acton
عضو نشط
المرسل انا
المسقبل قلم حر
النص قصه توبه مديحه كامل
تحكيها ابنتها
تقـــول الابنة
تفتحت عيناي على خالة رائعة كانت بالنسبة لي بمثابة الأم الحنون ، وزوج خالة فاضل وأولاد وبنات خالة كانوا يكنون لي الحب الصادق .
وحينما كبرت شيئا فشيئا أحببت أسرتي أكثر وأكثر .
كانت خالتي وزوجها يداومان على صلاة الفجر وعلى إيقاظ أبنائهما ليؤدوا الصلاة جماعة .
ولقد حرصت على الوقوف معهم وتقليدهم منذ أن كان عمري خمس سنوات .
كان زوج خالتي حافظا للقرآن الكريم ، وكان صوته شجيا عذبا . وكان رجلا متدفقا بالحنان والعطاء وخاصة بالنسبة لي . وكان يعتبرني آخر أبناءه ، وكان يداعبني دائما ويقول : آخر العنقود سكر معقود!
وفى الأعياد كانت تزورنا سيدة جميلة أنيقة وهى تحمل الكثير من الهدايا لي . وكانت تحتضني وتقبلني فأقول لها : شكرا يا طنط ! فتضحك قائلة : لا تقولي طنط . قولي دودو!
وعندما بلغت السابعة علمت أن (دودو) هي أمي وأن عملها يستغرق كل وقتها ولذلك اضطرت أن تتركني عند خالتي .
وفى يوم عيد ميلادي الثاني عشر حزمت أمي حقائبي واصطحبتني إلى بيتها .
كان بيت أمي أنيقا فسيحا في منطقة المهندسين . وكان لديها جيش من الخدم والحرس والمعاونين .وكان جميع من يحيطون بها يتسابقون لتلبية أوامرها وكأنها ملكة متوجة !
ورغم كل مظاهر الثراء المحيطة بى إلا أنني شعرت بالغربة ، وأحسست وكأني جزيرة منعزلة في قلب المحيط !
ورغم أن أمي كانت تلاطفني وتداعبني في فترات وجودها القليلة بالمنزل ، إلا أنني كنت أشعر وأنا بين أحضانها أنني بين أحضان امرأة غريبة عنى . حتى رائحتها لم تكن تلك الرائحة التي كنت أعشقها وأنا بين أحضان خالتي .
كانت رائحتها مزيج من رائحة العطور والسجائر ورائحة أخرى غريبة علمت فيما بعد أنها رائحة الخمر!
وبعد فترة قصيرة من اقامتى معها سألتها عن نوعية ذلك العمل الذي تمارسه ويشغلها عنى معظم الوقت ، فنظرت لي في تعجب كأني مخلوق قادم من المريخ وقالت :
ألا تعلمين أنى أعمل ممثلة ؟ ألم تخبرك خالتك ؟
فأجبتها بالنفي .
فقالت بالطبع لم تخبرك فهي لا ترضى عن عملي . إنها تعتبره حراما . كم هي ساذجة!
إن الفن الذي أمارسه يخدم رسالة نبيلة . إنه يهذب الوجدان ويسمو بالشعور .
ثم جذبتني من يدي للصالون وقالت : سوف أجعلك تشاهدين كل أفلامي .
ووضعت شريطا في الفيديو . وجلست لأشاهد ولأول مرة في حياتي فيلما لها .
كان الفيلم يتضمن مشاهد كثيرة لها لا تليق.
لم أكن قد شاهدت شيئا كهذا من قبل ، حيث كان زوج خالتي يمارس رقابة شديدة على ما نشاهده في التلفاز .
وكان يأمرنا أحيانا بغلقه حينما تأتى بعض المشاهد ، ويغلقه تماما حينما تأتى بعض الأفلام والتي علمت فيما بعد أنها كانت من بطولة أمي .
