رغم بعض الإيجابيات فيها
ثغرات جوهرية تعتري التعديلات الحكومية على قانون الـ B.O.T
25 عاماً هي الأصل بالنسبة لمدة التعاقد في مشروعات الـ B.O.T .. والـ 40 عاماً استثناء
سعود الفضلي
انتهت الحكومة من إقرار تعديلاتها على القانون رقم 7 لسنة 2008 الخاص بمشروعات الـ B.O.T، تمهيداً لعرضها على مجلس الأمة، وطلب تصديق النواب عليها وإقرارها.
ورغم أن إيجابيات يمكن أن نستشفها من نصوص التعديلات الحكومية المقترحة، مقارنة بما ينص عليه القانون الحالي، إلا أن اقتصاديين يرون افتقادها للكثير من التعديلات الجوهرية لثغرات تعتري القانون الحالي، لطالما طالب بها القطاع الخاص منذ صدور القانون رقم 7 لسنة 2008.
في ما يلي، نستعرض أهم ما ورد في التعديلات الحكومية المقترحة على قانون الـ B.O.T والملاحظات عليها، وأوجه القصور فيها بحسب ما يراه مختصون تحدثت إليهم القبس:
العقود القائمة
يبدو أن توجهاً للالتفات إلى مشاكل تعتري بعض مشاريع الـ B.O.T القديمة التي لا تزال عقودها سارية، من خلال فتح التعديلات الحكومية المقترحة على القانون رقم 7 لسنة 2008 المجال للتعديل في عقود تلك المشاريع، وتجديدها أو تمديدها، وهو ما يدل عليه إلغاء التعديلات الحكومية لما تنص عليه المادة الثالثة من القانون الحالي، التي «لا تجيز بعد العمل بهذا القانون، إجراء أي تعديلات على عقود أو تراخيص هذه المشروعات، أو تمديدها أو تجديدها».
المشاريع دون الـ 100 مليون
تأتي التعديلات المطلوبة من الحكومة على قانون الـ B.O.T لتحدد مشاريع الـ B.O.T التي تطرح على شكل شركة مساهمة عامة، بتلك التي تزيد التكلفة الإجمالية المقدرة بدراسة الجدوى الاقتصادية الخاصة بها عن 100 مليون دينار، في حين أن القانون المعمول به حالياً يحدد كلفة المشاريع التي تطرح كشركة مساهمة عامة بما يزيد على 60 مليوناً.
هذا الرفع، تفسره أوساط اقتصادية إيجابياً، بإفساح المجال أمام طرح مشروعات أكثر تتم ترسيتها عن طريق المنافسة والمزايدة بين شركات القطاع الخاص، دون تأسيس شركات مساهمة عامة لها، وما يعنيه ذلك من تجنيب المستثمر في المشاريع التي تقل كلفتها عن 100 مليون دينار الدخول في إجراءات تأسيس الشركات المساهمة العامة لهذا الغرض، وعدم تحديد نسبة معينة من المشروع فقط للمستثمر كما هو حاصل في المشروعات التي تطرح كشركة مساهمة عامة (%40 في القانون الحالي و%26 وفق التعديلات الحكومية المقترحة).
توزيع الأسهم
تغير التعديلات الحكومية توزيع الأسهم في الشركات المساهمة العامة التي تؤسس لتنفيذ وإدارة مشاريع الـ B.O.T، ففي حين أن القانون رقم 7 لسنة 2008 يوزع النسب بـ %40 للمستثمر مقابل %10 للمبادر و%50 يكتتب فيها المواطنون، مع إجازته دخول الجهات الحكومية بما لا يزيد على %20 تستقطعها بالتساوي من حصتي المستثمر والمواطنين، فإن التعديلات الحكومية الجديدة عدلت في توزيعة الأسهم لتصبح: ما لا يزيد على %24 للجهات الحكومية، وما لا يقل عن %26 للمستثمر، و%50 للمواطنين.
أمر آخر تنص عليه التعديلات الجديدة، يخص الأسهم غير المكتتب فيها لدى تأسيس الشركة المساهمة العامة، فالقانون الحالي ينص على أن الأسهم غير المكتتب بها من قبل المواطنين، ترسى عبر مزاد علني، في حين أن التعديلات تنص على أن تكون الأولوية في الاكتتاب في تلك الأسهم للجهات الحكومية الراغبة، ثم للمستثمر الفائز بالمشروع، وأخيراً يتم عرضها على شركات القطاع الخاص من خلال سوق الكويت للأوراق المالية.
