http://www.alqabas.com.kw/Article.as...&date=15082011
عبدالسلام العوضي: الكويت محصّنة بالدستور
العوضي: أعمل في الـ «ويك إند» ولا أعرف الإجازة
أجرتــه: سهــام حــرب
شخصيات سياسية وفكرية واقتصادية... حققت نجاحا بعد مشوار طويل من العطاء... وعاشت تجارب في الحياة العامة والخاصة تحدثت عنها في حوار مفتوح وشامل تناول مختلف القضايا الوطنية والاجتماعية واتسم بالصدق والشفافية والوضوح بعيدا عن المجاملة لتتماشى مع اجواء رمضان المبارك بصفائها ونقائها.
نلتقي اليوم مع الاقتصادي ورجل الأعمال المخضرم عبد السلام عبد الله العوضي، الذي لا يعرف الإجازة ولا يتخوف من امتداد الربيع العربي إلى الكويت لأنها محصنة بالدستور.. ولا يخشى من تداعيات كبيرة للأزمات المالية العالمية على الدولة لارتفاع أسعار النفط.. ولا يواجه الآخرين إلا بالحق.. ويعتبر رمضان فرصة للمراجعة والمحاسبة والتزاور والتراحم.
• نجري هذه المقابلة يوم سبت.. فهل هذا يعني أن الإجازة ملغاة من قاموسك؟
-نعم.. لأن الكويت بالنسبة لي ورشة عمل صيفا وشتاء، لذلك أعمل في الـ«ويك إند»، وأنا مستمر في ذلك منذ أكثر من 30 سنة، أما إجازتي فتكون غالبا مع العائلة لفترات قصيرة، وإذا سافرت الى بيروت أو لندن أو دبي لإنجاز بعض الأعمال فإنني بعد انتهاء المهمة التي سافرت من أجلها آخذ يومين أو ثلاثة إضافية للراحة.
• أين تمضي إجازتك عادة؟
- أفضل تمضيتها في لندن أو بيروت.. وكذلك القاهرة قبل الانتفاضة الشعبية، وأحيانا أزور جنيف.
بلبلة عالمية
• السياسة والاقتصاد وجهان لعملة واحدة، ما مدى انعكاس أحدهما على الآخر في الظروف الحالية؟
-بالفعل، السياسة والاقتصاد وجهان لعملة واحدة، وكل منهما يترك انعكاسه على الآخر، ولكن ثورات الربيع العربي والأحداث التي تشهدها المنطقة والعالم تترك انعكاساتها في دول العالم بما فيها الكويت، حيث أصبح العالم قرية واحدة، فأزمة المديونية اليونانية وموضوع الميزانية الاميركية تهدد بأزمة اقتصادية كبيرة تعم العالم إذا لم يتم إيجاد حل لها، خصوصا أن الاقتصاد العالمي مرتبط بالولايات المتحدة الأميركية من خلال الدولار والسندات والتبادل التجاري، وهذا الأمر يترك بلبلة عالمية.. أما بالنسبة للكويت فإن تأثير هذه الأزمات قد لا يكون كبيرا، لأنها تعتمد على النفط كمصدر أساسي للدخل الذي ترتفع أسعاره بين يوم وآخر، ولذلك الكويت كدولة ليس لديها مشكلة مالية واقتصادية، ولكن الخشية من أن تتفاقم الأوضاع الأمنية في عدد من الدول العربية التي تشهد ثورات، وخصوصا مصر لأنها دولة محورية مما يترك انعكاسات على سائر الدول العربية، وفي مقدمتها دول مجلس التعاون الخليجي، ولذلك يمكن القول إن استقرار مصر يعني استقرار المنطقة كلها، أما ما تشهده البورصة الكويتية من تراجع وعدم إنفاق الحكومة على المشاريع التنموية فإنه موضوع مختلف مرتبط بالأوضاع المحلية والخلافات بين الحكومة ومجلس الأمة.
ولكن المشكلة سوف تكون حادة لو انخفضت أسعار النفط خاصة بعد إقرار الميزانية الأخيرة التي تعتمد على أساس سعر البرميل 90 دولار، وهذا مؤشر خطر حيث لا يمكن السيطرة على أسعار النفط التي يمكن أن تنحدر إلى أقل من هذا السعر، ولذلك كان لا بد من التيقن قبل إقرار الميزانية وزيادة الرواتب.
