القبس تستطلع آراء أهل القطاع العقاري
مرسوم شركات الإسكان يفتح باب فرص جديدة أمام القطاع الخاص
توفيق الجراح
خالد المشعان
عماد العيسى
محمد الفرحان
نبيل الخالد
أحمد النوري
طارق العثمان
نهى فتحي
تضاربت ردود أفعال مسؤولي شركات العقارات والمقاولات ومواد البناء حول مدى استفادة هذه الشركات والسوق من مرسوم تعديل قانون شركات الإسكان الجديد والذي صدر الاسبوع الماضي تحت رقم 27 لسنة 2012. وقد جاء بتعديلات على قانون الرعاية السكنية رقم 47 لسنة 1993 وقانون مشاركة القطاع الخاص في تعمير الأراضي الفضاء المملوكة للدولة لأغراض السكن، بحيث تلتزم مؤسسة الرعاية السكنية بتأسيس شركة مساهمة كويتية لكل مدينة سكنية جديدة وتوزع أسهما ما بين 26 % مشاركات من الشركات المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية بالمزايدة العلنية، بحيث ترسو المزايدة على من يقدم أعلى سعر، و24 % مساهمة حكومية، و50 % أسهم منحة مجانية يتم الاكتتاب فيها للمواطنين.
وقد أكد بعض المسؤولين أن التعديل يعد خطوة جريئة تعم بالفائدة على مختلف الأطراف سواء القطاع الخاص الذي ستفتح أمامه فرص عمل بربح متميز أو المواطن الذي سيحصل على خدمة سكنية في وقت قياسي، وكذلك الدولة التي ستحل إحدى أبرز المشكلات التي تواجهها وهي المشكلة الإسكانية، في حين ارتأى فريق آخر أن الطرح الجديد لا يزال مكبلاً بالقيود الحكومية، لذا لن تكون الانعكاسات الخاصة به إيجابية.
ويطرح فريق ثالث مجموعة من نقاط الاستفهام حول آلية الربحية للشركات وكيفية التطبيق، متسائلا: هل يعتبر هذا القانون التفافاً على القوانين السابقة التي منعت الشركات المساهمة من التعامل مع القطاع الخاص؟ وفيما يلي آراء عدد من أهل الخبرة والاختصاص في قطاع العقار والبناء والسكن المحلي:
فقد أعرب رئيس اتحاد العقاريين توفيق الجراح عن أمله في أن يكون هذا المرسوم الجديد جاء ليزيد من مساهمة القطاع الخاص في المشاريع التنموية، لا سيما أن بعض بنوده عملت على تخفيف عبء البنية التحتية من على عاتق القطاع الخاص، بحيث تقوم الدولة بتنفيذها، داعياً إلى ضرورة أن تتسم عملية التفاوض في المشاريع المزمع تنفيذها بالمرونة من قبل الجهات الحكومية المعنية، لا سيما فيما يخص الأمور الفنية، بحيث لا تكون تلك الأخيرة مكبلة بالشروط.
وأضاف الجراح: كنا نتمنى لو جاءت التعديلات كمنظومة متكاملة بما يشمل تعديل قانوني 8 و9 لسنة 2008، واللذين يخصان الضريبة، وكذلك تعامل الشركات مع السكن الخاص.
هيمنة الدولة
بدوره، قال الرئيس التنفيذي العضو المنتدب لشركة إنجازات للتنمية العقارية محمد الفرحان إنه إذا كانت الشركات التي سيتم إنشاؤها للمدن السكنية ستؤسس بالطرق السابقة نفسها والتي تهيمن على إداراتها الحكومة، وتسير وفقاً للأسلوب المعتاد للشركات الحكومية نفسه، فإن الجدوى لن تكون مجزية، خصوصاً أنها ستكون مكبلة، حيث نتوقع أن تكون نهايتها الفشل.
وأضاف أنه لا بد من وجود اختلاف جذري ومرونة كبيرة في طريقة الطرح والتطبيق والتنفيذ، والمدة التي يستثمر بها، معرباً عن أمله في أن يشمل تطبيق هذا المرسوم حريات أفضل للشركات، وديباجة جديدة تمنح القطاع الخاص فرصاً حقيقية، وألا يتم التنفيذ من خلال شروط قانون الـ «بي أو تي» العقيمة.
وتطرق إلى التصريحات التي تخرج منذ أربع سنوات حول مشاركة القطاع الخاص ومنحه الفرصة، والتي جميعها لا تعدو كونها كلاماً من دون تنفيذ، قائلاً: نخشى أن تكون تلك القوانين مجرد تبرير سياسي لإنجاز الحكومة في ظل الظروف السياسية الحالية التي تمر بها البلاد، لا سيما في ظل خروج مجلس أمة جديد تقاطعه الأغلبية، فإذا كان الوضع كذلك، فعلى القطاع الخاص ألا ينتظر أي فرص مقبلة.