المستثمر والمبادر
رغم كل الحديث خلال الفترة التي أعقبت صدور القانون رقم 7 لسنة 2008 عن عدم وجود ميزات للمبادرين، فإن لا ميزات جديدة أقرتها لهم التعديلات الجديدة، باستثناء ما يتعلق بنسبة الـ %10 التي يحق للمبادر أن يتملكها من المشروع الذي يتم طرحه عبر شركة مساهمة عامة، إذ ان القانون ينص على حصول المبادر على تخفيض %50 من متوسط إجمالي السعر الأعلى للأسهم الذي تمت ترسية المزايدة به، في حين أن التعديلات الجديدة تنص على أن يشتري المبادر تلك الحصة بالقيمة الاسمية للسهم، وتكون تلك الحصة من حصة المستثمر في المشروع.
ولعل التساؤل الذي يطرح نفسه هنا: إذا كانت التعديلات قد حددت حصة المستثمر في مشروع الـ B.O.T بـ %26، فهل يعني ذلك أن حصته ستنخفض إلى %16 في حال أقدم المبادر بفكرة المشروع على الاكتتاب في نسبة الـ %10 المسموح له الاكتتاب فيها؟ وهل تلك الحصة الزهيدة ستشجع المستثمرين على الدخول في تلك المشاريع أم أنها تشكل عاملاً منفراً إضافياً؟!
تعريف متطابق.. وامتيازات مختلفة
أمر غريب آخر في التعديلات الحكومية على قانون الـ B.O.T، هو إضافة مصطلح المشروع المتميز، ومنح أصحابها ميزات أقل من المبادرين، رغم أن تعريفي المشروع المتميز والمبادرة، وفق ما ورد في نص التعديل الحكومي المقترح على القانون، متطابقان إلى حد كبير!
فالتعديلات تعرف المبادرة على أنها «دراسة متكاملة تم اعتمادها من اللجنة العليا لفكرة إبداعية غير مسبوقة متوافقة مع استراتيجية الدولة وخطتها الإنمائية، وبهدف تحسين خدمة عامة قائمة أو تطويرها أو خفض تكاليفها، بما يرفع من كفاءتها، أو توفير خدمة عامة جديدة، أو تنويع وزيادة موارد الدولة». في حين أنها تعرف المشروع المتميز على أنه «دراسة متكاملة تم اعتمادها من اللجنة العليا لفكرة إبداعية، تتوافر فيها جميع عناصر المبادرة، فضلاً عن أن تكون الفكرة الإبداعية جديدة وغير مسبوقة»!
أمام هذا التطابق في التعريف، نجد أن التعديلات منحت امتيازاً واحداً للمشروع المتميز من 3 امتيازات منحتها للمبادرة، يتعلق باسترداد تكاليف دراسات الجدوى للمشروع بالإضافة إلى %10 منها!
تشجيع الشركات والتحالفات
يحدد القانون الحالي الشركات التي يمكن لها المنافسة على حصة المستثمر في الشركات المساهمة العامة التي تؤسس لمشروعات الـ B.O.T بالشركات المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية، والشركات الأخرى التي توافق عليها اللجنة العليا للمشروعات التي تقام على أملاك الدولة العقارية.
وفي سعي من الحكومة لتشجيع عدد أكبر من المستثمرين، سواء من القطاع الخاص الكويتي، أو من المستثمرين الأجانب، سواء منفردين أو عبر تحالفات في ما بينهم، نصت التعديلات المقترحة على أحقية الشركات المساهمة المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية والشركات الأجنبية المتخصصة والشركات غير المسجلة البورصة التي توافق عليها اللجنة العليا أي تجمع من هذه الشركات في المنافسة على حصة المستثمر في المشاريع التي تطرح عبر شركة مساهمة عامة، مشترطة أن يتم تأهيل تلك الشركات والتحالفات، واعتماد نتائج هذا التأهيل من قبل اللجنة العليا.
كذلك، فإن التعديلات تقترح استحداث مادة جديدة تضاف إلى مواد القانون الحالي، تجيز تأسيس شركة كويتية أو أكثر حسب احتياجات المشروع لتملك الأسهم في الشركات المساهمة العامة أو الاضطلاع بالمشروع، مع استثنائها من شرط الجنسية المنصوص عليه في القانون رقم 68 لسنة 1980، في حال كان التحالف الفائز يضم شركات أجنبية تم اعتمادها وفقاً لهذا القانون.
كما تستثني مجلس الإدارة الأول للشركات المساهمة العامة التي يتم تأسيسها وفقاً للقانون من شرط النسبة المحددة لعدد الأسهم، التي يجب أن يملكها عضو مجلس الإدارة، وفقاً لأحكام القانون رقم 25 لسنة 2012، وذلك حتى قيد اسهم الشركة في البورصة.
