اصطدمت مطالبات بوضع التسعيرة بعد تحديدها على أكياس الأسمنت, دعا إليها مختصون في قطاع المقاولات والتطوير في مكة المكرمة, بتحفظ المصنعين لمادة الأسمنت التي تعد المرتكز الرئيس في المدخولات الإنشائية. وبرروا هذا التحفظ بأن ظروف العرض والطلب تسيطر على مجريات السوق والأسعار بشكل عام.
وكانت اللجنة الرئيسة لمراقبة الأسعار في المدينة المنورة قد ضبطت أمس سبع شاحنات محملة بالأسمنت المنتج من أحد مصانع الأسمنت خارج المنطقة بسبب تجاوز أصحابها البيع بالسعر المحدد وهو 15 ريالاً للكيس الواحد. وأشارت اللجنة إلى أن ذلك يأتي إنفاذاً لتوجيهات الأمير عبدالعزيز بن ماجد بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة بإيقاف أي تجاوزات للأسعار، وإنفاذاً للأوامر السامية بشأن مراقبة الأسعار ومتابعة المخالفين.
وارتكزت المطالبات التي ترى من وضع تسعيرة على أكياس الأسمنت, أنها ستكون حاجزا منيعا في تصديها لمسألة الاحتكار, والتلاعب في الأسعار, التي تشهدها السوق في هذه الآونة, مقترحين ألا يتعدى سقف سعر الكيس الواحد أكثر من 17 ريالا فقط, بحيث لا تكون في الحد الأدنى وهو 13 ريالا كما هو معمول به, ولا يصل إلى مستويات كبيرة كما وصل إليه الكيس وهو سقف 25 ريالا.
واقترح الرأي الآخر الذي يمثله مصنعا الأسمنت أن وضع تسعيرة أو توحيدها لن تكون حلا جذريا لمعضلة الاحتكار أو التلاعب في الأسعار, مقترحين أن تكون هناك حلول بديلة تساعد على إعادة التوازن في أسعار البيع, بحيث لا ضرر ولا ضرار بين المصنع والمستهلك.
وقال سالم المطرفي, رئيس مجلس إدارة مجموعة الحطيم للإنشاءات والفندقة, " مقترح أن تكون هناك تسعيرة موحده توضع في أكياس الأسمنت, جيد ومهم, في سبيل القضاء على عمليات الاحتكار التي تشهدها الأسواق, مع العلم أن من تسبب في عمليات الاحتكار ليسوا المصنعين, ولكن العمالة الوافدة ومن يتعامل في توزيع الأسمنت في منافذ البيع التي أوجه إليها أصابع الاتهام بما يحدث حاليا في سوق الأسمنت في السعودية على وجه العموم".
واقترح المطرفي, أن تكون هناك تسعيرة توضع على أكياس الأسمنت, مع رفع سعره عن المعمول به منذ سنوات, وهو 13 ريالا فقط, ليصل إلى 17 ريالا للكيس الواحد, وهو ما أسماه "مسك العصا من المنتصف" حيث إن هذا السعر المقترح يناسب الطرفين المستهلك ومصنعي الأسمنت. وأشار إلى أن وضع السعر سيلغي عملية الاحتكار والاحتفاظ بمخزون الأسمنت لكي يرتفع الطلب على العرض ويجدوا مبررا لرفع سعره, ولذا يجب أن تكون السلطات المعنية حازمة مع من يتم القبض عليه, لتردعه بالعقوبات حتى لا تكون هناك مظاهر سلبية في مثل هذا الشأن.
من جهته، يقول أحمد بلخي عضو لجنة المقاولين في الغرفة التجارية الصناعية في مكة المكرمة, " إن وضع التسعيرة على أكياس الأسمنت خطوة جيدة في سبيل الحد من عمليات الاحتكار الذي يقوم به ضعاف النفوس من الموزعين في أسواق الأسمنت, وخصوصا أن هناك طلبا متزايدا على الأسمنت نظرا للمشاريع التنموية التي تقوم بها شركات كبرى, أو الإنشائية الخاصة بالمواطنين, مما أسهم في ارتفاع نسبة الطلب على العرض, مما أفرز عمليات احتكار في السوق أثمرت عن تزايد أسعار الأسمنت إلى أسعار غير معقولة".
وأضاف بلخي "إن زيادة عدد مصانع الأسمنت, ستكون أحد الحلول الجذرية التي تسهم في اتزان سوق الأسمنت, فمتى ما كان المعروض أكثر من الطلب أو في خط متواز, فعندئذ ستكون الأسعار في حدود المعقول, وهذا ما ينشده المقاولون, الذين يضطرون إلى رفع أسعارهم على حساب المواطن, نتيجة ارتفاع أسعار مواد البناء التي يأتي الأسمنت من أهم ركائزها".
من ناحيته، أكد نايف بن مشعل الزايدي, المدير العام لمصنع الزايدي للخرسانة الجاهزة والبلوك, أن توحيد ووضع التسعيرة على أكياس الأسمنت ليس بالحل الأمثل لمعضلة الاحتكار أو التلاعب في الأسعار. وقال الزايدي "إن السعودية تشهد في السنوات الأخيرة تزايدا ملحوظا في النهضة العمرانية على جميع المستويات, سواء في الجانب الذي تمثله الحكومة في تنفيذ المشاريع التنموية, أو الجانب الخاص الذي تنفذ من خلاله الأبراج التجارية والسكنية, وهذا ما أعطى مؤشرا كبيرا على تزايد الطلب, في ظل محدودية خطوط الإنتاج, في بداية النهوض العمراني, ولكن الأمور اختلفت نسبيا عندما بدأت مصانع جديدة في إنتاج وتصنيع الأسمنت, الأمر الذي يؤكد أن السعودية مقبلة على توازن في أسعار الأسمنت نتيجة زيادة خطوط الإنتاج".