مساهمون من حول العالم: ضقنا ذرعاً بارتفاع رواتب ومكافآت المديرين
جمعيات عمومية تشهد انتفاضة ضد أجور كبار التنفيذيين
إيمان عطية
مزاج جديد من التشدد يسود اجتماعات الجمعيات العمومية بين بعض الشركات العالمية الكبيرة، وحملة الاسهم لهذا الموسم، وهو امر استثنائي وغير عادي لعدة اسباب.
فعلى مدى سنوات، اتسم انعقاد الجمعيات العمومية السنوية بالتهذيب، فمؤسسات التأمين الكبيرة ومديرو صناديق المعاشات التقاعدية التي تملك غالبية الاسهم، تدعم عادة الادارة بعد ان تكون قد قضت على جميع مخاوفها على انفراد قبل الوصول الى صندوق الاقتراع.
لكن الامر مختلف هذا العام، فقد حصل انهيار في المناقشات مع عدد من مجالس الادارات بعد ان اتهمتها المؤسسات الاستثمارية بأنها تصر على مكافأة المديرين التنفيذيين بعدة ملايين من الجنيهات الاسترلينية رغم ادائهم الضعيف، ويأتي ذلك على خلفية مخاوف عميقة بشأن الوظائف والاجور والعائدات على المدخرات، ان ما حدث ببساطة هو ان المساهمين فقدوا صبرهم حيال العائدات الضعيفة المستمرة منذ خمس سنوات.
ففي الجمعية العمومية لشركة أفيفا التي عقدت أخيرا، رفض المستثمرون دعم خطط الشركة البريطانية للتأمين المتعلقة بمكافآت واجور كبار التنفيذيين، وهي الشركة الرابعة في مؤشر فايننشال تايمز 100 التي تخسر التصويت في تاريخ بريطانيا الممتد منذ عقد من الزمان، والمتعلق بأن يكون للمستثمرين رأي بأجور التنفيذيين.
وبدأت ردة الفعل العنيفة ضد دفع البنوك لمبالغ كبيرة من الارباح الى موظفيها، اذ صوت حوالى اكثر من نصف مساهمي «سيتي غروب» بدعم برامج المصرف للمكافآت في الشهر الماضي، ولاحقا صوتت مجموعة من مساهمي بنك «يو بي أس» ضد اداء الادارة وخططها الخاصة بالاجور.
وفي بريطانيا، رفض حوالى ثلث مستثمري بنك باركليز دعم تقرير الاجور الخاص به، رغم اندفاع البنك في اللحظة الاخيرة لتفادي غضب حملة الاسهم، من خلال التعهد علنا بزيادة الارباح وخفض مكافآت رئيسه التنفيذي بوب ديموند.
وقال احد مستشاري باركليز المحنكين «بعد ما حصل، لن يكون اجتماع لجنة المكافآت لدى باركليز كما كان في السابق أبدا».
صناديق التحوط وناشطو حوكمة الشركات ليسوا فقط هم من يقودون تلك الاحتجاجات.
«انه حي المال والاعمال ينقلب على حي المال والأعمال. هذا ما هو رائع بشأن ما يطلق عليه ربيع المساهمين»، وفق احد المستشارين في بريطانيا.
هؤلاء المتمردون هم من الداعمين طويلي الاجل للشركات مثل «بلاك روك» و«انفيسكو» و«ستاندارد لايف»، الذراع الاستثمارية لشركة «أفيفا». وهم الآن ينقلون المعركة الى قطاعات تتجاوز البنوك، الى الشركات والبلدان الأخرى.
في أوروبا لا تزال ردة الفعل العنيفة ضد اجور التنفيذين تقتصر على البنوك. فكما تقول سوزانا هان، الامينة العامة لاتحاد مصدري الاوراق المالية الأوروبية» تدرك الشركات الأوروبية ان دورها قادم».