25 عاماً.. هي الأصل
بعد أن كثر الحديث خلال الآونة الأخيرة عن أن هناك توجهاً حكومياً نحو زيادة مدة التعاقد لمشروعات الـB.O.T إلى 40 عاماً، بما من شأنه أن يشجع القطاع الخاص على طرح المبادرات والدخول في مثل تلك المشاريع، في ظل أن طول فترة التعاقد سينعكس إيجاباً على الإيرادات المتحصلة من المشروع، إضافة إلى الخدمات والمنتجات التي يقدمها، فإن أوساطاً اقتصادية عبّرت عن خيبة أملها من التعديلات الحكومية المقترحة على قانون رقم 7 لسنة 2008، قائلة إنها أبقت على مدة الـ 25 عاماً كفترة أصلية للتعاقد على مشروع الـB.O.T، في حين أن مدة الـ40 عاماً التي نصت عليها التعديلات المقترحة لا تعدو كونها استثناءً، كما هي مدة الـ 30 عاماً في قانون الـB.O.T الحالي، فالتعديلات تقول إنه «لا يجوز أن تتجاوز مدة التعاقد للمشروعات أربعين سنة، ويجب أن تحدد مدة سنوات التعاقد مسبقاً في وثائق طرح هذه المشروعات، فإذا لم ينص عليها كانت مدة العقد 25 سنة»، وهو ما يشابه النص الموجود في القانون الحالي: « لا يجوز أن تتجاوز مدة التعاقد للمشروعات 30 عاماً، مع، واستثناء من ذلك يجوز بالنسبة للمشروعات التنموية ذات الطبيعة الخاصة التي يحددها مجلس الوزراء أن تمتد هذه المدة إلى ما لا يزيد على أربعين سنة، ويجب أن تحدد مدة سنوات التعاقد مسبقاً في وثائق طرح هذه المشروعات، فإذا لم ينص عليها كانت مدة العقد 25 سنة».
جهاز فني ضخم
تحول التعديلات الحكومية على قانون الـB.O.T الجهاز الفني لدراسة المشروعات التنموية والمبادرات إلى جهاز ضخم، يتطلب توفير إمكانات مادية كبيرة وكوادر بشرية مؤهلة، لاسيما في الجانب القانوني، إذ تضيف التعديلات مهمتين جديدتين للجهاز، تتمثلان في تأسيس الشركات المساهمة العامة وفقاً لأحكام القانون، وإعداد الصياغة القانونية للعقود التي تكون الجهات العامة طرفاً فيها.
والأمر اللافت أن التعديلات، أناطت بالجهاز الفني تحديد عدد الأسهم المخصصة لرأسمال الشركة المساهمة بعد ترسية المشروع، وأن يباشر بالاكتتاب في رأسمال الشركة بالنسبة المقررة للجهات الحكومية والمواطنين، على أن يحتفظ الجهاز بتلك الأسهم لحين تشغيل المشروع كلياً، ويدعو الجهات الحكومية الراغبة والمواطنين للاكتتاب بتلك الأسهم فيما بعد، وهو ما يتطلب اعتمادات مالية كبيرة للجهاز.
عضوان من خارج الحكومة
فيما يبدو أنه توجه حكومي لإشراك مختصين وأصحاب اختصاص في عضوية اللجنة العليا للمشروعات التي تقام على أملاك الدولة العقارية من خارج الجسم الحكومي، ومن أصحاب الخبرة في هذه الأمور من القطاع الخاص، تنص التعديلات الحكومية على قانون الـB.O.T على أن يضم تشكيل اللجنة عضوان متخصصان من ذوي الخبرة، يرشحهما مجلس الوزراء، بدلاً مما ينص عليه القانون الحالي من اشتراط أن يكون هذان العضوان من موظفي الدولة.
ورغم إشادتها بهذه الخطوة، وما تتيحه من إشراك القطاع الخاص في عمل اللجنة، فإن أوساطاً اقتصادية ترى أنه كان من الأجدى أن تشرك الحكومة المختصين في القطاع الخاص في عمل التعديلات على القانون، التي يرون أنها لا تعالج مشاكل جوهرية تعتري القانون رقم 7 لسنة 2008.
تعديل آخر في مهام اللجنة العليا، تنص عليه التعديلات الحكومية المقترحة على قانون الـB.O.T، إذ إن من مهامها بحسب التعديلات النظر في طلب الموافقة للجهة الحكومية المتعاقدة على فسخ عقد الـB.O.T أو إنهائه للمصلحة العامة آخر، في حين أن القانون الحالي ينص على أن من مهام اللجنة منح الموافقة النهائية للجهة الحكومية المتعاقدة على فسخ العقد أو إنهائه للمصلحة العامة.
ويرى اقتصاديون أن في تعديل النص، ما يوحي بأن موافقة اللجنة على فسخ العقد أو إنهائه لن تكون قراراً نهائياً يمكن الجهة الحكومية من فسخ عقد المشروع.
