قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ستصالحون الروم صلحا أمنا فتغزون أنتم وهم عدوا من ورائهم تسلمون وتغتنمون ثم تنزلون بمرج ذي تلول فيقوم رجل من الروم فيرفع الصليب ويقول غلب الصليب فيقوم إليه رجل من المسلمين فيقتله فتغدر الروم وتكون الملاحم فيجتمون لكم في ثمانين غاية مع كل غاية اثنا عشر ألفا. السؤال هو: من هو العدو المقصود بعبارة فتغزون أنتم وهم عدوا من ورائهم من هو ذلك العدو، هل العدو نفسه هذا المقصود أيضا هو عدو للمسلمين، كلمة الملاحم هل تدل على عدة معارك قد تحصل أم هي معركة واحدة تكون بين الروم والمسلمين في ذلك العصر وعلى أثر تلك الحرب ينزل الروم بالأعماق أو بدابق أي بدخول الروم إلى دمشق وذلك حسب حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، حيث قال: لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق فيخرج لهم جيش من المدنية من خيار أهل الأرض يومئذ، هل في هذه المعركة التي تكون بين الروم والمسلمين من جهة وبين عدوهم من جهة أخرى تستخدم فيها الأسلحة الحديثة والتكنولوجيا العسكرية الموجودة الآن أم تكون هذه الأسحلة منتهية بطريقة (ما) قبل تلك الحرب المذكورة أعلاه؟ ولكم جزيل الشكر والتقدير والعرفان لخدمة هذا الدين العظيم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلم نجد في كلام أهل العلم من تعرض للتعريف بهذا العدو المشترك بين المسلمين وبين الروم، فالله أعلم بمراد الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا العدو الذي ورد في حديثه الشريف، إلا أن أهل الكتاب يؤمنون إيماناً جازماً بهذه المعركة المشتركة ويسمونها في كتبهم وعقائدهم معركة (هيرميجدون) وهي كلمة تتكون من مقطعين (هر) بمعنى جبل، ومجدون هو سهل أو واد يوجد في فلسطين.
ولا يبعد جواب هذه الجزئية من السؤال عن التي قبلها، إلا أن صاحب عون المعبود قال في شرح الحديث المذكور: (فتغزون أنتم) أي فتقاتلون أيها المسلمون (وهم) أي الروم المصالحون معكم (عدوا من ورائكم) أي من خلفكم. وقال السندي في حاشية ابن ماجه أي عدوا آخرين بالمشاركة والاجتماع بسبب الصلح الذي بينكم وبينهم، أو أنتم تغزون عدوكم وهم يغزون عدوهم بالانفراد. انتهى.
ولا شك أن كلمة الملاحم صيغة جمع، والجمع يفيد التعدد، فلا يمكن حمله على معركة واحدة من غير دليل، ويؤيد إرادة الجمع، ما رواه الحاكم بسنده عن سهل عن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق، فيخرج إليهم جلب من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ، فإذا تصافوا قالت الروم: خلو بيننا وبين الذين سُبُوا منا نقاتلهم. فيقول المسلمون: لا والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا فيقاتلونهم، فينهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبداً، ويقتل ثلث هم أفضل الشهداء عند الله عز وجل، ويصبح ثلث لا يفتنون أبداً، فيبلغون القسطنطينية فيفتحون، فبينما هم يقسمون غنائمهم وقد علقوا سلاحهم بالزيتون إذ صاح الشيطان إن المسيح قد خلفكم في أهليكم. قال النووي: روي سبوا على وجهين: فتح السن والباء وضمهما، قال القاضي في المشارق: الضم رواية الأكثرين، قال: وهو الصواب.... ففي هذا الحديث إشارة إلى أنه يسبق المعركة معارك يغنم فيها المسلمون غنائم من بينها أسرى، وهؤلاء الأسرى يسلمون ويكونون في صفوف المسلمين.
لهذا يرغب الروم في قتال أبناء جنسهم، لكن المسلمين يمتنعون عن ذلك، ثم تنتهي المعركة بفتح القسطنطينية... ولا يمكن الجزم بنوع الأسلحة التي ستستخدم في هذه المعركة، لأن ذلك لم يرد فيه شيء من الشارع.