لم أعرف ماذا أفعل وأنا أشاهد أمي في تلك الأوضاع . كل ما استطعت القيام به هو الانحناء برأسي والنظر إلى الأرض .
أما هي فقد ضحكت على من أعماقها حتى طفرت الدموع من عينيها !
وكبرت وأصبحت في الثامنة عشرة من العمر ، وحرجي من مشاهد أمي يزداد ، ، ونظرات زملائي لي في مدرستي المشتركة تقتلني في اليوم ألف مرة.
كانوا ينظرون لي كفتاة رخيصة سهلة المنال ، رغم أنني لست كذلك ولم أكن أبدا كذلك .على العكس . كنت حريصة منذ صغرى على أداء فروض ديني وعلى اجتناب ما نهى الله عنه.
وكنت أشعر بالحزن العميق وأنا أرى أمي وهى تشرب الخمر في نهار رمضان . وأشعر بالأسى وأنا أراها لا تكاد تعرف عدد ركعات كل صلاة .
لقد كان كل ما تعرفه عن الإسلام الشهادتين فقط !
لعل هناك من يريد أن يسألني الآن : لماذا لم تعترضي عليها حينما كنت في ذلك العمر ؟
من قال أنني لم أعترض ؟!
كل فساتينك من أوروبا . كل عام أصطحبك إلى عواصم العالم .
باختصار كل أحلامك أوامر !
وحينما أرد قائلة : حلمي الأكبر أن أراك محتشمة كما أرى كل الأمهات .
وأمام رغبتها الجامحة للأضواء والشهرة والمال أضطر إلى أن أبتلع اعتراضي في مرارة
. و قلت : هيا لرحلة إلى مكان لم نزره من قبل .
فاندهشت وقالت : وهل هناك مكان في العالم لم نزره؟!
قلت : نعم يا ماما . نحن لم نزر مكة .
فتجمدت للحظات وقالت: مكة!
فنظرت إليها في توسل وقلت : أرجوك يا ماما لبى لي هذا الطلب .
فابتسمت وقالت : وهل أستطيع أن أرفض لك طلبا يا حبيبتي !
وكانت رحلتنا إلى الأراضي المقدسة!
إنني لا أستطيع أن أصف شعوري حينما وطأت قدماي الأرض الطاهرة . كان احساسى وكأني أمشى على السحاب!
كانت الفرحة تغمرني وشعورا بالهيبة يكتنفني . وحينما رأيت الكعبة لأول مرة انهمرت الدموع من عيني ووجدت لساني يردد :
( اللهم أهد قومي فإنهم لا يعلمون )
آلاف المرات .
وجاءني هاتف يؤكد لي أن الله تعالى قد استجاب لدعائي وأنه سيصلح من أحوال أمي .
وتعجبت كيف جاءني ذلك الهاتف على الرغم من أن أمي كان يسيطر عليها الشعور بالملل طيلة الفترة التي قضيناها بمكة .
وأدينا العمرة وعدنا إلى القاهرة وارتديت الحجاب.
واندهشت هي من تلك الخطوة ولم تعلق عليها في البداية ، وانشغلت في تصوير بعض الأفلام والمسلسلات .
وحينما انتهت منها وتفرغت لي قليلا بدأ الصدام بيننا ...
كانت ترمقني بنظرات ساخرة وتقول : ما هذه العمامة التي ترتدينها ؟ ما هذا التخلف ؟
هل صار لديك ستون عاما حتى ترتدي هذا الحجاب؟
ماذا سيقول عنى الناس وأنا أسير بجانبك
طبعا سيقولون أنني أصبحت أم الحاجة!
ما الذي سأفعله بفساتينك التي أحضرتها لك من أوروبا ؟
هل أسكب عليها بنزين وأحرقها
ومر عام على تلك المناقشات الساخنة والعلاقة بيننا في فتور حتى حدث تغير مفاجئ عليها بعد عودتها من تصوير أحد أفلامها في أمستردام .