إلغاء امتيازات المستثمر السابق
يحدد القانون الحالي مدة عشر سنوات كحد أقصى للتعاقد على إدارة المشروع بعد انتهاء مدة التعاقد مع المستثمر الأول في المشروع، ويمنح للمستثمر الذي انتهى عقده الأفضلية في الترسية إذا اشترك في المزايدة وتساوى عطاؤه مع أفضل عطاء بالنسبة للمشروعات التي تطرح عبر المزايدة أو المنافسة، في حين أنه يمنح للمستثمر الأفضلية في الترسية إذا اشترك في المزايدة، بالنسبة للمشروعات المطروحة عبر شركة مساهمة عامة، بما لا يزيد %10 من العطاء الأفضل.
أما التعديلات، فقد ألغت كل ذلك، سواءً ما يتعلق بمدة السنوات العشر للتقاعد، أو الامتيازات التي تقدم للمستثمر الذي انتهى عقده.
تعديلات قاصرة عن تحقيق الطموح
تشكو مصادر مهتمة من القطاع الخاص من أن التعديلات الحكومية لم تتعرض لأمور جوهرية تحتاج إلى تعديل في القانون رقم 7 لسنة 2008، في حين أنها استمرت في التركيز على تفاصيل، كان من الممكن ترك الفصل فيها للجنة العليا للمشروعات، لتتخذ القرار فيها، حسب طبيعة كل مشروع يتم طرحه، أو تقديمه كمبادرة من القطاع الخاص، على حدة.
وعن أهم الثغرات التي لم تطَلها التعديلات على القانون، عددتها المصادر بالتالي:
1 - خلو التعديلات من أي تحفيز للبنوك لتمويل تلك المشاريع، إضافة إلى عدم التعديل على المادة 13 من القانون المتعلقة بالرهن العقاري، والتي تمنع رهن الأرض أو المنشآت أو المباني المقام عليها المشروع، فكيف ستقبل البنوك تمويل مشروعات ضخمة، إن لم يكن المشروعات نفسها قابلة للرهن كضمان للبنك، خصوصا ان التمويل يعتبر على رأس احتياجات مثل هذه المشاريع؟
2 - لا امتيازات مشجعة للمبادرين، فإذا كان القانون نفسه لم يمنح المبادر مثل تلك الامتيازات، فإن التعديلات أيضاً لم تأت بجديد في هذا الجانب، حيث ان نسبة الـ %10 من المشروع المطروح عبر شركة مساهمة تبقى متدنية بالنسبة للمبادر، الذي سيكون عبر هذه النسبة صاحب أقلية في الاستثمار، في حين أن من سيتقدم بأعلى سعر سيحصل على النسبة الأكبر من المشروع بكل يسر وسهولة.
3 - ترى المصادر ان التعديلات، كما القانون نفسه، افتقدت للضمانات التي تحمي المستثمر من تكرار تصرف الحكومة في قضايا سحب المشاريع، واتخاذ الحكومة لأي إجراءات تعسفية بفسخ عقود نتيجة ضغوط سياسية أو غيرها.
4 - ألغت التعديلات أي امتيازات للمستثمر في المشاريع المنتهية عقودها، فتلك المشاريع ستطرح إدارتها للمزايدة، من دون أي امتياز للمستثمر الذي انتهى عقده، فحتى ما نصت عليه المادة السادسة عشرة من القانون الحالي من منح المستثمر الذي انتهى عقده الأفضلية في الترسية إذا اشترك في المزايدة وتساوى عطاؤه مع أفضل عطاء بالنسبة للمشروعات التي تطرح عبر المزايدة أو المنافسة، ومنحه الأفضلية في الترسية إذا اشترك في المزايدة، بالنسبة للمشروعات المطروحة عبر شركة مساهمة عامة، بما لا يزيد %10 من العطاء الأفضل، جاءت التعديلات لتهملها تماماً!
5 - وضعت التعديلات، كما القانون نفسه، املاك الدولة ومشاريع الـ B.O.T في سلة واحدة، كما أنها لم تجز تخصيص أراض وفق نظام الـ B.O.T بغية استصلاح تلك الأراضي وتنفيذ البنية التحتية لمشروعات، جاعلة طرح أعمال البنية التحتية في مناقصة عامة وفقاً لأحكام القانون رقم 37 لسنة 1964.
السعر الأعلى.. والعرض الأفضل
في حين أن القانون رقم 7 لسنة 2008 نص على أن الفائز بالمزايدة، هو صاحب أعلى سعر، تنص التعديلات على أن العطاء الفائز هو الذي يقدم العرض الأفضل، من دون ذكر إن كان يقصد بتلك الأفضلية، السعر فقط، أم تضم أموراً أخرى.