جعله عديم القدرة على صياغة الخيارات ووضعها في إطار سليم
خبراء نفسيون: الحالة السيكولوجية للإنسان تسيطر على قراراته في الشراء والبيع
الأحد, 07 ديسمبر 2014
كتب ياسر أبو الريش:
في سوق الأوراق المالية هناك الكثير من الامور تحدد أسعار الأسهم وهو ما ينعكس على قرارات الآلاف من المتداولين والمستثمرين، هذه المؤثرات التي تؤثر في نفسيات المتداولين يجب التوقف عندها، حيث ان العوامل النفسية لعبت دورا كبيرا في عدد من أبرز الانهيارات في البورصات العالمية، كان أكبرها وأولها انهيار بورصة وول ستريت في واحد من أسوأ الكوارث المالية في القرن العشرين.
فدراسة علم النفس وسلوك المتداولين يستخدم لتكوين فكرة وفهم ما يحدث في الأسواق المالية، حيث ان هناك عوامل تؤثر على سلوك التاجر مثل الخوف والطمع والأمل، قلة الثقة بالنفس، ونتيجة كل هذه العوامل وغيرها يصبح كثير من المستثمرين في كثير من الأحيان ضحايا السوق.
الخبراء النفسيون قالوا ان هذه المؤشرات النفسية تلعب دوراً هاماً لا يمكن إغفال تأثيراته على تحركات أسعار التداول في السوق، فأهميته لا تقل عن أهمية التحليلين الأساسيين للأسواق التحليل الأساسي الخاص بالمؤشرات الاقتصادية والتحليل الفني الذي يدرس تأثيرات تحركات الأسعار، وقد يعكس التحليل الفني مشاعر ونفسيات متداولي السوق باختلاف أشكالها الإيجابية منها والسلبية، لافتين إلى ان أهمية المؤشرات النفسية تكمن في عكسها للجانب الحي والنبض المتواصل والسلوك الذي تقوم عليه أسواق التداول، ويمكن اعتبار تحليل حساسية وسلوك السوق النفسي تحليلاً آخر يُعتمد عليه كالتحليلين الأساسي والفني.
فمثلا تمثل السيولة وتدفقها تأثيراً واضحاً على نفسيات ملاك الأسهم وقناصي الفرص في السوق، وقد أكد الخبراء النفسيون أن التفسيرات تختلف من شخص لآخر فالبعض يعتبر قلة السيولة هي بداية الكارثة خصوصا بعد نزول يسبق ذلك والبعض الآخر يعتبر ذلك علامة لنهاية النزول نظراً لكثرة المتعلقين والخوف من دخول السوق الذي يعتري المتربصين لفرصة الدخول، لافتين إلى ان تفسير القيم المطلقة أو النسبية ومدى زيادتها أو نقصانها يجب أن يأخذ في الاعتبار الشحنات النفسية السابقة لها على مدى أيام والمؤثرات المباشرة وغير المباشرة حيالها أثناء حركة السوق.
واشار الخبراء إلى ان المتداولين قد يدخلون في حالة من الهستيريا التداولية وتجدهم يتخبطون بمجرد حدوث أي تذبذب في الأسعار، بينما يدفع العامل النفسي المستثمرين لشراء الأسهم ذات الربحية المتكررة والتخلص من الأسهم ذات الخسائر المتكررة دون النظر إلى احتمالات النمو المستقبلية، أي ان الأفراد غالباً ما يكونون بطيئين في تغيير رأيهم اتجاه سهم معين حيث يتخذون قراراتهم بناء على سلسلة الأخبار السابقة والاعتماد بنسبة أقل على الأخبار الحديثة.
وقد أثبتت بعض الدراسات أن هناك من يتابع حركة أسعار أسهمهم بمعدل كبير جداً، ما يجعلهم عرضة للتأثر النفسي السلبي وخاصة في حالات انخفاض الأسعار ما يدفعهم لاتخاذ قرارات غير صحيحة.
ومن هنا تبرز أهمية التركيز على سيكلوجية المتداولين وأثرها على السوق وقد علق عالم الفلك اسحاق نيوتن على حركة المتداولين معه في البورصة عندما خسر مبلغا من المال في البورصة عام 1720م حيث قال: إنني قادر على حساب حركة الأجرام السماوية ولكنني عاجز عن حساب جنون الناس.
وكشفت دراسة حديثة أن الحالة النفسية للإنسان تسيطر على السوق العالمية، وبحسب الدراسة يتأثر الشخص بارتفاع المؤشر أو انخفاضه، بينما يتأثر المؤشر بهرمون الكورتيزول.
وتمت الدراسة المنشورة في دورية الأكاديمية الوطنية للعلوم، على مجموعة من المضاربين في البورصة وأسواق المال، وأكدت أن مستويات الكورتيزول ارتفعت بنسبة 68% خلال فترة استمرت أسبوعين لعدم استقرار السوق، وهذا ما أكدته أيضا دراسة سابقة.
وتعتبر المزاعم التي كانت تؤكد أن شهية المتعاملين للإقدام على المخاطرة تظل ثابتة رغم تقلبات السوق صعوداً وهبوطاً خاطئة.
وبحسب الدراسة، فإن أسواق المال، قد تكون عرضة للتأثر بمستويات توتر المتعاملين بصورة أكبر مما كان يعتقد من قبل، فالمستويات العالية لهرمون الكورتيزول الذي تنتجه الغدة الكظرية قد تدفع المتداولين إلى الحذر وتجنب المخاطرة ما يزيد من سوء الأزمات المالية، خاصة أن الأسواق المنهارة تحتاج إلى المخاطرة لدعمها.
وقد أجريت الكثير من التجارب على المتعاملين في البورصة ووجدوا أن القدرة على صياغة الخيارات ووضعها في إطار سليم له أثر كبير على قرارات المستثمرين, ووجدوا أيضا أن كثير من الناس ليست لديهم القدرة على صياغة خياراتهم ولا على وضعها في إطار صحيح, وبالتالي تكون خياراتهم عشوائية أو تحدث استجابة لحالات انفعالية مؤقتة.
وأجملت كل الدراسات التي اجريت على المتعاملين في البورصة رأيا واحدا رئيسيا هو ان العوامل النفسية لا تؤثر فقط على أداء الأسواق الوطنية، بل على الأسواق المالية فى العالم كله.