• هذا يدفعنا إلى السؤال حول تأثير الخلافات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية على الأوضاع الاقتصادية في الكويت؟
-هذه الخلافات أدت الى ما وصلنا إليه في الوقت الحالي، حيث وجدنا معظم دول العالم قد أنفقت مليارات الدولارات بعد نشوب الأزمة المالية العالمية لإنعاش أسواقها، بينما الكويت بسبب الخلافات بين السلطتين لم تفعل أي شيء لدعم سوق الأسهم والعقارات، بينما اكتفت بدعم البنوك، أما خطة التنمية التي يبلغ حجمها حوالى 37 مليار دينار، فان تنفيذها يحتاج الى وقت.
خطة التنمية
• برأيك هل ستتأثر خطة تنفيذ مشاريع التنمية مع تعيين عبدالوهاب الهارون، بدلا من الشيخ احمد الفهد كوزير للتنمية؟
- لا شك في ان الشيخ احمد الفهد بذل جهودا لاقرار خطة التنمية واصدار قانون بشأنها من مجلس الامة.. وما يطمئن ان الخطة موجودة، واي وزير سيكمل ما بدأه الفهد، ولكن التنفيذ سيحتاج دائما للتفاهم بين الحكومة والمجلس، حيث انها خطة طموحة ونأمل خيرا بالوزير عبدالوهاب الهارون، لان الكويت توقفت منذ 3 عقود عن تنفيذ خطط ومشاريع تنموية كبرى، والتأخير ليس لمصلحة البلاد.
• أطلقت منذ فترة دعوة لانشاء صندوق خليجي لدعم الاقتصاد المصري، كيف كان التجاوب مع هذه الدعوة؟
- ما شهدته مصر منذ اندلاع ثورة تغيير النظام السابق ادى الى استنزاف اقتصادها واحتياطاتها المالية، ولذلك اطلقت فكرة تأسيس صندوق خليجي برأسمال 20 مليار دولار لدعم الاقتصاد المصري، لكن التجاوب مع هذه الفكرة يحتاج اولا الى ان يجد من سيساهمون فيه ما يشجعهم على ذلك من خلال انتقال مصر من وضعها الحالي المضطرب الى حالة من الاستقرار السياسي والامني، ولذلك تحتاج مصر الى مساعدة نفسها قبل ان يساعدها الآخرون، وخلال زيارة رئيس الحكومة المصرية عصام شرف وزيارة وزير السياحة الى الكويت، تم ابلاغهما بان مصر عزيزة على الكويت، ومن واجبنا دعمها اقتصاديا وماديا، لكن الامر يحتاج منكم في مصر ان تحققوا الامن والاستقرار، كشرط اساسي لتقديم الدعم المطلوب، وبالنسبة لفكرة الصندوق، فانها ما زالت فكرة وتنفيذها مرتبط بالتطورات في مصر.
حصن الكويت
• مادمنا نتحدث عن الثورات العربية ما مدى تأثيرها في الكويت؟
- اعطى صاحب السمو الامير امرا بالاحتفال بمرور 50 سنة على اقرار الدستور، وما تطالب به الشعوب العربية هو ان تحتكم لدساتير ديموقراطية، لذلك ان كل ما تطالب به الشعوب العربية في الدول التي شهدت وتشهد ثورات لا ينطبق على الكويت، حيث ننعم بالحرية والديموقراطية والرفاهية والعلاقة بين الاسرة والشعب تم تحديدها بالدستور وفقا لسند شرعي اقره الشعب الكويتي في انتخابات حرة للمجلس التأسيسي الذي صاغ الدستور، وتم اقراره في عهد الشيخ عبدالله السالم، حتى عند حدوث الغزو العراقي كان الدستور حصنا للكويت، وقد تجلى ذلك في مؤتمر جدة الذي تم فيه تأكيد شرعية حكم آل الصباح.. ولذلك فان الكويت بمأمن عما يحدث في الدول العربية في ظل الحرية وسيادة القانون والقضاء المستقل ومجلس الامة المنتخب بحرية، ومن لديه مطالب يمكن طرحها من خلال النواب ومجلس الأمة، كما ان الدول ترعى المواطن في مختلف النواحي.
• وبالمقابل ما الذي تحتاج اليه الكويت؟
- تحتاج الكويت في الوقت الحالي الى الاسراع في تنفيذ مشاريع التنمية، حيث سيكون لها انعكاسها المباشر على الوضع الاقتصادي، حيث اننا في سباق مع الزمن لتحريك الجمود في سوق العقار والاسهم وودائع البنوك حتى تتمكن من التوسع في الاقراض.