والله اعلم
طبعا الحديث يتكلم عن فتح القسطنطينية كما جاء في الحديث: "ويفتتح الثلث، لا يُفتَنون أبدا ، فيفتَتحِون قسطنطينية"
معلوم أن مدينة القسطنطينية- استانبول حماها الله من كل سوء- فتحت في يوم
الثلاثاء 29 مايو عام 1453ميلادي، فتحها القائد العثماني المسلم محمد الفاتح رحمه الله قبل ستة قرون تقريبا، ولم يظهر الدجال، ولم يظهر المسيح عليه السلام، وكانت نهاية دولة الروم – البيزنطيين- أي أن كلمة الروم لم تعد قائمة كدولة، وأصبحت هذه الكلمة تطلق على طوائف نصرانية متفرقة ، لا يشكلون قومية واحدة، بل هم متفرقون بين قوميات مختلفة، مختلطون مع الطوائف الأخرى في هذه القوميات، كالروم الأرثوذكس، والروم الكاثوليك، وغيرهم ، وتنتشر هذه الطوائف بشكل خاص في دول شرق أوروبا ، والشرق الأوسط، ولا يمكن بحال من الأحوال إطلاق هذه الكلمة اليوم على غير هؤلاء .
نحن إذا أمام أحد احتمالين :
الاحتمال الأول : أن الحديث صحيح وهذا يعني ما يلي:
1. أن الروم سيعاودون بناء دولتهم، ثم يعاودون احتلال مدينة استانبول.
2. أن آلة الحرب الحديثة ستنتهي، وسيتخلص العالم من جميع ترساناته من الأسلحة النووية والتقليدية كالصواريخ، والمدافع، والدبابات، حتى البنادق والمسدسات، وستعود أسلحة الحرب القديمة، كالسيوف والرماح والسهام، "فبينما هم يقتسمون الغنائم، قد علقوا سيوفهم بالزيتون"
الاحتمال الثاني : أن الحديث غير صحيح؛ لأنه يخالف قول الله سبحانه وتعالى: "قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ" وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري: " لا يعلم ما في غد إلا الله" وقول عائشة رضي الله عنها في الحديث الذي رواه مسلم: " ومن زعم أنه يخبر بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية"
قال ابن الجوزي رحمه الله: (ما أحسن قول القائل: إذا رأيت الحديث يباين المعقول، أو يخالف المنقول، أو يناقض الأصول، فاعلم أنه موضوع) (تدريب الراوي للسيوطي 1/274)
الساعة تأتي بغتة بدون علامات ،لا علامات صغرى ولا علامات كبرى، هذا ما أخبرنا به الله سبحانه وتعالى والروايات التي نقرؤها عن علامات الساعة تخالف كتاب الله سبحانه وتعالى ، ولقد وضعت هذه الروايات في القرنين الثاني والثالث الهجريين قبل تدوين الحديث ، حيث كانت الأحاديث تتناقل مشافهة على ألسن الرواة ، ولا يمكن لحديث ( غير كتاب الله سبحانه )أن يبقى يتناقل مشافهة على الألسن عشرة أعوام دون أن يناله التبديل والتحريف والزيادة والنقصان، ونحن هنا لا نتكلم عن أعوام وإنما نتكلم عن قرنين ونصف القرن من الزمان بقيت الأحاديث فيها تتداول مشافهة على الألسن ، خيث دون البخاري ومسلم صحيحيهما في القرن الثالث الهجري ، وكانا يتلقيان الحديث مشافهة من ألسن الرواة
لو سألت أيـًّا ممن يعتقد بوجود علامات للساعة: هل يمكن أن تقوم الساعة غدا ؟ سيقول لك وبدون تردد : لا, لأن الدجال لم يخرج بعد، والمهدي لم يظهر ، ولم ينزل المسيح عليه السلام، ولم تظهر النار التي تحشر الناس إلى محشرهم، و...، و...، ولن تقوم الساعة حتى تظهر هذه الآيات. فهو مطمئن إلى أن الساعة لن تأتي بغتة، ولن تأتي قبل ظهور علامات معينة يسمونها علامات الساعة الكبرى.
والله سبحانه وتعالى يخبرنا في كتابه العزيز أن الساعة تأتي بغتة، بدون مقدمات ولا علامات، لا علامات صغرى ولا علامات كبرى :
يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة
يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون ( الأعراف: 187)
"أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله أو تأتيهم الساعة بغتة وهم لا يشعرون" ( يوسف :107)
"هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ". ( الزخرف: 66)
فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها " (محمد:8)
"فهل بنظرون إلا الساعة " الساعة فقط ، ولماذا الساعة فقط ؟ لأن أشراط الساعة قد جاءت ومضت " فقد جاء أشراطها "
ولعل آخر أشراط الساعة بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يبق إلا الساعة أن تأتيهم بغتة وهم لا بشعرون.
