اقتصاديون: خروج الشركات من تداعيات الأزمة مسألة نسبية
تباينت آراء الاقتصاديين حول مدى تحسن أداء الشركات وخاصة الاستثمارية منها وخروجها من الأزمة المالية التي ضربت الأسواق في 2008 وعودتها للربحية مرة أخرى أو تحسن أدائها المالي، لافتين إلى أن بعض الشركات خرجت بالفعل من الأزمة المالية وبعضها لم يخرج.
وفي هذا الصدد أكد فريق منهم في تصريحات متفرقة لـ النهار أن الشركات مرت بأزمة كانت كبيرة ولم يتم التطرق لمعالجتها بشكل سليم فالاجراءات في الدول العظمى كانت ناجحة وكذلك في دول الخليج المجاورة لكن في الكويت للاسف لم يكن العلاج بشكل سليم وانما كان عبارة عن حلول ترقيعية.
وبينوا ان عملية التحسن والخروج من الأزمة تمشي ببطء شديد وستأخذ فترة زمنية طويلة جدا لأن الأزمة عميقة والآثار كانت كبيرة وبالتالي أصبح من الصعب الخروج من الأزمة بسهولة كما يعتقد البعض، لافتين إلى أن خروج الشركات من الأزمة وتحقيق الربحية مسألة نسبية من شركة إلى أخرى ولا تقاس أو تعمم على جميع الشركات.
فيما رأى آخرون أن هناك تحسناً ملحوظاً في أداء الشركات ومن ثم هناك بعض التعافي من الأزمة والعودة مرة أخرى لتحقيق أرباح، متوقعين استمرار تحسن أداء الشركات في العام الحالي في ظل مشاريع الدولة والحركة العالمية.
بداية قال رئيس مجلس إدارة شركة الساحل للاستثمار سليمان السهلي ان بعض الشركات الكويتية خرجت بالفعل من الأزمة المالية وبعضها لم يخرج وهذا يتضح للمتابع لأداء الشركات وبياناتها المالية خلال العام الماضي وخلال النصف الأول من العام الحالي، مضيفا: الكثير من الشركات مستمرة في دوامة الأزمة ولن يكون خروجها منها سهلا إلا من خلال حلول سليمة.
وأوضح السهلي أن الأزمة كانت كبيرة ولم يتم التطرق لمعالجتها بشكل سليم فالاجراءات في الدول العظمى كانت ناجحة وكذلك في دول الخليج المجاورة لكن في الكويت للاسف لم يكن العلاج بشكل سليم وانما كان عبارة عن حلول ترقيعية من خلال قانون الاستقرار المالي والمحفظة الوطنية والعقارية وغيره من أمور لم تستفد منها الا شركات محدودة وبالتالي فإنها لم تكون ذات جدوى أو علاج للشركات من أزمتها.
ولفت إلى أن الشواهد على عدم تحسن الشركات وخروجها من الأزمة هو الخروج من البورصة وعدم الادراج فضلا عن اسعار الأسهم المتدنية بشكل كبير وهذا كله يعكس حالة عدم استقرار الشركات، مشيرا إلى أن حجم التداول في سوق الكويت والنتائج المالية للشركات ما زالت متواضعة مقارنة بالأوقات التي سبقت الأزمة.
وبين ان عملية التحسن والخروج من الأزمة تمشي ببطء شديد وستأخذ فترة زمنية طويلة جدا لأن الأزمة عميقة والآثار كانت كبيرة وبالتالي أصبح من الصعب الخروج من الأزمة بسهولة كما يعتقد البعض، لافتا إلى أن الشركات مضى عليها أكثر من 5 سنوات ولم تخرج من الأزمة وهذا يعكس أنها متجذرة، مبينا ان ذلك يتضح من خلال تدني النتائج المالية.
وحول دور الحكومة في حل الأزمة أكد السهلي أن على الحكومة أن تدرك كل هذه الأمور وتعرفها من خلال وزاراتها المختلفة سواء المالية والتجارة وغيرها ولكن مع ذلك ليست هناك اجراءات سليمة للتعامل مع الأزمة، مضيفا أن حجم الودائع الحكومية في البنوك في أعلى مستوياتها لكن ليست هناك خطط تنموية حقيقية واقعية فحجم التصريحات والاعلان عن الخطة كبير لكن التنفيذ قليل، فضلا عن البيروقراطية التي تعرقل المشروعات وتؤخرها ما جعل هناك عزوف عن الاستثمار داخليا والحث عن فرص استثمارية بالخارج ومن ثم خروج رؤوس الأموال إلى الخارج، مؤكدا أن هذا مؤشر على وجود ضعف كبير في حل الأزمة داخليا.
من جانبه، قال رئيس اتحاد العقاريين توفيق الجراح إنه بشكل عام كل شركة ولها ظروفها الخاصة بها لكن المناخ الاقتصادي العام يظهر منه أن الأزمة مرت عالميا.
