«التأمينات» ترد على مهاجميها: إنكم أعداء النجاح!
7 مليون دينار أرباح التأمينات في 2011 .. والأرباح المتراكمة 6 مليارات دينار
مدن طبية، تشييد أبراج، بناء عمارات سكنية واستثمارية، خريطة طويلة من المشاريع الجديدة التي تعمل عليها المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، اثارت التساؤلات في السوق عما يجري في المؤسسة التي تبدو وكأنها جهة حكومية جديدة تنفذ مشاريع عملاقة.
وتجيب مصادر مسؤولة في المؤسسة أن «التأمينات» تعمل حاليا بنموذج عمل جديد يقضي بالبحث عن فرص استثمارية جديدة في السوق لتحقيق عوائد مجدية على أموال المتقاعدين، وربحية اضافية للتأمينات من ناحية، ولكي تساهم في خطة الدولة التنموية من ناحية أخرى.
وسريعا بدأت ردود الفعل المرحبة او المعترضة على اخبار انتشرت عن تأسيس «التأمينات» شركة لانشاء مدينة طبية بـرأسمال 200 مليون دينار، ترافقها أخبار أخرى عن تشييد برجين ذكيين بجانب مبنى «التأمينات» في شارع السور وسط العاصمة بأسعار مشجعة، تضاف اليهما اعمال بناء لعمارات جديدة في اراض مملوكة لـ«التأمينات».
التفات للإنجاز
لكن المصادر اجابت ان «التأمينات» تلتفت للانجاز، لذلك ما تقوم به واضحا وامام الجميع، والافكار التي تطرحها في السوق جديدة ومبتكرة، مربحة وتنموية. وتتحدث المصادر عن المدينة الطبية، وتقول ان الدراسات التي اجرتها «التأمينات» عن الفرص الممكنة في السوق تكمن في الخدمات الطبية، فأتينا بنموذج عالمي يقضي بأن تنشئ مستشفى ضخما يجمع في اطرافه عيادات لأطباء محترفين، %50 منهم كويتيون، ويوفر خدماته بشكل رئيسي
للمتقاعدين وعددهم 80 الف متقاعد حاليا، على أن تتم المشاركة بين المستشفى والاطباء على الارباح مناصفة.
فالمتقاعد الذي يؤمن اليوم على نفسه وعائلته في شركة تأمين خاصة، يدفع مبلغا معينا لقاء حصوله على علاج في مستشفى خاص، بينما نحن سنوفر هذا التأمين بسعر اقل بــ %70 تقريبا يسحب من راتبه التقاعدي، بينما تتحمل الدولة النسبة المتبقية كدعم منها مقابل ان نخفف ضغط المراجعين والمرضى على مستشفياتها، اذ هناك ما لا يقل عن 30 الف متقاعد سيلجؤون الى مستشفى خاص بهم. وتحدثت المصادر عن النوعية المميزة في المستشفى التي ستقام بادارة عالمية وبتقنيات عصرية، وستكون نموذجا جديدا من التنظيم والادارة الفعالة، تماما كما هي الحال في نموذج عمل «التأمينات» المنظم، على ان تجمع المعلومات ويعاد استخدامها في كلينيك او مستشفيات اخرى سيتم انشاؤها بعد تطبيق اول نموذج استشفائي تابع للتأمينات.
فرص وعوائد
وتتوقع «التأمينات» بأن تحقق عوائد سنوية غير مرتفعة جدا على هذا الاستثمار، وتتراوح بين 5 و%6 لكن، حسب المصادر، هذه مساهمة مهمة في استثمار تنموي وخدماتي للمتقاعدين قبل أن يكون فقط ربحي.
اما الفرص الاخرى التي تقتنصها «التأمينات» فهي في استثمار كل الاراضي التي تملكها ببناء مشاريع بنايات للسكن (شقق سكنية) واخرى استثمارية، حيث ترى أن العوائد من فرص العقارات السكنية والاستثمارية مجدية، حيث نسبة الاشغال لدى بناياتها الحالية لا تقل عن %90.
21 مليار دولار أرباحاً
اظهرت النتائج المالية الاخيرة للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية عن تحقيق ارباح بلغت 6 مليارات دينار او 21 مليار دولار تقريبا منذ بداية تأسيسها في عام 1978 وحتى 2011.
وبلغت ارباح العام الماضي 427.6 مليون دينار متراجعة %64 عن 2010، وبررت مصادر مسؤولة في «التأمينات» هذا التراجع بالأوضاع الاقتصادية والمالية الصعبة التي مرّ بها العالم، لكنها علقت بأن «التأمينات» استطاعت أن تستمر في تحقيق الارباح بعد أن كانت حققت خسائر دفترية في عام 2009 بلغت 1.7 مليار دينار، غير أنها عوضتها في 2010.
لماذا الهجوم؟
وسألت القبس المصدر الرفيع المسؤول في مؤسسة التأمينات الاجتماعية: لماذا هذه الهجمة على التأمينات في الفترة الاخيرة ومن يقف وراءها؟ فاجاب: مقهورون من نجاح «التأمينات» ونظامها وادارتها وبأنها اصبحت مفخرة لكل كويتي بأن لديه مؤسسة حكومية يفتخر بها.. نحن لا نريد الالتفات الى الكلام غير المدعوم بأي وثيقة، فليأتوا بحجة او معلومة وسنرد عليهم بالحجة والارقام الموثقة. واضاف: «اصبح كل واحد يريد تعيين من يريد بصرف النظر عن الكفاءة والقدرة على الادارة».