لقد أصبح الحزن يكسو ملامحها والقلق يفترسها . أمرتني ألا أقود السيارة بنفسي خوفا على حياتي واستأجرت لي سائق خاص .
صارت لا تنام الليل إلا وأنا بين أحضانها ! . وحينما كنت أسألها عن سر هذا الحزن والقلق كانت تصطنع ابتسامة وتقول : ليس هناك حزن أو قلق .
وحاولت أن أعرف سر هذا التغير من مديرة أعمالها ، والتي كانت تلازمها كظلها . وبعد ضغط وإلحاح منى قالت : حدث موقف غير ظريف في أمستردام . لقد قابلت والدتك ابن عمها المهندس أحمد هناك بالصدفة . كان يعقد إحدى الصفقات لشركته .
وعندما اقتحمت عليه المكان لتصافحه قال لها في جفاء : إنه سيء الحظ أمام هذه المصادفة ،وأنها صديقة للشيطان . وأنها بأفلامها تثير غرائز الشباب ، وأنها تدمن الخمر ولا تستر عوراتها.
ثم قال : أنا أعلم أن روحك في ابنتك الوحيدة . احذري أن ينصب غضب السماء على ابنتك لتكتوي أنت بنارها!
حينما أنهت مديرة الأعمال حديثها معي كنت أشعر وكأن أحدا ضربني بمطرقة فوق رأسي
كان قريبنا محقا في نهيه لها عما تفعله من منكر . لكنه كان قاسيا وغير عادل حين هددها بأن يحل انتقام الله في ، لأن الله تعالى لا يأخذ أحد بجريرة آخر . ألم يقل في كتابه الكريم
( ولا تزر وازرة وزر أخرى )؟
وانهرت من البكاء ورثيت لحالها ولحالي .
بعد عدة شهور حدث ما لم يدر بخلدي في يوم من الأيام !
ظهر لديها ورم في الصدر ، وهاجمتنا الهواجس وتشككنا في كونه مرض خبيث ، وسافرت معها إلى لندن لإجراء العملية وحالتنا النفسية في الحضيض
وقبل لحظات من دخولها غرفة العمليات أمسكت بيدي وقالت : أنا أعلم مدى عمق صلتك بالله، وأعلم أنني لا أستحق ابنة طاهرة مثلك ، وأنني أسأت إليك كثيرا بأفعالي لكن أرجوك ادع الله لي بالرحمة لو خرجت من الغرفة وقد غادرتنى الحياة .
وهنا وجدت نفسي أبكى بعنف وارتمى برأسي فوق صدرها وأقول : ستعيشين يا ماما ستعيشين لأني أحتاجك ولأن الله لن يحرم ابنة من أمها فابتسمت وقالت : لو عشت فسوف أعلن لك عن مفاجأة!
ونجحت العملية ، وسألتها عن تلك المفاجأة . فنظرت إلىّ نظرة طويلة في حنان ثم قالت المفاجأة هي إقلاعي عن الخمر والسجائر كمرحلة أولى تتبعها مراحل أخرى!
قفزت من السعادة واحتضنتها وطبعت قبلاتي حيثما طالت شفتاي فوق وجهها وعنقها وذراعها!
كم كنت أتمنى أن تبدأ أمي هذه الخطوة !
وبدأت أمي تؤدى فريضة الصلاة وتسألني عن مقدار الزكاة وعما خفي عليها من أمور دينها وأنا أجيبها في سعادة .
لكن دوام الحال من المحال ! فلم يمض شهر على تحسن أحوالها حتى عادت إلى سيرتها القديمة مرة أخرى ،
وأشارت لي مديرة الأعمال بأن أساعدها لإيصالها إلى غرفتها فاتجهت إلى غرفتي وصحت بأعلى صوتي : إذا كانت هي لا تساعد نفسها فلن يستطيع أحد مساعدته وصفقت باب الغرفة بعنف . وبعد قليل دخلت غرفتي مديرة الأعمال وقالت : أنا أعرف أن حالتك النفسية الآن سيئة .
