بيوت استثمار تدعو للاحتفاظ بالسهم.. خاصة في ظل المخاطر الجيوسياسية
تداولات محمومة متوقعة على بنك وربة
«وربة» خامس بنك محلي إسلامي في البورصة تصوير حسن يونس
● طفرة المصارف المتوافقة مع الشريعة مستمرة.. والأرقام تعكس قوة نمو القطاع
أحمد بومرعي
على بُعد يومين ينطلق موسم الادراجات في بورصة الكويت مع ادراج بنك وربة، وفق ما اعلنت ادارة البنك في 3 سبتمبر المقبل. وتأتي اهمية ادراج البنك برأسمال 100 مليون دينار، كونه مملوكا بنسبة %76 للمواطنين الكويتيين بالتساوي، حيث تم تأسيس البنك بموجب مرسوم أميري، وتم توزيع النسبة المذكورة على كل المواطنين، بينما تمتلك الهيئة العامة للاستثمار %24 من اجمالي الاسهم.
وعلى هذا الاساس يملك كل مواطن 684 سهما، وسيكون سعر اول صفقة تتم على السهم مهما لمعرفة اتجاهات المضاربة المتوقعة عليه. واغلب التوقعات من بيوت مال استثمارية أن يتراوح سعر السهم بين 200 الى 250 فلسا، لكن معظم المحللين الماليين ينصحون المواطنين بعدم البيع، اذا كان السعر غير مشجع، فاذا افترضنا 200 فلس للسهم، فكل حامل سهم سيحصل بحد اقصى على 137 دينارا لمجمل اسهمه، وهو مبلغ لا يدفع الى المجازفة والبيع عند اول فرصة. وهناك تقليد في البورصة ان اسهم البنوك لا يجب ان يقل سعرها عن 300 فلس، لكن الاحتمالات مطروحة.
اضف الى ذلك ان الاوضاع في بورصة الكويت قد تستمر سيئة في الفترة المقبلة على خلفية الاحداث الجيوسياسية التي ادت الى موجة هلع قام على اثرها الافراد بالبيع منتصف الاسبوع الماضي. وبالتالي فإن سعر البنك قد يُظلم في سياق هذه الاحداث. كما ان هناك معلومات تدور على امكانية الاستحواذ على السهم من مجموعات مصرفية واستثمارية، لذا فقد تشتعل المنافسة ويرفع سعر السهم، وعلى هذا الاساس، فإن الاحتفاظ بالسهم قد يكون فرصة مستقبلية. وتتفق عدة مصادر ان صاحب النية للاستحواذ لن يقوم به في الاسابيع الاولى من الادراج، بل قد يحتاج السيناريو الى سنة (وربما اكثر) لكي يتم التجميع بهدوء قبل الاعلان عن نية الاستحواذ، واخذ الموافقات من الجهات الرقابية. لذا فإن من الافضل الا يترك حامل السهم نفسه وجبة سهلة للمضاربين.
بين الاسلامية والتقليدية
ومع دخول «وربة» الى البورصة، سيرتفع عدد البنوك المدرجة الى 10 مصارف، وستتعادل البنوك التقليدية عددا لأول مرة مع نظيرتها الاسلامية. ويُلاحظ ان الاتجاه في قطاع المصارف هو التحول نحو العمل الاسلامي، كما حدث مع بنك الكويت الدولي، الذي تحول اسلاميا في 2007، وكان سابقا «البنك العقاري». وفي سيناريو مشابه حدث في بنك الكويت والشرق الاوسط الذي تحول نحو العمل الاسلامي تحت اسم "الاهلي المتحد" في العام 2008. وتتميز السوق الكويتية انها تحتوي على اقدم بنك اسلامي في المنطقة هو بيت التمويل الكويتي الذي تأسس في العام 1977.
ومن الاتجاهات ايضا اهتمام البنوك التقليدية بالحصول على ذراع مصرفية اسلامية، خصوصا بعد أن سمح بنك الكويت المركزي لبنك الكويت الوطني بالاستحواذ على بنك بوبيان الاسلامي، ابان الازمة المالية، مما دفع البنوك الاخرى الى السعي نحو اذرع اسلامية، او السعي لفتح فروع تتوافق تعاملاتها مع الشريعة الاسلامية (من هذه البنوك على سبيل المثال بنك التجاري الكويتي). وهذا السعي مدفوع بنمو ملحوظ في قطاع المصرفية الاسلامية، والناتج عن تحول نسبة كبيرة من المودعين والمستثمرين الى البنوك الاسلامية واسهمها لاسباب دينية واجتماعية. لكن مصدرا تنفيذيا في بنك تقليدي، قال ان البنوك التقليدية مازالت تجذب كثيرا من العملاء، وان هؤلاء باتوا يعرفون ان البنوك الاسلامية لا تختلف عن التقليدية الا بالمسميات، بينما المضمون واحد.
