بعضها يستخدم أسلوب المناورة في المعالجة والنتيجة ضياع حقوق المساهمين والدائنين معا
شركات الاستثمار المأزومة مازالت تتخبط في نفق مشكلاتها المظلم
النمش: طالما استمر “النصابون” على رأس عملهم ستظل الأزمة قائمة ولن تحل
الشراح: على الشركات المتعثرة ان توضح بشكل مباشر مطالبها من الحكومة
كتب – بلال بدر :
طال أمد أزمة شركات الاستثمار المحلية مازالت في قاع التعثر بعد مرور نحو ست سنوات على الازمة من دون جدوى للمعالجة التي قُدمت بأشكال وألوان مختلفة سواء من جهة الشركات نفسها أو الدولة(قانون الاستقرار المالي فقط!) ليتحجر بذلك مستقبل هذه الشركات عند المنطقة الرمادية, فلا هي تعافت لتستفيق ولو على مضض من غيبوبتها الاستثمارية, ولا تحدد لها مصير, وبين هذا وذاك يقف المساهمون والجهات ذات الصلة بغير حراك في انتظار “الفَرَج” – الذي لم وربما لن يأتي مع استمرار الوضع- لاستعادة ما فُقد من أموالهم بفعل “العصف المأكول” الذي قام به مسؤولو شركات من ناحية, حيث لا وجود ل¯ “سابقة حساب” عن تماديهم, ومن ناحية أخرى انعكاسات الأزمة العالمية التي عصفت بكل طموح غير مشروع!
بالمقارنة مع شركات تعافت في الدول المجاورة كأبسط مثال يرى غير رأي اقتصادي وجود اختلاف جوهري يكمن في تملك الدول المقصودة في شركاتها التي دعمتها ماليا مما يظهر الفارق بين الشركات الكويتية الخاصة وبين شركات تتملكها دول مثل قطر ودبي, فيما يؤكد كثير من المستثمرين ضرورة دعم الدولة ماليا للشركات المتعثرة!
على وقع الأزمة هناك من اعتبر قانون الاستقرار المالي الصادر إبان انقباض الائتمان العالمي في 2008, كالعدم ولا وجود له بدليل عدم استفادة ولو شركة واحدة منه وحتى دار الاستثمار عندما أُحيطت بظله لحمايتها القانونية من دائنيها لم تستفد منه وخرجت من القانون أخيرا بموجب حكم قضائي لتجر ازيال الخيبة والفشل.. فشل الشركة والقانون معا!
وفي حين ترى أوساط اقتصادية ان القانون أثبت بامتياز فشلا ذريعا خلال السنوات الماضية لعدم استفادة الشركات منه, سيما بعد خروج “الدار”, يؤكد مصدر قانوني ان “أعيان للاستثمار” نجحت في الاستفادة من قانون الاستقرار بعد موافقة دائنيها على خطة إعادة الهيكلة وتمضي قدما في الوفاء ببنود الخطة, كما ان شركة أديم للاستثمار التابعة للدار استظلت هي الأخرى بالقانون, إضافة لشركة “المدينة للاستثمار” التي يتردد أنها تقدمت بطلب الدخول في الاستقرار.
ويقول مصدر اقتصادي ان خروج »الدار« من القانون بلا استفادة كما يعتقد البعض غير صحيح لأن الشركة كسبت وقتا خلال فترة الحماية الأمر الذي انعكس إيجابا على بعض من أصولها واستطاعت ان تصل الى التقييم الحقيقي الجيد لهذه الأصول, غير ان المصدر ذاته أوضح سبب الحكم الصادر بحق الدار في “طردها” من قانون الاستقرار في تغيير الشركة لخطة إعادة هيكلة الديون التي تصل الى أكثر من مليار دينار وهي خطة أقرتها المحكمة في 2011, وشرعت الدار في تغييرها العام الماضى لتقسم ديون الفئة الثالثة (البنوك والشركات المالية) الى نقدي وعيني رغم أن المحكمة أقرتها للسداد النقدى فقط, إضافة الى عدم قدرة الشركة على الوفاء بسداد باقي الدين, وهو ما وصل بالشركة الى حكم “مخيب للآمال” حسب وصفها!