قد يقول قائل :نعم الساعة تأتي بغتة ولكن بعد أن تأتي علاماتها الكبرى والصغرى ، ثم يغفل الناس عنها ، فتأتيهم بغتة وهم غافلون عنها.
ونجيب على هذه المسألة فنقول:
من هم المخاطبون في الآيات الكريمة السابقة (لا تأتيكم إلا بغتة)، (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً) ،(أفأمنوا)
لا شك أن المخاطبون هم الكفار والمنافقون وكل من كان يسأل رسول الله صلى الله عن الساعة في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم
هذه الآيات الكريمة فيها إنذار وإخبار للناس الذين كانوا يعسشون في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الساعة قد تأتيهم بغتة ، ولما لم تأت الساعة بغتة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم انتقل الإنذار والإخبار إلى الذين يلونهم إلى الناس في عهد الخلفاء الراشدين ثم إلى عهد بني أمية ثم بني العباس وهكذا يبقى الإنذار والإخبار من أن الساعة ( تأتيهم بغتة ) إلى أن تأتي الساعة الناس بغتة وهم لايشعرون.
لا يمكن لإنسان القول بأن المخاطبين بهذه العبارات التحذيرية والإخبارية هم الناس الذين سيعيشون في الزمن الذي يكون بعد أن تأتي أشراط الساعة في آخر الزمان ، ثم يغفل الناس عنها ثم تأتيهم الساعة بغتة ، وأن هذه العبارات ليست موجهة إلى الناس في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا إلى لناس الذين يعيشون في عصرنا هذا.
قد تأتي الساعةُ في هذه اللحظة ، وقد تأتي غدا، وقد تأتي بعد غد ، قد تأتي في أي لحظة ، فهي كما أخبر الله سبحانه وتعالى لا تأتي إلا بغتة.
لعل من أكثر الأحاديث مخالفة لكتاب الله سبحانه وتعالى، وتلقتها الأمة بالقبول ، الأحاديث التي تَنْسِبُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم إخباره أصحابه بالغيب، بما كان وبما هو كائن إلى أن تقوم الساعة، عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم .
يبين الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم أن من في السموات والأرض لا يعلمون الغيب إلا الله: "قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ ٱلْغَيْبَ إِلَّا ٱللَّهُ ۚ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ" (النمل : 65)
ويطلب سبحانه وتعالى من نبيه صلى الله عليه وسلم، أن ينفي عن نفسه صلى الله عليه وسلم علم الغيب :
"قُل لَّآ أَقُولُ لَكُمْ عِندِى خَزَآئِنُ ٱللَّهِ وَلَآ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ وَلَآ أَقُولُ لَكُمْ إِنِّى مَلَكٌ ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰٓ إِلَىَّ ۚ قُلْ هَلْ يَسْتَوِى ٱلْأَعْمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ ۚ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ" (الأنعام : 50)
"قُل لَّآ أَمْلِكُ لِنَفْسِى نَفْعًۭا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَآءَ ٱللَّهُ ۚ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ لَٱسْتَكْثَرْتُ مِنَ ٱلْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِىَ ٱلسُّوٓءُ ۚ إِنْ أَنَا۠ إِلَّا نَذِيرٌۭ وَبَشِيرٌۭ لِّقَوْمٍۢ يُؤْمِنُونَ" (الأعراف : 188)
رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلم أسماء جميع الرسل" ولقد أرسلنا رسلا من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك"(غافر : 78 )
رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلم أسماء المنافقين من الأعراب ومن أهل المدينة :"وَمِمَّنۡ حَوۡلَكُم مِّنَ الأَعۡرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنۡ أَهۡلِ الۡمَدِينَةِ مَرَدُوا۟ عَلَىٰ النِّفَاقِ لاَ تَعۡلَمُهُمۡ نَحۡنُ نَعۡلَمُهُمۡ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيۡنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ" (التوبة : 101)
ويخفى سبحانه وتعالى عن نبيه صلى الله عليه وسلم ، إن كان ما وعد الله سبحانه وتعالى الكفارَ سيتحقق في حال حياته أو بعد مماته صلى الله عليه وسلم.