يتبع
المسقبل قلم حر
النص قصه توبه مديحه كامل
تحكيها ابنتها
تقـــول الابنة
تفتحت عيناي على خالة رائعة كانت بالنسبة لي بمثابة الأم الحنون ، وزوج خالة فاضل وأولاد وبنات خالة كانوا يكنون لي الحب الصادق .
وحينما كبرت شيئا فشيئا أحببت أسرتي أكثر وأكثر .
كانت خالتي وزوجها يداومان على صلاة الفجر وعلى إيقاظ أبنائهما ليؤدوا الصلاة جماعة .
ولقد حرصت على الوقوف معهم وتقليدهم منذ أن كان عمري خمس سنوات .
كان زوج خالتي حافظا للقرآن الكريم ، وكان صوته شجيا عذبا . وكان رجلا متدفقا بالحنان والعطاء وخاصة بالنسبة لي . وكان يعتبرني آخر أبناءه ، وكان يداعبني دائما ويقول : آخر العنقود سكر معقود!
وفى الأعياد كانت تزورنا سيدة جميلة أنيقة وهى تحمل الكثير من الهدايا لي . وكانت تحتضني وتقبلني فأقول لها : شكرا يا طنط ! فتضحك قائلة : لا تقولي طنط . قولي دودو!
وعندما بلغت السابعة علمت أن (دودو) هي أمي وأن عملها يستغرق كل وقتها ولذلك اضطرت أن تتركني عند خالتي .
وفى يوم عيد ميلادي الثاني عشر حزمت أمي حقائبي واصطحبتني إلى بيتها .
كان بيت أمي أنيقا فسيحا في منطقة المهندسين . وكان لديها جيش من الخدم والحرس والمعاونين .وكان جميع من يحيطون بها يتسابقون لتلبية أوامرها وكأنها ملكة متوجة !
ورغم كل مظاهر الثراء المحيطة بى إلا أنني شعرت بالغربة ، وأحسست وكأني جزيرة منعزلة في قلب المحيط !
ورغم أن أمي كانت تلاطفني وتداعبني في فترات وجودها القليلة بالمنزل ، إلا أنني كنت أشعر وأنا بين أحضانها أنني بين أحضان امرأة غريبة عنى . حتى رائحتها لم تكن تلك الرائحة التي كنت أعشقها وأنا بين أحضان خالتي .
كانت رائحتها مزيج من رائحة العطور والسجائر ورائحة أخرى غريبة علمت فيما بعد أنها رائحة الخمر!
وبعد فترة قصيرة من اقامتى معها سألتها عن نوعية ذلك العمل الذي تمارسه ويشغلها عنى معظم الوقت ، فنظرت لي في تعجب كأني مخلوق قادم من المريخ وقالت :
ألا تعلمين أنى أعمل ممثلة ؟ ألم تخبرك خالتك ؟
فأجبتها بالنفي .
فقالت بالطبع لم تخبرك فهي لا ترضى عن عملي . إنها تعتبره حراما . كم هي ساذجة!
إن الفن الذي أمارسه يخدم رسالة نبيلة . إنه يهذب الوجدان ويسمو بالشعور .
ثم جذبتني من يدي للصالون وقالت : سوف أجعلك تشاهدين كل أفلامي .
ووضعت شريطا في الفيديو . وجلست لأشاهد ولأول مرة في حياتي فيلما لها .
كان الفيلم يتضمن مشاهد كثيرة لها لا تليق.
لم أكن قد شاهدت شيئا كهذا من قبل ، حيث كان زوج خالتي يمارس رقابة شديدة على ما نشاهده في التلفاز .
وكان يأمرنا أحيانا بغلقه حينما تأتى بعض المشاهد ، ويغلقه تماما حينما تأتى بعض الأفلام والتي علمت فيما بعد أنها كانت من بطولة أمي .
لم أعرف ماذا أفعل وأنا أشاهد أمي في تلك الأوضاع . كل ما استطعت القيام به هو الانحناء برأسي والنظر إلى الأرض .