وحتى الآن، كلفت هذه الثورة اثنين من الرؤساء التنفيذين في بريطانيا منصبيهما. اذ خضع ديفيد برينان، الرئيس التنفيذي لشركة استرا زينكا، للضغوط من كبار المساهمين في مجموعة الادوية وتنحى عن منصبه خلال الجمعية العمومية في وقت سابق من الشهر. وفي وقت لاحق، استقالت سلاي بيلي من منصبها كرئيسة تنفيذية لمجموعة ترينتي ميرور الاعلامية قبل ايام على انعقاد الجمعية العمومية، وبعد ان أخفضت الشركة في التوصل الى تسوية بشأن حزمة الاجور الخاصة بها قوامها 1.7 مليون جنيه استرليني.
ولا يخوض المستثمرون معركة خالية من الهموم. فكما يقول مدير الاستثمار في احدى الشركات «مناقشة الرئيس في هذه الامور تؤدي الى زعزعة الاستقرار على نحو كبير بالنسبة للشركات والموظفين ولاستثماراتنا».
لكن رئيس مجموعة رائدة للمساهمين يقول «سئمنا من الشركات التي تأتينا بخطط اجور سنة تلو الاخرى»، فيما يقول آخر «بلغنا مرحلة نقول فيها اننا يجب ان نغير العقلية واذا كان يتطلب ذلك التضحية بالرئيس، فليكن».
التصويت بـ «لا» لا يعكس ضعف التواصل بين مجالس الإدارات والملاك، وفق ما يقول روبرت تالبوت مدير الاستثمار في رويال لندن إسيت مانجمينت بل يعكس المطالبات بـ «إصلاح جوهري»، بحيث يجري التوفيق بين الأداء والأجر.
ويقول كيث سكيتش الرئيس التنفيذي لشركة ستاندارد لايف أنفيستمينت «يجب أن تتخلى مجالس الإدارات عن فكرة توزيع مبالغ كبيرة من الدخل السنوي على التنفيذيين».
كما أن الأجور تعتبر نقطة ساخنة لحالة عدم رضا واسع النطاق بين المساهمين، إذ يشير التصويت بـ«لا» إلى المخاوف حول وجود خلل أوسع في مجلس الإدارة، بحسب سارة ويلسون الرئيسة التنفيذية في وكالة مانيفست للتصويت، وتتابع القول «المكافآت هي النافذة إلى روح الشركة، وهي تقيس الروابط بين الحوافز والسلوك والاستراتيجية والنتائج».
هذا الانفجار المفاجئ في الاحتجاج كان الدافع وراءه إلى حد ما الولايات المتحدة حيث أصبح لدى المستثمرين تصويت استشاري حول الأجور منذ عامين.
في العام الماضي، تم رفض خطط الأجور الخاصة بـ 41 شركة ضمن مؤشر روسل 3000، وحتى الآن عانت 8 شركات من المصير نفسه، في حين حدد التصويت في سيتي غروب معياراً جديداً لمكافآت التنفيذيين المرتبط بالأداء.
«التصويت في سيتي» كان مثيراً للغاية لقد هزنا جميعنا، وأظهر خلافاً لاعتقاد بعض الرؤساء التنفيذيين أن المساهمين في الولايات المتحدة يهتمون بالأجور، إذا لم تكن متماشية ومتسقة مع الأداء، وفق مستثمر مقيم في أحد بلدان الاتحاد الأوروبي.
وقد ضاعفت مجالس الإدارات في الولايات المتحدة وبريطانيا وأوروبا من محاولاتها لتهدئة مخاوف المستثمرين بشأن المكافآت، وفق مؤسسة أي إس إس لاستشارات التصويت. اتخاذ رأي بشأن الأجور في الولايات المتحدة شدد من الأواصر بين المساهمين والمنظمين والعدوى تنتقل إلى باقي المناطق، مثل أستراليا وجنوب أفريقيا وأوروبا، وفق توم غوسلينغ استشاري الأجور في بي دبليو سي.
حتى من دون قوة الدفع الأميركية كان الكثير من المساهمين في أوروبا ممن لديهم رأي في التقارير المتعلقة بالمكافآت يسعون إلى خوض معركة بهذا الشأن.
وكما يعلق أحد المستثمرين «لا يمكن لمجالس الإدارات أن تسرّح الكثير من الموظفين، ومن ثم تزيد مباشرة أجور التنفيذيين، وسواء كان ذلك بوعي أو من دون وعي منها، فإن هذا الأمر بغيض».
■ فايننشال تايمز ■
تاريخ النشر : 21/06/2012