نقاط متضاربة
من ناحيته، قال رئيس مجلس إدارة شركة الأرجان العالمية العقارية خالد المشعان إن المرسوم يشوبه العديد من النقاط المتضاربة، لا سيما في المادة 27 مكرر، والتي ذكرت أنه يجوز لمؤسسة الرعاية السكنية أن تسلم أراضي للشركات، مع العلم أن القوانين السابقة التي خرجت من مجلس الأمة تمنع تخصيص الأراضي للقطاع الخاص وهي أكبر مشكلة تواجه الشركات منذ نحو 4 سنوات، حيث كان يفترض على المرسوم أن يعالج رأسا تلك المشكلة، لا سيما أنه ثبت فشل التطبيق طوال السنوات الماضية، وكان له بالغ الأثر السلبي في تفاقم المشكلة الإسكانية.
وأشار المشعان إلى أن الشركات العقارية المحلية لديها مقترحات عدة لتعديل قانوني 8 و9 لسنة 2008، تحفظ للدولة هدفها في عدم متاجرة الشركات بالأراضي السكنية مع إبقاء عمليات التطوير.
وحول ما جاء به المرسوم من تأسيس شركات مساهمة عامة يسمح للقطاع الخاص شراء 26 % منها وفق أعلى سعر، قال المشعان إن القطاع الخاص في الفترة الحالية يحتاج إلى من يدعمه، فكيف يدفع أعلى سعر في المزايدة، ومن أين سيتم استقطاب الخبرات والكوادر لتلك الشركات التي ستعتبر حديثة التأسيس، وهناك احتمالات بنسبة عالية لفشلها، مشيراً إلى أن هذا الطرح سبق أن تم تطبيقه في السوق السعودي وثبت فشله، فلماذا لا نتعلم من أخطاء الآخرين؟
واقترح المشعان أن يتم التعامل وفقا لقانون PPP وهو قانون المشاركة بين القطاعين العام والخاص وهي طريقة مثلى للمشاركة، تتم من خلال معايير توضع من قبل الطرفين مع الاستعانة بمستشارين وخبراء من الخارج، حيث سيساهم التعامل وفقا لهذا النظام في تحقيق المنفعة لجميع الأطراف سواء القطاع الخاص أو المواطن وكذلك الحكومة، مشيراً إلى أن شركة الأرجان نفّذت في السوق السعودي 2500 وحدة سكنية. ولو تم اتباع هذا الفكر في السوق المحلي وتم منح الفرصة لعدد 10 شركات عقارية للتنفيذ، فإن المشكلة الإسكانية التي نعاني منها ستحل خلال 5 سنوات من الآن، متسائلاً: «لماذا هذا التعقيد الذي نراه دائماً في الطرح الحكومي؟».
ولفت المشعان إلى أن هذا المرسوم الجديد يعد التفافاً على القوانين التي منعت الشركات من التعامل مع قطاع السكن الخاص، فلماذا إذاً هذا التحايل حيث لا بد من تعديل القانون وتصحيحه بشكل مباشر بما يعود بالنفع على المنظومة بأكملها.
تحريك السوق
من ناحيته، أكد المدير العام لشركة المساكن الدولية للتطوير العقاري المهندس نبيل الخالد أن القطاع الخاص جاهز للمشاركة في تنفيذ مشاريع المدن الإسكانية وهو في انتظار تكملة المسيرة في تنفيذ خطة التنمية والتي سيكون لها أثر إيجابي على تحريك السوق في شتى المجالات، خصوصاً القطاع الإنشائي الذي يعتبر «الدينامو» المحرك لمختلف قطاعات السوق بشكل عام، والعقار بجميع استخداماته السكنية بشكل خاص.
وبيّن أن التعديلات ستساهم ومن دون شك في إنعاش حركة عدد من القطاعات، أبرزها القطاع الإنشائي والمقاولات وكذلك صناعة مواد البناء، حيث ستساهم الشركات العاملة في تلك القطاعات في عملية التشييد وإمداد المشاريع بالمواد الأولية. واعتبر أن عملية تأسيس شركات كويتية مساهمة لتنفيذ المدن الإسكانية ستساهم في تسريع حركة تنفيذ المدن بما يوفر أعداداً ضخمة من الوحدات التي من شأنها أن تسد العجز الحالي الذي بلغ نحو 100 ألف وحدة سكنية على هيئة طلبات لدى مؤسسة الرعاية السكنية.