وبين الجراح أن الكويت اقتصادها قوي وأسعار النفط جيدة لكن مع ذلك الشركات مازالت تعاني وذلك لأنها تواجه تحديات كبيرة منها عدم توافر فرص استثمارية حقيقية وبالتالي فإن عملية استمرارية تحقيق الأرباح من قبل الشركات تواجه تحديات كبيرة لذا فهي قد لا تكون مستمرة مع بعض الشركات التي لا تحقق نموا حقيقيا في مشاريع جديدة، موضحا أن الشركات التي لديها أصول جيدة ومشروعات وخطط مدروسة مثل البنوك والشركات الخدمية تستطيع مواصلة تحقيق الأرباح بمعدل ثابت بل ويزداد مع بدء تحسن المناخ الاقتصادي، لكن الشركات الاستثمارية خاصة وضعها غير جيد، والعقارية أيضا الا أن أداءها مع ذلك أفضل من بقية القطاعات كالاستثمارية والصناعية.
وأشار إلى ان الفترة المقبلة تعتمد على المكان الذي تستثمر فيه الشركات فمثلا التي لديها انكشاف على بعض الدول مثل الامارات لن تحقق ربحية قريبة وانما مع التحسن المستقبلي، لافتا إلى أن خروج الشركات من الأزمة وتحقيق الربحية مسألة نسبية من شركة إلى أخرى ولا تقاس أو تعمم على جميع الشركات.
وأكد أنه مع الصراعات السياسية والأمنية في المنطقة العربية انعكست أجواؤها على الاقتصاد بشكل كبير وأصبح هناك تخوف من المستثمرين ما ينعكس على الشركات المحلية، مشيرا إلى أن الأمور غير واضحة وهذا يجعل هناك تخوف من الدخول في مشاريع جديدة خاصة بالمنطقة وهذا كله ينعكس على تواصل ازمة الشركات وبطء تعافيها ومحدودية تحقيق أرباح.
النشاط التشغيلي
بدوره، أشار مدير عام شركة الصناعات الوطنية د. سعود الفرحان إلى أن الربحية عادت نوعا ما لكن السوق لم يعد إلى حاله الأول وهذا ما نلمسه من خلال انخفاض الأداء سواء في السيولة أو كميات التداول.
وأوضح الفرحان أن تنظيف السوق من الشركات تشديد من وزارة التجارة بالنسبة للشركات الورقية والتي مع ذلك كانت جزءاً من السيولة لكن الوزارة صحت إليها وقامت بتنظيف السوق وهذا امر صحي ومطلوب حتى لو أثر على السيولة في البورصة أو على أدائها.
وأضاف أن كل ذلك جاء في صالح المساهم وللحفاظ على أمواله مشيرا إلى أن الشركات ذات النشاط التشغيلي بدأت تحقق أرباحاً ولديها قدرة على التوزيع خاصة في ظل تدني أسعار الأسهم وعلى المدى الطويل سترتفع أسعار الأسهم.
وتوقع استمرار تحسن أداء الشركات في العام الحالي في ظل مشاريع الدولة والحركة العالمية، متمنيا استقرار الأوضاع السياسية والأمنية للدول المجاورة والتي ستؤثر بشكل كبير على أداء وعمل الشركات خاصة التي لديها أعمال خارج الكويت.
معالجة الأخطاء
أما نائب الرئيس التنفيذي لإدارة الأصول في شركة كاب كورب للاستثمار فوزي الشايع فيرى أن هناك تحسناً ملحوظاً في أداء الشركات ومن ثم هناك بعض التعافي من الأزمة والعودة مرة أخرى لتحقيق أرباح.
وأضاف أن هناك تحسناً حتى على مستوى سداد القروض والتي كانت كبيرة حيث ان الشركات قامت بعمل تسويات مع البنوك وبدأت تتحسن في نشاطها التشغيلي، لافتا إلى أن أرقام وبيانات ميزانيات الشركات في 2013 شهدت تحسنا ملحوظا لكن ليس كما كانت في السابق قبل وقوع الأزمة. ولفت إلى أن الشركات عالجت الأخطاء وبالتالي فإن وقت الأزمة بالنسبة لكل شركة يتوقف على قيمة الدين المتبقي عليها أو أنها سددت ما عليها من التزامات وتحولت للربحية وبالتالي خرجت من الأزمة لكن هذا لا ينطبق على جميع الشركات.
وبيّن أن البنوك مثلا مؤشرات أدائها جيدة وحققت نموا وأرباحاً جيدة خلال العام الماضي مثل الوطني والتمويل وغيرها حتى بنك وربة تحول من الخسارة إلى الربحية مع بداية العام الحالي وهذا يعطي مؤشرات ايجابية أن الشركات بدأت تعود إلى النمو والربحية متوقعا أن يستمر هذا التحسن في الربع الأخير من العام الحالي وبالتالي فإن الأزمة انحسرت بشكل كبير وتكاد تكون انتهت لشركات كثيرة لكن الأمر يتطلب أن تبدأ الحكومة في تنفيذ خطتها التنموية بشكل أكبر ينعكس على الشركات المحلية.
وفيما يتعلق بأداء الشركات في السوق بين أن حجم التداولات في البورصة متدن جدا لأن هناك تخوفاً حيث ان الظروف كانت أقوى من الشركات، متمنيا أن يكون هناك تحسن في قيم التداول خلال الأيام القادمة بعد انتهاء رمضان وإجازة العيد.