وعلقت مصادر مسؤولة في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية على الحملة النيابية ضد استثماراتها في شركات استثمار محلية، بعد تحقيق الاخيرة خسائر كبيرة وتعثرها وكانت سببا في بداية الازمة المالية محليا، ونقلت القبس سؤالا للمؤسسة اذا كان صحيحا ما يتردد ان «التأمينات» عادت للاستثمار في بعض هذه الشركات، فنفت المصادر ذلك، قائلة إن «التأمينات» اوقفت الاستثمار في هذه الشركات منذ بداية الازمة، اذ اتخذ مجلس ادارتها قرارا بعدم الاستثمار بأي زيادات رؤوس اموال لهذه الشركات او وضع اموال جديدة في صناديقها او الدخول في اكتتابات جديدة.
واضافت المصادر ان «التأمينات» حققت ارباحا تفوق اضعاف استثماراتها في شركات الاستثمار في ظل موجة صعودها، فـ«التأمينات» استثمرت في اكتتاب هذه الشركات كبيت الاستثمار العالمي (غلوبل) ودار الاستثمار، ولم تدخل فيهما بعد تضخم اسعارهما.
وفي دار الاستثمار استثمرت «التأمينات» 6 ملايين دينار عند تأسيسها، لكنها حققت 18 مليون دينار كارباح عن الاستثمار، أي ثلاثة اضعاف، وتوزعت بين 8 ملايين دينار توزيعات نقدية، و30 مليون سهم منحة سعرها 10 ملايين دينار،
وفي «غلوبل» استثمرت 4 ملايين واستلمت 8 ملايين توزيعات بين منحة ونقدي، وحتى لو فلست الشركتان الان فلا يهم.
سحب الأموال
وعن السبب الذي يمنع «التأمينات» من سحب محافظها في شركات استثمار خاسرة معظم رأسمالها، اجابت المصادر: هناك شروط في بعض الصناديق تمنع سحب الاموال سريعا، لكن ما نضعه في هذه الشركات نسبة قليلة من استثماراتنا في السوق مقارنة مع ما نضعه في شركة وفرة للاستثمار التابعة %100 للتأمينات. وتساءلت المصادر: هل المطلوب من «التأمينات» أن تسحب محافظها لتدفع هذه الشركات الى الافلاس في وقت تجري فيه اعادة هيكلة لديونها واعمالها، وما مصلحتي في ذلك طالما اني اعلم ان هذه الشركات تستثمر اموالي بشكل صحيح وباصول تدر علي عوائد، كما هو الحال في صندوق يستثمر في اكبر 10 شركات في البورصة. وهناك بُعد اجتماعي ايضا لافلاس الشركات يجب ان نأخذه بعين الاعتبار، كما تضيف المصادر.
احتيال ونصب
وتقول انه اذا كان هناك مطلب برلماني بسحب اموال «التأمينات» من شركات الاستثمار، فليرفعوا توصية وستقوم «التأمينات» بالاستجابة لها، تماما كما استجابت لتوصية سابقة قبل 10 سنوات بالاستثمار في البنوك والشركات الاسلامية والابتعاد عن نظيرتها الربوية، وهو ما فعلناها لكن ها هي النتيجة في معظم هذه الشركات والبنوك، من كبيرها الى صغيرها، ظهرت فيها طرق احتيال ونصب لا يعرفها «الربويون» كما يسمونهم، وهذه نتيجة تدخل السياسة في قرارات استثمارية.
وتتابع المصادر أن «التأمينات» ليس لديها وقت بمتابعة سهم ارتفع هنا وآخر هبط هناك، فقد وضعت قواعد عمل واضحة، بألا يتم الاستثمار الا في اكبر 40 شركة تشغيلية في السوق، ووضعت %60 من محافظها في البنوك.
والخسائر التي حققتها «التأمينات» في عام 2009 هي دفترية، حيث عادت الى الارتفاع مرة اخرى، فالمؤسسة مستثمر طويل الاجل، وعوائدنا كما في كل مؤسسات التأمين التقاعدي في العالم تُقاس على المدى الطويل. وما يجري الان ان النظم المحاسبية تغيرت، فقبل الازمة كان يقيم سعر اصل معين على اساس تكلفته على المستثمر وليس على اساس سعره السوقي وقت التقييم، لذا قيمته قد تكون عادلة في حال بيعه، لكن في حال المؤسسة فهي لن تبيعه.
وقالت المصادر انه يفترض أن ينظر للادارة المتحفظة للسيولة لدى «التأمينات»، فبعد أن طاحت بنوك وشركات عالمية بسبب مراهنتها بمعظم اموالها، حافظت «التأمينات» على سياستها بالاحتفاظ بـ%40 ودائع مصرفية. ومع ان البعض يتوقع أن الازمة انتهت الان، الا أن «التأمينات» ترى أن كل ما يجري في العام مجرد مخدر بسبب طبع الاموال، وستعود الازمة بعد سنة او سنتين لاننا لم نحل الازمة جذريا.