وبيّن الخالد أن أداء أسواق الإنشاء والمقاولات ومواد البناء اعتمد بشكل كبير خلال عام 2012 على أداء الحكومة وطرحها للمشاريع ونوعية المشاريع التي سيتم طرحها، ومن المتوقع أن يعتمد أداء تلك الأسواق خلال العام الجديد كذلك على مدى تعاون البرلمان مع الحكومة في تسيير عجلة التنمية وتسريع وتيرتها.
خطوة جريئة
من جانبه، قال المدير العام في شركة عقارات الكويت عماد العيسى إن صدور هذا المرسوم يعد خطوة جريئة ومتميزة تساهم في فتح المزيد من الفرص أمام القطاع الخاص والشركات العاملة في مجال التطوير والإنشاء وتساهم في حل المشكلة الإسكانية التي تفاقمت خلال السنوات السابقة. وأعرب عن أمله في موافقة مجلس الأمة الجديد على التعديلات التي أتى بها المرسوم، وأن تبدأ عجلة التطوير من جديد في ظل التعاون المثمر بين القطاعين العام والخاص، مشيراً إلى أن شركة عقارات الكويت قد حصلت أخيراً على مزايدة طرحتها اللجنة التأسيسية لمشروع البيوت منخفضة التكاليف، ومع صدور هذا المرسوم نتوقع التسريع في تنفيذ هذا المشروع.
وأكد العيسى أن الظروف السياسية التي تمر بها البلاد في الوقت الحالي مفتعلة، وأن الشركات تسير في استراتيجياتها دون أدنى تأثير من قبل تلك الظروف، مشيداً بالمرسوم الجديد الذي أتى بمزيد من الشروط التي تضمن تسريع حركة تنفيذ مشاريع المدن الجديدة، وإزالة العقبات التشريعية التي تحول دون تنفيذها، وتسريع تنفيذ البنية التحتية للمشاريع، بالإضافة إلى أنه جاء بعدد من المعالجات التي تخص آلية مشاركة الحكومة في الاكتتاب في الشركات المساهمة الخاصة بالمدن الإسكانية الجديدة.
علامات استفهام
بيد أن نائب رئيس مجلس إدارة شركة تجارة للاستثمار العقاري طارق العثمان أثار عدداً من نقاط الاستفهام التي تحيط بمرسوم الإسكان الجديد والتي من شأنها أن تؤثر على انعكاساته على دور القطاع الخاص بالمساهمة في التنفيذ، ومن بينها ما يخص ربحية الشركات، وهل ستكون بنسب محددة من قبل، وكذلك كيفية التطبيق في ظل ما سبق هذا القانون من قوانين تمنع على الشركات التعامل مع القطاع الخاص. وأعرب عن قلقه من أن يكون المرسوم الجديد للإسكان لا يعدو كونه تصريحات يستكمل بها التصريحات التي طالما خرج بها المسؤولون في الحكومة من قبل، وأن يكون الغرض فقط تهدئة الوضع السياسي.
قطاعات مستفيدة
واختلف رأي المدير العام لشركة الاتحاد لصناعة مواد البناء أحمد النوري الذي أكد على الاستفادة التي ستعود على الشركات ككل من جراء هذا المرسوم والذي جاء ليزيد من دور القطاع الخاص في تنفيذ المدن الإسكانية، مؤكداً أن سرعة إنجاز تلك المشاريع سيعود بالنفع على مختلف القطاعات ومن بينها قطاعات المقاولات والبناء والتجارة العامة والمقاولات لما تحتاجه تلك المشاريع من تضافر الجهود في تلك المجالات، خصوصاً أن مثل هذه المشروعات تعتمد في تنفيذها على منح المنتج الوطني الأولوية، وهو الأمر الذي سيساهم في إنعاش عدد كبير من الصناعات المحلية.
وبيّن أن مرسوم الضرورة جاء لمصلحة عجلة التنمية، وحل المشكلة الإسكانية، خصوصاً أنه وفقاً لهذا المرسوم فإن هناك نحو 90 ألف وحدة سكنية سيتم إنشاؤها في غضون 3 إلى 4 سنوات، مما سينعكس على القطاع الخاص، لا سيما القطاعات الإنشائية والمقاولات ومواد البناء. وبيّن أنه عقب صدور هذا المرسوم بات هناك اختلاف كبير في أسلوب التعامل، حيث كان المسؤولون في السابق يتخوفون من التوقيع، أما الآن، فهناك تيسير للأمور، وكأن المرسوم جاء ليحرك المياه الراكدة.