وبالتالي وجوده لا معنى له ولا أثر بحسب رأيا البعض من المستثمرين, الذين يطالبون إما بتعديله أو إلغاءه رغم تأكيد مسؤولين وقت صدور القانون أنه خُلق لدعم الشركات للخروج من أزمتها وهو ما لم يحدث حتى الآن!
بطبيعة الحال يترتب على خروج “الدار” من قانون الاستقرار جملة تساؤلات تتمثل في : كيف كان القانون مقصورا على الحماية القانونية التي لم تعبأ لها الشركات ما أدى الى لفظها ورفضها له رغم المناداة بتعديل القانون بعد صدوره. ولا حياة لمن تنادي?!, لماذا يتم الاستمرار بالعمل في القانون طالما فقد كينونة وجوده?وما هي جدوى العمل به واستمراره? تؤدي التساؤلات السابقة الى استفسار عن أسباب إطالة أمد الأزمة في الكويت?
على هذا الاستفسار الأخير يجيب الخبير الاقتصادي على النمش, حيث قال نصا ل¯ “السياسة”: انه طالما استمر “النصَابون” على رأس عملهم ستظل الأزمة قائمة ولن تُحل! فالحل ليس الدعم المالي للشركات على خطى دبي وقطر لأن الوضع يختلف في الكويت, إذ لا تتملك الحكومة الشركات المأزومة بعكس الدولتين المشار إليهما فهما يمتلكان هذه الشركات ومن ثم وجب على حكوماتها التدخل بضخ السيولة اللازمة لها, أما الكويت فشركاتها قطاع خاص يتملكها مساهمون أفراد يتحملون أخطاء ارتكبوها بل سلكت طريق النصب والاحتيال وعند أول اختبار حقيقي فاجأتنا أنها شركات هشة لا تستحق تدخل الحكومة.
وفيما يخص قانون الاستقرار المالي يقول النمش: ان دار الاستثمار كانت “تختبئ وراء القانون” دون وجه استفادة لا للدائنين ولا المساهمين في محاولة لتضييع الوقت على الطرفين, لافتا الى ان استفادة مسؤولي الدار من ضياع الوقت هو الحصول على رواتبهم الشهرية إضافة الى السفرات المكوكية الى البلاد الأوربية والأميركية وغيرها وتُحصل الدار كل هذه الاموال من شركات تابعة وزميلة.
في المقابل هناك شركات استثمار أعادت هيكلة ديونها واضطرت للخروج من البورصة مثل غلوبل لتمضي في طريقها الصحيح للاقتراب من النجاة.
ويرى د.رمضان الشراح أمين عام اتحاد الشركات الاستثمارية ان »غلوبل« خير مثال على معالجة وضعها بعيدا عن قانون الاستقرار الذي يعتبره الشراح لا وجود له على أرض الواقع ولا استفاد منه أحد فهو والعدم سيان.
ويشير الشراح بصراحة الى حقيقة عدم وضوح الرؤية بالنسبة لمسؤولي الشركات متسائلا: ماذا تريد شركات متعثرة من الحكومة? عليها توضيح المطلوب بشكل مباشر, وهنا يؤكد ضرورة تدخل الحكومة لإنقاذ الشركات الجادة لدعمها ماليا بشراء أصول لفترة محددة لجهة إفاقتها من كبوتها وبعدها تخرج الحكومة في وقت تكون جنت عوائد ما دفعته في أصول هذه الشركات, علما ان تقييم الشركات التي تحتاج دعما لا يتم إلا عن طريق شركة عالمية تكلف بالتقييم لتنتقي الشركات حسب جودة أصولها وقوتها.
وفيما يرى مصدر استثماري ان قانون الاستقرار يتسبب في ضياع حقوق المساهمين وجهات اخرى بسبب مماطلة وتسويف مسؤولي الشركات مما يؤكد استمرار الأزمة المالية في الكويت, يقول المحلل المالي فهد الشريعان ان الأزمة انتهت لكن عوالقها مازالت موجودة, بسبب النظام الاقتصادي “الهش” على حد قوله, محددا الشركات المتعثرة في 5 مجاميع هي بيت الاستثمار العالمي غلوبل, ودار الاستثمار, والمجموعة الدولية, ومجموعة الصفاة, الأمر الذي كان يتعين على الحكومة ان تعمل على تغيير بعض القوانين أو تكلف مجموعة من أهل الاختصاص والخبرة وان تستعين بخبراء من الخارج لكيفية وضع آليات لمعالجة هذه الشركات .