مناصب ومسؤوليات
• ننتقل من العام الى الخاص لنسألك من انت بنظر نفسك؟
-أنا إنسان بسيط، تربيت على أرض الكويت الحبيبة وعشت في كنف والدي رحمه الله الذي علمنا العصامية، حصلت على الثانوية العامة عام 1966 وأكملت دراستي الجامعية في القاهرة، ثم حصلت على دبلوم في التنمية الاقتصادية في اسكتلندا، وبداية حياتي المهنية في مكتب الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد عندما كان وليا للعهد، ثم انتقلت إلى القطاع الخاص وتوليت مناصب عديدة في الكثير من الشركات المحلية والاقليمية، وأشكر الله ان حياتي مرت بانسيابية، وقد استمتعت بكل مرحلة من حياتي من الطفولة إلى الدراسة إلى العمل، لذلك أنا متصالح مع نفسي واتأقلم مع أي مشكلة تواجهني.
• نعرف ان عالم الأعمال يشهد صراعات وخصومات شديدة ومعارك كسر عظم هل واجهتك مثل هذه الظروف؟
ــــ طبعاً.. أنا أؤمن بالحكمة التي تقول «اتق شر من أحسنت إليه»! ولدي قناعة بأن كل شيء بيد الله تعالى، فقد يعطي اليوم ثم يأخذ في الغد وهكذا هي الحياة، ولذلك واجهتني مشاكل في كل المواقع التي وصلت إليها وقد تعلمت منها، وعندما عملت في البنك الأهلي لمدة 9 سنوات تعلمت منها، كما لو أنني عملت لمدة 20 سنة نظراً لما واجهنا من مشاكل وأزمات خصوصاً بعد التحرير، والحياة مدرسة يجب ان يتعلم فيها الإنسان حتى آخر يوم من عمره، والمشاكل لا تنتهي لكن أصعبها التي تأتي من صديق أو قريب أو من منحته ثقتي، ولذلك يجب ان يمتلك كل شخص الصلابة والإيمان بالله حتى يتخطى كل المشاكل، ولكن ما يزعجني ان بعض المشاكل التي يمكن حلها خلال يوم أو يومين، يستغرق حلها في الكويت شهرا أو سنوات بسبب البيروقراطية والفساد والمحسوبية.
• إذا نظرت إلى نفسك ما أبرز مزاياك وعيوبك؟
ــــ أقول دائما «رحم الله إنسانا عرف نفسه»، واعتبر نفسي طيباً زيادة عن اللزوم وإلى أقصى الحدود، وهذه يفسرها البعض عكس ما أقصده مما يعود عليّ بالضرر، ولكن عند حدوث مثل هذا الأمر أدير الدولاب وأواجه الشخص الذي يستغل طيبتي، وقد حدث ذلك مراراً لأن حياتي كلها مواجة بالحق، وإذا اكتشفت نوايا سيئة لدى أي إنسان أواجهه مهما كلفني الأمر.
أفضل الشهور
• نعيش هذه الأيام الاجواء الرمضانية، ماذا يعني لك هذا الشهر المبارك؟
ــــ رمضان من أفضل الشهور نزل فيه القرآن، والصيام من أركان الإسلام الخمسة، وهو فترة تتيح للإنسان اعادة النظر في كل ما مر عليه خلال 11 شهراً السابقة من النواحي الايمانية والسلوكية والفكرية والغذائية، وفيه تزداد عرى الروابط بين الأسر والأهل والأصدقاء والجيران والمعارف تحقيقا للتواصل والتراحم، وزيادة جرعات التعبد لله.
• هل تحرص على قضاء رمضان في الكويت؟
ــــ بالتأكيد، خصوصاً بعدما جربت قضاءه في دول أخرى كلبنان ومصر وبريطانيا وأميركا، ولكن رمضان في الكويت له نكهته الخاصة، خصوصاً في الليل، حيث التواصل وتبادل الزيارات في الدواوين حتى ان الكثير من الكويتيين الذين يعيشون في الخارج يحرصون خلال شهر رمضان على العودة إلى البلاد ليعيشوا مع أهلهم نظرا لما يشعرون به من معاني الشهر المبارك في الكويت.
• هل لديك طقوس خاصة برمضان وهل يتغير يومك في رمضان؟
ــــ لا ليس لدي طقوس خاصة، وفي النهار أحرص على العمل كالعادة خلال الدوام في الشركة، اما في الليل بعد الافطار فيبدأ برنامج زيارة الدواوين، وأحرص على صلاة القيام في العشر الأواخر من رمضان.
