدت أيضا تراجعا ما بين 15 و%20 من قيمها، حيث ساهم العزوف عن شراء الشاليهات في ظل حالة التقشف التي يعيشها الجميع الآن في تراجع أسعارها بشكل ملحوظ، خصوصا أن هناك عروضاً تطرح الآن من قبل البعض لبيع الشاليهات ولا يقابلها طلب شراء.
وقال: كذلك هناك التشدد الذي تمارسه بعض البنوك في منح التمويل لشراء السكن الخاص، حيث بات البنك لا يمول شراء القسيمة إلا بعد أخذ ضمان عقار ذي مردود، ودفع مقدم يتراوح بين 40 و%50 من قيمة الشراء.