غير ان بعض الارقام تظهر العكس، فقد شهد صافي هامش الفائدة (أو العائد) Net Interest Margin في القطاع المصرفي استقرارا في البنوك التقليدية، وتراجعا لدى بعضها، بينما يلاحظ نمو لدى البنوك الاسلامية، وذلك في السنوات الخمسة الاخيرة، وذلك رغم الازمة المالية. ويتراوح متوسط هامش الفائدة بين 3 الى %3.5 في البنوك الاسلامية، بينما يتراوح بين 2 الى %2.5 في البنوك التقليدية.
واقع البنوك الاسلامية
وبالنسبة إلى واقع البنوك الاسلامية الكويتية، فقبل ايام عرضت مجلة ميد ان البنوك الاسلامية الكويتية جاءت في قائمة ميد لأكبر 20 مصرفا اسلاميا من حيث حجم الاصول في دول «الخليجي»، حيث حل بيت التمويل الكويتي في المركز الثالث خليجيا، والاول محليا باصول بلغت 14.7 مليار دينار، كما في يونيو الماضي، في حين جاء البنك «المتحد» بالمركز 11 خليجيا، والثاني محليا باصول قيمتها 3 مليارات دينار، وحل بنك بوبيان في المركز الثالث محليا و18 خليجيا باصول بلغت ملياري دينار تقريبا، في حين جاء بنك الكويت الدولي في المركز الرابع كويتيا و20 خليجيا باصول قيمتها 1.3 مليار دينار. اما بالنسبة إلى الودائع فقد بلغت ودائع بيت التمويل الكويتي 9.6 مليارات دينار، وتبعه «المتحد» بواقع 1.87 مليار دينار، ثم بنك بوبيان بودائع قيمتها 1.5 مليار دينار، واخير بنك الكويت الدولي بودائع قيمتها 800 الف دينار. ومن حيث القروض، فقد بلغت قروض بيت التمويل الكويتي 6.6 مليارات دينار، مقارنة مع ملياري دينار للبنك الاهلي المتحد، و1.35 مليار دينار لبنك بوبيان، ثم 800 الف دينار لبنك الكويت الدولي.
فرص «وربة»
وفي ظل كل هذه المعطيات، كيف سينافس بنك وربة؟ في الواقع، يمتاز البنك بوجود مجلس ادارة لديه خبرة طويلة في العمل المصرفي، وفي قطاع الصيرفة الاسلامية تحديدا. فجسار الجسار، رئيس مجلس الادارة هو قيادي سابق في بيت التمويل الكويتي، وشهد اهم فترات النمو لبيت التمويل كمدير عام سابق. وفي فترة قصيرة استطاع ان يفرض بنك وربة حضوره الاعلامي بطرح منتجات اسلامية، وفي تمويل عدة صفقات، وترتيب صفقات اخرى مثل الصفقة المعلنة لشركة مجموعة الصناعات الوطنية. ولا شك في ان الحكومة الكويتية لديها مشاريع تنموية تحتاج تمويلات ضخمة، وكانت هناك مطالب نيابية، ومنها ما طالبت به وزيرة التنمية د. رولا دشتي بأن يكون لبنك وربة دور في تمويل هذه المشاريع، باعتباره بنكا يملكه الشعب (بنك الشعب كما اطلق عليه).
لكن بصرف النظر، فان بنك وربة قد يستفيد من النمو في المنطقة، والطلب المتنامي على تمويل المشاريع التنموية العملاقة في الجوار الخليجي. وفي تصريحات سابقة، قال الجسار ان استراتيجية البنك هي التركيز على الاسواق المحلية، اضافة الى الاسواق العالمية، وفي عدة قطاعات عقارية وغيرها. بالمحصلة فإن طريق وربة غير مفروش بالورود، وقد يواجه مصير بنك بوبيان قبل انتقاله للبنك الوطني، وذلك في حال تُرك لبعض مستغلي الفرص للعبث به، وهو امر بيد السلطات الرقابية.