أما هي فقد ضحكت على من أعماقها حتى طفرت الدموع من عينيها !
وكبرت وأصبحت في الثامنة عشرة من العمر ، وحرجي من مشاهد أمي يزداد ، ، ونظرات زملائي لي في مدرستي المشتركة تقتلني في اليوم ألف مرة.
كانوا ينظرون لي كفتاة رخيصة سهلة المنال ، رغم أنني لست كذلك ولم أكن أبدا كذلك .على العكس . كنت حريصة منذ صغرى على أداء فروض ديني وعلى اجتناب ما نهى الله عنه.
وكنت أشعر بالحزن العميق وأنا أرى أمي وهى تشرب الخمر في نهار رمضان . وأشعر بالأسى وأنا أراها لا تكاد تعرف عدد ركعات كل صلاة .
لقد كان كل ما تعرفه عن الإسلام الشهادتين فقط !
لعل هناك من يريد أن يسألني الآن : لماذا لم تعترضي عليها حينما كنت في ذلك العمر ؟
من قال أنني لم أعترض ؟!
كل فساتينك من أوروبا . كل عام أصطحبك إلى عواصم العالم .
باختصار كل أحلامك أوامر !
وحينما أرد قائلة : حلمي الأكبر أن أراك محتشمة كما أرى كل الأمهات .
وأمام رغبتها الجامحة للأضواء والشهرة والمال أضطر إلى أن أبتلع اعتراضي في مرارة
. و قلت : هيا لرحلة إلى مكان لم نزره من قبل .
فاندهشت وقالت : وهل هناك مكان في العالم لم نزره؟!
قلت : نعم يا ماما . نحن لم نزر مكة .
فتجمدت للحظات وقالت: مكة!
فنظرت إليها في توسل وقلت : أرجوك يا ماما لبى لي هذا الطلب .
فابتسمت وقالت : وهل أستطيع أن أرفض لك طلبا يا حبيبتي !
وكانت رحلتنا إلى الأراضي المقدسة!
إنني لا أستطيع أن أصف شعوري حينما وطأت قدماي الأرض الطاهرة . كان احساسى وكأني أمشى على السحاب!
كانت الفرحة تغمرني وشعورا بالهيبة يكتنفني . وحينما رأيت الكعبة لأول مرة انهمرت الدموع من عيني ووجدت لساني يردد :
( اللهم أهد قومي فإنهم لا يعلمون )
آلاف المرات .
وجاءني هاتف يؤكد لي أن الله تعالى قد استجاب لدعائي وأنه سيصلح من أحوال أمي .
وتعجبت كيف جاءني ذلك الهاتف على الرغم من أن أمي كان يسيطر عليها الشعور بالملل طيلة الفترة التي قضيناها بمكة .
وأدينا العمرة وعدنا إلى القاهرة وارتديت الحجاب.
واندهشت هي من تلك الخطوة ولم تعلق عليها في البداية ، وانشغلت في تصوير بعض الأفلام والمسلسلات .
وحينما انتهت منها وتفرغت لي قليلا بدأ الصدام بيننا ...
كانت ترمقني بنظرات ساخرة وتقول : ما هذه العمامة التي ترتدينها ؟ ما هذا التخلف ؟
هل صار لديك ستون عاما حتى ترتدي هذا الحجاب؟
ماذا سيقول عنى الناس وأنا أسير بجانبك
طبعا سيقولون أنني أصبحت أم الحاجة!
ما الذي سأفعله بفساتينك التي أحضرتها لك من أوروبا ؟
هل أسكب عليها بنزين وأحرقها
ومر عام على تلك المناقشات الساخنة والعلاقة بيننا في فتور حتى حدث تغير مفاجئ عليها بعد عودتها من تصوير أحد أفلامها في أمستردام .
