الإثراء هو زيادة في المال والافتقار هو نقص فيه، والأصل ألا ينتقل المال من شخص إلى آخر الا في حالتين اذا اتفق الشخصان، وهنا تكون في حالة عقد، أو كان القانون هو الذي يقضي بانتقال المال، فاذا انتقل المال بغير هاتين الطريقتين وجبت اعادته الى صاحبه وهذه هي قاعدة الاثراء بلا سبب، وهذه قاعدة عادلة وواضحة ومستمدة من المصدر الأول لكل القواعد القانونية ألا وهي العدالة.
لتنطبق نظرية الاثراء بلا سبب يجب توافر ثلاثة أركان، أولها إثراء المدين، وهو الزيادة او الاضافة في مال المثري، مثل من انتفع بمنزل وسكنه دون عقد ايجار - فيجب عليه دفع مقابل هذا الانتفاع للمالك أو اختراع أو تصميم انتفع به الغير دون عقد، كذلك السمسار الذي لا تتم الصفقة على يديه ولكنه هو الذي يجمع البائع بالمشتري أو الشركة التي تنتفع بجهود شخص وعلاقاته وصلاته التجارية في الخارج قد أثرت على حسابه.
والإثراء السلبي يكون عن طريق أن يوفي شخص دين آخر فتبرأ ذمة هذا الشخص من الدين فيكون هذا إثراء سلبيا عن طريق النقص فيما عليه من ديون، والمستأجر الذي يقوم بالترميمات الجسيمة والتي هي واجبة على المؤجر.
وقد يكون الإثراء مباشرا وقد يكون غير مباشر، فالإثراء المباشر يكون في الأحوال التي ينتقل فيها المال مباشرة من ذمة المفتقر الى ذمة المثري، سواء قام به المفتقر او المثري نفسه، فالمستأجر الذي يقوم بعمل الترميمات الواجبة على المؤجر فانه يكون مثلا لانتقال المال بواسطة المفتقر، ومثل الانتقال بفعل المثري من يستولي على مال غيره من دون وجه حق.
أما الإثراء غير المباشر فيحدث بفعل تدخل الأجنبي في انتقال المال من ذمة المفتقر الى ذمة المثري مثال على ذلك أن يقوم مدير شركة باختلاس أسهم لها ليرهنها مقابل قرض يعود بالنفع على شركة أخرى هو أيضا مديرها أو له مصلحة فيها فتعود الشركة الأولى المفتقرة على الشركة الثانية المثرية بمقابل هذا الإثراء ومقابل الضرر أو الافتقار الذي أصابها.
وقد يكون الإثراء ماديا وهو الأصل ولكن يجوز ان يكون الإثراء معنويا كأن يكون إثراء عقليا او أدبيا أو صحيا فالمعلم الذي يقوم بتعليم الطالب فهنا يكون الإثراء عقليا للطالب، والمحامي الذي يحصل على حكم لمصلحة المتهم بالبراءة يكون إثراء أدبيا، والطبيب الذي يعالج المريض يكون الإثراء صحيا.
والثاني الافتقار، فانه يجب ان يقابل الإثراء في جانب المدين افتقار من جانب الدائن - فاذا تحقق إثراء في جانب شخص ولم يقابله افتقار في جانب الشخص الآخر فلا تنطبق نظرية الإثراء بلا سبب.
مثال ذلك من يقوم باعداد الساحة المقابلة لبيته وأقام عليها حديقة وأدى ذلك الى ارتفاع قيمة هذا البيت، فانه لا يستطيع الرجوع على جاره بقيمة ما أثرى به الآخر نتيجة ارتفاع ثمن بيت هذا الجار بسبب هذه الحديقة، فانه في هذه الحالة وان كانت الحديقة التي أقامها سببا في ارتفاع ثمن بيت جاره فإنه لم يقابله افتقار من جانبه، كذلك المستأجر الذي يجري اصلاحات في العين المستأجرة لينتفع هو بها ويستمتع لا يمكن أن يرجع بقيمة ما أنفقه على المؤجر عند انتهاء عقد الايجار اذ يحق له أن يزيل ما أقامه بل يجب عليه ذلك.
ويكون الافتقار ايجابيا اذا فقد المفتقر حقا عينيا كان او شخصيا، ويكون الافتقار سلبيا اذا فات المفتقر منفعة كان من حقه أن يحصل عليها، فهنا لا يفتقر بقدر ما تحمل من خسارة كما في الافتقار الايجابي بل بقدر ما فاته من منفعة.
والثالث العلاقة المباشرة بين الاثنين، هو أن تكون هناك علاقة مباشرة بين الإثراء والافتقار، أي أن يكون الإثراء الذي حصل في جانب شخص هو الذي أدى الى افتقار الشخص الآخر، فيجب أن يكون هناك علاقة ربط مباشرة بين الإثراء والافتقار.
وقد تتعدد الأسباب التي أحدثت الإثراء، وعندها يجب المفاضلة بين هذه الأسباب للوصول الى السبب المباشر أو المنتج للإثراء.
وكما سبقت الاشارة فان دعوى الإثراء يجب أن تتجرد عن سبب يبرره ذلك ان كان للإثراء سبب كالعقد أو العمل غير المشروع فلا محل لاسترداده. والمثري يعوض المفتقر في حدود ما أثرى به وليس بمقدار الخسارة التي لحقت به، فهو غير ملزم بتعويض الخسارة إذا فاقت قيمتها قيمة ما أثرى به.