قصةٌ مرعبةٌ نُهديها لكل ظالم....أغرّته نجومه أو تيجانه أو سلطانه..!!
من روائع ما ذكره الإمام الذهبي رحمه الله تعالى في كتابه "الكبائر" قصة مؤثرة تحكي عاقبة الظلم والظلمة..
يقول : رأيت رجلا مقطوع اليد من الكتف ، وهو ينادي :
من رآني فليتعظ بـي..
ولا يظلمنّ أحدا..!
فتقدمت إليه وقلت : يا أخي ما قصتك؟؟
فقال : إن لقصتي عجبا ، فلقد كنت من أعوان الظلمة ، وعمِلت مع شُرط السلطان ، فآذيت بعملي خلق الله ، حتى جاء يوم فرأيت صيادا فقيراً قد اصطاد سمكة كبيرة فأعجبتني ، فجئت إليه فقلت:
أعطني هذه السمكة ، فقال: لا أعطيكها ، أنا آخذ بثمنها قوتا لعيالي..
وليس لنا من المال شيئاً سواها ، قُلت له اصطد غيرها ، قال ويحك ، وهل البحر طوع لي كلما جئته أعطاني مثلها سمكة!؟
فقلت له أترُدُّ عليّ وأنا عامل السُلطان وحرسِه..؟؟!
فضربته وأخذتها منه قهرا، وهو يصرخ ويلك هذا قوت أولادي ، ومضيت بها قاصداً بيتي ..
• فبينما أنا أمشي شعرت وكأن الكيس اهتز بيدي ، فنظرتُ إلى الكيس فرأيتها وكأن فيها روحاً بعدُ ، فوضعت اصبعي على فمِها اضغطه لأرى إن كان فيها حراكاً ،،،
وفجأة عّضت على إبهامي عضة قوية ، فنزعت يدي وإذ بالدمِ يسيل منها ويجري
فلما جئت بها إلى بيتي وألقيتها من يدي ضربت عليّ إبهامي وآلمتني ألما شديدا ، وأعطيتها زوجتي فطبختها ، ولما جاء وقت الطعام انفجر الألم في اصبعي مجدداً فلم استطع أن آكل منها شيئاً ،
حتى إذا جاء الليل لم أنم من شدة الوجع والألم ، وفي الضحى هدأ الألم قليلا فنمت سويعات ،،
ثم اني استيقظت أًصرخ من الوجع ، فلما رأيت يدي وإذ بها قد انتفخـت فكأنما الجِلد سيتفسخُ عن اللحم من شدة الورم ..!
فخرجتُ من بيتي أركض بحثاً عن طبيب ،فأرشدوني إليه وشكوت إليه الألم ، فأخذ يتفحّص يدي ويعجب ، قال :
هذه بدء الأكلة ، إن لم أقطع إبهامك الآن مشت الغرغرينة في يدك كُلها ، ولا ينفع بعدها إلا أن تُقطع يدك أو يهلك كُل جسدك..!
• فقلت ويحك اقطعه إذن ، فقطع إبهامي وأنا أنظر إليه وأصرخ من شده الألم ، ثم رجعتُ بيتي وبالكاد استطيع المشي ، من أثر القطع..
وبِتُّ ليلتي تلك بشر حال ، وبعد ثلاثة ايام رجع الألم من جديد ، فلم أطق النوم ولا القرار من شدة الألم ..
فذهبوا بي بالكاد أمشي للطبيب :
فلمّا رآها قال اقطع كفك فلقد سرت الأكلةُ إليها ، فقطعه لي وكُل ما في جسمي يتقطّع من الألم ، ثم بعدها بأيام انتشر الألم على الساعد ، وآلمني ألما شديدا ، ولم أطق القرار وجعلت أستغيث من شدة الألم ، فقيل لي :
اقطعها إلى المرفق، فقطعتها ، فانتشر الألم إلى العضد، وضربت عليّ عضدي أشد من الألم الأول ، فقيل : اقطع يدك من كتفك كُلها ، وإلا سرى إلى جسدك كله ، فقطعتها ..
وأصبحت لا أكُف من البكاء كالطفل الشريد ، فقال لي بعض الصالحين : ويحك .. ما الذي اقترفته فأصبح هذا حالك ؟
فذكرت لهُ قِصة السمكة ، وضربي للرجل وانتزاعي منهُ حقّه .. فقال لي :
والله ما حلَّ بك كل هذا إلا بظلمك لهذا الرجل وعياله ، فلو كنت رجعت في أول ما أصابك إلى صاحب السمكة واستحللت منه وأرضيته لما قطعت من أعضائك عضوا عضواً ، ،
فاذهب الآن إليه ،، واطلب رضاه قبل أن يصل الألم إلى باقي قلبك ويهلك كل جسدك فتموت وأنت ظالم..!
قال : فلم أزل أطلبه في البلاد حتى وجدته ، فلما رأيته صرخت باكياً ووقعت على رجليه أقبلها وأبكي عنده وقلت له :
يا سيدي سألتك بالله ألاَّ عفوت عني ،، فقال : ومن أنت ؟
،قلت: صاحب الشُرط ، أنا الذي أخذت منك السمكة غصباً ،ثُم أني ذكرت له ما جرى منذ أن فارقته ، وكشفتُ لهُ عن عضدي المقطوع ، فبكى حين رآها ، ثم قال :
يا أخي قد أحللتك منها لما قد رأيته بك من هذا البلاء ، فما أن انتهى كلامه حتى توقف الألم ..
قلت : يا سيدي بالله هل كنت قد دعوت عليّ لما أخذتها؟
قال : نعم والله، قلت :
اللهم إن هذا تقّوى عليّ بقوته على ضعفي فظلمني وآذاني ، فأرني قدرتك فيه يا جبار السموات والأرض..
فقلت : يا سيدي قد أراك الله قدرته فيَّ وأنا تائب إلى الله عز وجل عما كنت عليه من خدمة الظلمة ....ولا والله لا أعود أقف لهم على باب ولا أكون من أعوانهم ما دمت حياً..
••