لقد أصبح الحزن يكسو ملامحها والقلق يفترسها . أمرتني ألا أقود السيارة بنفسي خوفا على حياتي واستأجرت لي سائق خاص .
صارت لا تنام الليل إلا وأنا بين أحضانها ! . وحينما كنت أسألها عن سر هذا الحزن والقلق كانت تصطنع ابتسامة وتقول : ليس هناك حزن أو قلق .
وحاولت أن أعرف سر هذا التغير من مديرة أعمالها ، والتي كانت تلازمها كظلها . وبعد ضغط وإلحاح منى قالت : حدث موقف غير ظريف في أمستردام . لقد قابلت والدتك ابن عمها المهندس أحمد هناك بالصدفة . كان يعقد إحدى الصفقات لشركته .
وعندما اقتحمت عليه المكان لتصافحه قال لها في جفاء : إنه سيء الحظ أمام هذه المصادفة ،وأنها صديقة للشيطان . وأنها بأفلامها تثير غرائز الشباب ، وأنها تدمن الخمر ولا تستر عوراتها.
ثم قال : أنا أعلم أن روحك في ابنتك الوحيدة . احذري أن ينصب غضب السماء على ابنتك لتكتوي أنت بنارها!
حينما أنهت مديرة الأعمال حديثها معي كنت أشعر وكأن أحدا ضربني بمطرقة فوق رأسي
كان قريبنا محقا في نهيه لها عما تفعله من منكر . لكنه كان قاسيا وغير عادل حين هددها بأن يحل انتقام الله في ، لأن الله تعالى لا يأخذ أحد بجريرة آخر . ألم يقل في كتابه الكريم
( ولا تزر وازرة وزر أخرى )؟
وانهرت من البكاء ورثيت لحالها ولحالي .
بعد عدة شهور حدث ما لم يدر بخلدي في يوم من الأيام !
ظهر لديها ورم في الصدر ، وهاجمتنا الهواجس وتشككنا في كونه مرض خبيث ، وسافرت معها إلى لندن لإجراء العملية وحالتنا النفسية في الحضيض
وقبل لحظات من دخولها غرفة العمليات أمسكت بيدي وقالت : أنا أعلم مدى عمق صلتك بالله، وأعلم أنني لا أستحق ابنة طاهرة مثلك ، وأنني أسأت إليك كثيرا بأفعالي لكن أرجوك ادع الله لي بالرحمة لو خرجت من الغرفة وقد غادرتنى الحياة .
وهنا وجدت نفسي أبكى بعنف وارتمى برأسي فوق صدرها وأقول : ستعيشين يا ماما ستعيشين لأني أحتاجك ولأن الله لن يحرم ابنة من أمها فابتسمت وقالت : لو عشت فسوف أعلن لك عن مفاجأة!
ونجحت العملية ، وسألتها عن تلك المفاجأة . فنظرت إلىّ نظرة طويلة في حنان ثم قالت المفاجأة هي إقلاعي عن الخمر والسجائر كمرحلة أولى تتبعها مراحل أخرى!
قفزت من السعادة واحتضنتها وطبعت قبلاتي حيثما طالت شفتاي فوق وجهها وعنقها وذراعها!
كم كنت أتمنى أن تبدأ أمي هذه الخطوة !
وبدأت أمي تؤدى فريضة الصلاة وتسألني عن مقدار الزكاة وعما خفي عليها من أمور دينها وأنا أجيبها في سعادة .
لكن دوام الحال من المحال ! فلم يمض شهر على تحسن أحوالها حتى عادت إلى سيرتها القديمة مرة أخرى ،
وأشارت لي مديرة الأعمال بأن أساعدها لإيصالها إلى غرفتها فاتجهت إلى غرفتي وصحت بأعلى صوتي : إذا كانت هي لا تساعد نفسها فلن يستطيع أحد مساعدته وصفقت باب الغرفة بعنف . وبعد قليل دخلت غرفتي مديرة الأعمال وقالت : أنا أعرف أن حالتك النفسية الآن سيئة .
يتبع