•
أبناؤك يخوضون عالم الأعمال والتجارة، ما النصيحة التي قلتها لكل واحد منهم، وهل التزموا بها؟
ــــ ولداي فيصل وعبدالله يعملان في مجال الأعمال، ونصحتهم في بداية حياتهم بالالتزام والأمانة والمصداقية والجدية في العمل والحمد لله التزما بها
.• وأخيراً ما يقلقك؟
ــــ يقلقني ما يحيط بنا من أحداث، أنا قلق على الكويت، وأتمنى أن يحفظها الله من كل مكروه، وعلينا ككويتيين أن نعي أن بلدنا صغير والأطماع به كبيرة، وحمايته تكون بتعاضدنا وتكاتفنا، ومهما اختلفنا فيما بيننا فإن الكويت تجمعنا ولا بديل عن الوطن، ولا أبالغ إذا قلت إننا نعيش في نعمة يحسدنا الجميع عليها، وصاحب السمو الأمير وقبله الشيخ جابر والشيخ سعد طالما تعامل الواحد منهم مع الكويتيين كوالد ورب أسرة، وهذا ما يميز الكويت عن غيرها من ترابط وتراحم وتواصل بين الحاكم والمواطن، إضافة إلى أن الكويت تتمتع بدستور وقوانين وصحافة حرة واقتصاد حر، وهذا تفتقده الكثير من الدول.
شدة وصلابة
خلال الحوار معه تذكر العوضي وفاة ابنه خالد المفاجئة في حادث سير عام 1997، وما سبّبه له من ألم.. ولكن قوة إيمانه بالله ساعدته على التعايش معه.. حيث رباه والده على الصلابة والشدة منذ أن كان يرافقه إلى عمله، وهو لا يزيد عمره على 8 سنوات، قائلا: كان والدي مدرستي الأولى وكان آنذاك معروفاً في الكويت بعصاميته وانحيازه للحق، وعموما فإن فقدان الإنسان لابنه بشكل مفاجئ هو امتحان عسير من الله سبحانه وتعالى لاختبار قوة إيمانه بمواجهة الصدمات المروعة، ولا يجب الاعتراض على قضاء الله وقدره.
الربح والخسارة
عن كيفية تعامله مع الربح والخسارة قال: لا شك أن أي خسارة مؤلمة، ولكن من لديه ثقة بنفسه ويعرف كيف يتعامل مع كل الظروف، يستطيع أن يتجاوز أي خسارة يتعرّض لها، حيث لا يعتبرها نهاية العالم، بل يعتبر أن الله سبحانه وتعالى هو الرزاق، ولذلك أردد دائماً «اسع يا عبدي وأنا أسعى معك» ومادام الإنسان قادراً على العمل والإنتاج وواثقاً من نفسه، ولديه العلاقات الجيدة مع الآخرين والسمعة الطيبة، فإنه يستطيع أن يعوّض أي خسارة.
استقالة الفهد
سألنا العوضي عن تقييمه لاستقالة الشيخ أحمد الفهد من الوزارة، فقال:
كل سياسي له ظروف معينة تدفعه إلى البقاء في منصبه أو الاستقالة، والسياسة كر وفر.. وإذا وجد الشيخ أحمد الفهد أن من مصلحته الابتعاد لبعض الوقت عن المنصب الوزاري، فإنه حر بقراره، على الرغم من كونه نشيطا وأحد أركان أسرة الصباح، وسبق له أن ابتعد عن المناصب السياسية ثم عاد، والآن استقال لأن السياسة كالرمال المتحركة، وكل سياسي يقيم الموقف وفقاً لرؤيته.
وصفة لحل الأزمة
اقترح ضيفنا انطلاقاً من خبرته ومتابعته للوضع الاقتصادي في الكويت في ضوء الظروف التي يمر بها سوق الكويت للأوراق المالية، ان تقوم الحكومة بالاستثمار في السوق من خلال شراء أسهم شركات ناجحة، ولكنها تعاني من تدني أصولها، وليس شركات فاشلة، فالإدارة الأميركية قامت بشراء أسهم «سيتي بنك» وجنرال موتورز عندما كانا مهددان بالانهيار، وبعد ذلك ارتفع سعر سهميها وحققت أرباحاً.. وقد قامت الحكومة في بداية الأزمة المالية بدعم البنوك وكان ذلك تصرفاً إيجابياً.. ولكنها في المقابل تقوم بزيادة رواتب الموظفين وإقرار الكوادر التي تكلف الدولة مبالغ طائلة يمكن تحمّلها حالياً في ظل ارتفاع أسعار النفط، ولكن إذا انخفضت هذه الأسعار فإن الميزانية ستعاني من العجز، بينما لو قامت الحكومة بتعزيز السوق، فإن المردود سيعود على غالبية المواطنين بمن فيهم الموظفون.. حيث لا توجد دولة في العالم لم يعان سوقها المالي من التراجع والانهيار، وتقف تتفرج عليه بل تتدخل وتدعمه من خلال ضخ السيولة في الأسواق عبر شراء أسهم مختارة لفترة، ثم تبيعها وتحقق الأرباح، ونفس الأمر ينطبق على سوق العقار مما يساهم في رفع قيمة الأصول