يقول الله سبحانه وتعالى:"فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون، أو نرينك الذي وعدناهم فإنا عليهم مقتدرون" (الزخرف: 41 ،42)
ويقول سبحانه وتعالى : "وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ ٱلَّذِى نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ ٱللَّهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ " ( يونس :46 )
ويقول سبحانه وتعالى : وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ ٱلَّذِى نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلَٰغُ وَعَلَيْنَا ٱلْحِسَابُ" ( الرعد : 40)
وإذا كان الله سبحانه وتعالى قد أخفى عن نبيه صلى الله عليه وسلم هذا الأمر كذلك ، فكيف يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابة بما كان وبما هو كائن إلى أن تقوم الساعة، عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم
وهذه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تنفي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم علم الغيب، أو إخبار الصحابة بما يكون في غد: "ومن زعم أنه يخبر بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية والله يقول : قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله" (مسلم : الإيمان ؛ معنى قول الله ولقد رآه نزلة أخرى...)
وينفي سبحانه وتعالى إطلاع المؤمنين على الغيب :"وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى ٱلْغَيْبِ" ( آل عمران: 179)
فهل ينفي الله سبحانه وتعالى إطلاعَ المؤمنين على الغيب، ويطلعهم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم !؟
يقول الله سبحانه وتعالى في سورة الأنفال : "وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ ( الأنفال : 7 )
وعد الله سبحانه وتعالى النبي والمؤمنين قبل معركة بدر ،إحدى الطائفتين أنها لهم ( العير أوالنصر في الحرب ) ، واخفى سبحانه وتعالى عنهم أي الطائفتين ستكون لهم ،ولعل الحكمة في ذلك أن المؤمنين لو علموا أن الحرب هي التي ستكون لهم ، لما استعدوا للحرب ، ولما أخذوا أهبتهم لها ، لأن نتيجة الحرب ستكون محسومة مسبقا بوعد الله لهم . هذا مثال من أمثلة غيب المستقبل القريب التي أخفاها الله سبحانه وتعالى عن نبيه صلى الله عليه وسلم وعن المؤمنين.
ويقول سبحانه وتعالى في سورة التحريم : "وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ( التحريم :3 )
هذا مثال من أمثلة غيب الماضي التي أطلع الله سبحانه وتعالى عليها نبيه صلى الله عليه وسلم ، ولنلاحظ استغراب أم المؤمنين عليها السلام إخبار النبي صلى الله عليه وسلم إياها بهذا الأمر الغيبي (قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا) ولو كان من عادته صلى الله عليه وسلم إخبار الناس بالأمور الغيبية بغير ما هو في القرآن، لما استغربت هذا الأمر ولما سألت (مَنْ أَنْبَأَكَ هذا)
يقول محمد رشيد رضا في تفسير المنار /الجزء التاسع:
".......وأن ما ورد من الأشراط الكبرى الخارقة للعادة يضع العالم به في مأمن من قيام الساعة قبل وقوعها كلها ، فهو مانع من حصول تلك الفائدة ، فالمسلمون المنتظرون لها يعلمون أن لها أشراطا تقع بالتدريج ، فهم آمنون من مجيئها بغتة في كل زمن ، وإنما ينتظرون قبلها ظهور الدجال والمهدي والمسيح عليه السلام ويأجوج ومأجوج ، وهذا الاعتقاد لا يفيد الناس موعظة ولا خشية ، ولا استعدادا لذلك اليوم أو لتلك الساعة ، فما فائدة العلم به إذا ؟ وهل من الحكمة أن تكون فائدتها محصورة في وقوع الرعب في قلوب الذين يشاهدون هذه الآيات الكبرى ، ولا سيما آخر آية منها ؟ وكيف يتفق هذا وما ورد من كون كل رسول كان يخوف قومه وينذرهم الساعة والدجال قبلها ؟ وكيف وقع هذا منهم ولم يصدقه الواقع ومثله لا يكون بمحض الرأي ؟ وهل كان نبينا - صلى الله عليه وسلم - يريد بالإخبار بها تأمين الناس من قيام الساعة مدة قرون كثيرة إلى أن تظهر هذه الأشراط ؟
أحاديث علامات الساعة الكبرى والصغرى وضعها الدجالون في القرنين الثاني والثالث الهجريين ،قبل تدوين الحديث
هل تعلم أن البخاري ومسلم دونا صحيحيهما في القرن الثالث الهجري بعد قرنين ونصف من وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهل يمكن لنص أن يبقى يتداول مشافهة على الألسن مدة قرنين ونصف من الزمان دون أن يلحقه التبديل والتغيير والتحريف